; السلام الذي تريده إسرائيل! | مجلة المجتمع

العنوان السلام الذي تريده إسرائيل!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 15-أكتوبر-1985

مشاهدات 25

نشر في العدد 737

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 15-أكتوبر-1985

ذلك هو سلام القراصنة والإرهابيين.. وها هي الأحداث مجتمعة تفسر معنى السلام الذي تريده إسرائيل، ومن أجل أن تصل إسرائيل إلى تحقيق السلام الذي تريد لا بد وأنها ستمضي في إذلال العرب.. وسوف توظف كل قدراتها السياسية والعسكرية في عملية الأذلال المطلوبة قبل الوصول مع العرب إلى صيغة السلام الإسرائيلي! ولن تتورع إسرائيل التي تتهم العرب ولا سيما الفلسطينيين في المحافل الدولية بالإرهاب عن الاستمرار في منهجها الإرهابي بدعوى الدفاع عن النفس.. وسوف تجد القوى الدولية الكافية لتأييدها وتبرير إرهابها.. وليس عنا ببعيد إعلان الولايات المتحدة على لسان ريغان تأييدها للغارة الإسرائيلية الوحشية التي شنتها الطائرات الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس.

 

توظف أمريكا

 

إن الإسرائيليين وهم يخططون لإذلال العرب وإخضاع أنظمتنا العربية لقبول السلام الإسرائيلي يوظفون اليوم كل قدرات أمريكا السياسية والعسكرية ضد العرب، ولعل القرصنة الأمريكية التي مارستها الولايات المتحدة من أجل اختطاف الطائرة المصرية وهي تقل بين ركابها أربعة من الفلسطينيين دليل إثبات على توظيف القوة الأمريكية من أجل مصلحة إسرائيل، ولئن كان أغلب الظن يشير إلى أن العملية كانت جزءًا من مسرحية أمريكية- إسرائيلية كبرى للتغطية على جملة من الأحداث في المنطقة كأحداث طرابلس وحادث الغارة الإسرائيلية على تونس.. فإن حادث القرصنة كجزء من المسرحية دليل كبير على مدى التضامن الأمريكي مع إسرائيل.. بل هو إشارة على استعداد الولايات المتحدة لجعل إسرائيل تضرب كما تريد بالسيف الأمريكي.

 

المناورة السياسية

 

والواضح أن العدو الإسرائيلي لا يفصل سلوكه العسكري الإرهابي عن سلوكه السياسي.. فقد افتعل الإسرائيليون حادث الغارة على المقر الفلسطيني في تونس.. كما جند الأمريكان أنفسهم من أجل سيادة اليهود كما هو في مسرحية الخطف والخطف المضاد بين السفينة الإيطالية والطائرة المصرية.. وذلك في وقت توجه فيه العرب إلى واشنطن لمحاورة أمريكا نيابة عن إسرائيل في صياغة مشروع السلام.. ولكن الإسرائيليين وقد جروا بعض العرب إلى عتبات السلام الصهيوني.. هل يرضون اليوم بصيغة مشابهة لصيغة الكامب مع مصر؟

 

ولعل ساسة اليهود سيكونون اليوم أشد إلحاحًا في ابتزاز الإقبال العربي الرسمي على السلام مع إسرائيل.. وقد أتقن ساسة اليهود أسلوب المناورة التي لا تنفصل عن استخدام أشكال الضغط العسكري المختلفة.. ولن تقدم إسرائيل للعرب إلا السلام الذي تريده هي لأمة العرب.

 

السيادة المطلقة

 

إن دولة العدو التي دعت إلى السلام في المنطقة منذ عام ١٩٤٨ وذلك بقيام دولتين متجاورتين يهودية- وفلسطينية على أساس قرار التقسيم.. لن تقبل اليوم بأية صيغة قريبة من قرار التقسيم.. وقد أثبتت مواقف العدو اليهودي أن إسرائيل كانت تتمدد خطوة خطوة.. إلى أن شلَّت القوة في كبرى الدول العربية عندما أكملت اتفاقاتها مع السادات... لتبدأ برنامجًا جديدًا في التعامل مع العرب.. ويبدو أن هذا البرنامج لا يقبل إلا بالسيادة السياسية والعسكرية المطلقة على شعوب العرب.

 

فعلى المستوى الفلسطيني ظلت إسرائيل تُناور عسكريًّا وسياسيًّا حتى تمكنت من أمرين أساسيين:

 

۱- شرذمة القوى الفلسطينية بين تيارات الأنظمة العربية إلى أن تم اشتغال معظم القدرات الفلسطينية في حرب المنظمات المتناقضة.

 

٢- حمل القيادات الفلسطينية على القبول بفكرة السلام من حيث المبدأ.. مهما اختلفت صيغ القبول لدى هذه المنظمة أو تلك.

 

٣- ضرب القوى الفلسطينية المسلحة ولاسيما في لبنان، وقد وجدت إسرائيل من يقدم لها كافة الخدمات المطلوبة لضرب الفلسطينيين ونزع السلاح منهم في لبنان وسائر دول المواجهة مع إسرائيل.

 

وعلى المستوى العربي تمكنت إسرائيل من الحصول على إجماع سائر الأنظمة العربية المعنيَّة بقبول فكرة السلام والصلح معها مهما اختلفت أشكال هذا القبول وتصوراته.. ومع هذا الإقبال العربي على الفكرة الإسرائيلية... فإن ساسة العدو مازالوا يمارسون سياسة الاستدراج مع الأنظمة العربية.. لأن الإسرائيليين لن يقبلوا في النهاية سوى السيادة المطلقة على العرب، أما غير هذا فهو محال إسرائيلي بعيد على أحلام أنظمة الاستسلام، وهذا مصداق ما أعلنه القرآن الكريم للمسلمين حيث جزم أنه ﴿وَلَن تَرضَىٰ عَنكَ ٱليَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم﴾  (البقرة:١٢٠) صدق الله العظيم.

 

إن القبول العربي المطلق بكل السياسات الإسرائيلية هو المطمح الإسرائيلي الذي يعتقد أنه سيحقق سيادتهم.. ويستلزم هذا تنازلًا عربيًّا مطلقًا عن كل حق... إنه عصر السلام الإسرائيلي!! وهذا هو السلام الذي تريده إسرائيل!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل