العنوان السويد تستضيف مؤتمرًا عن الإسلام والغرب
الكاتب د. عصام العريان
تاريخ النشر الثلاثاء 10-يناير-1995
مشاهدات 13
نشر في العدد 1133
نشر في الصفحة 46
الثلاثاء 10-يناير-1995
مؤتمرات
الحركات الإسلامية هل يكون حضورها قويا بالمؤتمر؟!
هل تلعب الحكومة السويدية دور المحفز لحوار حضاري إسلامي - أوروبي؟
إستكهولم:
في النصف الأول من هذا العام ۱۹۹٥ ستستضيف الحكومة السويدية مؤتمرًا حول الإسلام والغرب، وقد بدأ الإعداد من الآن لهذا المؤتمر الذي ربما يكون الأول من نوعه حيث تعقده إحدى الحكومات الغربية في العلن، ويعتقد أنه لن يقتصر على الحكومات فقط بل ستحضره وفود تمثل الحركات والأحزاب الإسلامية في العالم.
في زيارتي لحضور مؤتمر الرابطة الإسلامية الرابع عشر بإستكهولم، كان حول «الوجود الإسلامي في الغرب: مقومات وتحديات» دار حوار بيني وبين أحد المسئولين حول هذا المؤتمر المنتظر، وهل كان للجالية والمؤسسات الإسلامية في السويد أي دور في الإعداد له؟
وكان الجواب مفاجئًا، ومبشرًا بدور جديد للجالية الإسلامية في هذه البلاد.
إن الجالية الإسلامية في السويد قليلة العدد مقارنة بغيرها فهي لا تزيد على ١/٤ مليون نسمة وعمرها قصير جدًا في هذه البلاد لا يزيد على ٢٠ عامًا.
إلا أنها تملك عدة واجهات ومؤسسات يزيد عددها على الـ ٥٠ وآخرها الرابطة الإسلامية بالسويد التي أسست منذ أربعة أشهر فقط، وهناك المجلس الإسلامي السويدي الذي يمثل الجالية رسميًا وتم تأسيسه عام ١٩٩٠ (S.M.R)
والجالية لا يعرقل عملها إلا التهديدات التي قد تأتي من أطراف إسلامية خاصة التي قد تتبنى إما رؤى مغلقة وأحكامًا مسبقة حول العلاقة مع المجتمعات الغربية، أو التي تدعم الحركات الجهادية أو العنيفة في بلاد الشرق وتتسبب بدعمها الأهوج بتوريط الجالية في مشاكل ضخمة هي في غنى عنها.
قد كان لتفاعل الجالية مع المجتمع والمشاركة في الانتخابات التي تمت في السنوات الأخيرة أثر كبير في بدء حوار داخلي بينها وبين الإدارة السويدية، وكذلك بينها وبين الأحزاب السويدية.
أزمة الخليج الثانية
احتجز العراق كما هو معروف عدداً كبيراً من الجاليات الأوروبية في بدايات الأزمة وكان من بينهم ٨٠ سويديًا.
قد تحركت المؤسسات الإسلامية السويدية بسرعة وتفاعلت مع الأزمة ولعبت دورًا كبيرًا لمحاولة الإفراج عنهم.
وقامت بدور إعلامي للضغوط من أجل حل الأزمة، ولم تكتف بذلك بل تحركت عمليًا فسافر وفد من ثلاثة قيادات يرأسه الأستاذ محمود الدبعي رئيس الـ SMR ومعه إمام مسجد الرابطة بإستكهولم الشيخ هيثم رحمه وأخر من الأتراك.
وقد نجحت الوساطة فتم الإفراج عن 5 سويديين، وقد زاد هذا من رصيد الجالية في المجتمع السويدي.
وعندما جاءت انتخابات عام ۱۹۹۱ سعت الأحزاب لكسب أصوات الجالية لصفها، وصوتت لصالح الاشتراكي الذي حكم البلاد منذ ٧٠ عامًا إلا فترتين فقط ولكن خسر انتخابات ۹۱.
في الانتخابات التي تمت في العام المنصرم ٩٤ أعادت الجالية الكرة ولكن بتركيز أكبر وحشد مناسب وتأثير كبير.
وعندما فاز الحزب الاشتراكي، وأسس الحكومة بدأت مساعي جديدة لفكرة جديدة.
هل يشكل المسلمون جناحًا في الحزب الاشتراكي
بدأت المفاوضات بين لجنة من الحزب الاشتراكي يرأسها رئيس الهيئة البرلمانية للجناح المسيحي في الحزب وبين ممثلي الجالية حول انضمام الجالية للحزب.
وكانت الفكرة تقوم على أساس أن الحزب الاشتراكي يتكون من عدة أجنحة منها جناح مسیحي، فلماذا لا تستفيد الجالية من كتلة الأصوات التي تستطيع حشدها وتشكل جناحًا دينيا إسلاميًا يمكنها من رفع عدد من أعضائها إلى البرلمان وربما إلى الحكومة، بالقطع كان هذا التصور مفاجئًا للجالية التي كانت أحلامها متواضعة، فهي ترى المسلمين في أوروبا يتعرضون لقمع وحصار وتضييق، فكيف بها أمام هذا الموقف الغريب الذي يثير أسئلة جديدة تحتاج إلى اجتهاد فقهي جديد لا تملكه الجالية وحدها، وهي جزء من عالم إسلامي كبير، وحركة إسلامية أوروبية كانت هناك متغيرات جديدة على الساحة السويدية نفسها.
-فقد صوت السويديون بنسبة ضئيلة للانضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة وبالتالي ستنضم إلى الجماعة الأوروبية.
-وقد استضافت السويد الكاتبة البنغالية تسليمة نسرين ودافعت عن حقها في التهجم على الإسلام وعقيدته.
-وتقود السويد منذ فترة البلاد الإسكندنافية وتمثل القلب لها.
-وبدأ الركود الاقتصادي يوثر في الحياة السويدية مما جعل تجارة الملابس المستعملة تزدهر.
-وأصبح الملف الإسلامي مطروحًا على الاجتماعات الأوروبية خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الجاليات ثقافيا، وسياسة الهجرة والموقف من الديمقراطية في البلاد الإسلامية وغيرها من القضايا وطرح وفد الجالية فكرة المؤتمر كتمهيد لهذا الأمر، وكان مبرره أن الوضع الإسلامي مازال شائكًا في الغرب، وأن قيام الحكومة السويدية بترتيب حوار إسلامي- أوروبي سيمهد لفكرة قبول وتفاعل المسلمين في البيت الأوروبي، وقبل البرلمانيون السويديون الفكرة، وبدأت عجلة الترتيب تسير.
كان الطرح هو أن يجري حوار حكومي- حكومي وتم رفض الفكرة لأن كثيرا من حكومات البلاد الإسلامية لا تمثل شعوبها. وهي في صراع مع هذه الشعوب، ومع الحركات الإسلامية فلماذا لا يكون الحوار مع الحركات الإسلامية التي تقبل التعددية والديمقراطية والحوار بين حضارات، ومع الحكومات التي جاءت بانتخابات حرة نوعا ما وعندها نظام ديمقراطي مقبول.
مؤشرات أولية
وهناك مؤشرات ودلالات أولية تبين أبعاد هذا المؤتمر المنتظر:
أولًا: تريد الحكومة السويدية تبنى مبادرة أوروبية لوضع استراتيجية عمل وتعاون بين الوجود الإسلامي في الغرب وبين المجتمعات الغربية نفسها، وهذه الاستراتيجية تعتمد على أن الوجود الإسلامي أصبح حقيقة واقعة وفرضت نفسها على المجتمع ولا يمكن تجاهلها.
وموقف السويد هو ضرورة احترامها والتعامل معها بإيجابية.
ثانيًا: المذكرة التي وجهتها وزيرة الخارجية السويدية السيدة لينا يلم فالين Leana Hjelm-walin إلى المجلس الإسلامي السويدي ردًا على مذكرته بشأن اضطهاد المسلمين في فرنسا خاصة بالنسبة لقضية الحجاب، وقد وعدت بدراسة القضية والاهتمام بها على أساس أن في السويد عدد كبير من المسلمين.
والأساس الذي تبني عليه موقفها هو: الديمقراطية الغربية التي ستتأثر إذا تعرضت جماعة ما لأسباب دينية أو عرقية أو اجتماعية أو اقتصادية لضغوط من أي طرف كان بالإضافة إلى ضرورة التصدي لكل الظواهر العنصرية والعداء للأجانب.
ثالثًا: الاهتمام السويدي بالإسلام خاصة بعد موقف الجالية ومؤسساتها من المحتجزين في العراق وحوارها مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم وتأييدها له في الانتخابات.
وقد تجلى ذلك الاهتمام في صدور كتاب جديد لأحد الخبراء المتخصصين في الشرق الأوسط، وهو «انجمار كارلسون» بعنوان الإسلام وأوروبا تعايش أم مجابهة بعد كتابيه السابقين «الله معنا» و«الصليب والهلال»، وقد كان محور الكتاب هو أن الإسلام في الغرب أصبح أمرًا واقعًا يجب على الساسة والمسئولين أن يتعاملوا مع هذه الظاهرة بشيء من المرونة، وأن ينطلقوا من الواقع الأوروبي ومصلحته العليا، وبدون أي خلفية مسبقة في تعاملهم مع المهاجرين المسلمين.
كما ألقى نفس المؤلف محاضرة في مركز ABF بإستكهولم حول نفس الموضوع يوم ١4/١1 ونظمت لجنة مناصرة سلمان رشدي ومؤسسة ABF ندوة حول الإسلام والحقوق الإنسانية يوم ١5/١1 شارك فيها د. أوفه برينغ أستاذ القانون الدولي.. ود. مارينا ستاغ- المستشرقة.. ود. اشتياق أحمد أستاذ علوم سياسية والأستاذ محمود الدبعي - رئيس المجلس الإسلامي السويدي.
وجرت مظاهرة لعدة عشرات من المسلمين ظهر يوم الجمعة ١١/١١ أمام السفارة الفرنسية احتجاجًا على منع الطالبات المسلمات من ارتداء الحجاب.
إن هناك أكثر من ٨٠ ألفًا من المسلمين البوسنيين اللاجئين في السويد وقضية البوسنة تلقى اهتمامًا إعلاميا كمحك لمدى قبول الجماعة الأوروبية عضوا إسلاميًا في بنيانها.
هل ينتصر تيار الاعتدال؟
إن من الواضح الآن وجود تيارين رئيسيين على الساحة الأوروبية منقسمين ومتباينين في النظر والتعامل مع الظاهرة الإسلامية.
الأول: تتبناه الأحزاب اليمينية والواقعة تحت ضغط العناصر المتطرفة، وكذلك العنصرية وهي تراه شرًا لا بد من قمعه ومحاصرته بل وطرده إن أمكن ذلك.
الثاني: تتبناه بعض دول الأطراف والأحزاب الاشتراكية يرى الظاهرة الإسلامية طبيعية، وذات أبعاد إنسانية ويمكن الاستفادة منها ويقترح فهمها والتعامل معها تعاملًا إيجابيًا وديمقراطيًا.
وواضح أن السويد تقف الموقف الثاني فهل تنجح في تخفيف الاحتقان وإقناع الآخرين بقبول الوجود الإسلامي؟!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل