; «السياسة».. والاتصال بإسرائيل! | مجلة المجتمع

العنوان «السياسة».. والاتصال بإسرائيل!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 30-مايو-1972

مشاهدات 26

نشر في العدد 102

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 30-مايو-1972

محليات

«السياسة».. والاتصال بإسرائيل!

 في المؤتمر الإعلامي العالمي الذي انعقد في «بيت ميري» في لبنان توجه أحد الصحافيين الغربيين باستفسار عن تقصير الصحافة العربية في الكشف عما يدور داخل إسرائيل، والتحقيق في التغييرات التي تحدثها إسرائيل في الأرض الفلسطينية، تحقيق مبني على المشاهدة والأدلة وفي الإجابة على هذا السؤال كشف السيد أحمد الجار الله صاحب جريدة «السياسة» الكويتية اليومية عن محاولته الاتصال بسلطات الاحتلال عن طريق دولة عربية للحصول على تصاريح عبور إلى الأرض المحتلة لاثنين من محرري صحيفته مع مصور حتى يتمكن من إجراء تحقيقات صحفية عما يدور هناك.

وما كاد هذا الحديث يعلن في بيروت حتى ثارت في الكويت ردود فعل واسعة شملت الصحافة اليومية ومجلس الأمة وبعض المسؤولين في الدولة وجمعية الصحافيين الكويتية ثم امتدت خارج الحدود، حيث أبدت المنظمات الفلسطينية اهتمامها بهذا التصرف وعبرت عن موقفها إزاءه.

ففي مجلس الأمة أثار بعض النواب القضية ووصفوها بالخطورة لأن الصحفي المذكور كان يمثل الكويت في المؤتمر وربما يكون قد أضر بسمعة الكويت وموقفه من القضية العربية وطالبوا بالتحقيق الفوري في المسألة.

وارتفع رأي آخر يطالب بإحالة المسألة لوزارة الإعلام باعتبارها الجهة المسؤولة عن السلوك الصحفي وعن هذا النوع من القضايا.

وقد تابعت صحيفة «الرأي العام» الكويتية هذا الحدث باهتمام وهددت بالانسحاب من جمعية الصحافيين الكويتية بالتضامن مع الصحف الأخرى التابعة لمؤسسة «الرأي العام» - ما لم يُتخذ قرار حازم بطرد السيد أحمد الجار الله رئيس تحرير السياسة من الجمعية عقابًا له على محاولته الاتصــال بالعدو.

ومن جهة أخرى كشف وزير الخارجية ووزير الإعلام بالإنابة الشيخ صباح الأحمد عن أن الوزارة طلبت تقريرًا مفصلًا عما دار في المؤتمر الإعلامي العالمي في بيروت وأنه بناء على دراسة التقرير سوف يقرر الخطوات والإجراءات اللازم اتخاذها.

وقال الوزير أن ما قاله أحمد الجار الله في المؤتمر الإعلامي هو أكثر بكثير مما تردد في مجلس الأمة.

وعلق وزير التربية ووزير الدولة بالإنابة السيد جاسم المرزوق بقوله أن تحقيقًا حازمًا سيجري في الموضوع.

كما علق السيد وزير المالية والنفط بأن ما قيل في المؤتمر الإعلامي العالمي يعتبر محرجًا للغاية بالنسبة لموقف الكويت.

·        أما في أواسط المنظمات الفلسطينية فيبدو أن تصريح السيد الجار الله قد أثار موجة عارمة من السخط، فقد بعث الناطق الرسمي باسم منظمة التحرير الفلسطينية السيد کمال ناصر ببرقية إلى جمعية الصحافيين الكويتيين يستنكر فيها مواقف جريدة السياسة ورئيس تحريرها. واستنكرت مصادر إعلامية في فتح ومنظمة التحرير ما ورد في حديث أحمد الجار الله وحيث موقف النواب في مجلس الأمة وجمعية الصحافيين الكويتيين، وقال مسؤول إعلام منظمة التحرير«إن المنظمة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التواطؤ الخطير، هذا وقد طالب اتحاد الصحافيين الفلسطينيين الاتحاد العام للصحافيين العرب باتخاذ إجراءات عملية حازمة من جريدة «السياسة» والتحقيق في موضوع «اتصالها مع العدو».

·        وكانت جمعية الصحافيين الكويتيين قد أصدرت بيانًا استنكرت فيه الحادثة وأعلنت عزمها على التحقيق في الواقعة إلا أن جريدة السياسة والصحافيين العاملين فيها ردوا بالانسحاب من الجمعية لتفادي صدور قرار من هذا النوع متهمين رئيس الجمعية بالتحيز ضدهم. وبإصدار التهم قبل التحقيق العادل.

·       وكان السيد الجار الله بعد وصوله إلى الكويت قد بدأ حملة دفاع واسعة عن

طريق جريدته «السياسة» وتعرض للذين تبنوا الحملة ضده من خصومه المعروفين داخل مجلس الأمة وفي محيط الصحافة.

وبرر تصرفه بأنه يهدف إلى فضح العدو وتعريف الجماهير بسياساته ونشاطاته من باب «اعرف عدوك» وعن تصاريح الدخول الإسرائيلية قال إنه مثله مثل الفلسطينيين الذين يزورون الأرض المحتلة يوميًا وبأعداد ضخمة أراد أن يدخل فلسطين المحتلة لأنه لا يعترف بشيء اسمه إسرائيل.

·       ومهما تكن المبررات والحجج فنحن نرى أن مبدأ الاتصال بالسلطة الإسرائيلية

لأي هدف كان مرفوض -لأنه يدخل ضمن الاعترافات الضمنية التي أخذت تتسرب عبر الإحساس بالأمر الواقع والروح الانهزامي الذي خلقته هزيمة يونيو ١٩٦٧- إنه اعتراف على دفعات وبالتدريج وبأسلوب بطيء وهو أمر خطير للغاية.

هذا بالإضافة إلى أنه نوع من التعامل مهما كان حجمه ونطاقه فسيلحق أكبر الأضرار بسياسة المقاطعة وينسف كل مجهوداتنا في خنق الانفتاح الإسرائيلي ويجعل المقاطعة الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية بلا معنى حقيقي ويسلبها كل مظاهر الجدية والاحترام.

وما من شك في أن هذا الانفصال يحمل مدلولات خطيرة تتعلق بموقف الكويت العام وهي مسألة كبرى لا ينبغي أن يخوض فيها الأفراد ويقرروا ما يشاؤون.

 

الرابط المختصر :