العنوان الشباب (115)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 29-أغسطس-1972
مشاهدات 18
نشر في العدد 115
نشر في الصفحة 18
الثلاثاء 29-أغسطس-1972
في طريق الغرس والبناء
فكرة دروس «التقوية» تحولت إلى واقع عملي
القطفة الأولى .. «263» طالبا .. في المرحلتين.. المتوسطة والثانوي
المسجد يستأنف دوره القيادي.. في نشر العلم والثقافة
التجربة تلبي حاجات الأمة.. في النهضة العلمية والروحية
حفل ختامي.. تقيمه جمعية الإصلاح.. للأساتذة والطلبة وأولياء الأمور
باختتام الدورة الصيفية لدروس التقوية التي نظمتها جمعية الإصلاح الاجتماعي.. تكون الجمعية قد أنجزت تجربة جديدة وهامة في العمل الاجتماعي والديني - لقد أكدت تجربة الجمعية أن طريق الإصلاح الناجح يكون عن طريق مشاركة المجتمع في قضاياه ومشكلاته ومساعدة الأفراد في التعامل مع الحياة وفي البحث عن مستقبل ناجح ومستقر .. ولقد وضعت تجربة الجمعية.. النشاط الإسلامي في مساره الصحيح، بأن تظل المؤسسات الدينية وثيقة الصلة بحياة الناس اليومية وأن تكون في خدمة الناس ومساعدتهم حتى تسهم في ربطهم باستمرار ومن خلال قضاياهم نفسها بالروح الدينية والعقيدة الإسلامية- وما من شك في أن هذه التجربة سيكون لها أبعد الأثر في تغيير الصورة الخاطئة في الأذهان التي جعلت من العاملين في الحقل الإصلاحي وعاظًا مثاليين يطالبون الناس بالاستقامة من منابر عاجية دون أن يتفهموا ظروف الناس وواقعهم اليومي.. وتعطي صورة جديدة للداعية المسلم الذي يقف إلى جانب الناس ليساعدهم ويقدم لهم الخير ويعينهم ويرفع من روحهم ويوجههم لخير الدنيا والآخرة.
ومن خلال هذه التجربة الطيبة برزت ثلاثة إنجازات هامة وجديرة بالملاحظة.
إبراز دور المسجد
1- باتخاذ المسجد مركزًا للنشاط العلمي والثقافي أعادت التجربة للمسجد دوره الطبيعي في رعاية العلم ونشره.. ذلك الدور الذي تخلّى عنه المسجد منذ أن دخلت المدرسة الغربية التي استغلها الاستعمار ليفصل الحركة التعليمية والثقافية عن الدين.
وهي بالطبع سياسة ماكرة قصد منها الترويج للفكر الغربي الذي لن يجد في سبيله إلى عقول المسلمين ما دام التعليم يتم في ساحة المسجد.
إن ربط التعليم بالمسجد في دروس التقوية أبرز من جديد دور المسجد الهام في إشاعة الوعي العلمي.. وفي ضبط الفكر الإنساني بحدود توجيهية من العقيدة السمحاء والروح الدينية المضيئة حتى لا تتحول حركة العلم إلى حركة هدامة كما يحدث الآن في استغلال العلوم الإنسانية لأهداف هي ضد مصلحة الإنسان الروحية والمادية.
2- تقديم العون لأبنائنا الطلاب والمساهمة في دفع الحركة التعليمية في البلاد
وقد أفاد التلاميذ والطلاب من هذه الدورة أيما فائدة، فقد شجّع التنظيم والالتزام والإمكانيات كثيرًا من الطلاب في استيعاب دروسهم استعدادا لإمتحانات الدور الثاني بصورة ما كانوا ليتمكنوا منها لو أنهم اعتمدوا على أنفسهم . ولعل الكثير منهم لم يكن في استطاعته أن يجد معلما خاصا لكل مادة أو ليجد جوا مساعدا يعينه على أداء واجبه - لقد كانت هذه الخطوة الحميدة مساهمة شعبية في واجب وطني كبير هو دفع الحركة التعليمية في البلد لصالح البناء القومي السليم.
2- الهدف التربوي الهام
وقد استوعبت هذه الدورة طاقات شبابنا الطلاب في عمل نافع وملأت فراغهم بما يفيدهم في مستقبلهم الدراسي، فكانوا أكثر توفيقًا من كثير من زملائهم الذين أمضوا فراغهم إما في المصايف أو في نشاطات غير نافعة إن لم تكن ضارة.
إن الوقت الذي أمضاه الطلاب في دورة دروس التقوية داخل المساجد قد ترك تأثيره الطيب في قلوبهم وفي نفوسهم وانعكس على سلوكهم الاجتماعي..
ونأمل أن تظل تلك النفحات الروحية المقدسة باقية في نفوسهم تشدهم إلى صفاء الدين وإلى رحاب العقيدة باستمرار .
◘ وفي الحفل الختامي الذي أقيم احتفالا بإتمام الدورة الصيفية لمسنا كل هذه الظواهر الطيبة والتي تجلت في العلاقة الجديدة بين المسجد والعلم وبين الأستاذ والتلميذ وبين المؤسسة الدينية وأفراد المجتمع.. إنها علاقة متينة تزكيها روح طيبة من الثقة وحب الخير والتفاني في سبيل الغير وفي سبيل الواجب..
لقد حققت التجربة -بالرغم من كونها تجربة وليدة- نجاحًا مُرضيًا في أهدافها زاد من حماس القائمين عليها وقوّى من عزمهم على المضي فيها بعد الصيف وأثناء العام الدراسي.
◘ كانت قاعة المحاضرات بمقر الجمعية قد اكتظت بالطلبة والأساتذة.. حيث افتُتح الحفل بالقرآن الكريم ..
كلمة جمعية الإصلاح
◘ ثم تحدث في بداية الحفل الأستاذ مشاري البداح رئيس تحرير «المجتمع» فقال:
إننا ولا شك كمسلمين لنا ديننا وحضارتنا الإسلامية التي نعتز بها كثيرًا.. وقد كان المسجد هو القاعدة التي انطلقت منها حضارتنا العظيمة، وظل يلعب دورًا فعالاً في إثراء تلك الحضارة.. ولكن بمرور الزمن تناسى الناس ذلك الدور .
وقد كان من أهداف هذه الدورة هو إبراز دور المسجد الثقافي والعلمي إلى جانب دوره الروحي والتربوي.
ثم قال الأخ مشاري: إن جمعية الإصلاح الاجتماعي التي قام بتأسيسها رجال فضلاء من أبناء هذا البلد الأوفياء لإشاعة الروح الإسلامية وإحياء القيم والأخلاق القويمة قامت خلال سنواتها التسع الماضية بالكثير من الأعمال العظيمة في ميدان العمل الإسلامي والاجتماعي.
وتضيف اليوم الى صفحاتها البيضاء صفحة جديدة بتنظيم دورة دروس التقوية التي نعتبرها من صميم واجباتنا و نشاطاتنا.
وتحدث الأستاذ مشاري عن دروس التقوية فقال: لقد لمسنا حاجة الكثيرين من أبنائنا الى هذه الدورة خصوصا أولئك الذين تقرر أن يجلسوا لامتحانات الدور الثاني.. وقد شاء الله تعالى أن يحقق لتخرج الدورة بأحسن صورة ممكنة.. توجهنا لوزارة التربية لتزويدنا بخيرة معلميها علمًا وخلقًا إحساسًا بالواجب والمسؤولية وبالفعل اخترنا من بين أساتذتها صفوة طيبة من المعلمين، كذلك فقد كان الغرض من اختيار المسجد كمكان هو أن نهيئ مكانًا مريحًا و طاهرًا مباركًا.. فالمسجد بجوه المكيف يعتبر مريحا في هذا الوقت من السنة ويعتبر هادئا بعيدا عن الإزعاج، ومن جوه الروحي الوقور يستمد الإنسان روح المسؤولية والمثابرة، ومن منزلته المباركة المتصلة بالله سبحانه وتعالى نستمد النجاح والتوفيق.
ثم كشف عن خطة الجمعية للمستقبل فذكر أن هذه الدورة كانت بالنسبة لنا تجربة أولى، ونحن نرجو أن نواصل الخُطى في هذا النشاط بعد فصل الصيف خلال العام الدراسي، وسنختار مساجد جديدة في كل أنحاء الكويت و سنخصص أستاذًا لكل مادة و نضع جدولاً يوميًّا لدروس التقوية بحيث يكون معروفًا أن مادة كذا تدرس في المسجد في ساعة محددة في اليوم بحيث يصبح ممكنًا للراغبين من أبناء الحي أن يحضروا الدرس متى شاءوا وخلال الشهرين الأخيرين من العام نبدأ دورة مراجعة شاملة للمنهج تمكن الطلاب من استيعاب دروسهم استعدادًا للامتحان.
وأكد الأستاذ مشاري أن الجمعية تقدم خدماتها للجميع دون أدنى تفرقة بين الكويتيين وغير الكويتيين؛ لأنه في عرف الإسلام تسقط هذه الفوارق وتبقى رابطة الإسلام المتينة تُوحّد بين الناس وتساوي بينهم. وأن الجمعية لا تبتغي بذلك أجرًا ولا شهرة وإنما تهدف إلى خدمة الدين وحده.
ويسرني أن أكشف أن الجمعية بصدد افتتاح مركز للشباب على طراز حديث تتوفر فيه وسائل الرياضة ونشاطات الكشافة، ويشتمل على حوض للسباحة، وفوق ذلك يتميز بجو خاص قلما وجد في أندية الشباب الأخرى.. جو طاهر نقي لا تشوبه أية شائبة.
كلمة الأساتذة
ثم شكر الأساتذة الذين شاركوا في الدورة وكذلك الطلاب الذين استجابوا لنداء الجمعية.. وتحدث الأستاذ أحمد عبد الله عبدالحفيظ نيابة عن المعلمين الذين شاركوا في دورة دروس التقوية فقال إن هذه الخطوة من الجمعية هي سُنة حسنة نرجو أن ينالوا أجرها، وذكر بأن جميع علمائنا الذين تعتز بهم الأمة إلى اليوم تخرجوا من المسجد.. وأثنى على جهود جمعية الإصلاح الخيرة، وقال إن الجمعية هي المؤسسة الوحيدة تقريبًا التي تعمل بدون مقابل مادي من أجل خير المجتمع.. ثم شكر الجمعية والطلاب ودعا لهم بالتوفيق.
كلمة الطلبة
◘ وتحدث في الحفل الطالب حبيب إبراهيم باسم إخوانه الطلبة فشكر جمعية الإصلاح الاجتماعي التي قدمت لهم هذه المساعدة القيمة، وشكر الأساتذة الذين بذلوا كل الجهد من أجلهم ورجا إخوانه الطلبة أن يتسلحوا بالعلم والإيمان معا مستلهمين روح المسجد السامية ليؤدوا رسالتهم كاملة. وقال: لقد سرنا كثيرا أن نعرف بنية الجمعية لفتح مركز للشباب ونسأل الله أن نرى ذلك قريبًا جدًّا.
كلمة الشيخ طايس
ثم تحدث في نهاية الحفل الشيخ طايس الجميلي، فقال: ليس لي ما أضيف على كلام الإخوة سوى حادثة بسيطة لفتت اهتمامي من بداية هذه الدورة، فقد أحضرنا معدات التدريس لأحد المساجد فتساءل المؤذن وهو شيخ مُسن عما يدور في مسجده فأخبرته أننا سندرس الكيمياء والإنجليزية وغيرها في المسجد فاستعاذ بالله واستغفر من ذلك، كيف تدرس هذه الأشياء في بيت الله.
وقال الشيخ طايس: إن هذا الرجل معذور فيما يقول، لكن ما عذر الشباب المتعلم المثقف الذي لا يزال يفرق بين الدين والعلم؟
وإذا جازت هذه العقيدة في بلاد النصارى؛ فماذا يبقى من الإسلام إن فصلناه عن العلم وعن الحياة؟
لقد شهدت المجتمعات المسيحية تعذيب الكنائس للعلماء واضطهادهم، أما في الإسلام فقد ازدهر العلم بين جدران المساجد حتى إنه ذكر في تاريخنا عام 600 من الهجرة أن «القمر يمكن الوصول إليه إذا توفرت وسائل المعرفة».
◘ بنهاية الحفل تكون الدورة الصيفية قد انتهت بعد أن وضعت أساسًا متينًا لهذا المشروع الهام. ويذكر الإنسان بكثير من التقدير التعاون الطيب الذي أبدته وزارتا الأوقاف والتربية ومشاركتهم الفعالة في خدمة هذه الجهود.. ونأمل أن يظل هذا التعاون مستمرًا من أجل ازدهار المسجد.. وتعبئة الأجيال بالعلم والأخلاق معا.
وصدق الله: ﴿فَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَا كُفۡرَانَ لِسَعۡيِهِۦ وَإِنَّا لَهُۥكَٰتِبُونَ﴾ (الأنبياء: 94).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلتحـــت شعـــار «القـــراءة حيــــاة».. جمعية الإصلاح الاجتماعي تقيم معرض الكتاب الإسلامي الـ45
نشر في العدد 2179
33
الاثنين 01-مايو-2023