; الشيخ أحمد الياسين: الحلول المطروحة سراب | مجلة المجتمع

العنوان الشيخ أحمد الياسين: الحلول المطروحة سراب

الكاتب عبدالعزيز العمري

تاريخ النشر الثلاثاء 06-ديسمبر-1988

مشاهدات 26

نشر في العدد 894

نشر في الصفحة 30

الثلاثاء 06-ديسمبر-1988

  • القرارات الصادرة عن المجلس الوطني نحترمها، وليس معنى ذلك أنها صحيحة... ولكن نحن نحترمها لأننا لا نريد استحداث صراعات بين الفلسطينيين.

الشيخ المجاهد أحمد ياسين أبرز القيادات الإسلامية الفلسطينية في فلسطين المحتلة... وفي العالم على الإطلاق.. اعتقلته سلطات الاحتلال اليهودي مع مجموعة من إخوانه بتهمة تجميع وتخزين الأسلحة بهدف محاربة الكيان اليهودي وحكمت عليه بالسجن لمدة (۱۳) عامًا، وأطلق سراحه بعد مضي عامين في عملية تبادل الأسرى بين الجبهة الشعبية «القيادة العامة» والكيان اليهودي. درجت وكالات الأنباء العالمية والصحافة الغربية على تعريفه بأنه الزعيم الروحي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»..

 وحرصنا في «المجتمع» على إجراء هذه المقابلة معه لنتعرف على موقف الحركة الإسلامية تجاه المستجدات السياسية الأخيرة على ساحة القضية الفلسطينية خاصة بعد اختتام أعمال الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر.. 

وقد ازدادت أهمية هذه المقابلة مع انتهاء العام الأول للانتفاضة الباسلة لأهلنا وشعبنا في فلسطين المحتلة... واستعدادهم لدخول العام الثاني من الجهاد والتضحيات بثبات وصبر وإصرار.

وقد واجهتنا في «المجتمع» عقبات كثيرة في الاتصال بالشيخ أحمد ياسين حيث فرضت سلطات الاحتلال حصارًا على شعبنا في الضفة والقطاع وعزلتهم عن العالم الخارجي.. وكانت هذه المقابلة مباشرة بعد أن تيسر الاتصال بالشيخ الفاضل.

المجتمع: إعلان الاستقلال بتاريخ 1988/۱۱/15 اعتبر أن القرار ۱۸۱ لعام ١٩٤٧ ما زال يوفر شروطًا للشرعية الدولية فما رأيكم في ذلك؟ 

الشيخ ياسين: أقول لك إن الشرعية الدولية في تصوري مع الإنسان القوي، الإنسان القوي له شرعية والضعيف ما له شرعية وأضرب مثلًا لذلك ناميبيا كان قد أعطاها مجلس الأمن الدولة وأعطاها العالم الاستقلال من زمان، لكن جنوب أفريقيا لأنها قوية ما رضيت أن تعطيها الاستقلال إلا عندما حدثت الحرب والمشاكل والتدخلات الخارجية وبعد ذلك وافقوا أخيرًا أمام الضغوط، فالشرعية الدولية هي للقوي لكن الضعيف ما له حقوق أمام الشرعية. 

المجتمع: هل أنتم مع أم ضد الدولة الفلسطينية، ولماذا؟ 

الشيخ ياسين: نحن مع الدولة الفلسطينية المحررة لكن لنا رأي، أن الإعلان عنها كان قبل وقته لأننا لم نحرر أي جزء من وطننا، وأي جزء من وطننا يحرر نقيم عليه الدولة، ونحن ما زلنا تحت الاحتلال ولم يزل عنا بعد فأين نقيم الدولة في أي مكان في عمان أو القاهرة أو الجزائر. لا بد أن يكون لنا أرض نقف عليها بحريتنا ونقيم دولتنا عليها دون شروط مسبقة ودون تقديم تنازلات. 

المجتمع: نشرت بعض الصحف تصريحًا لك تقول إنكم ترفضون قرارات المجلس الوطني لكنكم تحترمون رأي الأغلبية فماذا تقصد من قولكم تحترمون رأي الأغلبية وهل يعني ذلك أنكم تلتزمون به، وهل أغلبية المجلس الوطني بالنسبة لكم شرعية أو تمثل غالبية الشعب الفلسطيني؟ 

الشيخ ياسين: أنا قلت أحترم رأي الأغلبية ومازلت أقوله ومعنى الاحترام غير الشيء الذي أنا مقتنع فيه وراضٍ عنه، الاحترام شيء والرضا شيء آخر، أنا لا أفرض الإسلام على الناس بالقوة أنا أدعو الناس للإسلام حتى يقبلوه عن قناعة وإيمان، وأدعو الشعب الفلسطيني والمجلس الوطني لأن يتبنوا الإسلام ويقيموا دولة إسلامية على فلسطين. 

المجتمع: في حالة اعتراف دول العالم بهذه الدولة والدعوة إلى مفاوضات مباشرة، فما هو تصوركم للمستقبل؟ 

الشيخ ياسين: أحب أن أقول لك إن كل هذا الكلام سيذهب أدراج الرياح لأن الطرف الثاني الذي هو «إسرائيل» طرف لا يريد إطلاقًا أن يصل إلى إعطاء الحق الفلسطيني ولا يتنازل عن نقطة واحدة، وأعتقد أن المؤتمر الدولي لن يحقق شيئًا حتى ولو حدث وانعقد المؤتمر الدولي يبقى لنا رأينا الذي نعلنه على الملأ أن هذا الطريق غير سليم وغير صحيح وغير ناضج. 

المجتمع: باختصار ماذا تقول لمسلمي العالم عن موقفكم؟! 

الشيخ ياسين: قولوا لهم نحن نوافق على الدولة... لكن نؤكد على عدم التنازل عن حقوقنا كاملة، نحن نريدها دولة تعيد لنا كل أرضنا وكل أهلنا. المجتمع: ما هي انعكاسات قرارات المجلس الوطني على انتفاضة الشعب الفلسطيني؟ 

الشيخ ياسين: طبعًا فرح البعض حيث إنه شعر معنويًا أن له دولة ولكن المشكلة ما هو واقع الدولة وأين هي هذه الدولة وما هي الفائدة الملموسة التي حققتها للشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة حيث إنها لم تحل مشاكله الحياتية وبهذا اعتبرت غير منظورة وغير معروفة. 

وفي الحقيقة أن الشعب الفلسطيني هنا يقول إذا كانت القضية قضية أرض مثلًا أن آخذ قطاع غزة فأنا موجود في غزة إذًا فليست المشكلة قضية أخذ القطاع أو غيره فهذا لا يحل القضية ومن هنا أنا لا أرفض الدولة كما لا يرفضها الشعب الفلسطيني لكننا غير راضين عن الطريقة التي انتهجت طريق الاعتراف بالقرارات التي تسقط حقوقنا، فقرار ٢٤٢ يعتبر الشعب الفلسطيني ومشكلته شعبًا لاجئًا ومشكلة لاجئين وهذا ما لا يرضاه الشعب هنا. 

المجتمع: هل ما زالت عند الشعب الفلسطيني الرغبة والقدرة على الاستمرار بالانتفاضة؟ 

الشيخ ياسين: والله يا أخي الناس هنا في مرحلة اللاعودة فالرجل والمرأة والطفل في واقع ليس عنده استعداد للتراجع لأنه لم يبق له شيء يخشى عليه، لذلك فالكل في طريقه ضد الاحتلال حتى يحقق وجوده وكرامته وأنا أعتقد أن الشعب الفلسطيني يزداد صلابة مع الأحداث ولا يوجد في صفوفه متخاذل أو متفرج لأن المعاناة دخلت كل بيت فلا يوجد بيت لم يتعرض أهله للضرب أو السجن أو التشرد أو القتل أو أي نوع من أنواع العقاب، فالشعب هنا يرى أن يستمر في طريقه وانتفاضته وليس هناك شيء يستطيع أن يقف في طريق الانتفاضة والحلول المطروحة هي سراب والسراب لا يحقق لهذا الشعب شيئًا. 

المجتمع: مع اقتراب انتهاء العام الأول للانتفاضة ما هي أهم الإنجازات التي حققتها؟ 

الشيخ ياسين: الكلام في إنجازات الانتفاضة كثير لكن على سبيل المثال لا الحصر: كانت صورة الشعب الفلسطيني في العالم صورة المجرم فاتك الأرواح وخاطف الطائرات فاجأت الانتفاضة لتبرز صورته الحقيقية ولتظهر حقيقته للعالم أنه الإنسان المظلوم مسلوب الحق يطارد فيشرد حينًا ويقتل حينًا وذلك ليس إلا لأنه يطالب بحقه المغصوب هذه الصورة الواضحة جلبت تعاطف العالم معه فأعطته الفرصة لأن يعلن عن رغبته بإقامة دولته الفلسطينية، والآن الشعب الفلسطيني يحس بأنه يعبر عن نفسه ويرفض واقعه بطرق مختلفة ولو بالحجر وهذه إمكاناته وهو يحس الآن بالوحدة الشعورية والتضامن مع بعضه ويحس بأن اليأس ذهب وأن الخوف ذهب والقوة النفسية موجودة وهذا بهدف أن يصل إلى حقوقه وهذه تعتبر أهم الإنجازات بالإضافة إلى أن الشعب الفلسطيني كان يتعرض لمرحلة تمييع وتنويم وتضييع في أخلاقه فأزالت الانتفاضة الكثير من هذه العوامل وعرفت العالم بهذه القضية ومجراها. 

المجتمع: كيف ترون مستقبل الانتفاضة؟ 

الشيخ ياسين: أما المستقبل فبيد الله لكن حسب إحساسنا الحالي فهي مستمرة والعلم عند الله تعالى ولا يعلم الغيب إلا الله ولكن أعيد وأعتقد حسب إحساسنا ومعرفتنا بأنها مستمرة وأريد أن أقول لك إنها تسیر كموج البحر مرة هائج ومرة هادئ ومرة مرتفع وأخرى منخفض. 

المجتمع: كلمة أخيرة.... 

الشيخ ياسين: والله كان عندي قبل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الأخير مقابلة في التليفزيون فسئلت إذا كنت أريد أن أوجه رسالة للمجلس الوطني فقلت أحب أن أوجه لهم ثلاث كلمات: أن يتبنوا الإسلام وأن يستمروا في نضالهم وأن يصبروا لأن الصبر سبيل النجاح، والصبر والزمن هما نصف الفلاح لقضيتنا وأنا أقول لكل شاب ورجل فلسطيني إن الأمر يحتاج الآن إلى العودة إلى الله والى الدين ثم بعد ذلك يكون النصر، ربنا قال في القرآن الكريم: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ (القصص:5) فإذا نحن صبرنا وعدنا إلى الله واتخذنا الإسلام طريقًا ومنهجًا للعمل فأنا أعتقد أن قضيتنا في طريقها إلى الحل فاليأس لا يجد سبيلًا إلى المؤمن ولا يعرفه، فالمؤمن صابر حتى يحكم الله والله خير الحاكمين وأضيف أن الروح الإسلامية والوعي الإسلامي يرى أن جميع الأمة غرقت في البحر ولم يبق ما ينقذها إلا كتاب الله وهذا واضح الآن كلهم هكذا تعلقًا بالله واستمساكًا بحقهم في الانتصار للإسلام.

الرابط المختصر :