; الصحافة على مائدة الرسول | مجلة المجتمع

العنوان الصحافة على مائدة الرسول

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 19-مايو-1970

مشاهدات 15

نشر في العدد 10

نشر في الصفحة 5

الثلاثاء 19-مايو-1970

-بخواطر الصحفي الذي يعيش حاضر أمته..!! وبمنظاره «الميكروسكوبي» الذي يحاول النفاذ به إلى أعماق الكلمات، وبحاسته التي تشم رائحة الأخبار فتتسلل إلى مصادرها هنا وهناك، وبلسانه الذي لا يكف عن السؤال و الاستفسار، والاستيضاح..!!

-جلست إلى المائدة المحمدية التي صنفها أئمة الحديث؛ ليتزود منها كل طالب للحق والخير في سهولة ويسر، ويلتهم من مصنفاتها النهمون من أمثالي ما يطيقون.

- وأول سؤال تبادر إلى ذهني، وأنا آخذ مقعدي على طرف من المائدة المستديرة التي أحاطت بكل شيء، «ما تركت من خير إلا وأمرتكم به، وما تركت من شر إلا ونهيتكم عنه» هذا السؤال هو:

لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم حيًا بين أظهرنا، يختار لنا القادة والسلاطين، وأصحاب المراكز ومدراء الإدارات، ورؤساء الوحدات والفصائل، فأي نوع من البشر يولي؟! وأي كفاءة ينصب؟!

-ولمحت على قائمة الأصناف المتنوعة، من الزاد الإسلامي الذي قدمه للبشرية كلها، محمد صلى الله عليه وسلم، الجواب التالي:-

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ (أي ينصبه واليًا أو عاملًا له)، فضرب بيده (الرسول) على منكبي، ثم قال: «يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها».

وبهذا المنطق نادت واحدة من الرعية بترشيح (موسى) للعمل لدى (شعیب) عليهما السلام: (يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين).

ورد محمد عليه السلام عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قائلًا له: (يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها بعد مسألة وكلت إليها). وحينما دخل عليه أبو موسى الأشعري ورجلان من بني عمه، فقال أحدهما: يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل!، وقال الآخر مثل ذلك، فقال: «إنا والله لا نولي هذا العمل أحدًا سأله، أو أحداً حرص عليه!!».

وجلت بهذا المنطق الإنساني الرائع وأول فقرة من قوانين السلطة، أطوف به في سماء دنيانا، حيث السطو وسط ضجيج الشرعية، والحرص على الكراسي باسم المصلحة الوطنية، وقبر الكفاءات تحت ستار من تقريب وأهل الثقة لا أهل الخبرة.

وقفز على لساني السؤال الثاني: ماذا لو تراءت للإنسان نفسه بحصافة الرأي، وعظم الخبرة، وقوة الشكيمة، هل له أن يستبد برأيه؟؟

-      وهنا لمعت أمام ناظری آیات الشورى من كتاب الله الكريم ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾ (الشورى: 38) و ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر﴾(آل عمران: 159). وعلى حافة هالتها النورانية، الأحاديث النبوية «ولا خاب من استخار، ولا ندم من استشار» وما رواه أبو سعيد، وأبو هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة، إلا كانت له بطانتان: -

1- بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه.

2 - وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه.

والمعصوم من عصم الله.

●       ولم أستطع احتباس سؤال أسرع إلى الظهور على شفتي، وإن كان على هامش الموضوع ،هو :

-ماذا يدور في القصور؟ ووراء ستائر المستشارين؟ ومجالس البلاط والندماء؟

 وهناك على المدى البعيد رن في سمعي من خلال آيات الله، صدى

-بطانة السوء في بلاط فرعون تتهم موسى عليه السلام بالفساد والإفساد، وتحرض عليه ومن على ملته، قتلًا وتذبيحًا.

﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾ (الأعراف : 127)

-وعلى الجانب الآخر ناصح الرشد، وادعى الحق، من بطانة الخير.

﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ (غافر: 28)

 ولذا قال صلى الله عليه وسلم فيما روته عائشة رضي الله عنها «إذا أراد الله بالأمير خيرًا، جعل له وزیر صدق:

إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك، جعل له وزیر سوء:

 إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه.

 وهنا سطر قلمي المجموعة الأولى من المبادئ التالية: 

1- طالب الولاية لا يولى.

2- ألا يولى خائن لعهد الله وشرعته.

3- ألا ينصب الضعفاء في الحق، واختتمت هذه المجموعة بالآتي:-

●       خرافة (المستبد العادل) بل وجوب الشورى.

●       أن يكون جهاز الخبراء والمستشارين من بطانة الخير التي لا تمالئ أو تنافق.

●       أن يكون للوزراء والمعاونين من أهل الصدق في القول والإخلاص في العمل.

 وإلى هنا أحست بدسامة الوجبة، التي أدارت عقلي وفكري في موجات ملتهبة.

خشيت معها على نفسي قبل القارئين والقارئات.

ومعذرة للنهمين، الذين لا يطيقون من أمثالي.

                                                                                           المجتمع

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

حول العالم

نشر في العدد 2

35

الثلاثاء 24-مارس-1970

المرأة مربية وداعية (1 من 2)

نشر في العدد 1906

11

السبت 12-يونيو-2010

كيف يسَيطر اليهَود عَلى أميركا؟

نشر في العدد 3

52

الثلاثاء 31-مارس-1970