; الصومال وجذور المأساة الراهنة | مجلة المجتمع

العنوان الصومال وجذور المأساة الراهنة

الكاتب المحرر الثقافي

تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1992

مشاهدات 9

نشر في العدد 1028

نشر في الصفحة 54

الثلاثاء 08-ديسمبر-1992

المؤلف: د. علي الشيخ أحمد أبو بكر.

الناشر: دار ابن حزم. بيروت ص.٦٣٦٦/١٤

الصفحات : ٢٦٠ صفحة من القطع الكبير 

في استقصاء تاريخي لجذور المأساة الراهنة في الصومال وكشف أسبابها البعيدة عرض كتاب الصومال وجذور المأساة الراهنة، نبذة تاريخية عن خضوع الصومال للاستعمار الإيطالي والبريطاني فترة دامت قرابة قرن من الزمان عمل الاستعمار خلالها على استثمار كل ما يمكن استثماره واستلاب كل ما يستطيع استلابه من موجودات الصومال وثرواتها الطبيعية، ولم ينس الاستعمار أن يفقدها إرادتها المستقلة وشخصيتها المميزة شأنه في ذلك مع كل البلاد التي نكبت بسيطرته وهيمنة عساكره.. ولكي تنسى إرادتها نهائيًّا صاغ الاستعمار عقول بعض أبنائها وشكل ثقافتهم وطريقة تفكيرهم ونظراتهم إلى الحياة والأشياء وجعلهم ينظرون بعيون مستعمريهم ويفكرون بعقولهم وبعبارة أدق ينفذون بأمانة ما يوحيه لهم أسيادهم من أفكار وتعليمات.. وعندما انتهى دور الاستعمار، وأذنت شمسه بالغياب سلم مقاليد الأمور في البلاد، لهؤلاء الذين صنعهم على عينه ورباهم على مفاهيمه من أذنابه ومقلديه.

 استقلت البلاد عام ١٩٦٠ وجرت الانتخابات وسيطرت القوة المهيأة التي ذكرنا واستمرت الأمور بهذا الشكل فرحة بالاستقلال من غير أن تجني الأمة ثمرة استقلالها أو تحقق أهدافها من هذا الاستقلال.. أما الإذاعة فكانت تشفي غليل الشعب بشتمها وهجومها الصارخ على الاستعمار ومخططاته وفي الوقت ذاته تشيد وتمجد القوى الوطنية التي تحكم والتي تدبر والتي تخطط لإسعاد الشعب ورفاهيته وتطوره.. كان كل شيء على حاله إن لم يزدد سوءًا وتخلفًا إلا الإذاعة الصومالية فكانت تزداد ردحًا ومدحًا للعقلية الوطنية التي تسير البلاد وتقودها إلى الرفعة والتقدم وغيرها من الكلمات المكرورة الممجوجة.

 في عام ١٩٦٩ زورت نتائج الانتخابات لصالح الحزب الحاكم بشكل مكشوف أثار استياء الجمهور وأصابه بخيبة الأمل والإحباط من هذه التصرفات المشينة والإجراءات التي لا تخضع لقانون أو عرف إلا رغبة الحاكم ومصالحه وأهدافه الشخصية.

كان الجيش يرقب الأمور عن كثب ويرى الغضب العارم الذي ساد الشعب والذي كان من أولى مظاهره اغتيال رئيس الجمهورية بعد أشهر قليلة من انتخابه، وكان على رأس الجيش في حينها الجنرال محمد سياد بري فانقض على الحكم وأودع معظم أعضاء مجلس النواب السجن وكذلك المعارضين الذين يمكن أن ينافسوه على الحكم وتعاون مع صغار الضباط وبدأت صفحة جديدة في الصومال غطت على كل المآسي والمساوئ السابقة. لقد بدأ حكم العسكر الذين يرفعون شعار الاشتراكية ويفرضون وجودهم بالحديد والنار واستمرت الإذاعة في الردح وفي تمجيد العهد الجديد الذي سيشبع البطون ويكسو الأجساد ويحقق مصالح الأمة ويقيم الجنة التي بشر بها أحبار الاشتراكية ودجالو الشيوعية.

وبعد عقدين من الزمان سقطت الاشتراكية الصومالية وهرب سياد بري مخلفًا وراءه مجتمعًا مفككًا يسوده الفقر ويهيمن عليه شبح المجاعة ويموت الناس فيه زرافات ووحدانًا من الجوع والعري والأمراض والهزال والقهر والهوان.. أليس من الملفت للنظر أن استلاب الهوية الثقافية مقدمة طبيعية لفقدان الأمة كل شيء حتى اللقمة التي يقتاتها الأطفال الصغار.

 إن كتاب الصومال وجذور المأساة الراهنة، لا يستغني عنه من أراد أن يؤرخ لما تعانيه الصومال اليوم من جوع وعري وتهديد بالفناء... فهو استعراض تاريخي موثق يبدأ بمولد

الجمهورية الصومالية ويتناول النهج الاشتراكي وتعطيل النمو الاقتصادي والصراع الثقافي في المجتمع الصومالي ثم العنف الاشتراكي وتعاظم ظاهرة الحجاب كرد فعل ثم محاولة تشويه صورة العلماء والسيطرة على المساجد والتفسير الشيوعي للإسلام ثم قانون إلغاء الشريعة الإسلامية.. المجازر البشعة وقتل العلماء. دور الاتحاد السوفيتي في تحطيم الصومال.. الحرب مع إثيوبيا.. القرن الإفريقي وموقف الدول الكبرى بالإضافة إلى التحليلات الدقيقة وربط الأحداث  بأسبابها القريبة والبعيدة كل ذلك نطالعه في کتاب «الصومال، وجذور المأساة الراهنة» الذي يعطينا صورة واقعية عن الصومال خلال نصف قرن مؤكدًا أن ما آلت إليه الصومال ما هو الإ نتيجة لما مر به من أحداث، وأوضاع، وأنظمة، وخلاصة لما طرأ عليه من تغيرات خلال الفترة السابقة أدت إلى الحالة المأساوية التي يعيشها الصومال في الوقت الراهن.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل