العنوان العمل الخيري في الكويت .. الواقع والطموح
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 22-أغسطس-1995
مشاهدات 49
نشر في العدد 1163
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 22-أغسطس-1995
جاسم مهلهل: العمل الخيري فطرة في نفوس الكويتيين قاموا به في أحلك الظروف وأقوى الأزمات.
د السميط: مساهمات الأمم المتحدة والدول الكبرى لم تصل لمستوى مساعدات الكويت للدول المحتاجة
المطوع: المرحلة المقبلة مرحلة العمل المؤسسي العالمي لمنافسة العمل التنصيري العالمي.
د الماص: العمل الخيري يواجه تحديات أفرزتها الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العالم.
نحن مع تنظيم العمل بشكل عام، لكن الملاحظ هو تحجيم للعمل الشعبي لاستبداله بواجهات رسمية
إعداد: عبد الرزاق شمس الدين
خالد بورسلي وهشام الكندري.
العمل الخيري في الكويت رسميًا كان أو شعبيًا يرتكز في منطلقات على مبادئ الإسلام الخيرة الطيبة ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ (إبراهيم ٢٤، ٢٥).
وذلك يصدق على ما تقدمه الكويت لغيرها على طريق العمل الخيري الرسمي أو الشعبي، فهما يسيران في طريقين متوازيين متلازمين، يكمل بعضهما الآخر، ولا يغني أحدهما عن الآخر، وكلاهما دعم وقوة ونصرة للمسلمين والمحتاجين؛ لذا كانت الكويت ولا تزال سباقة في تقديم النصرة والمعونة لإخوانها في الدين والعقيدة في أية بقعة من بقاع الأرض، بل وحتى المحتاجين والضعفاء من غير المسلمين، ففي ذلك باب من أبواب الخير الذي يفتحه الإسلام حتى لغير المسلمين، وفي هذه الندوة كان لقاؤنا مع الإخوة الأفاضل المسئولين والقريبين من واقع العمل الخيري والعاملين فيه، وكانت آراؤهم تعبر عن أسئلة كثيرة تدور في ذهن قراء «المجتمع».
-تقدم الكويت (4%) من ناتجها القومي كمساعدات للدول المحتاجة، وهي بذلك تعتبر أكبر دولة في العالم تقديمًا للمساعدات لغيرها من الدول، هل ترون أن المساعدات الحكومية تتشابه في عطائها مع اللجان الخيرية للدول المحتاجة؟
- د. عبد الرحمن السميط: المساعدات الحكومية لها طريقها ومنهجها ومميزاتها التي تختلف عن عطاء ومساعدات اللجان الخيرية للدول المحتاجة، ورغم أن الأمم المتحدة والدول الكبرى في الغرب بدأت تساهم بشكل كبير في ميزانيات المؤسسات الخيرية، وترسل مساعداتها بشكل أكبر عن طريق هذه المؤسسات، إلا أن ذلك لم يصل إلى دول العالم الثالث، ومن بينها الكويت؛ حيث إن بعض المؤسسات الخيرية في الدول الأجنبية تعتمد اعتمادًا كليًا على المساهمات الحكومية، ولا تطرق أبواب المتبرعين.
* الشيخ جاسم مهلهل: أحب أن أؤكد في البداية أن العمل الخيري رسميًا كان أو شعبيًا يرتكز على المنطلق الإسلامي المأخوذ من قول الله: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ ويعتمد كذلك على قول الله ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ﴾ (الأنفال: 72)، ولا شك أن إمداد المحتاجين بالمال نوع من النصرة الواجبة على المسلمين القادرين نحو إخوانهم المحتاجين، يدفع عنهم ألم الفقر ومضار المجاعة، ويقدم الدواء للمرضى والعلم لمحبيه وطالبيه، ويبني بيوت الله، ويشيد مدارس العلم ليتربى فيها أبناء المسلمين، ويقدم الغوث للمستغيثين، ويشعر المسلمين جميعًا أنهم أمة واحدة إذا اشتكى منها جزء تآلمت له الأجزاء الأخرى، فهي كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
وهذا يصدق على ما تقدمه الكويت لغيرها على طريق العمل الخيري الرسمي أو العمل الخيري الشعبي، غير أنهما يختلفان في بعض الأمور، فالعمل الرسمي في جانب الخير يأخذ مسارًا رسميًا، ويسلك سبلًا قد لا يستطيع العمل الخيري الشعبي أن يسلكها؛ لأنه يخرج عن طريق السلطة الرسمية في الكويت، ويصب في يد السلطة الرسمية في الدولة الممنوحة، فتقدمه للشعب في صورة مشروعات قائمة، فيشعر عامة الناس بهذا العطاء، فلا يزول أثره من ذاكرة الناس، وإن بقي ملحوظًا محفوظًا عن السلطة في ذلك البلد، والعمل الخيري الشعبي، يتجسد أمام الشعب في صورة مسجد مقام، أو مستشفى ظاهر، أو مزرعة تنتج، أو مدرسة تعلم وتربي، أو مركز إسلامي يقوم بواجب الدعوة إلى الله، أو مخيم لعشرات الألوف من المهاجرين، أو دار للأيتام، أو كتب مطبوعة تعرف بالإسلام، أو ترجمة لمعاني القرآن، أو إذاعة تبث تعاليم الإسلام، وكل هذه الأشياء يراها الناس في بلادهم، ويعلمون أنها أقيمت بجهود الكويتيين وأموالهم، فلا تنمحي كذلك من ذاكرتهم؛ لأنها ثابتة أمامهم لعشرات السنين، ومسجلة في بلادهم بأسماء كويتية، ومعلوم لدى الجميع أنها أقيمت بأموال كويتية، وكل هذه الأمور تتم كذلك بمعرفة المسئولين في ذلك البلد، فيكون العمل الخيري الشعبي قد تم بمعرفة المسئولين في ذلك البلد، وأدرك أثره الأهالي وعاينوه، فلا يزول من ذاكرتهم، بل يبقى أجيالًا وأجيالًا.
فالعملان يكمل بعضهما الآخر، ولا يغني أحدهما عن غيره، وكلاهما دعم للمسلمين وقوة لهم، فالعطاء الحكومي والعمل الخيري الشعبي جناحان لطائر الخير الذي يرفرف بهم فوق أرض المسلمين.
* الأستاذ عبد الرحمن المطوع: إن عمل الخير متأصل في نفوس الكويت منذ القدم، حتى لقد عرفت الكويت في مختلف أنحاء العالم بأعمالها الخيرية الحكومية منها والشعبية، وهناك أوجه تشابه وأوجه اختلاف عديدة بينها، إلا أنه في جانب العطاء، فإن عطاء اللجان الخيرية مميز، ولا أعتقد أن المساعدات الحكومية تستطيع أن تضاهيه، فاللجان الخيرية لا تحتاج لقرار وروتين وإجراءات إدارية حتى تتحرك، فأعمالها واتجاهاتها محددة، فهي تقدم المساعدة لكل من يحتاجها من المسلمين فور وصول الأخبار والتقارير، والقائمون على العمل ليسوا موظفين لا يتحركون إلا بتكليف رسمي، ويرتبطون بساعات دوام محددة، ويتجنبون الأماكن التي قد تمثل خطرًا عليهم، بل هم متطوعون جندوا وغير المسلمين، أما مساعدات الجمعيات الخيرية، فهي تصل إلى المسلمين.
*د. بدر الماص: العمل الخيري الكويتي المتمثل في المساعدات للدول المحتاجة، والشعبي المتمثل في الأنشطة المختلفة التي تقوم بها اللجان الخيرية الشعبية- يسيران في خطين متوازيين هادفين، يحددهما التفاني في بذل الخير، ونجدة المنكوبين، إذن فهناك قاسم مشترك بينهما، مما يجعل أحدهما مكملًا للآخر، فيبدو بذلك صرح الخير الكويتي جميلًا متناسقًا أينما وجد، وهو بلا شك مفخرة للكويت حكومة وشعبًا، وكل محاولة للفصل بينهما لا بد أن تنعكس اثارها السلبية على العمل الخيري ككل، لذا فإني آمل لهذا العمل الاستمرارية والدوام في كلا الاتجاهين.
ما هو مستقبل العمل الخيري في الكويت؟ وهل هو يسير وفق خطة مستقبلية ومنهجية مدروسة؟
*د. السميط: العمل الخيري في الكويت جزء من الكويت ومن المنطقة، وهي إحدى مناطق العالم المتخلف الذي يسمونه العالم الثالث أنفسهم، وبذلوا مالهم ووقتهم وجهدهم لله، ومن أجل إنجاح هذا العمل فلا يحتاجون لأمر تكليفي لكي يتحركوا، ولا يحكمهم وقت معين، بل يبذلون وقتهم كله من ليل ونهار في هذا العمل الطيب ابتغاء للأجر والمثوبة من الله -عز وجل-، وحتى بعد وصول الإعانات لمواقع الحاجة هناك فرق شاسع، ففي الوقت الذي يذهب مندوبو الجمعيات الخيرية بالمساعدات ليوزعوها بأنفسهم وبأيديهم على من يحتاجها، متحملين كل الصعاب، نجد أن المساعدات الحكومية تأخذ طريقها إلى الحكومة في ذلك البلد لتبدأ رحلتها الثانية بتحويلها لجهات الاختصاص في رحلة قد تطول، فلا تصل هذه المساعدات إلا بعد فوات الأوان، والمساعدات الحكومية قد تصل المسلمين، وهناك مؤسسات كثيرة تعمل في الكويت في مجال العمل الخيري بعضها يعمل ضمن خطة واضحة، والبعض الآخر يسعى للوصول إلى ذلك، أما بالنسبة لمستقبل العمل الخيري في الكويت فذلك مرتبط بمستقبل الكويت ككل من النواحي السياسية والاقتصادية بالدرجة الأولى.
وباستقلالية الكويت في اتخاذ القرار المناسب الذي فيه مصلحة البلد، وربما قد لا أكون من المتفائلين جدًا في ذلك، وأخشى ما أخشاه أن ترى هجرة المؤسسات الخيرية إلى خارج الكويت بعد أن هاجر رأس المال، ثم هاجر عدد غير قليل من أبناء البلد، والدور الآن على مؤسسات العمل الخيري نتيجة الإحباط الذي تشعر به هذه المؤسسات مع الأسف الشديد.
*جاسم مهلهل: النتائج مبنية على المقدمات وماضي العمل الخيري الكويتي مشرق، ونأمل أن يكون مستقبله كذلك مشرقًا، وهذا العمل الخيري لا يحكم عليه في مساحة زمنية محددة، ولا يقاس بالأسابيع ولا بالأشهر، وإنما يحكم عليه في السنوات التي قطعها، ويكون السؤال حوله هو أيتقدم العمل الخيري في هذه السنوات عما كان عليه من خمس سنوات مثلًا أو عشر سنوات أم هو كما هو؟ وقد يفتر حماس الناس للعمل الخيري في فترة من الفترات، فيكون الحكم عليه فيها غير متزن وغير ملتزم بالحقائق، ونرى أن العمل الخيري الكويتي الآن يمر بحالة لا هي من الفتور، ولا هي من القوة والحماسة، وإنما هي مرحلة وسط، غير أن هذا لا يمنع أبدًا أن نقول: إننا نأمل أن يكون مستقبل العمل الخيري أفضل من ماضيه، وأعظم أثرًا، وأكثر انتشارًا.
والعمل الخيري كغيره من الأعمال لا يسير باضطراب، وإنما لا بد له من خطة منهجية مدروسة تراعي الأولويات، وتقدر الإمكانات المتاحة، ومدى ملاءمتها للناس، ومدى احتياجهم إليها، والزمن الذي يمكن تحقيقها فيه، والظروف التي قد تطرأ فتغير من العمل أو تبطئ من سيره إلى غير ذلك، مما لا بد فيه من دراسة تخطيطية منهجية للمستقبل.
*المطوع: العمل الخيري الكويتي قديم ومتأصل في نفوس أهل الكويت كما أسلفت، وقد أصبح سجية لأهل الكويت، يحرصون عليها ويزيدون فيها، والكل يعلم مدى التطور والازدهار الذي وصل إليه العمل الخيري الكويتي خلال الخمسين عامًا الأخيرة مثلًا، ونحن نرى أن الخط التصاعدي الذي سار فيه هذا العمل سيستمر -إن شاء الله- ويحقق مزيدًا من التقدم والازدهار والتطور، وأتوقع أن تكون الفترة المقبلة فترة الانتقال لمرحلة العمل المؤسسي العالمي؛ ليصبح العمل الخيري الكويتي والإسلامي بشكل عام منافس قوي للعمل التنصيري الدولي الذي غزا جميع دولنا الإسلامية، أما بخصوص خطط العمل، فلا شك أن التطور الذي تحقق لم يكن ليتحقق لولا توفيق الله أولًا، ثم الإخلاص في العمل وفق الخطط والخطوات التي درسها ووضعها من قاموا على هذا العمل، ولدى القائمين على العمل الخيري الكويتي الآن خطط واضحة هدفها نمو وازدهار العمل الخيري، يحرصون على تنفيذها إذا ما وجدوا التأييد والمساندة وخصوصًا من قبل المؤسسات الحكومية.
* د الماص: عمل الخير في الكويت عمل راسخ الجذور، عرف به أهل الكويت منذ القديم وجبلوا عليه، وتنافسوا فيه تنافسًا خاليًا من الرياء والمباهاة، لا يرجون من ورائه إلا مرضاة الله عز وجل، وهو -لله الحمد- يتطور وتتعدد أشكاله وأساليبه -بفضل الله- دومًا نحو الأحسن.
وإذا كانت بعض اللجان الخيرية قد قامت وبدأت نشاطها بدون برمجة، وبدون خطة مستقبلية، فإن غالبية هذه اللجان اليوم تسير وفق برامج مسبقة، بدليل أن بعض اللجان بدأت تنتقل بعملها إلى آفاق واسعة، متجاوزة الشكل القديم المتمثل في بذل وتقديم المساعدات الآنية العاجلة، وعلى سبيل المثال لجنة مسلمي آسيا عقدت مؤخرًا ندوة عالمية حول الحوار والتفاهم بين الأديان في موسكو، كما أن لجنة العالم الإسلامي أنشأت المؤسسة العالمية للتنمية، في الحقيقة مثل هذه الأمور لم تكن موجودة سابقًا، وتدل دلالة واضحة على منهجية في العمل الخيري الشعبي المعاصر.
المجتمع: هل ترون أن الترتيبات التي أحدثت أخيرًا هي لتحجيم أم تنظيم العمل الخيري في الكويت؛ حيث يعتبر البعض بأن إخراج لجان الزكاة من المساجد والكرفانات من الأسواق سبب خسارة كبيرة لتلك اللجان تقدر بـ (%70) من المردود المالي لها؟
جاسم مهلهل: الخير في الإسلام لا يتجزأ، وقد يعين بعض الخير على بعض، وكلما تيسرت سبل الخير أمام الناس كلما ساعدهم ذلك على المساهمة والمشاركة فيه، والناس الذين يأتون إلى المسجد حين يجدون لجان الزكاة في مسجدهم، أو حتى بالقرب منه إنما يساعدهم ذلك على الإنفاق في سبيل الله، فيجمع المسلم بذلك بين ثواب الصلاة وثواب الصدقة دون أن يتكلف مشقة في الذهاب إلى لجنة زكاة بعيدة عن المسجد، مما قد يؤجل معه الصدقة أو يؤخرها إلى أن يذهب إلى مقر اللجنة البعيد عن مكان الصلاة، وقد يتكاسل عن الذهاب اليوم أو غدًا أو في هذا الأسبوع أو في هذا الشهر، وهذا بغير شك يؤثر في دعم العمل الخيري، وفي قوته، ولكنه لا يمنعه؛ لأن الخير طبيعة في نفوس المؤمنين إن اختفى حينًا ظهر في معظم الأحيان.
المطوع: قبل أن أجيب أقول نحن مع تنظيم العمل بشكل عام، وما ثم اتخاذه من إجراءات أعلن من تبناها من المسؤولين أنها لتنظيم العمل، إلا أن بعضها ليس له تفسير سوى أنه تحجيم للعمل الخيري الشعبي، ومحاولة لإيجاد واستبدال واجهات العمل الخيري الشعبي بواجهات رسمية، كذلك فإن بعض هذه الإجراءات خلت من المصارحة والوضوح، ومثال على ذلك إخراج لجان الزكاة من المساجد، حيث وعدت وزارة الأوقاف أنها بصدد بناء مجمعات خيرية بجوار المساجد حال خروج اللجان منها، وهذا ما كان؛ حيث تم التركيز على عملية إخراج اللجان وخرجت فعلًا؛ حيث انتقلت إلى أماكن مخفية داخل شقق مطلقة، وأبعدت عن روادها من أهل الخير وخصوصًا المصلين في المساجد، أما موضوع بناء المجمعات الخيرية التي قيل إنها ستقدم خدمات خيرية متكاملة، فقد تم تجاهله ولم يتم تنفيذ أي شيء في شأنه، وأعتقد أنه لن يتم تنفيذ شيء ليس ذلك فقط، فقد فوجئنا بأن بيت الزكاة يقوم ببناء مقرات فرعية صغيرة له في الجمعيات التعاونية، فأصبح الأمر بذلك واضحًا ولا يحتاج إلى تفسير.
أما بخصوص الخسارة في المردود فأعتقد أن نسبة (٧٠%) نسبة مبالغ فيها كثيرًا، فقد تأثرت إيرادات الجمعيات واللجان، ولكن ليس بالنسبة المذكورة؛ حيث إن منافذ جمع التبرعات التي تم إيقافها كالكرفانات وغيرها في منافذ ثانويةـ وليست رئيسية، كذلك فقد لاحظنا أن أهل الخير والمتبرعين توجهوا في المقابل إلى المقرات الرئيسية لهذه اللجان والجمعيات، وأستطيع أن أعلل هذا الأمر بالثقة الكبيرة التي يوليها الشعب الكويتي الخير للجان والجمعيات التي تعود الناس معها منذ سنوات طويلة.
د.الماص: بصراحة الإنسان يسر عندما تتخذ أية خطوة تنظيمية للعمل الخيري؛ لأن مردودها -بلا شك- سيكون إيجابيًا، ولا أعتقد أن أية خطوة تنظيمية ستؤثر على المردود المالي للجمعيات والهيئات الخيرية؛ لأنه من المفروض على هذه الهيئات أن تتحرك وتبتكر وسائل جديدة تتناسب مع الخطوات التنظيمية، لكن حين تحافظ المؤسسات الخيرية على وسائلها القديمة في الكرفانات ولجان المساجد، فإن المردود المالي سيتأثر سلبيًا، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإننا نأمل من الجهات المنظمة أن تخلص النوايا؛ فكل عمل لا يبتغى منه وجه الله سيكون مصيره الفشل والخسارة.
د. السميط: لجنة مسلمي إفريقيا ومعها معظم مؤسسات الخير في هذا البلد مستعدة في أن تضع يدها في يد أي كان يسعى لتنظيم العمل الخيري فهذا مكسب العمل الخيري، ولكن لا أعلم ما الذي يحدث الآن على ساحة العمل الخيري، هل هو تنظيم أم تحجيم للمؤسسات الخيرية؟ فإن كان تنظيمًا فإننا ندعو الله -سبحانه وتعالى- أن يوفق القائمين عليه، وأن يبارك في جهودهم، وإن كان غير ذلك فإننا نسأل الله أن يأخذ على أيديهم ويهديهم لما فيه خير الدنيا والآخرة.
ما هي أهم التحديات التي تواجه العمل الخيري في الكويت؟
المطوع: العمل الخيري -بفضل الله- قد تطور كثيرًا، وأصبح معروفًا على الساحة العالمية، وهذا أول تحد له؛ حيث إنه يقف الآن في مواجهة منظمات تنصيرية عالمية تعمل على الساحة منذ عشرات بل ربما مئات السنين، وذات ميزانيات وإمكانات ضخمة، لا تمثل أمامها شيئًا في عرف الأرقام، وهذا يجرنا إلى تحد آخر وهو التواصل والتنسيق فيما بين كل اللجان الخيرية الكويتية بشكل عام، ووضع خطط عمل ذات إطارين محلي وعالمي، تتماشى مع التغيرات التي تعصف بهذا العالم من وقت لآخر، كذلك فإن التحديات المهمة التي نواجهها الآن هي تلك الهجمة الشرسة الظالمة التي يواجهها العمل الخيري بشكل عام في محاولة لتشويه صورته، ووصفه ببعض الصفات البشعة كربطه بالإرهاب والتطرف والسياسة وغير ذلك، وهذا أمر على الرغم من فشله حتى الآن، وفشل جميع حملاته على العمل الخيري الإسلامي، إلا أنني لربما أقلق من استمراره وتزايده يومًا بعد يوم.
د السميط: بالدرجة الأولى نريد استقرارًا في علاقتنا مع الجهات الحكومية المسئولة عن العمل الخيري، ونريد علاقة واضحة مع هذه المؤسسات ومع الشخصيات التي تتخذ القرار في الكويت، ونريد تفهمًا أكثر مما هو عليه الآن لواقع العمل الخيري، وليس عندنا ما نخفيه؛ فكل من يريد أن يطلع على ما نقوم به في الميدان أو في مكاتبنا الرئيسية نرحب أجمل ترحيب، ولن نخفي عنه شيئًا أبدًا، فكما قلت عملنا في وضح النهار نفخر به، وأعتقد أن أهم التحديات التي نواجهها هي الضغوط السياسية لبعض الجهات من خارج الكويت لتقليص العمل الخيري هنا.
د. الماص: العمل الخيري الكويتي راسخ الجذور رغم كل التحديات التي واجهته وتواجهه، يكفيه فخرًا أنه استمر يؤدي مهمته حتى في أحلك الظروف أيام الاحتلال العراقي الغاشم، واليوم بالفعل هو يواجه تحديات أفرزتها الأوضاع الاقتصادية والسياسية الجديدة في العالم في ظل النظام العالمي الجديد وسياسة الانفتاح، ومن خلالها تحاول بعض الأطراف المشبوهة توجيه بعض الاتهامات لهذا العمل الخيري، لكن الوقائع والأحداث أثبتت بطلان مثل هذه الادعاءات، وصدق الله العظيم ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ (الرعد: 17).
جاسم مهلهل: أهم التحديات في رأيي هو حجم المشكلات التي تواجه المسلمين، وتتزايد كل يوم وتتسع، بحيث تحتاج إلى ميزانيات دوله لتغطيها أو تغطي بعضها، فما بالك بالعمل الخيري الشعبي الذي يقوم على التطوع في الجهود أو التبرعات؟ فمشكلة البوسنة مثلًا، أو كشمير، أو الشيشان، أو الصومال، أو غيرها من المشاكل كم تحتاج لتخفيف الأمها؟ وكم يغطي العمل الخيري الشعبي من هذه الاحتياجات؟ إن مشاكل المسلمين عديدة، والتخفيف من آثارها بقدر المستطاع هو التحدي الحقيقي الذي يواجه العمل الخيري في كل مكان.