; العناصر العميلة- والقضية الفلسطينية | مجلة المجتمع

العنوان العناصر العميلة- والقضية الفلسطينية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 12-أكتوبر-1982

مشاهدات 13

نشر في العدد 590

نشر في الصفحة 32

الثلاثاء 12-أكتوبر-1982

  • دائرة الاستقطاب أعدت لهزيمة المقاتلين سياسيًّا.
  • إسرائيل تعيش على تاريخها من المذابح.
  • أبو نضال منشق وضع نفسه في خدمة المخابرات الإسرائيلية.
  • ضحايا أبو نضال من العرب زهرة شباب الأمة.
  • أبو نضال بين بغداد ودمشق.

بعد أن وضحت المواقف أمام كل الفرقاء العاملين في حقل القضية الفلسطينية وتبين لهم أن الاتحاد السوفييتي لا يعدو كونه طرفًا في المؤامرة بل والمحرض عليها، وهو الذي قام بدور الشيطان الأخرس أمام المجازر والمذابح التي جرت لأبناء الشعب الفلسطيني في لبنان- أمام كل هذا أصبح لزامًا على الفصائل أن تجمع صفوقها بعد أن انفض عنهم القريب والبعيد وأن يتجاوزوا فكرة الاعتماد على الشرق وجبهة الصمود والتصدي أو الاحتماء في الغرب وجبهة الاعتدال لأن هذا الاتجاه أثبت أنه لم يغنِ عنهم فتيلًا ولن يغني عنهم شيئًا في المستقبل بل ربما يعيدهم إلى دائرة الاستقطاب التي أعدت لتكون إطار الهزيمة السياسية للمقاتلين الفلسطينيين دور القيادة الفلسطينية في المرحلة الحالية هو رد الفصائل الشاردة إلى حصن الثورة وردع الفصائل العميلة التي تتلمظ في الظروف الحالية لإجهاض المكاسب السياسية التي حققتها الثورة الفلسطينية.

فصيلة أبو نضال تستعد حاليًا للعمل فهذا أوان الحصاد بالنسبة لها. تلك المجموعة أصبحت مثار شكوك واضحة لدى كل المراقبين بأنها تعمل من داخل الصف الصالح إسرائيل وكما صرح الدكتور عصام السرطاوي في باريس «أن» أبو نضال «منشق وضع نفسه في خدمة المخابرات الإسرائيلية» ويعتبر في نظر الكثيرين وراء عمليات اغتيال المعتدلين من القادة الفلسطينيين ونظرة فاحصة على عملياته التي قام بها تظهر أنها تخدم المصالح الإسرائيلية ففي عام 1978م كانت هناك مؤشرات متزايدة على عدم رضا الرأي العالمي على سياسة مناحيم بيجن ولهذا عمل بيجن مع أبو نضال على قلب هذا الشعور المعادي لسياسته العدوانية في المنطقة وعليه جاء حادث الهجوم الذي قتل فيه أطفال حركة يهودية مناهضة السياسة بيجن بالإضافة إلى أن الهجمات التي حدثت في النمسا عام 1981م كان هدفها تدمير العلاقات بين منظمة التحرير والمستشار كرايسكي الذي أعلن في نفس الوقت مسئولية أبو نضال عنها وبرأ ساحة المنظمة ومن جانب آخر كانت إسرائيل تتهم المنظمة فقط وتبرأ أبو نضال.

وجاء حادثان أخيران ليؤكدا حقيقة التعاون القائم بين أبو نضال والمخابرات الصهيونية فمحاولة اغتيال الدبلوماسي الإسرائيلي أرجوف كان من عمل إسرائيل وأبو نضال لأن أرجوف كان عضوًا في حركة مناهضة لتحالف ليكود الذي يرأسه بيجن وزعماء الصهيونية لا يتورعون حتى عن ذبح اليهود إذا كان هذا يحقق أهدافهم فهم أقدر من يستفيد من المذابح بل أن دولتهم ما زالت ترزق من هذا التراث الدموي وهكذا أراد بيجن أن يتخلص من معارضيه وفي نفس الوقت يتخذهم ذريعة لتحقيق مكاسب شتى، كانت محاولة اغتيال أرجوف الذريعة التي اكتسحت بها القوات الإسرائيلية أرض لبنان... وأثناء التحقيق في الحادثة هذه كانت الأصابع تشير إلى أبو نضال مرة أخرى.

والحادث الثاني كان الهجوم على مطعم يهودي في قلب باريس ضد مجموعات يهودية مناهضة لسياسة بيجن الصهيونية وأراد بيجن من وراء هذا تغيير مشاعر اليهود الفرنسيين المناهضين لسياسته إلى مشاعر مؤيدة له وليتخذ من الحادث حجة لرفض المبادرة الفرنسية -وقتها- ورفض مشاركة القوات الفرنسية في لبنان وكانت الأصابع أيضًا تشير إلى أبو نضال في هذا الحادث يقول المراقبون لتلك الأحداث أن ما صاحب تلك العمليات الإرهابية من ضجة إعلامية وحملات صحفية في الغرب لحشد مشاعر اليهود والرأي العالمي لصالح بيجن كان دليلًا آخر على التورط الإسرائيلي واستخدام أبو نضال أداة فيها ويذكر أن العمليات التي قامت بها مجموعات يمنية متطرفة ضد مراكز اليهود في أوربا في العام الماضي في فينا وسالزبورج وبرلين لم تحظ بتلك الضجة الإعلامية ولم يسمع بها إلا القليل.

«الضحايا العرب لأبو نضال»

إن «أبو نضال» المقيم الآن في دمشق بالقرب من مروِّضِيه ومن ضحاياه أيضًا قد يكون أداة جيدة وورقة رابحة لأعداء القضية الفلسطينية. 

هل ينكر أحد أن اغتيال ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية في عواصم العالم أمثال سعيد حمامي في لندن، وعلي ياسين في الكويت، وعز الدين قلق وعدنان حماد في باريس ونعيم خضر ممثل المنظمة في بروكسل وغيرهم من زهرة شباب المنظمة وأنشطهم، هل ينكر أحد أن قتلهم لم يكن إلا مؤامرة ضد الشعب الفلسطيني تعاون فيها أبو نضال مع المخابرات الإسرائيلية؟

وفي سلسلة الضحايا العرب الذين سفك أبو نضال دماءهم راح زهرتا شباب الكويت في الحقل الدبلوماسي أمثال محمد نجيب الرفاعي في إسبانيا ومصطفى المرزوق في الهند وليعكسا عمق المخطط الإجرامي وشراسته وكما صرح الأستاذ/ عبد العزيز حسين وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الكويتي بأن الأيدي التي اغتالت المرزوق في الهند هي التي قامت باغتيال الرفاعي في إسبانيا وجدير بالذكر أن الأنباء التي وصلت من إسبانيا أفادت بتورط أبو نضال في هذا الحادث علام كل هذه الدماء؟ ولمصلحة من تصفية شباب العرب وملاحقتهم في كل مكان؟ ألا يكفي ما ينزف من دماء العرب؟ أن هذه الأرواح التي لقيت ربها راضية -إن شاء الله- لا يحمل إثمها سوى طرفين، هما المخابرات الإسرائيلية ومجموعة «أبو نضال».

وما يهمنا بعد سرد هذه الوقائع التي أوضحت الدوافع والأهداف ألَّا يخرج في هذه الحرجة أي «أبو نضال» جديد ينكا جروح المقاتلين ويهز كفاحهم البطولي الذي أذهل العالم- ودور إسرائيل في هذه المرحلة هو محو هذا الإعجاب ورده إلى صورته الأولى صورة الإرهابيين التي أجادت إسرائيل تقديمها إلى العالم باسم العناصر العميلة ويتبقى بعد كل هذا تساؤلات...

لماذا يتخذ أبو نضال من بغداد ودمشق قواعد له ويتنقل بين البلدين المتخاصمين بحرية ويسر؟ هل نجح أبو نضال في تقريب وجهات النظر بين قطرين لم يفلح قمة فاس في التقريب بينهما؟ وهل أصبح أبو نضال نقطة الاتفاق الوحيدة بين الأنظمة المتصارعة؟ ولماذا؟ ما الذي دفع الرئيس صدام حسين بأن يصرح «بأن العراق بلد عربي مفتوح أمام كل العرب لأبو نضال وغيره» غير أنا نقول إن الذي يسفك دماء العرب لا يمكن أن يكون عربيًا ومن يتآمر مع أعداء العرب حرام عليه بلاد العرب، أم للعروبة مفاهيم أخرى؟

الرابط المختصر :