العنوان العيد في وجدان الشاعر الإسلامي محمد ضياء الدين الصابوني
الكاتب محمد شلال الحناحنة
تاريخ النشر السبت 30-نوفمبر-2002
مشاهدات 10
نشر في العدد 1529
نشر في الصفحة 57
السبت 30-نوفمبر-2002
كيف يحيا العيد في نفوسنا؟ وهل نعيش بهجته وأفراحه في ظلّ حراب الأعداء وإذلالهم للأمة الإسلامية؟ كيف نحياه في عالم يتكالب على هذه الأمة كما تتكالب الأكلة على قصعتها، ونحن غثاء كغثاء السيل كما جاء في حديث المصطفى ﷺ؟ ترى أين يمضي الشعر الإسلامي هذه الأيام في تصوير المشاعر الجيّاشة في العيد؟ هذه الأسئلة وغيرها عصفت في ذاكرتي وأنا أقف مع قصيدة تندينا جميعًا بعنوان: «تحية العيد» للشاعر الإسلامي محمد ضياء الدين الصابوني، وهي تعبّر بجلاء عن مواجع قاسية تدمي العواطف الملتهبة، فيشدو حزينًا لذكريات تهيج في نفس كُلّ مسلم غيور:
«العيد وافي وقلب الحرب يلتهبُ *** لا بهجة العيد تسليه ولا الطربُ
ذکری «فلسطين» قد أدمتْ عواطفه *** فالطفل يذبحُ والعذراء تنتحبُ
مَنْ للشيوخ والأطفال ينقذهم *** مما اعتراهم ونار الحرب تلتهبُ
من للثكالى وللأيتام يرحمهم *** ويمسح العار عن «قدسي» ويضطرب».
في هذا المطلع «العيد وافي..» قدرة شعرية فائقة لملامسة نبض الأسى والجراح معنى وإيقاعًا. كما أنّ بداية الشاعر بلفظ «العيد» لها دلالات زاخرة حميمة في وجداننا، لكنه العيد الذي يشعل الجراح، ويلهب الأحاسيس لدى الأحرار أمثال شاعرنا محمد ضياء الدين الصابوني، فلا تسليه الأيام ولا الطرب، وقد أجاد الشاعر بإضافة الذكرى إلى «فلسطين» في البيت الثاني لنطلّ معه على نافذة دامية وأشجان مريرة من المذابح التي تُرتكب ضد المسلمين في أرض الإسراء، فالأطفال والنساء والشيوخ يُشردون ويُذبّحون دون أن يتحرك إخوتهم في العقيدة لإنقاذهم، ويتساءل الشاعر في ظل هذا العيد بكل مرارة: «من للشيوخ من للثكالى واليتامى..؟» ولكن لا يبدو أن أحدًا يجيبه!! ثم يمضي في وصف أعداء الله من البغاة المجرمين من يهود وأعوانهم فيقول:
«أبناء «صهيون» لن تلقى لهم شبهًا *** إلا الكلاب إذا ما هاجها الكَلَب
هذي قوى البغي قد راحت تؤيدهم *** تشد أزرهم والحقد يلتهبُ
ويمكرون ويأبى الله مكرهم *** والمكرُ شيعتهم والغدرُ والكذبُ
فلا احتجاج ولا شكوى بنافعة *** وليس يجديك إلا العزمُ والقضبُ
یا مجلس «الأمن» أنت الظلُم مصدرهُ *** وأنت أصلُ بلاء الشعب والحرَبُ
الله أكبرُ أرضُ «القدس» تندبُنا *** الله أكبرُ مَنْ للقدس ينتدبُ؟
إن الجهاد على الأيام شرعتنا *** بابُ الجَنان فلا شكّ ولا ريبُ».
ويظهر بجلاء هنا استضاءة الشاعر بقبس القرآن الكريم شكلًا ومضمونًا مثل: «ويمكرون ويأبي الله مكرهم» وغير ذلك، كما نجد اتكاءه على الجملة التراثية فنقرأ «فلا شكُ ولا ريبُ، العزم والقضب..» وهو يبصر الحل الأمثل مستنيرًا بهدي الإسلام وشرعه القويم من خلال ذروة سنام الإسلام وهو رفع راية الجهاد، ثم نراه في هذه الأيام المباركة يحيي المجاهدين من أبناء فلسطين أطفالاً وفرسانًا وأسودًا وقد -حرسهم الله- فينشدهم:
«طفل الحجارة -والرحمن يحرسه- *** قد ذاق من بأسه الأعداء فانقلبوا
هم الكماة فما هانوا ولا وهنوا *** هم الأسود إذا ما هاجها الغضبُ
نصرٌ من الله والآيات ظاهرة *** وليس في نصره للأتقيا عجب
ولكن قلب شاعرنا الصابوني -في الوقت نفسه- يذوب حزنًا وكمدًا لمواقف بعض الفلسطينيين والعرب الذين أمنوا اليهود وعقدوا الصلح معهم، وهم يعيثون فسادًا وقتًلا وتدميرًا في كل يوم في الأرض المحتلة:
«لا تأمنوا «لليهود» في مفاوضة *** هم اللئام وقد عاثوا وقد سلبوا
فأين من يلمسُ الجرح العميق ومَنْ *** يهتزّ للخطب أين السادةُ النجبُ؟
أين الأخوّة أين الدينُ هل قعدتْ *** همّاتنا واحتوانا الذلُ والرهبُ؟
لمِثل هذا يذوبُ القلب من كمد *** لمثل هذا يكاد القلبُ ينشعبُ
إني لأذكرهم والحزن يغمرني *** فالدمع منسكبُ والقلبُ مُلتهبُ»
وأخيرًا لا يجد الشاعر الإسلامي محمد ضياء الدين الصابوني في هذا العيد إلا اللجوء إلى الله والتضرّع إليه بالنصر والتمكين للفئة الصابرة المجاهدة في الأرض المباركة، وقد كرر «الله أكبر والقدس» مرات عديدة لما في ذلك من منزلة ربانية مضيئة سامية في نفوس المسلمين، وذلك لاستنهاض الهمم لهذه الأمة.
«الله أكبرُ أرضُ «القدس» تندبنا *** الله اكبر مَنْ القدس يا عَرَبُ؟!
ربّاه فانصرهم وأخذلْ عدوهم *** فالله أكرم من يُرجى ويُحتسبُ
صلّى الإلهُ على الهادي وعترته *** مادامَ قلبُ مَحَبْ خائفاً يجبُ».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل