; الغيرة عند الأطفال | مجلة المجتمع

العنوان الغيرة عند الأطفال

الكاتب عبدالمطلب السح

تاريخ النشر الثلاثاء 01-يوليو-1997

مشاهدات 18

نشر في العدد 1256

نشر في الصفحة 61

الثلاثاء 01-يوليو-1997

مشاعر عديدة منحنا إياها الخالق سبحانه، ومنها الغيرة والغيرة موجودة عند كل الناس، والطفل لا يختلف عنهم بامتلاكها، ولكن له طريقته في التعبير عنها.. فما هي الغيرة؟

في سعي الإنسان نحو الأفضل والأكمل والأحسن هناك شعور بحب تملك الأشياء التي منها المادي ومنها المعنوي والغيرة هي تعبير عن ذلك تدفع الإنسان لأن يكون الأفضل، ولديه الأحسن، وكأنها حافز للإنسان وإن الطفل يحب أن يكون ما حوله له، فأمه له، وإن رأها تحمل طفلًا آخر نراه يبكي ويضطرب ويقاوم كي يبقى حضنها له وحده، وخصوصًا إذا كان الطفل من نفس عمره، والألعاب له وليست لسواه، والدلال يطلبه لنفسه، والأطعمة اللذيذة في منظوره له، وإن أعطي أخ له أكثر منه فالأمر جلل، وإن تم تفضيل أخ عليه فالطامة أكبر ولو من وجهة نظره فقط.

الغيرة قد تزداد أو تنقص بشكل غير سوي: إن حب التملك قد يزداد عند الطفل الدرجة غير مرغوبة بسبب الدلال الزائد، وبالتالي يتحول إلى رغبة بتملك حاجات الغير، وهنا يصبح طمعًا، وإن زاد أكثر لا سمح الله قد يتحول إلى سرقة ومن أسبابها الشائعة الحرمان، وكذلك قد تصبح الغيرة مرضًا بحيث يتصور الطفل أشياء لا حقيقة لها كأن يفكر بأن أهله لا يحبونه، أو يتصور خطأ أن أخاه قد نال أكثر منه، وقد يحاول الأهل إرضاءه على حساب أخيه، وهذا ليس بالصواب، ويجب تناول الأمر بالحكمة والروية، أما إن قلت الغيرة فقد يدل ذلك على لا مبالاة الطفل أو علي أضطراب في مزاجه ونفسيته أو على شعور الإحباط واليأس لديه.

الغيرة السوية من فطرة الإنسان: إن وجود درجات معتدلة من الغيرة أمر طبيعي ومحبب، كونها تبرز شخصية الطفل وتساعد على التنافس وتمنح الطفل حيوية مطلوبة، إن غيرة الطفل من زملائه في المدرسة تدعوه لأن يكون من الفائقين بإذن الله، إن شعور الغيرة من الفطرة التي جبلنا الله عليها.

الغيرة ومولد طفل جديد: إن الطفل الذي استحوذ دلال أهله وبعد مدة وجيزة سيفد إلى البيت أخ جديد، حيث إن الأم حامل، إن هذا الأمر قد يتحول لمشكلة، فالذي تربى على أن والديه له دون سواه، والذي عرف كيف يأخذ كل وقت ذويه عليه الآن أن يتخلى عن الكثير من ذلك للقادم الجديد الذي يحتاج للعناية والرعاية، ولذلك تطرأ ارتكاسات تراجعية على الطفل فنراه يتصرف تصرفات أصغر من سنه محاولًا تقليد أخيه الصغير وكذلك يصبح عصبي المزاج، وقد يقوم بأعمال تؤذي أخاه حقًا، وقد يحاول منع أخيه من البقاء في حضن والدته، كما أنه قد يحاول أخذ حاجياته والعابه وأغذيته، وقد يوجد بعض الشعور العدائي لدى الطفل يتعزز بمرور الأعوام، لاسيما إذا لم يحسن الأهل التدبير.

إن تفهم الأهل ووعيهم لكفيل بحل القضية، فعلى الأبوين شرح التبدلات التي ستطرأ على العائلة مستقبلًا، ويجب إخبار الطفل أثناء الحمل أن هناك مولودًا قادمًا ومن الممكن إحضار بعض الدمى حتى يراها الطفل بحضن أمه ليتأقلم على التنازل بالتدريج عن بعض مما يشعر أنه له ويتعود على الظرف الجديد الذي سيحصل في البيت.

التصرف الحكيم هو الدواء: إن عدل الأبوين بين الأبناء ضرورة وإلا انفجرت مشاعر الغيرة، إن الغيرة موجودة عند كل البشر ولو بدرجات مختلفة وألوان متغايرة، والمطلوب هو الحفاظ على غيرة سوية عند أطفالنا، إن من الأمور التي يجب عدم إغفالها رحابة صدر الأهل وحسن تدبيرهم والتفكير من وجهة نظر الابن وليس من وجهة نظرنا، دعونا ولو للحظات نفكر كيف سيشعر طفلنا لو جلبنا لأخيه لعبة ولم نجلب له مثلها. أو حصل أحدهم على هدية دون الآخر، شعور صعب وبالنسبة للطفل هذه القضية كبيرة جدًا، وتعني له الكثير وذاكرته تسجلها، علينا ألا ندع ذاكرة هذا الطفل البيضاء البريئة تكدس أمثال هذه القضايا، بل علينا أن نجعلها ذاكرة مليئة بكل ما هو نافع وجميل، إن اتباع أسلوب المكافأة والتقدير يعتبر رائعًا عند الأطفال، حيث إننا من وقت لآخر نقدم الجائزة لمن يستحقها لقيامه بعمل ما أو نجاحه باختبار ما أو إن حصل على علامات جيدة في المدرسة، وهنا نخلق جواً من الفرح والتنافس البريء بين الإخوة ونجعلهم يتجنبون الأمور التي قد تحرمهم الهدية.

إن الوازع الديني الذي يجب أن يتربى عليه أبناؤنا صغارًا وكبارًا فيه الضمان للحفاظ على الغيرة بمجالها السوي دون أن تتعداه، فديننا الحنيف.. دين الرحمة والمودة والعدل، وبنفس الوقت دين الواقع في تعاليمه السمحة ما يكفي أن نجعل الغيرة عند أطفالنا تعبر عن نفسها بأحلى أسلوب وتعطي النتائج الإيجابية، وكذلك إبعادهم عن مزالق انحراف هذا الإحساس بمشيئة الله..

(*) أخصائي الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى الحمادي الرياض.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

أطفالنا من هم وإلى أين؟

نشر في العدد 2

122

الثلاثاء 24-مارس-1970

كيف أعود ولدي الصلاة؟!

نشر في العدد 2

53

الثلاثاء 24-مارس-1970