العنوان الفدائيون… بين عداوة اليهود وظلم ذوي القربى
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 27-يوليو-1971
مشاهدات 19
نشر في العدد 70
نشر في الصفحة 3
الثلاثاء 27-يوليو-1971
الفدائيون… بين عداوة اليهود... وظلم ذوي القربى؟!
لا نحسب أن شعبًا بأسره استبيح حقه في الحياة، وتواطأ العالم على طمس قضيته مثل شعب فلسطين، لقد كان هذا الشعب -ككل شعوب الأرض- يعيش في وطنه جيلا بعد جيل إلى قبيل منتصف هذا القرن.
وباستهتار عجيب -لا ندخل في تفاصيله التاريخية الآن- قدم الإنجليز وطن الفلسطينيين منحة لليهود، ومضت الأيام إلى أن سطا اليهود على فلسطين -في مهزلة- لا تحتملها الأعصاب واحتلوها، وسارعت الدول الكبرى لمباركة الكيان الباطل، والتقى المعسكران المتناقضان الرأسمالي والشيوعي على إهدار حقوق الفلسطينيين، والانحياز الكامل لإسرائيل.
وأن يغتصب الحق فهذه وحدها كافية لإشعال ثورات واسعة النطاق، لا تنتهي إلا بعودة الحق إلى أهله، فإذا أضيف لاغتصاب الحق تواطؤ ظاهر من قبل القوى العالمية على دفن القضية الفلسطينية إلى الأبد، فإن عوامل الثورة وأسبابها تتعمق وتزداد.
إن الأيام تمر ومواطنو البلاد الأخرى باقون في أوطانهم، وإذا سافروا منها فإنهم يعودون إليها متى شاءوا.
إلا أبناء فلسطين فإنهم قد أخرجوا من ديارهم وأموالهم وقد طال الزمن، وامتدت الأيام وهم بعد مخرجون.
وتمر الأيام والعبث السياسي بقضيتهم يتزايد، والمؤامرة على حقهم الواضح تتكشف يوما بعد يوم.
إنه موقف يولد الثورات، ويدفع إلى الانقضاض على المغتصبين.
ليس هناك تشريع سماوي، ولا قانون أرضي عادل يمنع أبناء فلسطين من حمل السلاح لأخذ حقوقهم المستباحة، ولقد حملوا السلاح فعلا وقاتلوا اليهود، ومنذ أن اشتد ساعد الفدائيين في السنوات الأخيرة وهم يتعرضون لمحن قاسية تزيد الثورة حدة ومرارة.
ماذا يريد الذين يضربون العمل الفدائي؟
· هل يريدون استقرارا أكثر لإسرائيل؟! ذلك أن العمل الفدائي بإمكانياته المتواضعة يستطيع أن يسبب توترا مستمرا للعدو، وهذا التوتر يعتبر نيلا من العدو إرباكا لحياته، وكف الفدائيين عن العمل لا يعني إلا توفير الهدوء الشامل للعدو، فهل هذا هو الهدف؟!
· هل يريدون إخضاع العمل الفدائي للسيطرة الرسمية؟! إن العمل الفدائي إذا أخضع للسيطرة الرسمية يفقد طبيعته الحقيقية، ويفقد جدواه إذ يتحول إلى كتائب عادية كالتي مر عليها ما يقرب من ربع قرن من الاحتلال اليهودي ولم تفعل شيئا!!
· هل يريدون أن ينسى أبناء فلسطين قضيتهم، وأن يقتنعوا بالتفريط في حقوقهم؟!
ولكن لماذا تطبق هذه القاعدة على الفدائيين وحدهم؟؟
إن الواضح أن الجميع يتشبثون بحقوقهم، بل لا يبالون بالتضحية بحقوق شعب فلسطين في سبيل تحقيق مصالح أوطانهم، فلماذا محاولات إقناع الفدائيين وحدهم بالزهد في حقوقهم؟
· هل يريدون إقناع الفدائيين بأن قضيتهم ستحل بواسطة يارنج، وبالمفاوضات الدولية؟!
إن الفدائيين أدركوا من تسلسل حوادث التاريخ ومن مناورات الواقع لا سبيل إلى استنقاذ حقوقهم وأرضهم إلا بالقتال المشروع، إن تجارب العصر تؤكد أن حقوقا في مثل حقوق شعب فلسطين من الوضوح والضخامة والتعقيد أيضا لا يمكن أن تؤخذ عن طريق المفاوضات الناعمة.
لو استمر الفيتناميون الشماليون آلاف السنـين يطالبون أمريكا -عن طريق المفاوضات الناعمة- بأن تكف عن غزوهم لما أصغت لكلمة واحدة منهم.
ولو أن العدو اليهودي ذاته زهد في حمل السلاح وهو يغتصب حق أبناء فلسطين، وآثر الدبلوماسية وحدها لما قام كيانه الباطل أبدا، فبأي منطق.. بأي ضمير.. بأي وعي.. بأي حق تحاولون إقناع الفدائيين -بالمعارك الدامية- بأن حقهم سيسترد بواسطة الدبلوماسية؟
· يقولون: كلا ليس بناء على شيء مما تقدم نحاول كف العمل الفدائي عن العمل، هناك سبب آخر هو أخطاء الفدائيين أنفسهم.
ونحن هنا لا ندافع عن الأخطاء ففي كل عمل -خاصة في هذا المجال- أخطاء ومثالب، لكن هل صحيح أن وجود الأخطاء هو السبب في هذه المحاولات الدائمة؟!
إن الإجراءات المتخذة ضد الفدائيين أكبر حجما آلاف المرات- من كميات الأخطاء وهذا ليس عدلا، كما أنه يرغم الإنسان على التفتيش عن أسباب أخرى.
إنه مهما كانت أخطاء الفدائيين فإنها أهون من خطأ القضاء عليهم، أهون من شل يدهم عن محاربة العدو المشترك، ثم لماذا يؤخذ كل الفدائيين بجرائم بعضهم؟؟
إننا نعلم أن في الجيوش أخطاء، فهل يؤخذ الجيش كله بجريرة أخطاء بعضه؟؟ لماذا تتحطم كل القيم والمعايير في معاملة الفدائيين بالذات؟
إن العمل الفدائي يجب أن يستمر، ويجب أن تتاح له الفرصة لمحاربة العدو الإسرائيلي.
إن منع المصلين عن الذهاب إلى المساجد حرام، ومنع الحجيج من الطواف حول الكعبة حرام، ومنع الرجال من مجاهدة العدو والنيل منه حرام، فالصلاة والحج فريضتان، وكذلك الجهاد في هذه الظروف فريضة.
لا تقتلوا الفدائيين، ولا تريقوا دماءهم، ودعوا هذه الدماء تراق أثناء القتال مع العدو المشترك، وإن الله سائلكم عن كل قطرة دم تسفك ظلما، وإن لم تكترثوا بنداءات الناس فتذكروا القوي القاهر الذي يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل