العنوان الفلسطينيون تحت قمع واضطهاد سلطة عرفات
الكاتب محمد إبراهيم
تاريخ النشر الثلاثاء 25-يونيو-1996
مشاهدات 739
نشر في العدد 1205
نشر في الصفحة 24

الثلاثاء 25-يونيو-1996
القدس المحتلة: محمد إبراهيم وراجح النوباني.
* رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي يقول بأن السلطة الفلسطينية ساعدت إسرائيل على إحباط ما لا يقل عن (٨٠) هجومًا انتحاريًا ضد أهداف إسرائيلية عام ١٩٩٥م.
* بلغ حجم المساعدات التي قدمتها الدول الغربية 2,8 بليون دولار خصصت جميعها للشرطة الفلسطينية التي تقوم بقمع الشعب الفلسطيني والحفاظ على أمن إسرائيل
* شارکت قوات السلطة في جميع عمليات الاغتيال التي تمت في المناطق الخاضعة لسلطتها ضد أعضاء الجهاز العسكري لحركتي حماس والجهاد الإسلامي
* 57 مسجدًا في قطاع غزة تمت مداهمتها والعبث بمحتوياتها وتخريب أثاثها في أقل من شهر من قبل أجهزة السلطة
* لقد حولت السلطة سجونها إلى مسالخ لتعذيب المعتقلين ومارست فيها أشد أنواع التعذيب وأبشعها إذلالًا لكرامة الإنسان وامتهانًا لجسده
* الفلسطينيون أصبحوا يخشون من حرب أهلية في ظل استمرار ممارسات سلطة الحكم الذاتي ضد أبناء الشعب الفلسطيني
* 13 جنرالًا يرأسون قوات الشرطة الفلسطينية بينما الجيش الأحمر في أوقات الذروة لم يرأسه أكثر من ۱۱ جنرالًا
عامان مضيا على دخول ياسر عرفات إلى قطاع غزة بموجب اتفاق أوسلو، وكانت هذه الفترة كافية لرسم الصورة الحقيقية لدور سلطة عرفات التي أرادها الإسرائيليون أن تأخذ دورهم في قهر الشعب الفلسطيني وإذلاله، وحماية اليهود جنودًا ومستوطنين، وربما هذا هو أهم هدف لاتفاقات أوسلو، فالشق الأمني من هذا الاتفاق هو الوحيد الذي يلاحق فيه الصهاينة عرفات لتنفيذه بحذافيره من خلال تشديد القبضة الأمنية لسلطته على المواطنين الفلسطينيين، وفي الوقت الذي لم يستطع فيه عرفات أن يخفف من معاناة الفلسطينيين، ويحسن من أوضاعهم وظروفهم المعيشية بعد أكثر من ربع قرن من الاحتلال.
بل لقد أسهمت عودته في زيادة الأحوال سوءًا، فمنذ مجيء سلطته ودخوله إلى غزة وجه كل الطاقات والموارد والمساعدات المالية لبناء الأجهزة الأمنية وتسليحها وتدريبها لقمع الشعب الفلسطيني، وملاحقة المقاومين، وإسكات الأصوات المعارضة، ذلك الهدف الذي عجز الصهاينة عن تحقيقه طوال سنوات الاحتلال.
لقد ركز عرفات جميع جهوده وبمساعدة الإسرائيليين ودعم الولايات المتحدة على بناء مجموعة كبيرة من الأجهزة الأمنية، فحتى يونيو حزیران 1995م بلغ عدد العاملين في سلك الأمن والشرطة نحو (۱۸) ألف شخص موزعين على ثمانية أجهزة هي: المخابرات العامة، الأمن الوقائي، الشرطة، جهاز أمن الرئاسة، الأمن الجنائي، المخابرات العسكرية، الدفاع المدني، وأجهزة أخرى يرأسها قادة ميدانيون، وتعود في صلاحيتها لرئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، ويعلق «نورمان فنكلستون» مراسل صحيفة «كريستين ساینس مونيتور» الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 1996/1/31م على أجهزة عرفات الأمنية وجنرالاته فيقول «۱۳ جنرالًا يرأسون قوات الشرطة الفلسطينية، بينما الجيش الأحمر السوفييتي في أوقات الذروة لم يرأسه أكثر من ١١جنرالًا»، وتؤكد المصادر على أن عدد أفراد الشرطة قد وصل الآن إلى أكثر من (٢٠) ألف عنصر، وتذهب بعض المصادر إلى أن العدد ربما جاوز الثلاثين ألفًا، بينما يبلغ جهاز الشرطة الإسرائيلية (١٧) ألف عنصر فقط.
أما حصيلة العامين الماضيين من عمل هذه الأجهزة فكانت مفزعة، فأعمال الاعتقال طالت المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، وعمليات التعذيب فاقت في وحشيتها الممارسات الإسرائيلية طوالي سنين الاحتلال، فيما بلغ عدد ضحايا هذه القوات الذين قتلوا غيلة أكثر من (٢٥) فلسطينيًا مما دفع بمنظمات دولية مهتمة بحقوق الإنسان إلى إدانة سلطة عرفات وممارساتها القمعية، ولعل المحلل السياسي الإسرائيلي «ميردون بينفنستي» لم يجاف الحقيقة عندما وصف أوسلو بأنها استمرار للاحتلال عبر التحكم عن بعد «الريموت کونترول»، وأن الحكم الذاتي لا يعدو عن كونه شكلًا آخر «ايارتيد» لجنوب إفريقيا الذي حول السود إلى سكان فاقدين للسلطة.
الأجهزة الأمنية للسلطة:
شكل رئيس سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني ياسر عرفات ثمانية أجهزة أمنية واستخبارية منذ دخوله إلى غزة في الأول من يوليو تموز عام ١٩٩٤م وحتى الآن، ويشرف على هذه الأجهزة «مجلس أعلى» مشكل من رؤساء هذه الأجهزة، وكان عرفات قد عين في وقت سابق السيد حكم بلعاوي -ممثل منظمة التحرير في تونس- مفوضًا عامًا لقوات المخابرات الفلسطينية، وأمينًا عامًا لمجلس الأمن الفلسطيني الأعلى، وبعد أن تم زيادة عدد أفراد الشرطة إلى حوالي (۲۰) ألف عنصر بعد أن كان لا يتجاوز (۱۲) ألف حسب الأرقام الواردة في هذا التقرير، فقد تم في الآونة الأخيرة استبدال هذا المجلس بهيئة أطلق عليها اسم هيئة الأمن، ومهمتها الإشراف على جميع الأجهزة الأمنية المتعددة في مناطق الحكم الذاتي والتنسيق فيما بينها، وذلك لإحكام قبضته وسيطرته على الأوضاع الأمنية في قطاع غزة وأريحا، ومنع أي أعمال ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية.
ومن المعروف أن تشكيل هذه الأجهزة جاء تنفيذًا لاتفاق «أوسلو»، حيث نصت المادة الثامنة منه على أنه «من أجل ضمان النظام العام والأمن الداخلي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ينشئ مجلس الحكم الذاتي قوة شرطية قوية». أما الدراسة التي نشرها معهد الدراسات الاستراتيجية في الكلية الحربية للجيش الأمريكي بعنوان «حماس وحزب الله التحدي الراديكالي الإسرائيلي في المناطق المحتلة»، من إعداد ستيفن بيلليتير، فقالت: «قررت حكومة رابين أن تعهد لعرفات ومنظمته القيام بدور الشرطي بالوكالة لقمع الانتفاضة وسحق حماس»، وجاء في رسالة الاعتراف التي وجهها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين بتاريخ 9 أغسطس «أيلول» ۱۹۹۳م ما نصه: «إن منظمة التحرير الفلسطينية تنبذ الإرهاب، وتتخلى عن أي عمل من أعمال العنف، وتتعهد بتدارك أي انتهاكات لهذه التعهدات، وباتخاذ إجراءات تأديبية ضد أي مخالف لها، وفي ضوء هذه المهمات والمعطيات تم تشكيل أجهزة الأمن الفلسطينية، والتي يبلغ عددها ثمانية أجهزة حتى الآن، عدا المجموعات الصغيرة ذات الأهداف الخاصة جدًا، وتتوزع هذه الأجهزة على النحو التالي:
أ- جهاز الأمن الوطني يعد هذا الجهاز من الناحية العملية دائرة الأمن العام، ويضم هذا الجهاز حوالي (۲۰۰۰) عنصر، ومن أبرز قيادييه:
- اللواء نصر يوسف: القائد العام لقوات الأمن والشرطة، واسمه الحقيقي «مصطفى البشتاوي»، ولد في إبريل «نيسان»، ١٩٤٣م، وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح.
- اللواء عبد الرزاق المجايدة: قائد قوات الأمن الوطني والشرطة في قطاع غزة، كان يتولى قيادة قوات منظمة التحرير في تونس.
- اللواء محمد يوسف العملة «أبو خالد»: مستشار الرئيس عرفات لشؤون الأمن الوطني في السلطة الفلسطينية، وكان عضوًا في المجلس الوطني والمجلس العسكري، وكان قائد الكفاح المسلح في لبنان
- العميد إسماعيل جبر: قائد الأمن الوطني في منطقة أريحا.
- العقيد زكريا بعلوشة: المسؤول عن أمن قوات الأمن الوطني.
- العقيد محمد عبد السلام: المسؤول عن الدوريات المشتركة مع الإسرائيليين.
- العقيد مازن عز الدين: المسؤول عن التوجيه السياسي لقوات الأمن الوطني وجيش التحرير، ونائب المسؤول العام عن التوجيه السياسي لقوات الأمن الفلسطينية.
ب- جهاز الشرطة المدنية يتفرع هذا الجهاز عن جهاز الأمن الوطني، ويضم هذا الجهاز حوالي (٢٥٠٠) عنصر، ومن أبرز قيادييه:
- اللواء عبد الله الفرا: مستشار عرفات لشؤون الشرطة.
- العقيد غازي الجبالي: من سكان الضفة الغربية، ومن لاجئي ١٩٤٨م، قائد الشرطة المدنية في قطاع غزة.
- العميد زياد سلمان: قائد الشرطة في شمال القطاع.
- العقيد إسماعيل الشافعي: قائد الشرطة في جنوب القطاع.
- العقيد محمد توفيق الطناني: قائد شرطة جباليا.
- العقيد محمد صيدم: نائب قائد شرطة لواء غزة.
- العقيد جميل أحمد: قائد شرطة أريحا.
- العقيد محمد سعيد عصفور: مساعد أول القائد الشرطة لمدنية، ومراقب دائرة تدريب الشرطيات
- العقيد فاطمة برناوي: قائدة الشرطة النسائية، انتقلت إلى الجزائر في أعقاب اجتياح لبنان، كانت مقربة من أجهزة الأمن الفلسطينية، وعينت قائدًا للجهاز النسوي، عضو في المجلس الثوري في حركة فتح وفي المجلس الوطني.
ج- جهاز الادعاء العسكري: ويرأس هذا الجهاز صائب القدوة، ويضم هذا الجهاز بضع عشرات من العناصر.
د- أجهز ة المخابرات:
(1) جهاز الأمن الوقائي: ويضم هذا الجهاز حوالي (۲۰۰۰) عنصر، ومن أبرز قيادييه:
- اللواء مصباح حنفي صقر: رئيس الأمن الوقائي في قطاع غزة والضفة الغربية، انضم لصفوف المنظمة عام ١٩٦٧م، ثم عاد إلى قطاع غزة، ولكنه اختفى عن الأنظار في عام ١٩٦٧م أيضًا، وسرت شائعات بأنه مات غرقًا في البحر الميت، ولكنه ظهر مع عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
- العقيد محمد دحلان: رئيس الأمن الوقائي في قطاع غزة، ونائب رئيس الأمن الوقائي، أبعد إلى مصر أيام الانتفاضة، وانضم لقيادة المنظمة، وكان مسؤولًا عن نشاطات صقور فتح إبان الانتفاضة، وهو من مجموعة أبو على شاهين داخل حركة فتح.
- العقيد جبريل الرجوب: رئيس الأمن الوقائي في أريحا والضفة الغربية، اعتقل عام ١٩٦٩م، وحكم عليه بالسجن المؤيد عام ۱۹۷۰م، وأصبح أثناء اعتقاله أحد القياديين البارزين في السجون، وأطلق سراحه عام ١٩٨٥م، وأبعد عام ۱۹۸۸م. عمل مستشارًا لعرفات في المناطق المحتلة.
(2) المخابرات العامة: ويضم هذا الجهاز حوالي (۱۰۰۰) عنصر، ومن أبرزه قيادييه:
- العميد أمين الهندي: قائد المخابرات غادر القطاع مع بداية الاحتلال، وأصبح مساعدًا لأبي إياد صلاح خلف، ثم تولى منصب رئيس المخابرات في المنظمة بعد استشهاد أبي إياد.
- العميد أحمد شنيور: نائب قائد المخابرات العامة
- العميد سليمان إبراهيم صالح عطا: رئيس المخابرات في أريحا.
- العقيد توفيق الطيراوي: المسؤول عن الضفة الغربية في المخابرات العامة، ومن المقربين من عرفات.
(3) الاستخبارات العسكرية: يقوم هذا الجهاز بمراقبة رجال الشرطة والأمن، ويرأسه العميد موسى عرفات، ويضم هذا الجهاز يضم عشرات من العناصر فقط.
(4) الأمن الرئاسي «القوة ۱۷»: تتألف هذه القوة من حوالي (1500) عنصر، وتتولى هذه القوة أمن مكاتب الرئيس والمحيطين به، ومن قياديي هذه القوة:
- العميد باسل أبو العبد: قائد الحرس الرئاسي، ويطلق عليه أبو الهول.
- العقيد فيصل محمود أبو شرخ: قائد الحرس الرئاسي في قطاع غزة.
- اللواء عادل صالح: قائد الحرس الرئاسي في الضفة الغربية.
- المقدم فايز عبد الرزاق جنيدي «أبو فؤاد»: قائد الحرس الرئاسي في أريحا.
(5) جهاز الدفاع المدني: ويضم هذا الجهاز حوالي (۲۰۰) شخص، ويتولى قيادته العميد محمود أبو مرزوق، ومنذ دخول السلطة إلى غزة، وحتى أواسط مايو «آيار» 1995م، عمل ملحقًا عسكريًا للمنظمة في ليبيا «إلا أنه عزل بسبب المؤتمر الصحفي الذي عقدته مديرية الدفاع المدني في أعقاب حادث التفجير في حي الشيخ رضوان، وعين مكانه العميد الركن عبد الحي محمد عبد الواحد».
دور هذه الأجهزة في توفير الأمن للسلطة ولإسرائيل:
لعبت هذه الأجهزة الأمنية دورًا كبيرًا في توفير الأمن للإسرائيليين، في حين لم تستطع الدفاع عن الفلسطينيين المتواجدين في المناطق الخاضعة لسلطة هذه الأجهزة، ففي الوقت الذي ساعدت هذه الأجهزة قوات الاحتلال الإسرائيلي في إلقاء القبض على عشرات المطلوبين لها، وقتلت العشرات... أيضًا، وزجت بالمئات في سجونها، ومارست شتى صنوف التعذيب ضد معارضيها، لم تستطع أن توفر أدنى درجة من الحماية الأمنية للفلسطينيين حيث استمرت المخابرات الإسرائيلية في تنفيذ عملياتها داخل المناطق الخاضعة لسيطرتها فقامت بعدة عمليات اغتيال منها:
● اغتيال الشهيد هاني عابد «32 عامًا» في 2\11\1994م، وذلك بتفجير سيارته في قطاع غزة.
● اغتيال ثلاثة من قادة الجناح العسكري لحركة حماس وهم: كمال كحيل، وحاتم حسان، وسعيد العدس في 2\4\1995م، وذلك بتفجير المنزل الذي كانوا يتواجدون فيه بقطاع غزة.
● اغتيال محمود عرفات الخواجة «34 عامًا» في 22\6\1995م، وذلك بإطلاق النار عليه من مسدسات كاتمة للصوت قرب منزله في مخيم الشاطئ بقطاع غزة.
● اغتيال المهندس يحيى عياش في 5\1\1996 م، وذلك بتفجير هاتفه النقال لاسلكيًّا من قبل المخابرات الإسرائيلية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد كشفت المعلومات أن أجهزة الأمن الفلسطينية بدأت مؤخرًا بالقيام بهذا الدور، فقد قامت في 2\2\1996م. باغتيال اثنين من الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وذلك حين حاصرت قوات موسی عرفات منزلًا في مخيم الشاطئ، واعتقلت رياض أبو حشيش، ومحمود الرطمة، وبعد ساعة من عملية الاعتقال عادت قوات السلطة مرة أخرى إلى المنزل واقتحمته تحت وابل من النيران الكثيرة وتركزت النيران على الغرفة التي كان المجاهدان أيمن الرزاينة وعماد الأعرج يختبئان فيها مما أدى إلى استشهادهما على الفور، وهما من أعضاء الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
بل لقد كشفت المعلومات عن مشاركة السلطات الأمنية الفلسطينية في عدد من عمليات الاغتيال السابقة والتي كان يعتقد أن المخابرات الإسرائيلية نفذتها- بمفردها- ودون أي تعاون ففي الانفجار الذي وقع بتاريخ 1995/٤/2م في حي الشيخ رضوان بقطاع غزة، والذي أدى إلى استشهاد كمال كحيل أحد أبرز مطاردي القسام في ذلك الوقت وعدد من رفاقه الذين كانوا يختبئون في بناية مؤلفة من ثلاثة طوابق كشف النقاب عن تعاون السلطة مع المخابرات الإسرائيلية في هذه العملية حيث قامت قوات السلطة بالإغارة على مخبأ الشهيد قبل يومين من الانفجار، وأن السلطة كانت تقوم بملاحقته لاغتياله أو اعتقاله.
كما كان لهذا التعاون دور في عملية اغتيال الشهيد يحيى عياش فقد نسبت صحيفة «الجارديان» البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 18\1\1996م إلى مسؤولين أمريكيين رسميين اتهامهم السلطة الفلسطينية بالتعاون مع جهاز «الشاباك» في اغتيال المهندس يحيى عياش، ومما جاء في مقال المراسل الصحيفة «نات رويس» في واشنطن.
تعاون منظمة التحرير الفلسطينية وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشاباك» في اغتيال يحيى عياش- صانع قنابل حركة المقاومة الإسلامية الأسطوري- والذي اغتيل بانفجار هاتفه النقال ويعد قنبلة هذا الشهر...» هذا ما يقوله رسميون أمريكيون.
وقال مصدر في مكافحة الإرهاب إن منظمة التحرير هي التي استطاعت في النهاية تحديد المنزل في قطاع غزة الذي كان يختبئ فيه المطلوب الأول لإسرائيل، وقال المصدر «هم وجدوه» وأضاف أن الشاباك لم تستطع العثور عليه رغم استمرار بحثها طوال العامين الماضيين».
وقبل وقت قصير من عملية اغتيال عياش كشف النقاب بشكل مذهل عن مدى التعاون الذي تم بين منظمة التحرير الفلسطينية وجهاز المخابرات الشاباك، فقد أماط رئيس جهاز الشاباك كارمين جيلون أمام جلسة مغلقة للكنيست اللثام عن أن منظمة التحرير ساعدت إسرائيل على إحباط ما لا يقل عن ٨٠ هجومًا انتحاريًّا ضد أهداف إسرائيلية عام ١٩٩٥ م.
وفي 3\6\1996م أبلغ رئيس جهاز المخابرات السرية الإسرائيلية الشين بيت «أمي إيالون» الحكومة الإسرائيلية «بأن التعاون الممتاز مع قوات الأمن الفلسطينية ساعد في إلقاء القبض على بعض الجماعات المتطرفة، من بينها إلقاء القبض على حسن سلامة الرجل الثاني في الجناح العسكري لحركة حماس والمسؤول عن مقتل عشرات الإسرائيليين».
وأضاف إيالون «أن الشين بيت والجيش الإسرائيلي ألقيا القبض على ثمانية أعضاء آخرين من حركة المقاومة الإسلامية حماس متورطين في هجمات انتحارية نفذها جناحها المسلح، في حين ألقت السلطة الفلسطينية القبض على ستة مقاتلين آخرين في حركة حماس والعديد من أعضاء الجهاد الإسلامي».
ومن المعروف أن عمليات التنسيق بين أجهزة أمن السلطة الفلسطينية وجهاز الشاباك والشين بيت الإسرائيليين قد بدأت منذ وقت مبكر تنفيذًا لبنود اتفاق أوسلو وأسفر هذا التنسيق عن اعتقال عدد كبير من أعضاء حركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة وأريحا، خاصة بعد أن قدم الشاباك معلومات انتزعها من معتقلين فلسطينيين بواسطة التعذيب حيث قامت أجهزة السلطة باعتقال هؤلاء.
وقد أكدت صحيفة «دافار» الإسرائيلية في عددها بتاريخ 23\8\1995م هذا التعاون وقالت: «إنه برهن على نفسه في عدة أحداث منها اعتقال المخرب وائل ناصر على يد الشرطة الفلسطينية التي أحبطت توجهه لتنفيذ عملية انتحارية بواسطة سيارة مفخخة في تل أبيب، كما أدى هذا التعاون إلى اعتقال الفلسطيني الذي ساعد منفذ عملية التفجير بتل أبيب في 4\3\1996 م، ونقله بشاحنته من قطاع غزة إلى تل أبيب، وقال مصدر بالجيش الإسرائيلي إن اعتقال السائق تم بالتنسيق مع أجهزة السلطة الفلسطينية.
عمليات الاعتقال التي قامت بها أجهزة السلطة المختلفة:
لم تمهل الشرطة الفلسطينية المواطنين الفلسطينيين الذين استقبلوها بالحفاوة والابتهاج مدة طويلة ينعمون بالأمن والاستقرار بعد أكثر من ٢٥ عامًا. من الاحتلال والقهر، فبعد أقل من شهر على دخول الشرطة منتصف عام ١٩٩٤ م بدأت بملاحقة المواطنين الفلسطينيين المطلوبين لقوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمل على اعتقالهم ومحاكمتهم، ومن ذلك الوقت لم تتوقف عمليات الملاحقة والمطاردة والاعتقال وترويع الآمنين ونشر الذعر بين السكان الفلسطينيين، وللتأكيد على ذلك نورد فيما يلي إحصائية لأبرز حملات الاعتقال الجماعية التي شنتها الشرطة الفلسطينية بمختلف أجهزتها بحق المواطنين منذ انتقال قطاع غزة لإدارة السلطة بعد إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي فيه، وذلك وفقًا لإحصاءات وبيانات عدد من المراكز الحقوقية المهتمة:
●14\4\1994م اعتقال ٤٠ من أعضاء حماس في أعقاب هجومين وقعا على طريق كسوفيم، أسفرا عن مقتل إسرائيلي وإصابة 7 بجراح.
●14\8\1994م اعتقال ۱۰۰ مواطن بتهمة الانتماء لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
●4\9\1994م. وعلى إثر عملية هجوم مسلح قتل فيها جندي إسرائيلي قرب مفترق موراغ تم اعتقال ٦٤ من حركة الجهاد الإسلامي.
● 2\10\1994م. وعلى إثر حادثي إطلاق نار وقعا قبل يوم واحد من هذا التاريخ اعتقل ٥٢ من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في غزة.
●13\10\1994م اعتقلت الشرطة الفلسطينية في أعقاب اختطاف الجندي نحشون فاكسمان قرابة ۳۰۰ من أعضاء وأنصار حركة المقاومة الإسلامية «حماس».
●19\10\١٩٩4م: اعتقلت الشرطة الفلسطينية في أعقاب العملية الانتحارية في شارع ديزنكوف بتل أبيب بضع عشرات من ناشطي حركة «حماس».
● 11\11\1994م: في أعقاب العمليتين العسكريتين في مفترق «كفار داروم» و«نتساريم» والتي قتل فيها ثلاثة جنود إسرائيليين شنت السلطة حملة هستيرية أثارت بفظاعتها وهمجيتها سخط كل أبناء القطاع، حيث اعتقلت أكثر من ١٥٠ بتهمة الانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي.
● ١٣/١٢/1994م: حملة اعتقالات طالت ١٥ مواطنًا بتهمة كتابة شعارات جدارية.
● 24\1\1995 م: اعتقال أربعة مواطنين من قادة الجهاد الإسلامي.
●7-6\2\1995م: حملة اعتقالات طالت حوالي ٤٢ مواطنًا من كوادر الجبهة الديمقراطية.
●7-6\2\1995م: حملة اعتقالات طالت حوالي ۳۰ مواطنًا بتهمة الانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي.
●23\3\1995م اعتقال حوالي ٦٥ شخصًا من مؤيدي حماس.
●10-9\4\1995 م اعتقال حوالي ١٥٠ شخصًا من مؤيدي حركة حماس والجهاد الإسلامي.
●1\5\1995م اعتقال 9 مواطنين بتهمة الانتماء إلى حركة حماس.
من الفترة الممتدة من ٢٥ فبراير شباط ١٩٩٦ م. وحتى الآن اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية المختلفة ما يزيد عن ألف مواطن فلسطيني بتهمة الانتماء والتعاطف مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في إطار حملة واسعة شنتها في مناطق الحكم الذاتي وصفها محمد دحلان قائد جهاز الأمن الوقائي بأنها أكبر حملة يشهدها قطاع غزة منذ احتلاله عام ١٩٦٧م وذلك بعد العمليات الاستشهادية التي وقعت في الفترة من 25\2-7\3\1996م في القدس وعسقلان وتل أبيب، وقد رافق هذه الحملات الاقتحامية التي نفذت بعنف وقسوة فاقت تصرفات جنود الاحتلال: تكسير أبواب المنازل، وتخريب أثاث البيوت، ونشر الرعب بين المواطنين، ومداهمة وتحطيم جميع المؤسسات الخدمية والتعليمية التي لها أية صلة بالعمل الإسلامي.
عمليات الاقتحام والمداهمة للمساجد والمدارس والجامعات والمنازل:
لم تقتصر الحملة التي شنتها أجهزة السلطة على عمليات اعتقال الأشخاص الذين يقاومون الاحتلال أو المشتبه بتعاطفهم مع الحركات الإسلامية، بل امتدت هذه الحملة لتشمل جميع المرافق والمؤسسات والمساجد، والجامعات، ودور الرعاية الصحية والجمعيات الخيرية ومؤسسات رعاية الأيتام والطفولة وغيرها، وللتدليل على استهتار السلطة بهذه المؤسسات التي كان لها الدور الريادي في مقاومة الاحتلال وصمود المواطنين الفلسطينيين نأخذ المساجد والمؤسسات التعليمية والطبية كدليل وأمثلة عما تعرضت له هذه المؤسسات على يد سلطة عرفات وأجهزته الأمنية المختلفة:
المساجد:
لقد كانت المساجد هدفًا من أهداف السلطة لوضعها تحت إشرافها، ورقابتها، فمنذ دخولها إلى قطاع غزة تعرضت المساجد إلى عدد كبير من الممارسات والانتهاكات تحت ذرائع ومبررات واهية وبأسلوب ينم عن كراهية متأصلة لبيوت الله لم تختلف هذه الممارسات عما كان يفعله الصهاينة، ونورد فيما يلي انتهاكات السلطة لمساجد غزة:
● في 16\4\1995 م أصدر العميد غازي الجبالي- مفوض عام الشرطة في منطقة الحكم الذاتي تعميمًا جاء فيه: « بناء على قرار مجلس الوزراء «مجلس السلطة» المنعقد يوم 1995/٨/4 م تقرر وقف أية محاولة لاستخدام المساجد ومنابرها للتحريض وإثارة الفتنة ونزع جميع مجلات الحائط المعلقة في المساجد، وذلك انطلاقًا من أن المساجد للجميع، وكون هذا يتنافى مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف».
● في 15\5\1995م أصدر العميد غازي الجبالي مفوض عام الشرطة في منطقة الحكم الذاتي تعميمًا آخر للأئمة والقائمين على المساجد بضرورة إغلاقها مباشرة بعد كل صلاة، وعدم السماح لأحد بدخولها، وإزالة أي ملصق يتم تعليقه داخل المساجد مباشرة وتحميلهم مسؤولية وضع أية شعارات ولوحات على جدران المساجد.
● بعد صدور تعميم سلطة الحكم الذاتي بشأن المساجد، بدأت الشرطة حملة مداهمة منظمة، حيث بلغ عدد المساجد التي تمت مداهمتها في شتى أنحاء قطاع غزة حوالي «57» مسجدًا في الفترة ما بين 19\4-19\5\1996م. فيما تعرضت معظم هذه المساجد إلى المداهمة والتفتيش والعبث والتخريب أكثر من مرة خلال شهر واحد، وقد بلغ مجموع المداهمات ۱۳۸ مرة.
● في 1995/٢/2م كشفت صحيفة الحياة التي تصدر في لندن النقاب عن خطة سرية تبنتها سلطة الحكم الذاتي لمواجهة حركة حماس والحد من نفوذها ورد فيها ما يلي:
«إخراج حماس من المساجد غير ممكن، وكذلك تحييدها بسبب الطبيعة الدينية للموضوع، والحل هو الدخول مع حماس بل وقبلها للمسجد، والدعوة إلى التركيز على تشجيع المؤمنين من كل القوى والفصائل السياسية أن يستخدموا المساجد للدعاية السياسية، بل والخطابة فيها، وأن تستخدم المساجد من قبل كل القوى كساحات للقاءات الجماهيرية والعمل السياسي، خصوصًا أن الكثير من المناطق تفتقر للقاعات الملائمة، وبالتالي لا يحصر المؤمنون في طبقة سياسية واحدة».
● اعتقال العديد من أئمة وخطباء المساجد في قطاع غزة لمدة بلغت عدة أشهر، فيما منع عدد كبير منهم من إلقاء خطبة الجمعة وتعرض البعض الآخر للمضايقة من خلال تفتيش منازلهم، ومن هؤلاء المشايخ: محمد طه، ورضوان النخالة، وفتحي موسى، وسلامة الصفدي، ومحمد شمعة، وأحمد نمر
● تم تجنيد عدد من العملاء الذين خدموا لدى سلطات الاحتلال بهدف رصد أسماء الشباب الذين يترددون على المساجد ومعرفة الجهة التي ينتمون إليها أو يناصرونها، وقد أمكن رصد بعض عمليات تجنيد الأطفال صغار السن الذين يترددون على المساجد من خلال تقديم إغراءات مالية لهم بهدف التجسس لمصلحة مخابرات السلطة.
مجزرة جامع فلسطين في غزة (18\11\1994م):
كانت الأحداث التي وقعت في مسجد فلسطين بعد صلاة يوم الجمعة بتاريخ ١8\11/١٩٩٤ من أخطر الاعتداءات التي تعرضت لها المساجد، حيث قامت الشرطة بقتل ما يزيد عن ۱۲ مواطنًا وجرح أكثر من مائتين آخرين لدى خروجهم من صلاة الجمعة.
وتفاصيل هذه المجزرة التي بدأت دلائلها منذ صباح ذلك اليوم حيث انتشر رجال الأمن والشرطة الفلسطينية بشكل لافت للنظر في الطرق وعلى المفترقات الرئيسية، وعمد أفراد الشرطة والمخابرات إلى التدقيق في هويات المارة ومقارنتها بقوائم تضم أسماء نشطاء حركتي «الجهاد الإسلامي» و«حماس» حيث كان من المقرر في ذلك اليوم، وبعد صلاة الجمعة انطلاق مسيرة من مسجد فلسطين الواقع في قلب مدينة غزة للتضامن مع أهالي أولئك الذين استشهدوا في أعقاب انفجار وقع قرب تجمع الجنود الإسرائيليين في منطقة نتساريم وسط قطاع غزة.
وعلى الرغم من أن منظمي المسيرة كانوا قد حصلوا على ترخيص مسبق من الشرطة الفلسطينية... إلا أن المئات من رجال الشرطة تواجدوا حول المسجد في ذلك اليوم، وقامت الشرطة أثناء الصلاة بنزع الميكروفونات عن السيارة المرافقة للمسيرة لتوجيهها، ثم بادر رجال الشرطة إلى إطلاق النار على المصلين بعد الصلاة مباشرة، مما أسفر عن استشهاد ۱۲ وجرح ما يقرب من ٢٥٠ في موقع الحادثة، حيث اكتظت المستشفيات بالجرحى حتى اضطرت إلى استخدام الممرات والساحات الخارجية، ثم أقدمت السلطة على فرض حظر التجول وقطعت التيار الكهربائي، واعتقلت العشرات من المواطنين وترددت أنباء عن ضلوع العميد غازي الجبالي في هذه المجزرة المدبرة.
اقتحام الجامعات والمعاهد التعليمية والتربوية:
لم تسلم المؤسسات التربوية والتعليمية سواء ذات الصبغة الإسلامية أو الوطنية من عبث سلطة عرفات واستهتارها بكل القيم والمبادئ والأعراف والقوانين تلك المؤسسات التي كانت عصية على سلطات الاحتلال ولسنوات طويلة، ومن هذه المؤسسات التي تعرضت لاعتداءات رجال السلطة.
● اقتحام الجامعة الإسلامية في غزة: في الساعة الثالثة من فجر الأربعاء 6\3\1996 م قامت قوات كبيرة من أجهزة سلطة الحكم الذاتي باقتحام مبنى الجامعة الإسلامية بغزة التي تضم نحو 5 آلاف طالب، وتوفر ٤٠٠ وظيفة أساسية وعاثت فيها فسادًا. حيث توجهت إلى قسم المخازن وعندما لم تستطع كسر الباب الحديدي قامت بنزع ألواح الأسمنت من السقف والنزول من فوق وقلبت كل معدات المخازن وقامت بعملية تفتيش واسعة، ثم انتقلت إلى مكتبة الجامعة، حيث قامت بإطلاق الرصاص على القفل لفتح الباب ودخلت المكتبة، وبدأت ببعثرة الكتب والمجلات وقلب كل ما هو موجود، ثم انتقلت إلى الأقسام الأخرى في الجامعة، حيث مارست كل أنواع التخريب والتمزيق، ورغم أن الحراس الذين كانوا يرافقون القوات المهاجمة طلبوا منهم أن يقوموا بفتح الأبواب لأن المفاتيح معهم إلا أن رجال الشرطة رفضوا ذلك.
وأخذوا يطلقون الرصاص على أقفال الأبواب وفي المعامل الكيميائية قامت قوات الأمن بتكسير كل الأبواب بشكل متعمد، ثم اعتقلت عددًا من الحراس الليليين الذين كانوا موجودين في الجامعة...
● اقتحام جامعة النجاح: في 20\2\1996م اقتحمت مجموعات من الشرطة الفلسطينية حرم جامعة النجاح الوطنية كبرى المؤسسات التعليمية الفلسطينية في الضفة الغربية وداهموا قاعة كان مجلس طلبة الجامعة يعتزم عقد مؤتمر فيها دعت إليه الكتل الطلابية في الجامعة إحياء للذكرى العشرين ليوم الأرض، واحتجاجًا على الاعتقالات التي قامت بها أجهزة أمن السلطة لعدد من أساتذتهم وزملائهم والذين يزيد عددهم عن ٦٥ معتقلًا في سجون السلطة، وأسفرت عملية الاقتحام التي استخدمت فيها الشرطة الهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع، وإطلاق العيارات النارية في الهواء عن إصابة حوالي ٣٠ طالبًا بكسور ورضوض جراء تعرضهم للضرب بالهراوات، كما أسفرت هذه الحملة عن إجهاض طالبة في شهور حملها الأخيرة.
● اقتحام السكن الداخلي لمعهد الطلبة في مدينة رام الله: مساء 3\3\1996م، قامت قوة كبيرة من الأمن الوقائي والشرطة الفلسطينية تقدر بنحو ۱۲۰ رجلًا يتقدمهم العقيد جبريل الرجوب- رئيس الأمن الوقائي في الضفة الغربية- بمداهمة معهد للطلبة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية حيث وقعت مواجهات بين الطلبة وأفراد القوة اعتقل على أثرها جميع طلاب المعهد ويقدر عددهم بنحو ٢٥٠ طالبًا، وفي صباح اليوم التالي تم الإفراج عن جميع المعتقلين باستثناء ۲۰ طالبًا.
● مداهمة مركز القدس الطبي: بتاريخ 24\3\1996م، داهمت قوة من رجال الأمن الفلسطيني مركز القدس الطبي في مدينة غزة وأجرت تفتيشًا دقيقًا داخله كما صادرت أوراقًا وملفات وأقراص حاسوب خاصة بالمركز الذي قدم خدمات خاصة للمرضى، حيث إنه الأول من نوعه في غزة الذي يختص بالتصوير الطبقي.
عمليات التحقيق والتعذيب وانتزاع الاعترافات:
في ضوء التقارير المتوفرة وشهادات الشهود عن الأساليب التي تتبعها أجهزة الأمن الفلسطينية لانتزاع الاعترافات من معتقلي حماس والجهاد الإسلامي، فإنها أجمعت على أن سجون السلطة الفلسطينية قد تحولت إلى مسالخ لتعذيب المعتقلين.
وذلك باستخدام أبشع وسائل التعذيب وأكثرها وحشية، وأشدها إذلالًا لكرامة الإنسان وامتهانًا لجسده، ومن عمليات التعذيب أعمال الشبح، ووضع الرأس داخل كيس من البلاستيك لفترات طويلة وضرب رؤوس المعتقلين بالحائط والضرب بالعصي والكوابل الكهربائية، والمنع من النوم لعدة أيام بشكل متواصل، وتجريد المعتقلين من ملابسهم، وحلق اللحى، وتكسير عظام اليدين والأرجل والصدر والحرق بالسجائر، وتقليع الأظافر، إضافة إلى هتك العرض واحتجاز بعض النساء من ذوي المعتقلين والتهديد بهتك أعراضهن.
ويتداول الناس في غزة العديد من القصص التي سمعوا عنها أو الحالات التي شاهدوا رجالات الشرطة الفلسطينية وهم يدخلونها إلى مستشفى الشفاء في غزة، حيث خصص قسم لعلاج المعتقلين من آثار التعذيب.
وقد كشفت حركة حماس في بيان أصدرته يوم 4\4\1996م النقاب عن بعض ممارسات السلطة الفلسطينية ضد المعتقلين الذين زاد عددهم بعد عمليات فبراير ومارس «شباط وآذار» عن الألف معتقل فقالت: إن عددًا من المعتقلين فقد النطق جراء التعذيب، فيما أصيب آخرون بالشلل، وقالت إن التحقيق في السجون الفلسطينية تصاحبه في العادة أعمال شبح وصلب للموقوفين، إلى جانب نهش الجسم وإطفاء السجائر بأبدان المعتقلين والجلد والضرب المبرح على الرأس، وغرز المسامير في مناطق حساسة من الجسم ونتف الشعر إلى جانب اعتداءات جنسية تتم على دراية من المسؤولين الأمنيين والسياسيين في السلطة الفلسطينية.
ويذكر أن خمسة معتقلين ماتوا تحت التعذيب في سجون السلطة الفلسطينية، وقد وصف اللواء محمد جهاد-المسؤول في حركة فتح- بأن ممارسات السلطة في السجون الفلسطينية لا تطاق ويندى لها الجبين وقد دفعت هذه الأساليب القمعية إلى إعلان عدد من المعتقلين إضرابًا مفتوحًا عن الطعام.
عمليات القتل التي ارتكبتها السلطة ضد المواطنين الفلسطينيين:
لم تتورع قوات الأمن الفلسطينية عن قتل المواطنين الفلسطينيين الذين وجدت الشرطة لحمايتهم، فخلال أقل من عام بلغ عدد الذين قتلوا على أيدي الشرطة أكثر من ٢٥ مواطنًا، وذلك في حوادث مختلفة نورد بعضا منها:
●13\5\1994م مقتل المواطن الفلسطيني عمار عابد الشوا في مدينة أريحا، وذلك حين أطلق أحد أفراد الشرطة عليه النار بطريق الخطأ في احتفالات بمناسبة انسحاب الجيش الإسرائيلي...
●6\7\1994م: سلمت الشرطة الفلسطينية جثة المواطن فريد هاشم جربوع إلى أهله وكان قد قبض عليه يوم 26\6\1994م، ونقل إلى سجن غزة، ولاحظت أسرته وجود إصابات تختلف عما جاء في تقرير التشريح.
●20\8\1994م: مقتل المواطن صلاح الشاعر في قطاع غزة. وكان المذكور قد أوقفته الشرطة ومجموعة أخرى من الشبان أثناء بحثها عن مجرمين لكن شجارًا نشب ودفع برجال الشرطة إلى إطلاق النار عشوائيًّا في الهواء مما أدى إلى مقتله.
●28\8\1994م مقتل المواطن نضال حسن الخولي في بيت ليد وذلك عند محاولته التدخل لحل خلاف نشب بين مجموعة من أمن الرئاسة والأمن الوقائي.
●9\9\1994م مقتل الرائد يسري الهمص في قطاع غزة، وذلك عند محاولته لحل خلاف نشب بين وحدة عسكرية تابعة لحماس ووحدة من الأمن الوقائي أمام منزله.
● 18\11\1994م: مقتل ۱۲ مواطنًا أمام مسجد فلسطين على أيدي قوات الأمن الفلسطينية.
●18\1\1995م مقتل المواطن سلمان جليطة في معتقل الأمن الوقائي في أريحا، وكان المذكور قد اعتقل في 15\1\1996م من قبل جهاز الأمن الوقائي.
● ١/٤/1995م مقتل المواطن محمد الجندي في مخيم جباليا بقطاع غزة، حيث أخذه مسلحون يرتدون ثيابًا مدنية وأطلقوا عليه الرصاص.
●28\8\1995م: مقتل المواطن توفيق السواركة الذي اعتقله أفراد الأمن الوقائي بقيادة العميد محمد دحلان يوم الأحد 27\8\1995م ليفارق الحياة بعد أقل من ٢٤ ساعة من اعتقاله داخل سجن غزة المركزي.
●20\1\1996م: مقتل هاشم ناص- الموظف في لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية- برصاص عنصر في قوات الأمن الفلسطيني في قرية سالم التابعة لمدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة. وذلك عندما طلب الموظف من رجل الأمن مغادرة مركز الاقتراع حتى يتمكن موظفو لجنة الانتخابات من فرز أصوات الناخبين.
●2\2\1996م اغتيال اثنين من أعضاء الجناح العسكري لحركة الجهاد «قسم» وهما أيمن الرزاينة وعماد الأعرج على أيدي قوات موسى عرفات.
●30\3\1996م مقتل المواطن الشاب تيسير أحمد مصطفى اللوزي «23 عامًا» برصاص الشرطة الفلسطينية في البيرة الواقعة بالقرب من رام الله، وذلك لعدم توقف السيارة التي كان يقودها عناصر من الشرطة الفلسطينية.
ممارسات السلطة ضد الصحفيين والصحافة:
اعتمدت سلطة عرفات ومنذ دخولها إلى قطاع غزة على سياسة منهجية لقمع الحريات ومصادرتها وتقنينها بالاتجاه الذي يخدم السلطة ويروج لها، لذلك لم تكن المصادمة بين الصحفيين والسلطة بمستغربة، بل لقد بدأت في وقت مبكر مع دخول السلطة... حتى غدت عمليات اعتقال وتعذيب وضرب الصحفيين سياسة عامة لسلطة عرفات ولعل الصورة التي رسمها رئيس تحرير صحيفة الوطن الغزاوية التي أغلقتها السلطة «الصحفي الدكتور غازي حمد تعبر عن شكل الحرية المطلوب من الصحفي أن يعمل داخل إطارها في ظل السلطة الفلسطينية، وذلك حينما قال: « إما إن تنافق أو تخرس» وفي ضوء هذا الواقع سنعرض فيما يلي بعض النماذج لتعامل السلطة بمختلف أجهزتها مع الصحافة والصحفيين:
● 22\5\1994م اعتقال الصحفي هاني عابد صاحب مكتب إعلامي في غزة- على خلفية اتهامات وجهت للجهاد الإسلامي لمسؤوليتها عن حادث إطلاق نار على حاجز إيرز بتاريخ 20\5\1994م، وقد تم في وقت لاحق اغتيال الصحفي عابد بحادث سيارة مفخخة يوم 2\11\1994م.
● منع صحيفة «النهار المقدسية» التي تعد الصحيفة الثانية في حجم انتشارها في الأراضي العربية المحتلة من دخول مناطق الحكم الذاتي، وذلك إبان الأزمة الأردنية- الفلسطينية حول رعاية الأماكن المقدسة، وقد اتهمتها السلطة بأنها غير مستوفية لشروط إصدارها، وفي بداية أغسطس «آب» ١٩٩٤م اقتحم ملثمون مقر الصحيفة في الشطر الشرقي من مدينة القدس وهددوا بإحراق نسخها إذا تم توزيعها في الضفة الغربية، مما أدى إلى إغلاق الصحيفة، لكن الصحيفة عادت إلى الصدور بعد أربعة أسابيع.
●8\9\1994م: اعتقال الصحفي عادل الزعنون الذي يعمل في وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» وذلك لتغطيته اعتصام قام به أهالي المعتقلين من أنصار الجهاد الإسلامي في سجون السلطة.
●26\10\1994م اعتقال الصحفي طاهر شريتح- مدير مكتب وكالة رويتر، ورئيس تحرير صحيفة فلسطين- وشقيقه عامر الذي يعمل معه مصورًا لدى شبكة التلفزة C. B. S، وذلك بتهمة ترویج بیانات لحركة حماس.
● 9\2\1995م: إغلاق صحيفة الاستقلال التي تصدر في غزة والمؤيدة لحركة الجهاد الإسلامي، إثر اتهامها بتغطية نشاطات غير مشروعة لحركة الجهاد، وقد أوقف قوات السلطة ثمانية من العاملين في الصحيفة منهم رئيس التحرير وصاحب الامتياز الصحفي علاء الصفطاوي، والصحفي زكريا المدهون، والصحفي عطية أبو منصور، والصحفي محمد فياض.
● مهاجمة صحيفة الأمة في القدس: وذلك في مساء 2\5\1995م حين قامت مجموعات ملثمة تحمل العتلات الحديدية بمهاجمة مقر الصحيفة في القدس، والتي يرأس تحريرها الصحفي عدنان الخطيب، وقامت بخلع الأبواب، وتحطيم أدراج مكاتب المحررين وسرقة محتوياتها، بما في ذلك الأرشيف الخاص بالصحيفة، ثم جمعت الأجهزة الكهربائية والهواتف وأجهزة الحاسوب والفاكسات في إحدى الغرف وأضرمت فيها النار.
واتهمت صحيفة الأمة وهي معارضة لعملية التسوية قوات الأمن الوقائي التابعة للسلطة بتنفيذ الاقتحام، وكانت الصحيفة قد تعرضت في 20\4\1995م إلى مداهمة مطابعها من قبل هذه القوات حيث صادرت عدد الصحيفة الذي كان معدًا للطبع مع جميع الأوراق الخاصة بالعدد بدعوى أنهم يحملون أمرًا من رئيس السلطة الفلسطينية في غزة.
● 7\3\1995م اعتقال الصحفي أحمد حماد الذي يعمل في مكتب عسقلان للصحافة.
● 5\4\1995م اعتقال الصحفي طاهر النونو الذي يعمل في صحيفة النهار، وذلك بسبب نشر تفاصيل مؤتمر صحفي عقب انفجار حي الشيخ رضوان.
●13\4\1995م اعتقال الصحفي الدكتور غازي حمد- نائب رئيس تحرير صحيفة الوطن المؤيدة لحركة حماس- دون توجيه أية تهمة إليه...
●14\5\1995م: منع صدور صحيفة «الوطن» المؤيدة لحركة حماس لمدة ثلاثة أشهر، وتم اعتقال رئيس تحريرها الصحفي سيد أبو مسامح وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
● في أغسطس «آب» ۱۹۹٥م: محاولة اغتيال الكاتب الدكتور عبد الستار قاسم- الأستاذ بجامعة النجاح- حيث قامت بعض العناصر بإطلاق النار عليه مما أدى إلى إصابته بجروح، وذلك بعد تلقيه تهديدات من قبل رجال السلطة الفلسطينية بعد أن كان قد كتب مقالًا بجريدة «الوطن» الصادرة في غزة في ٢٠ يوليو «تموز» ١٩٩٥م حيث تم استدعاء الكاتب إلى مكاتب الشرطة الفلسطينية، وتم توجيه التهديدات إليه.
● في 20\1\1995م احتجت منظمة «صحفيون بلا حدود» التي تتولى الدفاع عن الصحفيين في العالم على قيام البوليس الفلسطيني بالاعتداء بالضرب على مراسل فلسطيني بينما كان يقوم بتغطية وقائع مسيرة لأمهات عدد من المعتقلين لدى الشرطة الفلسطينية.
وقالت المنظمة في رسالة وقعها مسؤولها العام «روبرت مینراد» وأرسلت لياسر عرفات أن قوات الشرطة صادرت التي تصوير للصحفي، كما حطمت كاميرتين تليفزيونيتين، وناشدت المنظمة ومقرها باريس ياسر عرفات معاقبة المسؤولين عن العنف مباشرة، ووضع حد لمضايقة الصحفيين واتخاذ الإجراءات المناسبة لإعادة المعدات المصادرة لتمكين المراسل من بث تقاريره ثانية.
● في 17\3\1996م. قامت قوة تضم نحو ٢٠ من رجال الأمن الفلسطيني بمداهمة منزل المحامي والصحفي الفلسطيني ربيع حسين في مدينة رام الله وصادروا العديد من الأوراق، كما أرغموا الصحفي المذكور على مرافقتهم إلى مكتبهم في المدينة، وقد خضع للتحقيق والاستجواب لمدة ساعة في مقر المخابرات، والسيد حسين يعمل مديرًا لوكالة قدس برس للأنباء في القدس...
● في 30\3\1996م. تم توقيف مراسل صحيفة لايف الكندية الصحفي لاري تولا، وصادروا المعدات التي كانت بحوزته، كما احتجزوا أفلام التصوير التي التقطت من خلالها المواجهات التي وقعت في جامعة النجاح لدى مداهمة قوات السلطة للجامعة.
● في 14\4\1996م: قامت الشرطة الفلسطينية الخاصة بالاعتداء على الصحفي خالد الزغاري مصور وكالة «أسوشيتد برس» وذلك حين كان يقوم بتغطية مسيرة قامت بها ۳۰۰ من أمهات وزوجات المعتقلين في سجون السلطة الفلسطينية، حيث أصيب بجراح مؤثرة في وجهه ورأسه أدت إلى نقله إلى مستشفى المقاصد.
شعور المواطن الفلسطيني وردود فعله إزاء ممارسات السلطة:
لم تستطع سلطة عرفات وبعد عامين من دخولها إلى قطاع غزة التخفيف من معاناة المواطنين الفلسطينيين الذين ازدادت أوضاعهم الاقتصادية سوءًا، وتبددت جميع الآمال التي علقوها على السلطة، كما لم تستطع قواته الأمنية توفير الحماية والأمن للمواطنين، بل زادت من خوفهم وقلقهم وأصبحوا أكثر خوفًا من التعبير عن آرائهم من زمن الاحتلال، وأدت ممارسات هذه القوات التي تجاوزت في بشاعتها ممارسات قوات الاحتلال، وخاصة تلك التي ارتكبت ضد المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والدينية والتربوية والخيرية والتي كان لها دور كبير في مساعدة المواطنين والتخفيف عنهم أيام الاحتلال مما خلف شعورًا بالغضب واستياء عامًا أدى إلى خروج مظاهرات طالبت عرفات بالرحيل، ونددت بالشرطة الفلسطينية وبأنها أسوأ من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
لقد أدت حملة السلطة العنيفة على المواطنين بعد العمليات الاستشهادية الأربع الأخيرة نهاية فبراير «شباط» ومطلع مارس «آذار» الماضيين والتي تجاوزت في بشاعتها الحملات التي كان يقوم بها جنود الاحتلال إلى تزايد الشعور باليأس من ممارسات السلطة وخشيتهم من حدوث حرب أهلية.
فقد أظهر استطلاع للرأي أجري في كبرى مدن الضفة الغربية «نابلس، وطولكرم، وجنين، وقلقيلية» لصالح منتدى طلبة جامعة النجاح في نابلس أن غالبية كبيرة من الشعب الفلسطيني باتت تخشى من أن تؤدي التطورات الأخيرة إلى حرب أهلية، فيما أعلن هؤلاء عدم تأييدهم لقيام الشرطة الفلسطينية بمداهمة المؤسسات والكليات والهيئات التي يعتقد بأن لها صلة بحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وردًّا على سؤال بهذا الصدد قال ٨٤٪ من أفراد الاستطلاع أنهم يعارضون تلك المداهمات ويرفضونها فيما أعرب 7% عن موافقتهم لها.
وفي الوقت الذي عارض 79% محاربة السلطة للقوى الإسلامية الفلسطينية بسبب موقفها المعارض لعملية السلام أيد ١٠٪ هذه الخطوة وأعلن 11% أنه لا رأي لهم.
وفيما يتعلق باستمرار الهجمات المسلحة من جانب فصائل المقاومة الإسلامية المسلحة في المناطق التي لم تزل تحت الاحتلال وتشهد ممارسات استيطانية مكثفة قال 76% أنهم يؤيدون تلك الهجمات ضد الاحتلال الإسرائيلي رغم عملية السلام.
مقارنة بين السلطة وإسرائيل من حيث التعامل الأمني:
لم ترد الشرطة الفلسطينية التي قوبلت بالترحاب والهتاف تحية الشعب الفلسطيني لها، بل إن هذه الشرطة لم تنتظر طويلًا لتكشف عن الدور الذي جيء بها من أجله، فلجأت إلى العنف والقوة التعامل مع المواطنين، مما ولد شعورًا بالصدمة بعد قيامها بمداهمة المنازل وترويع النساء والأطفال في ساعات الفجر الأولى، حتى أصبح الناس يتحدثون بصوت عال عن ممارسات السلطة ومقارنتها بممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي كما أن قمع الاحتلال لم يصل لهذه الدرجة من الوحشية لذلك لم يعد الفلسطينيون يفرقون بين عسكر عرفات وعسكر الاحتلال علاوة على ما يلاقيه المعتقلون في سجون السلطة والذي أنساهم ما تعرضوا له في سجون الاحتلال.
صحيفة «الاتحاد» الحيفاوية قالت وفي معرض تعليقها على انتهاكات السلطة لحقوق الإنسان الفلسطيني بمناسبة صدور التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية إنه إذا كان الضغط على حقوق الإنسان الفلسطيني على أيدي الاحتلال الإسرائيلي يستصرخ الضمائر الحية، فإن اضغط حقوق هذا الإنسان على أيدي أجهزة السلطة الفلسطينية يثير الحزن والذهول وأضافت الصحيفة ما كنا نتمنى للسلطة الفلسطينية أن تحشر نفسها في خانة واحدة مع إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني الذي ذاق الأمرين على امتداد عشرات السنين، وضحى بالغالي والنفيس من أجل التحرير والعيش بكرامة.
حجم الدعم الذي تلقته السلطة من الدول الغربية لمصلحة أجهزتها الأمنية:
عقب التوقيع على اتفاق أوسلو تعهدت واشنطن بتقديم مساعدات ومنح مالية على مدى خمس سنوات لدعم السلطة، وإقامة بنية اقتصادية تنموية في الضفة والقطاع لرفع المستوى المعيشي للسكان وتخفيف معاناتهم، وبلغت قيمة المبالغ التي تم التعهد بها 2.8 بليون دولار في المدة بين عامي 1994 و۱۹۹۸م، لكن هذه المساعدات التي بدأت تقدم للسلطة ومنذ الأشهر الأولى لبدء تنفيذ الحكم الذاتي وجهت لتغطية نفقات الشرطة الفلسطينية فقط وربطت بمدى التزام السلطة، وخاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني من اتفاق أوسلو، وهو ما أكده الدكتور نبيل شعث في 26\6\1994م، أن الفلسطينيين حصلوا على معونة قدرها ٤٢ مليون دولار من مانحي المعونات لتغطية نفقات الشرطة ونفقات بدء تنفيذ الحكم الذاتي، ومن الجدير بالذكر أن سيارات الشرطة قدمت من قبل الولايات المتحدة وملابسها من النرويج، وأسلحتها من دول أوروبية عدة، فيما قدمت اليابان ۹ ملايين دولار لبناء مساكن للشرطة، وحين نفدت أموال السلطة لجأ عرفات إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين- الأنروا- التي غطت رواتب الشرطة الفلسطينية خلال شهري فبراير ومارس «شباط وأذار» ۱۹۹۵م من معونات دولية وبلغ مجموع هذه الرواتب ٩,٦٢ مليون دولار.
لكن ومع بدء تطبيق الحكم الذاتي أحجمت الدول المانحة عن تقديم أية مساعدات بحجة عدم وجود سلطة متخصصة لتلقي وصرف هذه الأموال ولكن السبب الرئيس كان مرتبطًا بالتزام السلطة الحفاظ على أمن الإسرائيليين وقمع المعارضة الفلسطينية. وحين بدأت السلطة في إجراءاتها القمعية ضد المجاهدين والمعارضين انهالت عليها المساعدات دون أدنى إعاقة أو تسويف، فبعد مجزرة مسجد فلسطين التي ارتكبتها أجهزة الأمن الفلسطينية ضد المصلين بعد صلاة يوم 18\11\1994 م عن سابق عمد... انهالت المساعدات على السلطة وبدأت إسرائيل والولايات المتحدة في حث الدول المانحة على تسريع ضخها للمساعدات المالية للسلطة، فبعد المجزرة بخمسة أيام أي في يوم 23\11\1994 م دفعت إسرائيل مبلغ ٨,٥ مليون دولار لسلطة عرفات، كما قررت النرويج تقديم أكثر من 100 مليون دولار، وتم بعد يوم واحد من المجزرة أي في 19\11\1994م توقيع اتفاقية بين السلطة وممثل الاتحاد الأوروبي يقوم بموجبها الاتحاد بتقديم مساعدة مالية قدرها ۱۲ مليون دولار لمصلحة برنامج إعادة تأهيل الأسرى المحررين هذا التحول أكده رئيس بعثة البنك الدولي في منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة أودين نودسن بقوله: «لقد كان عام ١٩٩٤ من وجهة نظر المانحين عام الفشل، لكني اعتقد أننا بدأنا التحرك عام ١٩٩٥م وأرسلنا مبالغ كبيرة تقترب من ۹۰۰ مليون دولار».
لكن هذه المساعدات بقيت وستبقى رهنًا بالتوجهات السياسية الإسرائيلية، ومدى التزام السلطة بالحفاظ على الأمن الإسرائيلي وجديتها في قمع المعارضة، كما أنها ستوجه للصرف على قوات الأمن، فبعد عامين من تطبيق الحكم الذاتي زادت أحوال السكان سوءًا لأن هذه الأموال مرتبط صرفها بتوجهات سياسية معينة، وهو ما أكدته الباحثة الأمريكية «سارة روي» الخبيرة بشؤون الصراع العربي- الإسرائيلي بقولها: « إنه وخلافًا للرأي السائد فإن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الضفة الغربية وقطاع غزة قد تردت في العامين الماضيين منذ توقيع اتفاق أوسلو» وأوضحت الباحثة الأمريكية التي تعمل في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد في ندوة نظمها مركز سياسة الشرق الأوسط في الكونجرس الأمريكي بتاريخ السابع والعشرين من فبراير «شباط» الماضي أن المساعدات الأمريكية للضفة الغربية وغزة أخذت أبعادًا جديدة منذ توقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر «أيلول» ۱۹۹۳ حيث أصبحت عاملًا رئيسيًّا في عملية السلام وأصبحت ذات محتوى سياسي وليس تنمويًّا بالدرجة الأساسية وانطلاقًا من هذه المعطيات وفي ضوء استجابة السلطة للشروط الإسرائيلية فقد عقدت الدول المانحة مؤتمرًا لها في باريس في الثامن من يناير «كانون ثان» الماضي التزمت فيه بتقديم ٨٦٠ مليون دولار سنويًّا ثم رفع المبلغ إلى ٨٧٦ مليون دولار.
وعقب موجة التفجيرات الأخيرة زادت الدول المانحة حجم مساعداتها لسلطة الحكم الذاتي، فقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني جون ميجور في قمة صانعي السلام التي عقدت في شرم الشيخ في ١٣ مارس «آذار» الماضي عن تبرع بلاده بمليوني جنيه إسترليني للسلطة الفلسطينية ليصبح مجموع ما تبرعت به بريطانيا على مدى ثلاث سنوات ۸۷ مليون جنيه إسترليني، وتتركز هذه المساعدات على تحسين كفاءة الإدارة بما في ذلك قوة الأمن، بالإضافة إلى بعض المشاريع والخدمات، كما قررت فرنسا هي الأخرى رفع مساعداتها المالية للسلطة...
لقد تركزت جميع المساعدات التي قدمت للسلطة الفلسطينية على محور الأمن سواء لتسديد رواتب أعضاء السلطة وموظفيها وأفراد الشرطة وجنرالاتها، أو شراء معدات وتجهيزات تتعلق بأعمالهم الأمنية، والذين ارتفع عددهم منذ دخول السلطة إلى قطاع غزة من 4 آلاف إلى ٢٠ ألف عنصر، فمنذ عام ١٩٩٤ م والسلطة ما تزال عاجزة عن تسديد التزاماتها المالية حتى الآن، ومع زيادة المعونات فهي لم تحصل في العام الأول إلا على ٢٤٠ مليون دولار من أصل ۷۰۰ مليون دولار خصصت لها، وتعاني السلطة من عجز مقداره ١٣٦ مليون دولار من أصل الميزانية المقررة للنصف
الثاني من عام ١٩٩٥، كما تعاني ميزانيتها لعام ١٩٩٦ م من عجز مقداره ٧٥ مليون دولار، مما يجعلها عاجزة عن إقامة أي مشاريع تنموية فيما ستخصص المبالغ المتوفرة لحفظ الأمن والنظام ودفع الرواتب والمكافآت وملاحقة الحركات الإسلامية ومطاردة المجاهدين.
انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق السلطة الفلسطينية:
لم يعد انتهاك السلطة لحقوق الإنسان في مناطق الحكم الذاتي بحاجة إلى دلائل بعدما أجمعت العديد من المنظمات الدولية والمحلية المتخصصة في الدفاع عن حقوق الإنسان على وجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان فاقت في فظاعتها انتهاكات سلطات الاحتلال.
وكان أخطر مظاهر هذه الانتهاكات إنشاء محكمة أمن الدولة التي تم إنشاؤها في 7 شباط «فبراير» عام ١٩٩٥ م، وذلك حين أصدر رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات قرارًا يقضي بإنشاء «محكمة أمن الدولة» والتي وصفها كريستوفر أفري- محام زار قطاع غزة لمصلحة منظمة العفو الدولية- « إن هذه المحكمة تنتهك الشروط الأساسية للقانون الدولي» كما أثار قرار إنشاء المحكمة حفيظة منظمة العفو الدولية نفسها، حيث ردت على قرار إنشاء المحكمة بقولها تتسم محاكمات أمن الدولة في غزة بالجور الفادح، إذ تنتهك الحد الأدنى من معايير القانون الدولي ومنها:
- الحق في محاكمة عادلة علنية أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة.
- الحق في مهلة كافية لإعداد الدفاع.
- حق المتهم في اختيار محام يتولى الدفاع عنه.
- الحق في استئناف الحكم أمام محكمة أعلى درجة.
وبعد حوالي شهرين من بدء محكمة أمن الدولة لعملها في غزة ومحاكماتها الليلية السريعة دعت منظمة العفو الدولية «أمنستي إنترناشونال» السلطة الفلسطينية إلى إيقاف العمل فورًا بمحكمة أمن الدولة في غزة، وعقد محاكمات عادلة للذين سبقت إدانتهم والتأكد من توافر «ضمانات الإنصاف المعترف بها دوليًّا في المحاكمات المدنية».
وفي وثيقة من ٢٢ صفحة عن حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي المحتلة بما فيها المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية أعدتها المنظمة إلى الدولية وصدرت في أواخر يونيو «حزيران» 1995م تحت عنوان «محاكمات منتصف الليل: المحاكمات السرية والفورية والجائرة في غزة، أشارت المنظمة إلى أن هذه المحاكمات ليست مخالفة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان فحسب، بل مخالفة كذلك للأحكام الواردة في الاتفاق المعقود بين منظمة التحرير وإسرائيل في ١٤ مايو «أيار» ١٩٩٤ م، خاصة في المادة ١٤ التي تنص على أن « تمارس إسرائيل والسلطة الفلسطينية سلطاتها ومسؤوليتها بموجب هذا الاتفاق، آخذين بعين الاعتبار المعايير والمبادئ المقبولة دوليًّا لحقوق الإنسان وسيادة القانون»، والمادة ٦ تنص على أن «تتولى السلطة الفلسطينية مسؤولية القضاء من خلال سلطة قضائية مستقلة».
وحسب التقرير فإن مندوبي! المنظمة الدولية الذين كانوا في زيارة لقطاع غزة في أواخر إبريل «نیسان» ۱۹۹٥ م لم يتمكنوا من حضور محاكمات أمن الدولة، أو الحصول على لوائح الاتهام أو نسخ من القضايا، أو محاضر المحاكمات أو مقابلة الأشخاص الذين قاموا بمهام القضاة أو أعضاء النيابة، أو المحامين الذين عينتهم المحكمة أو رؤية أي من السجناء الذين أدانتهم المحكمة رغم طلباتهم المتكررة لذلك وقال التقرير: إن الذين تصدر بحقهم أحكام بالسجن من قبل محكمة أمن الدولة ليس لهم الحق في الاستئناف أمام محكمة درجة أعلى، إذ لا تخضع قرارات المحكمة إلا لتصديق رئيس السلطة الوطنية ياسر عرفات، ويعتبر هذا انتهاكًا لضمان من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة».
وتأكيداً لما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية نعرض بعض النماذج من الأحكام التي أصدرتها محكمة أمن الدولة في غزة:
● ليلة ٩-1995/٤/10م الحكم بالسجن ١٥ عامًا على المواطن سمير الجدي «32 عامًا» بتهمة تجنيد أشخاص للقيام بهجمات انتحارية بالقنابل ضد إسرائيل.
● ليلة ١٠-1995/٤/11م الحكم بالسجن ٢٥ عامًا على المواطن عمر شلح «29عامًا» بتهمة تجنيد أشخاص للقيام بهجمات بالقنابل ضد إسرائيل ومساعدة مرتكبيها.
● ليلة 14-15\4\ ۱۹۹٥م الحكم بالسجن ١٥ عامًا على المواطن عزيز الشامي «25عامًا» بتهمة تحريض الشباب على القيام بهجمات انتحارية بالقنابل ضد إسرائيل.
● ليلة 15-16\4\1995م الحكم بالسجن سنتين على المواطن رائد العطار «23عامًا» بتهمة الإخلال بالأمن والتدرب على استعمال السلاح بشكل غير مشروع.
● ليلة ١٦-4/17/ ۱۹۹٥م الحكم بالسجن ٧ سنوات على المواطن محمد السمري «30 عامًا» بتهمة نقل قنابل لاستخدامها ضد الإسرائيليين..
● ليلة ۳۰ إبريل «نيسان»- ١ مايو «أيار» ١٩٩٥ م الحكم بالسجن ١٢ عامًا على المواطن أكرم أبو شنب «40 عامًا» بتهمة الحصول على الأسلحة بشكل غير مشروع ومقاومة إلقاء القبض عليه، وإطلاق الرصاص على رجال الشرطة الفلسطينية والتحريض على السلطة.
وعلى الرغم من الاحتجاجات الدولية فإن انتهاكات حقوق الإنسان لم تتوقف في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية بل ربما زادت عما كانت عليه بعد تقرير منظمة العفو السابق، وهو ما أكده التقرير السنوي الجديد لمنظمة العفو الدولية والذي جاء فيه: «إن العديد من المعتقلين خصوصًا الناشطين الإسلاميين من قطاع غزة سجنوا أشهر عدة من دون محاكمة، وحتى دون أن يوجه إليهم أي اتهام. وذكرت المنظمة باعتقال صحفيين وناشطين من أجل حقوق الإنسان».
وأوضح التقرير أن «ستة فلسطينيين توفوا في ظروف غامضة في السجون الفلسطينية، حيث إن المعلومات حول عمليات تعذيب وسوء معاملة بدأت تظهر بعد إقامة السلطة الفلسطينية، وخصوصًا ضد المعتقلين الأمنيين ومن تتهمهم بالانتماء لحركة المقاومة الإسلامية».
وانتقدت منظمة العفو الدولية، أمنستي، أيضًا محكمة أمن الدولة التي أنشئت في غزة عام ١٩٩٥ م، والتي قامت بمحاكمات سرية وخاطفة لم تستمر أكثر من بضع دقائق قبل الحكم بعقوبات بالسجن وصل بعضها إلى « 25 عامًا»...
وبالإضافة إلى منظمة العفو الدولية فقد أدانت منظمات أخرى مهتمة بحقوق الإنسان ممارسات الحكم الذاتي ومنها:
● في 23\4\1996م أدانت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان التي تنشط في الأراضي المحتلة عمليات الاعتقال الأخيرة التي قامت بها السلطة وقدرت عدد المعتقلين بأكثر من ۷۰۰ معتقل وأصدرت بيانًا جاء فيه: «أنها تنظر بخطورة لهذه الحملة من الاعتقالات والمداهمات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية والمتمثلة في مداهمة البيوت والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الاجتماعية، وما ترافق مع هذه العمليات من تكسير وتخريب يقوم به أفراد السلطة الفلسطينية من أجل اعتقال فلسطينيين» وقال البيان: «نؤكد إدانتنا وشجبنا لحملة الاعتقالات السياسية بحق المواطنين دون قانون، ودون توجيه أية اتهامات ودون مراعاة لحقوق الإنسان الفلسطيني الأساسية، وندعو السلطة الفلسطينية إلى التوقف عن هذه الممارسات بحق الشعب وإطلاق سراح جميع المعتقلين فورًا»...
● في 20\5\1996م: انتقدت منظمة «ليبرتي» لحقوق الإنسان ومقرها لندن قيام السلطة الفلسطينية باعتقال الدكتور إياد السراج- أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية- للمرة الثانية، واعتبرت «ليبرتي» في بيان لها أن اعتقال السيد السراج الذي يرأس المفوضية الفلسطينية لحقوق الإنسان ويدير برنامج غزة للصحة النفسية يأتي في إطار سلسلة انتهاكات ترتكبها السلطة الفلسطينية منذ فترة ضد العاملين في مجالات حقوق الإنسان والصحافة والعمل الأكاديمي.
● في 22\5\1996م: انتقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان وهي منظمة إنسانية تعنى بحقوق المواطن العربي ومقرها القاهرة انتهاك السلطة الفلسطينية في مناطق الحكم الذاتي لحقوق الإنسان، وطالب بيان صادر عن المنظمة السلطة الفلسطينية الإفراج عن الدكتور إياد السراج- رئيس الرابطة الفلسطينية لحقوق المواطن- المعتقل بتهمة القذف والتشهير...
وعبرت المنظمة في بيان لها عن قلقها العميق من تدهور الأوضاع الإنسانية في المناطق الفلسطينية، مشيرة إلى أن الأمور قد بلغت حدًّا لم يعد فيه المسؤولون في منظمات حقوق الإنسان في تلك المناطق بمنجاة من الاعتقال وانتهاك حقوقهم.
● في 22\5\1996 اعتبرت منظمة العفو الدولية «أمنستي» الحقوقي الفلسطيني الدكتور إياد السراج الذي يترأس الهيئة الفلسطينية المستقلة للدفاع عن حقوق المواطن «سجينًا من سجناء الضمير» وطالبت بالإفراج «الفوري وغير المشروط» عنه من قبل سلطات الأمن الفلسطينية في غزة.
وقالت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير نشرته في22\5\1996م: «إن محكمة عسكرية سرية فلسطينية أمرت باستمرار احتجاز السراج لتذمره من الفساد والقمع في المناطق الخاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية.
وكان السراج قد اعتقل من منزله الواقع في مدينة غزة في 18\5\1996م بعد ١٢ يومًا من إجرائه مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» وصف فيها السلطة الفلسطينية بـ «الفساد والدكتاتورية والقمعية».
وأضافت الصحيفة البريطانية أن السيد ياسر عرفات كان قد أنشأ محاكم أمن الدولة عن طريق إصدار أوامر رئاسية، وقال مركز حقوق الإنسان إن هذه المحكمة «لا تتبع أية إجراءات كما ينبغي». وقالت الجارديان: إن محاكمات عديدة أجريت سابقًا في منتصف الليل، ولم تدم سوى أكثر من ساعة بقليل، مشيرة إلى أن «محكمة أمن الدولة الفلسطينية تنافي كل معايير المحاكمة العادلة، وتنتهك المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان» حسب تعبير الصحيفة البريطانية.
● في 10\3\1996م: أعرب مركز المعلومات الفلسطيني لحقوق الإنسان وهو هيئة تابعة لجمعية الدراسات العربية في القدس المحتلة عن قلقه واستيائه البالغين إزاء حملة المداهمات والاعتقالات التي تقوم بها أجهزة السلطة الفلسطينية في الآونة الأخيرة في مناطق نفوذها ضد المعارضين السياسيين لها.
وجاء في بيان صادر عن المركز على إثر اقتحام حرم الجامعة الإسلامية في غزة وكلية العلوم التربوية في مدينة رام الله إن هذه الممارسات «عبث وتخريب داخل هذه المؤسسات» مشيرًا إلى أنه تم خلال عملية الاقتحام للمؤسستين المذكورتين «حرق بعض الوثائق، ومصادرة بعضها وتكسير أجهزة حاسوب بحجة البحث عن مطلوبين».
وفي هذا السياق دعت شخصية نيابية فلسطينية مهمة وممثلون عن هيئات دولية للدفاع عن حقوق الإنسان السلطة الفلسطينية إلى وقف انتهاكات لحقوق الإنسان وخاصة تلك التي تمارسها ضد مئات المعتقلين الفلسطينيين لديها.
وقال عضو المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب عبد الجواد صالح في بيان وقعه مع الفرع المراسل للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان التي مقرها باريس في بيان مشترك صدر عنهما أنهما يتابعان بقلق بالغ الإجراءات والاعتقالات العشوائية والجماعية التي تقوم بها أجهزة الأمن الفلسطينية ضد المئات من المواطنين الفلسطينيين خلال الأسابيع الأخيرة، والتي طالت حتى الآن أكثر من ألف مواطن فلسطيني، حسب تقدير البيان.
وأضاف البيان أن النائب صالح قام برفقة محامي المؤسسة الحقوقية بزيارة للسجون الفلسطينية في كل من أريحا ورام الله يومي الـ 23 و٢٤ من شهر مارس «آذار» الماضي للاطلاع على أوضاع المعتقلين داخل السجنين المذكورين.
وقال البيان إن الانطباع الذي خرج به الزائران لهذين السجنين أن الاعتقالات التي قامت بها أجهزة الأمن الفلسطينية في الآونة الأخيرة تميزت بخروقات قانونية فاضحة، وفي مقدمتها استعمال وسائل الإكراه ضد هؤلاء المعتقلين وسلب حريات لمدة تفوق المدة القانونية.
وأكد البيان على وجود انتهاكات عديدة بحق المعتقلين الفلسطينيين تمس حقوق الإنسان بشكل صارخ، وأن هذه القناعة توصلا إليها من خلال زيارتهما لهذين السجنين، واللذين يحتويان على ۲۰۰ معتقل فلسطيني بواقع ۱۰۰ معتقل لكل سجن.
ومن المخالفات الصارخة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها سلطة الحكم الذاتي تشكيل المحاكم العسكرية الميدانية، ففي 28\2\1996م: أمر رئيس السلطة ياسر عرفات بتشكيل محكمة عسكرية ميدانية لمحاكمة العقيد عبد الرحيم أبو عون- قائد قوات الأمن الفلسطيني في قلقيلية والعقيد موسى جاد الله، وذلك لعدم تدخلهما حين أحرق متظاهرون فلسطينيون العلم الإسرائيلي في ذكرى تأبين مهندس عمليات التفجير في حركة حماس يحيى عياش، وشكل عرفات المحكمة بعد احتجاج رسمي من إسرائيل.
تلك هي سلطة عرفات سلطة بلا أرض، وقوات مسلحة بلا دولة وحكومة بلا سيادة والنتيجة تحول منظمة التحرير إلى سلطة هزيلة وهذه السلطة ليست أكثر من أداة بيد المحتل لقهر الشعب الفلسطيني وتطويعه خدمة لأمن الإسرائيليين، فإذا كان هذا حال سلطة عرفات مع حكومة حزب العمل وشيمون بيريز الحمائمية فكيف سيكون وضعها بعد فوز بنيامين نتنياهو- زعيم الليكود المتطرف؟ وكيف ستكون الانعكاسات على الشعب الفلسطيني المصابر؟
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
«الحلقـــة الإسلاميــة».. 32 عامـــاً من خدمــة المسلميـن في اليابـان
نشر في العدد 2138
25
الأحد 01-ديسمبر-2019

