العنوان القدس..يا شيخ الأزهر
الكاتب د. توفيق الواعي
تاريخ النشر السبت 23-مايو-2009
مشاهدات 10
نشر في العدد 1853
نشر في الصفحة 39
السبت 23-مايو-2009
القدس يا شيخ الأزهر، القدس يا شيخ المسلمين القدس أمانة في عنقك أنت ومن معك. لقد وليت أمرًا يجب أن تأخذه بحقه، وحق الإسلام عليك أن تدافع عن مقدساته، وتنافح عن قضاياه، ورجالات الإسلام تظهر في المواقف وتبرز في الأزمات، ولقد وقف من العلماء الكثير مدافعين على مر الدهور والعصور عن قضايا الأمة وعن فلسطين والمسجد الأقصى ومقدسات المسلمين، واليوم وقد احتلت فلسطين، واحتلت القدس، وحوصر المسجد الأقصى، ويراد نزعه إلى الأبد من أيدي المسلمين.
ومن الواضح أن القدس دائمًا كانت اختبارًا لقوة المسلمين ورجولتهم، ولم تحرر في مرة واحدة بالتفاوض، وإنما خاض المسلمون من أجلها الحروب تلو الحروب، وها هي القدس اليوم تنن من ضعف المسلمين وترزح تحت نير المجرمين، ولن يحرك العالم المؤمن إلا قيادات دينية وسلطات إيمانية وقد قام علماء الأزهر الشريف سنة ١٩٤٧م عند أزمة فلسطين بتوجيه ندائهم إلى أبناء العروبة والإسلام بوجوب الجهاد لإنقاذ فلسطين وحماية المسجد الأقصى، وفيما يلي نص النداء:
«بسم الله الرحمن الرحيم يا معشر المسلمين. قضي الأمر، وتألبت عوامل البغي والطغيان على فلسطين، وفيها المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومنتهى إسراء خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه.
قضي الأمر، وتبين لكم أن الباطل مازال في غلوانه، وأن الهوى ما فتئ على العقول مسيطرًا وأن الميثاق الذي زعموه سبيلاً للعدل والإنصاف ما هو إلا تنظيم للظلم والإجحاف، ولم يبق بعد اليوم صبر على تلكم الهضيمة التي يريدون أن يرهقونا بها في بلادنا، وأن يجتموا بها على صدورنا، وأن يمزقوا بها أوصال شعوب وحد الله بينها في الدين واللغة والشعور.
إن قرار هيئة الأمم المتحدة قرار من هيئة لا تملكه، وهو قرار باطل جائر ليس له نصيب من الحق ولا العدالة، ففلسطين ملك للعرب والمسلمين بذلوا فيها النفوس الغالية والدماء الذكية، وستبقى إن شاء الله ملكًا للعرب والمسلمين بالرغم من تحالف المبطلين، وليس لأحد كائنًا من كان أن ينازعهم فيها أو يمزقها.
وإذا كان البغاة العتاة قصدوا بالسوء من قبل هذه الأماكن المقدسة فوجدوا من أبناء العروبة والإسلام قساوة ضراغم ذادوا عن الحمى، وردوا البغي على أعقابه مقلم الأظافر محطم الأسنة فإن في السويداء اليوم رجالا وفي الثرى آسادًا وإن التاريخ لعائد بهم سيرته الأولى، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
يا أبناء العروبة والإسلام: لقد أعذرتم من قبل، وناضلتم عن حقكم بالحجة والبرهان ما شاء الله أن تناضلوا حتى تبين للناس وجه الحق سافرًا، ولكن دسائس الصهيونية وفتنها وأموالها قد استطاعت أن تجلب على هذا الحق المقدس بخيلها ورجلها، فعميت عنه العيون، وصمت الآذان والتوت الأعناق، فإذا بكم تقفون في هيئة الأمم وحدكم، ومدعو نصرة العدالة يتسللون عنكم لواذا بين مستهين بكم وممالئ لأعدائكم، ومتستر بالصمت متصنع للعباد، فإذا كنتم قد استنفدتم بذلك جهاد الحجة والبيان، فإن وراء هذا الجهاد لإنقاذ الحق وحمايته جهادًا سبيله مشروعة وكلمته مسموعة، تدفعون به عن كيانكم ومستقبل أبنائكم وأحفادكم، فذودوا عن الحمى وادفعوا الذئاب عن العرين، وجاهدوا في الله حق جهاده فَلْيُقَاتِلْ ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) ﴾( سورة النساء: الآية 74)، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) ﴾( سورة النساء: الآية76)
يا أبناء العروبة والإسلام: خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعًا، وإياكم أن يكتب التاريخ أن العرب الأباة الأماجد قد خروا أمام الظلم ساجدين، أو قبلوا الذل صاغرين.
إن الخطب جلل، وإن هذا اليوم الفصل وما هو بالهزل، فليبذل كل عربي وكل مسلم في أقصى الأرض وأدناها من ذات نفسه وماله ما يرد عن الحمى كيد الكائدين، وعدوان المعتدين سدوا عليهم السبل، واقعدوا لهم كل مرصد، وقاطعوهم في تجارتهم ومعاملاتهم، وأعدوا فيما بينكم كتائب الجهاد، وقوموا بفرض الله عليكم، واعلموا أن الجهاد الآن قد أصبح فرض عين على كل قادر بنفسه أو ماله، وأن من يتخلف عن هذا الواجب فقد باء بغضب من الله واثم عظيم ﴿إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)﴾( سورة التوبة: الآية 111).
فإذا كنتم بإيمانكم قد بعتم أنفسكم وأموالكم، فها هو ذا وقت البذل والتسليم، وأوفوا بعهد الله يوف بعهدكم، وليشهد العالم غضبتكم للكرامة وذودكم عن الحق، ولتكن غضبتكم هذه على أعداء الحق وأعدائكم لا على المحتمين بكم ممن لهم حق المواطن عليكم وحق الاحتماء بكم فاحذروا أن تعتدوا على أحد منهم، إن الله لا يحب المعتدين، ولتتجاوب الأصداء في كل مشرق ومغرب بالكلمة المحببة إلى المؤمنين الجهاد...الجهاد .. الجهاد .. والله معكم».
وقد وقع على الفتوى كل من فضيلة: الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الشيخ عبد الرحمن حسن وكيل شيخ الأزهر الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية السابق الشيخ محمد عبد اللطيف دراز مدير الجامع الأزهر والمعاهد الدينية، الشيخ محمود أبو العيون السكرتير العام للجامع الأزهر والمعاهد الدينية الشيخ عبد الجليل عيسى شيخ كلية اللغة العربية بالجامع الأزهر الشيخ الحسيني سلطان شيخ كلية أصول الدين الشيخ عيسى منون شيخ كلية الشريعة، الشيخ محمد الجهني شيخ معهد القاهرة الشيخ عبد الرحمن تاج شيخ القسم العام، الشيخ محمد الغمراوي المفتش هؤلاء هم أسلافك يا شيخ الأزهر، كانوا بالأزهر الشيخ إبراهيم حمروش الشيخ محمود شلتوت الشيخ إبراهيم الجبالي الشيخ محمد الشربيني، وأعضاء جماعة كبار العلماء، وكثير غير هؤلاء من العلماء والمدرسين في الكليات والمعاهد الأزهرية في القاهرة والأقاليم المصرية.
روادًا للأمة على درب من سبقهم، وقاموا ببعض ما كان يجب عليهم، ودعوا إلى الجهاد في سبيل استرداد المقدسات، فهل تستطيع أن تقوم بمثل ما قاموا به، وأن تتوجه إلى العلماء حتى يؤازروك و پربطوا على يديك ؟! حينئذ سترضي ربك وترضي الإسلام، وترضي الأمة، وتكون نصيرا لها وسيحمل التاريخ لك ذلك، وستسطر في صحائفك عند الله وعند الناس، أما إذا كانت الأخرى لا قدر الله، فإن الحساب سيكون عسيرًا، نسأل الله السلامة والسلام.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
د. حسن خاطر: الصهاينــة يواصلــون تغييــر المشهــد الإسلامــــــي والحضــــاري لـ«الأقصــــى»
نشر في العدد 2182
26
الثلاثاء 01-أغسطس-2023