; الكتاب الإلكتروني.. هل يجتاح الكتاب المطبوع؟ | مجلة المجتمع

العنوان الكتاب الإلكتروني.. هل يجتاح الكتاب المطبوع؟

الكاتب د. محمود خليل

تاريخ النشر السبت 09-مارس-2002

مشاهدات 20

نشر في العدد 1491

نشر في الصفحة 50

السبت 09-مارس-2002

■ عبد البديع قمحاوي: صناعة البرمجيات تقوم على «صناعة المحتوى»، وهي في الأصل كتاب مطبوع.

■ عبد التواب يوسف: لا نستطيع القول بنهاية «الوراقة والوراقين».

■ د. سعيد الغريب: وسائل الإعلام والمعرفة متكاملة وليست متناسخة.

منذ عرف الإنسان الطباعة على يد «جوتنبرج»، احتلت الكلمة المطبوعة موقعها، وسجلت تاريخها، باعتبارها أهم وأفضل وسيلة للمعرفة، وظل الوضع كذلك حتى ظهرت الكتب المطبوعة على أسطوانات الليزر المضغوطةCD، وانتشرت عمليات النشر الرقمي للكتب. 

ومع التغيرات المتلاحقة في عالم النشر الإلكتروني بدأت كلمات «جوتنبرج» المطبوعة تهتز بشكل خطير، ومع إمكانات الحاسوب - التي تفوق الخيال - في تيسير المادة المطبوعة، وإعدادها وسهولة استخدامها والاستفادة العليا من مضمونها، ومع رشاقة الإخراج، وفاعلية الصوت والصورة والحركة والقدرات التخزينية الفائقة التي تحتوي الملايين من الكتب والمعلومات، ومع التقدم الرهيب لعلوم البرمجة، ودمج الصوت والحركة والموسيقى، أصبح الكتاب التقليدي في سباق غير متكافئ تمامًا مع الكتاب الإلكتروني (e-book).

تعبير الكتاب الإلكتروني، تعبير مجازي عن هذه العروض التي يمكن مشاهدتها من خلال الشاشة مصحوبة بالنص المكتوب والصوت والصور الثابتة أو المتحركة.

خاصية التفاعل:

يرى الأستاذ عبد البديع قمحاوي أن صناعة البرمجيات يقوم عليها فريق عمل أساسه «صناعة المحتوى»؛ لأن «القرص المرن» أو «أسطوانة الليزر المدمجة» لن تكون جاهزة للتعامل معها إلا بعد المرور بعدة مراحل من التصميم والبرمجة والتنفيذ.

وتأسيسًا على المضمون والمحتوى الذي هو في أصله كتاب مطبوع تأخذ طريقها إلى النشر بطريقة أكثر يسرًا وسهولة ودقة وجمالًا.

ثم يضيف - وهو الخبير الأول لتعليم الكبار في مصر  -: من المعروف أن طباعة الكتاب ليست هدفًا في حد ذاتها، إنما الهدف من عملية الطباعة تيسير المعرفة، وتوفير الوسائل الثقافية المختلفة، والحاسوب أحد عطاءات ثورة تكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات، ومن ثم أصبح وسيلة أساسية للإنسان في تدعيم عقله وتقويته وتغذيته معرفيًّا وثقافيًّا.

من هنا تحولت «الصفحات» إلى «مشاهد» وتحول «الكتاب» إلى «مسلسل»، وتحولت «الفصول والأبواب» إلى شريط «سيناريو»، ونستطيع أن نقول مطمئنين: إن الكتاب المطبوع سيظل «الأول» في مصادر المعرفة ووسائل التثقيف؛ ذلك لأن العلاقة بين الكتاب المطبوع والقارئ علاقة تراثية خالدة تمتاز بخاصية «التفاعل»، أما العلاقة مع الكتاب الإلكتروني فهي علاقة «قسرية» منضبطة، لا تتم بشكل فاعل إلا بناء على ضوابط صارمة، لا تحقق للمثقف أو القارئ لذة الانسياح، كما يحب ويهوى، كما أن سيل المعرفة الكاسح قد يفقد الإنسان في يوم ما لذة الاختيار ومتعة التفرد، فعشرات الآلاف من البدائل على الشاشة المزدحمة المبرمجة، قد تضيع على الإنسان فرصة الانتقاء والاصطفاء، وقوعًا في وهدة الإغراء والاستهواء، وعالم القراءة والثقافة هو عالم الانتقاء والاصطفاء أولًا وأخيرًا.

الوراقة والوراقون

وأمام هذا الاجتياح الإلكتروني، يؤكد كاتب الأطفال عبد التواب يوسف أن الحنين التقليدي للكتاب المطبوع سيظل باقيًا، وسوف يصمد طويلًا، فبالرغم من أنك تستطيع أن تحمل معك مكتبة هائلة على القرص الصغير، وعند القراءة تستطيع الحصول على أية مرادفات لغوية للكلمات الصعبة من القاموس الداخلي الموجود بالجهاز، بل وتستطيع الترجمة من عدة لغات إلى عدة لغات أخرى، كما يمكنك الحصول فورًا على أي مكتبة، وتفقد أرففها وأركانها، وانتقاء أي كتاب تريده دون أن تبذل أي جهد في السير إليها، أو البحث عن أي ناشر، وعلى الرغم من وجود عشرات المواقع المجانية على الإنترنت رغم كل ما سبق، ورغم كل ما يستجد من إمكانات إلكترونية، إلا أننا لا نستطيع أن نقول بنهاية «الورق والوراقين»، فالتكنولوجيا القديمة لا تزال قادرة على الصمود في عالم الطباعة والقراءة. 

وبالرغم من الثراء المعرفي الهائل الذي يوفره الكتاب الإلكتروني، إلا أنني أرى أنه وسيلة مساعدة وليست بديلة عن «الكتاب المطبوع»، وسوف يظل العشق القديم.

 مفتاح الكنز المعرفي 

الدكتور سعيد الغريب - أستاذ الإخراج الإلكتروني بكلية الإعلام جامعة القاهرة - يرى أن المستقبل مهما كان محملًا بالكثير من الوعود لهذا النوع من الكتيب؛ حيث تصل التوقعات بالنسبة للمستقبل إلى تصورات بعيدة المدى، فإن الكتاب المطبوع سيظل كما قال الشاعر:

 أعز مكان في الدنى سرج سابح 

وخير أنيس في الزمان كتاب 

المستقبل يحمل الكثير والكثير، ويجري العمل الآن على تصميم حاسوب يضم شاشة مقاسها 8×6 بوصات، وهي مساحة كبيرة ومريحة يمكنك من خلالها قراءة أي نص، بينما حجم الجهاز نفسه صغير ومناسب مما يعطيك الفرصة لتحمله معك في أي مكان، وبالجهاز «مودم» يسهل ارتباطك بالإنترنت لتحميل الكتب الجديدة.

من هنا فإن ثمة إشكالية لا يجب أن يكون النظر إليها بهذه التقابلية؛ حيث إن جميع وسائل المعرفة والتثقيف متكاملة.

 وقد أثيرت هذه التساؤلات وأكثر منها بالنسبة للكتاب عندما ظهرت الصحيفة، وكذلك بالنسبة للصحيفة عندما ظهر الراديو، وبالنسبة لكل هذه الوسائط والوسائل عندما ظهر التلفاز، ومع ذلك بقي الجميع.

إعجاز الدماغ البشري

ومن الصعب حقيقة، إن لم يكن من المستحيل أن يتحصل الإنسان على ثقافته، وأن يفتح نوافذه المعرفية على وسيلة واحدة، فالناس فيما يشتهون مذاهب.

ولسنا هنا بصدد قوائم المقارنات والموازنات بين وسائل الإعلام وأدوات التثقيف المختلفة إلا أن عالم الكتاب سيظل قائمًا، مهما تعددت موجات الإشعاع المعرفي، فنحن أمة صنعها كتاب، وخرجت من بين دفتي كتاب ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ (سورة البقرة: 2)، كما أن زيادة التعرض للتلفاز والحاسوب تؤدي إلى زيادة واضحة في الدراية بوسائل الاتصال الحديثة، بوصفها منهجًا مهمًّا في تدعيم وتأهيل وتعزيز المهارات القرائية لا سيما في المراحل الأولى من رحلة القراءة والمعرفة.

الرابط المختصر :