العنوان الكيان الصهيوني: الموساد بين الأسطورة و «الخيبات المتوالية»
الكاتب محمود الخطيب
تاريخ النشر الثلاثاء 03-مارس-1998
مشاهدات 23
نشر في العدد 1291
نشر في الصفحة 22
الثلاثاء 03-مارس-1998
- سلسلة من العمليات الفاشلة لازمت الموساد منذ إنشائه عام ١٩٥١م أزالت الهالة التي حاول البعض وضعها حوله باعتباره أكفأ جهاز مخابرات في العالم.
- عمليات التصفية الجسدية تمت بغرض الانتقام من كل من تجرأ على مواجهة اليهود .. فهم لا ينسون صنيع أعدائهم أبدًا !!
- عميل مزدوج ورط الصهاينة في عملية إنزال فاشلة في جنوب لبنان فقدوا فيها ١٢ عسكريًا
ألقت استقالة داني بانوم رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية «الموساد» في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، الضوء على نشاطات هذا الجهاز سيئ الصيت وصاحب السجل الحافل بالأعمال القذرة والاغتيالات، وقد تزامنت هذه الاستقالة مع إعلان ما أرادت الحكومة الإسرائيلية إعلانه من نتائج تقرير لجنة شخنوفر الخاصة بالتحقيق في فشل محاولة اغتيال الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» في وسط العاصمة الأردنية عمان في ٢٥ سبتمبر الماضي، ومع كشف سلطات الأمن السويسرية عن إحباطها لعملية تنصت حاولت مجموعة تابعة للموساد تنفيذها على مبنى يسكنه أحد المواطنين العرب يشتبه بعلاقته بحزب الله اللبناني في العاصمة السويسرية «بيرن» يوم ٢٠ فبراير الماضي، وقد أثار الحدث الأول حفيظة الحكومة الأردنية التي كانت تنتظر اعتذارًا رسميًا من الحكومة الإسرائيلية بسبب محاولة اغتيال مشعل داخل الأراضي الأردنية، فيما اضطرت حكومة نتنياهو لتقديم اعتذار علني عن حادث بيرن.
مصادر صحفية إسرائيلية زعمت أن تقرير لجنة شخنوفر الذي حمل ياتوم المسؤولية عن فشل محاولة اغتيال مشغل وبرأ في الوقت نفسه رئيس الحكومة نتنياهو من أي مسؤولية هو ما دفع ياتوم إلى تقديم استقالته وأنه كان ينتظر لحظة مواتية فجاءت عملية بيرن ذريعة للاستقالة، وقد أكدت مجلة «تايم» الأمريكية هذه الفرضية مدعية أن إسرائيل لم تشأ أن تظهر استقالة ياتوم وكأنها جاءت استجابة لمطلب الحكومة الأردنية بضرورة إقالة ياتوم على خلفية مشعل جيت.
من المفيد الإشارة إلى أن لجنة شخنوفر الثلاثية للتحقيق لم تشكلها الحكومة الإسرائيلية. على أساس أن محاولة الموساد الفاشلة في عمان مخالفة أو انتهاك السيادة وأمن بلد يرتبط مع إسرائيل بمعاهدة سلام، لكن اللجنة قامت من أجل التحقيق في أسباب فشل العملية التي أدى كشفها إلى اعتقال اثنين من مرتكبيها، وتوتير العلاقة الإسرائيلية الأردنية ، إضافة إلى تأزم العلاقة مع كندا بسبب استخدام عملاء الموساد لجوازات سفر كندية مزورة. وخلاصة تقرير اللجنة تحميل فشل المحاولة إلى رئيس الموساد ياتوم والمسؤول عن وحدة المقاتلين المدعو «ح» بسبب ضعف التخطيط وقلة التدريب الذي تلقاه العملاء قبل العملية، فيما رأت اللجنة أن رئيس الحكومة نتنياهو عالج العملية بصورة معقولة.
أما المحاولة الفاشلة للتنصت على هاتف منزل السيد عبد الله الزين في العاصمة السويسرية فمن غير المتوقع أن تكون لها أي انعكاسات على العلاقات القوية، وخصوصًا الأمنية بين سويسرا وإسرائيل، بعد أن قبلت الحكومة السويسرية اعتذارًا إسرائيليًا رسميًا، لكنها ركزت الضوء على أنشطة جهاز الموساد الإسرائيلي في أوروبا حيث يعتقد بأن مركزها في العاصمة البلجيكية بروكسل، ويحمل الزين الجنسية السويسرية بعد زواجه من مواطنة سويسرية طلقها فيما بعد، وهو أصلًا لبناني شيعي من بلدة رمان قرب النبطية، وتشتبه أجهزة الأمن الإسرائيلية بأن الزين ما زال على صلة قوية بحزب الله اللبناني، وقبضت الشرطة السويسرية على خمسة من عملاء الموساد متلبسين بجريمتهم، وهم يحاولون زرع جهاز تنصت في صندوق الخطوط الهاتفية التابع للبناية التي يسكنها الزين، وأطلق سراح أربعة منهم في الموقع نفسه، بينما جرى التحفظ على المهندس، الذي كان يحاول زرع جهاز التنصت.
رؤساء موساد تساقطوا
رغم الهالة التي يحاول الكثيرون وضعها فوق رأس الموساد باعتباره من أكفأ أجهزة المخابرات في العالم فإن الحقيقة تقول إنه تعرض منذ تأسيسه عام ١٩٥١م إلى سلسلة من العمليات الفاشلة التي تطاير بسببها عدد من رؤسائه، فداني ياتوم لم يكن أول من يقدم استقالته بسبب فشل عملية من عمليات الموساد القذرة في الخارج.
وكان رؤفن شلوح أول رئيس للموساد أجبر على تقديم استقالته عام ١٩٥٢م عندما اعتقلت مجموعة تابعة للموساد في العراق اتهمت بتنفيذ سلسلة من أعمال التفجير والاغتيالات ضد يهود عراقيين (1) في بغداد بغرض حملهم على الهجرة إلى فلسطين المحتلة، وتزامن اعتقال تلك المجموعة مع اعتقال أحد عملاء الموساد في مصر.
كما تم إقصاء اثنين آخرين من رؤساء الموساد أحدهما «تسافي زمير» بتهمة التقصير في حرب أكتوبر عام ۱۹۷۳م، والآخر هو «ناحوم أدموني» بسبب تقصيره في اجتياح لبنان عام ۱۹۸۲م.
لم يتوقف جهاز الموساد الإسرائيلي عن العمل منذ تأسيسه، كما لم يتوقف عن الفشل في عدد من العمليات بعضها اكتشف أمره باعتقال عملاء الموساد المنفذين، والكثير منها لم يتم الكشف عنه حتى هذه الساعة، وترجع أسباب الفشل إما إلى أخطاء عملياتية من جانب فرق العملاء أو سوء تخطيط من قيادة الجهاز، أو لأسباب تتعلق بفطنة ويقظة الجهات التي كانت مستهدفة، ومن العمليات التي فشل جهاز الموساد في تنفيذها وافتضح أمره فيها إضافة إلى محاولة اغتيال الأخ خالد مشعل وعملية بيرن ما يلي: -في عام ١٩٥٤م اعتقلت السلطات المصرية ۱۱ يهوديًا مصريًا بتهمة الاعتداء على مصالح بريطانية وأمريكية في مصر، وبالتحقيق معهم تبين وجود علاقة لهم مع الاستخبارات الإسرائيلية وأنهم كانوا يهدفون إلى تخریب علاقات مصر بالغرب في الوقت الذي كانت الحكومة المصرية تتفاوض فيه مع الإنجليز على الانسحاب من قناة السويس، وقد انتحر أحد العملاء في السجن وحكم على اثنين آخرين بالإعدام شنقًا وأطلق سراح أربعة آخرين بعد قضائهم 11 عامًا في السجن.
-اعتقال إيلي كوهين في سورية عام ١٩٦٨م وإعدامه، وهو عميل للموساد الإسرائيلي، يهودي من أصل سوري عاش فترة من الزمن في الأرجنتين، وقد أقام كوهين علاقات صداقة قوية مع مسؤولين حكوميين سوريين وضباط في الجيش السوري حتى إنه كان مرشحًا لتولي منصب وزير الدفاع في سورية واستطاع كوهين خلال وجوده في سورية لمدة سنتين جمع معلومات خطيرة وحساسة عن الجيش السوري أفادت الجيش الإسرائيلي في حرب يونيو ١٩٦٧ م لكن أجهزة الاستخبارات السورية تعقبته حتى قبضت عليه متلبسًا بتهمة التجسس، وما زالت سورية حتى اليوم ترفض تسليم جثته لإسرائيل، ومع ذلك يمكن أن تضع هذا الحادث كأفضل نجاح حققه الموساد في اختراق الأمن العربي.
مطاردة حسن سلامة
-في صيف عام ١٩٧٣م قتل عملاء الموساد في مدينة ليلهامر في جنوب النرويج عامل مطعم مغربي يدعى أحمد بوشيكي بطريق الخطأ اعتقادًا منهم أنه أبو حسن سلامة قائد جهاز القوة ١٧ وهو الحرس الشخصي لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وظلت الموساد تطارد أبو حسن سلامة سنوات عديدة في أوروبا وغيرها حيث كانت تتهمه بالتخطيط لعملية اختطاف وقتل ١١ رياضيًا إسرائيليًا في دورة الألعاب الأولمبية بميونخ عام ١٩٧٢م إلى أن تمكنت من قتله بتفجير سيارته عن بعد في بيروت عام ١٩٧٩م.
وقد اعتقلت السلطات النرويجية خمسة من عملاء الموساد بتهمة قتل بوشيكي، وحكمت عليهم إحدى المحاكم في أوسلو بالسجن خمس سنوات ولكن أطلق سراحهم بعد سنتين، ووافقت الحكومة الإسرائيلية عام ١٩٩٦م على دفع تعويض قدره ٢٣٥ ألف دولار لزوجة بوشيكي وابنته التي كانت جنينًا في بطن أمها وقت اغتيال والدها، لكن إسرائيل من الناحية الرسمية ترفض حتى الآن الاعتراف بجريمتها ومسؤوليتها عن حادث القتل.
-في عام ١٩٨٥م اعتقلت السلطات الأمريكية يهوديًا أمريكيًا عميلًا سريًا للموساد يدعى جوناثان بولارد يعمل في سلاح البحرية الأمريكية بتهمة التجسس لحساب إسرائيل وحكم عليه عام ۱۹۸۷م بالسجن المؤبد، وقام بولارد بنقل آلاف من الوثائق السرية لإسرائيل حاولت إسرائيل التوسط والضغط لدى الإدارة الأمريكية لإطلاق سراحه ومنحته الجنسية الإسرائيلية إلا أن الإدارة الأمريكية مازالت ترفض حتى الآن إطلاق سراحه.
- في عام ١٩٩١م تمكن شرطي قبرصي بمفرده من اعتقال أربعة من عملاء الموساد كانوا يحاولون وضع أجهزة تنصت في السفارة الإيرانية في نيقوسيا، وقد أفرج عنهم بعد أسبوعين.
- في شهر أكتوبر ۱۹۸۷م أعتقد أحد عملاء الموساد أنه تمكن من اختراق جهاز أمن الـ ۱۷ الفلسطيني في العاصمة البريطانية إلا أن ضباط الجهاز الفلسطيني اشتبهوا به وسلموه لأجهزة الأمن البريطانية، ووجهت له تهمة اغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، وكشفت مصادر فلسطينية أن عميل الموساد قد تم تسفيره إلى إسرائيل بعد ذلك «افترضت هذه الرواية تورط الموساد في حادث اغتيال ناجي العلي، علمًا بأن أصابع الاتهام تشير بقوة إلى مسؤولية أحد أجهزة أمن منظمة التحرير الفلسطينية»
-في شهر يناير ١٩٩٧م أوقعت الشرطة الإسرائيلية يهودا جيل وهو عميل سابق للموساد بتهمة تزوير تقارير عن استعدادات سورية لشن حرب على إسرائيل، مما كاد أن يؤدي عام ١٩٩٦م إلى اندلاع حرب بين سورية وإسرائيل، وهو الآن قيد المحاكمة.
-وفي الصيف الماضي مني جيش الاحتلال الإسرائيلي بنكسة كبيرة في عملية إنزال بحري فاشلة في منطقة الأنصارية بجنوب لبنان بعد أن وقع أفراد القوة الإسرائيلية في كمين نصبه لهم مقاتلو حزب الله اللبناني، كانت المجموعة في طريقها لاختطاف أحد قياديي الحزب، وقد اعتمد الجيش الإسرائيلي على معلومات قدمها لهم عميل لبناني للموساد واستدرجهم إلى المكان بعد أن كشف الخطة لمقاتلي حزب الله، وتبين فيما بعد أنه كان عميلًا مزدوجًا، نتج عن الحادث مقتل ١٢ضابطًا وجنديًا إسرائيليًا.
-أعلنت الحكومة الكولومبية أواخر الشهر الماضي أنها اعتقلت أربعة ضباط سابقين في الجيش الإسرائيلي وجهت إليهم تهمة القيام بأنشطة إرهابية وتدريب مجموعات يمينية مسلحة خارجة على القانون في كولومبيا بين عامي ٨٧-١٩٨٩م.
إلا أنه يحسب لجهاز الموساد تنفيذه لعدد كبير من العمليات بعضها لم يعلن عنه لأسباب أمنية وأكثر هذه العمليات كانت عمليات تصفية جسدية ولغرض الانتقام من عناصر بعينها كانت لها جولات مع اليهود ومن ذلك قام عملاء الموساد باختطاف المسؤول النازي السابق أدولف إيمان من الأرجنتين عام ١٩٦٠م. ونقلوه إلى إسرائيل حيث جرت محاكمته وأعدم تعقب الفلسطينيين ممن اشتبه الموساد بمسؤوليتهم عن حادث مقتل الرياضيين الإسرائيليين في ميونيخ ومنهم كما ذكرنا أبو حسن سلامة، وتم تصفية عدد منهم في دول أوروبية مختلفة وعلى مدى السنوات العشرين التي أعقبت الحادث.
- وفي أبريل ۱۹۷۳ م قامت فرقة تابعة للموساد الإسرائيلي بتصفية ثلاثة من قادة منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت هم أبو يوسف النجار، وكمال عدوان عضوا اللجنة المركزية لحركة فتح، وكمال ناصر عضو اللجنة التنفيذية لـ (م ت ف).
-قتل بعض مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية في أوروبا وغيرها خلال السبعينيات منهم وائل زعيتر في روما، ومحمود الهمشري في باريس.
-قتل ماجد أبو شرار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في روما عام ١٩٨١م قتل خليل الوزير «أبو جهاد» نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية والرجل الثاني في سلم القيادة الفلسطينية في منزله في تونس عام ١٩٨٨م
-اغتيال قائد حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور فتحي الشقاقي في مالطة في أكتوبر عام ١٩٩٦م.
الموساد البنية التنظيمية والفلسفة
الموساد هو اسم مختصر باللغة العبرية لـ «معهد الاستخبارات والمهمات الخاصة» وكان يعرف سابقًا بالمعهد المركزي للتنسيق وكذلك بالمعهد المركزي للاستخبارات والأمن، وهو أحد خمسة أجهزة استخبارات حكومية إسرائيلية هي الموساد جهاز الأمن العام «الشين بيت» الاستخبارات العسكرية «أمان» مكتب العلاقات العلمية «ليكم» ومركز الأبحاث السياسية التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية.
والموساد مسؤول عن جمع معلومات استخبارية وتنفيذ مهمات سرية وعن مكافحة الإرهاب، كما أنه يركز عمله على الدول العربية والمنظمات العربية في أنحاء العالم، إضافة إلى ذلك فهو مسؤول عن حركة وهجرة اليهود من سورية وإيران وإثيوبيا، وينشط عملاء الموساد في الدول الشيوعية السابقة «أوروبا الشرقية» وفي أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
تقع رئاسة جهاز الموساد في تل أبيب، وقدرت مصادر عدد موظفي الموساد في الوقت الحالي بحوالي ۱۲۰۰ شخص، ولا يشمل هذا العدد العملاء المحليين الموجودين في عدد كبير من دول العالم، ومنذ تأسيس الموساد في الأول من أبريل عام ١٩٥١ على يد رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت ديفيد بن جوريون وحتى عام ١٩٩٦م ظلت هوية رئيس الجهاز غير معلنة أو محدودة التداول وحل الجنرال داني ياتوم في مارس ١٩٩٦م رئيسًا للموساد بدلًا من شبتاي شافيت الذي قدم استقالته في أوائل ذلك العام، وقد حدد بن جوريون الهدف الرئيسي للموساد: «من أجل دولتنا التي ظلت منذ تأسيسها واقعة تحت حصار أعدائها، الاستخبارات تشكل خط الدفاع الأول يجب علينا أن نتعلم كيف نتعرف على ما يدور حولنا».
يتشكل جهاز الموساد من ثمانية دوائر على الرغم من أن بعض التفاصيل المتعلقة بالتنظيم الداخلي للجهاز تظل غير معروفة، ومن أهم هذه الدوائر:
-دائرة جمع المعلومات وهي الأكبر وتتولى المسؤولية عن أعمال التجسس ولها مكاتب في الخارج تحت غطاء دبلوماسي وأغطية أخرى غير رسمية.
-دائرة العمل السياسي والارتباط وتقوم بالأنشطة السياسية والارتباط مع الدول وأجهزة الاستخبارات الأجنبية الصديقة.
-دائرة العمليات الخاصة وهي تعرف أيضًا ب«میتسادا» وتقوم بتنفيذ عمليات الاغتيال والتخريب والحرب النفسية التي هي على درجة عالية من
الحساسية والخطورة.
-دائرة الحرب النفسية «لاب» وهي المسؤولة عن الحرب النفسية والدعاية وأعمال الخداع.
-دائرة الأبحاث وهي مسؤولة عن تقديم معلومات استخبارية بما في ذلك تقارير عن الوضع اليومي وتقارير أسبوعية ملخصة وأخرى شهرية مفصلة، والدائرة مقسمة إلى 10 مناطق جغرافية متخصصة أو مكاتب جغرافية تشمل الولايات المتحدة وكندا، وغرب أوروبا، وأمريكا اللاتينية، والاتحاد السوفييتي السابق، والصين، وإفريقيا، والمغرب العربي، وليبيا، والعراق، والأردن، وسورية، ودول الخليج، وإيران.
يتميز الموساد بطريقة جمع المعلومات بواسطة العملاء المعروفة بالاستخبارات البشرية، ويتم زرع هؤلاء العملاء في أماكن مختلفة في العالم ويسمونهم «المقاتلون اليهود».
• وتبددت أسطورة « الموساد الذي لا يقهر»
العلاقة بين الإعلام والأمن ضاعفت من فشل الاستخبارات
لندن: المجتمع:
بقيت استخبارات «موساد» محصنة في وجه النقد منذ إنشائها عام ١٩٥١م وغلفت فضائحها بغلاف من السرية، لدرجة أن اسم موساد، ارتبط بمؤسسة خفية لا يستطيع أحد التعرف عليها أو على الطريقة التي تعمل بها، ولا تسجل إلا النجاحات في سجلها الزاخر إلا أن الوضع تغير خلال الأعوام الأخيرة. وبدت استقالة رئيس الجهاز كما وصفها معلق صحفي إسرائيلي وكأنها لقطة من فيلم للممثل الكوميدي شارلي شابلن، بدلًا من كونها لقطة من أفلام العميل السري الخارق جيمس بوند. ولعل هذه التغييرات بشأن الجهاز الأسطورة الذي لا يقهر، كما شاع عنه في السابق تقدم صورة عن المدى الذي تغيرت فيه العلاقة بين الأمن الإسرائيلي والإعلام داخل الدولة العبرية المهووسة بالأخبار والأمن أكثر من أي شيء آخر.
كما تقدم هذه الحالة صورة عن التعقيد الذي أضفته تقنيات الاتصال الحديثة عن مهمة جاسوس «موساد» السري لتضعه تحت المنظار والتحقيق وقد أشار تقرير اللجنة الأمنية التي شكلت للتحقيق في فشل محاولة اغتيال خالد مشعل إلى أن فشل تلك العملية يعود إلى بناء المؤسسة الاستخبارية سمعتها على العمليات الجريئة، كاختطاف بعض مجرمي الحرب النازية، وأدت تلك العمليات الجريئة للموساد إلى بناء مفهوم حوله مفاده أنه محصن من الخطأ، ولكن فشل العمليات الجديدة وتعريتها يعود في جزء منه إلى الإعلام الذي كشف العديد منها، إذ حسب كارمي غيلون المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية «شين بيت» كان مسؤولو الأمن دائمًا بعيدين عن الأضواء الإعلامية، ولذلك فحين نشر بعض الصحف الإسرائيلية صورته في عام ١٩٩٦ ناقلًا إياها عن صحف أجنبية فإن الأمر سبب له إزعاجًا، لأن الصورة والاسم أعطيا وجهًا وعنوانًا للمؤسسة الأمنية السرية، ومن ثم قدم غيلون استقالته بعد شهر من نشر صورته.
وأكد غيلون أن وحدة الاستخبارات الخارجية «موساد» تعلمت درسًا كبيرًا وقاسيًا من عملية عمان الفاشلة، وأكد غيلون الذي يدير شركة أفنير للتأمينات في إسرائيل أن مسؤولي الأمن الإسرائيلي يجب أن يأخذوا في الاعتبار أن الإعلام يعتبر بالنسبة لهم بمثابة المعركة الكبيرة، وكان جهاز «شين بيت» تعرض لانتقاد إعلامي شديد خلال فترة رئاسة غيلون له لاتهام المؤسسة بالفشل في منع اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين الذي قتله متطرف يهودي عام ١٩٩٥م.
وتعود العلاقة بين الأمن والإعلام في إسرائيل إلى الجنة المحررين، المؤسسة شبه القانونية التي تقوم بالرقابة الذاتية على السياسات الإعلامية والتي تكونت نتيجة لاتفاق بين الرقابة العسكرية وبين العديد من المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية، حيث تم من خلال هذا الاتفاق تزويد الصحف الإسرائيلية بالمعلومات السرية والأمنية مقابل عدم نشر هذه الصحف تفاصيل أمنية حساسة، إلا أن الصحفيين الإسرائيليين وجدوا طرقًا جيدة للتغلب على صعوبات الرقابة والالتفاف عليها من خلال حيلة نسب الخبر إلى مصدر أجنبي، يسرب إليه الخبر عن طريق صحفي إسرائيلي، ثم يعود هذا الصحفي لنشر الخير منسوبًا إلى المصدر الأجنبي.
وكانت هذه الحيلة جزءًا من محاولات الصحافة الإسرائيلية للتغلب على الرقيب الذي يدقق في قضايا الأمن الحساسة منذ عام ١٩٨٤م، حينما نشرت صحيفة حداشوت الإسرائيلية صور مجموعة من الفلسطينيين الذين اختطفوا حافلة إسرائيلية، وقالت مصادر «شين بيت» في ذلك الوقت إن الخاطفين الفلسطينيين قتلوا جميعًا فور مداهمة الجيش الإسرائيلي الحافلة المخطوفة، إلا أن صور الصحيفة أظهرت أن الفلسطينيين تعرضوا للتعذيب حتى الموت من قبل المحققين الإسرائيليين .