العنوان اللعب بالقضية الفلسطينية خطر ننصحكم بالابتعاد عنه
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الجمعة 18-أغسطس-1978
مشاهدات 8
نشر في العدد 408
نشر في الصفحة 4
الجمعة 18-أغسطس-1978
إن اللعب بالقضية الفلسطينية كقضية سياسية وبمصير الشعب الفلسطيني المسلم كقضية إنسانية والذي يتم في الوقت الراهن على صعيدين:
• صعيد الأنظمة العربية ابتداء من إنهاء الوجود الفلسطيني المسلح في دول المواجهة واتخاذ أسلوب التصفية الجسدية إن استدعى الأمر وانتهاء بتحجيم الفلسطينيين في الدول المتعاطفة مع القضية مثل الكويت ودول الخليج والعراق واشتراط بقائهم في تلك الدول برمي السلاح والتخلي عن فكرة الثورة ومتطلبات الثورة سواء ساهمت هذه الدول في صنع مبررات التحجيم أم أرغمت عليها.
• صعيد القيادة الفلسطينية ابتداء من حرف مسار الثورة الفلسطينية عن الأصول السليمة لانطلاقتها وتحويل المطالب الفلسطينية الثورية إلى مطالب سياسية مجردة سقطت فيها البندقية التي أرعبت اليهود وانتهاء بتمزيق وحدة الصف الفلسطيني وتقسيم الفلسطينيين إلى فرق متناحرة ترفع البندقية ضد بعضها وترفع غصن الزيتون لمن طردهم من أرضهم وهتكوا أستارهم.. هذا اللعب يشكل خطرًا علينا من وجوه عديدة:
• الوجه الأول: سياسي محض، فالثورة الفلسطينية والوجود الفلسطيني المسلح وخاصة في دول المواجهة يشكل ورقة رابحة في يد الساسة العرب يمكنهم رفعها في وجه اليهود وأعوانهم، فالقضية الآن يمكن تلخيصها بأنها قضية مواجهة حادة بين الفلسطينيين واليهود الذين طردوهم من أرضهم أي بمعنى أن مواجهة الفلسطينيين لليهود وقتالهم لهم حق مشروع لا تستطيع أي دولة إنكاره، ومن خلال هذه الورقة يمكن للعرب أن يفرضوا شروطهم ويحققوا مصالحهم دون أن يتركوا لليهود فرصة التأثير على الرأي العام العالمي وإثارته ضد القضية العربية.
فإذن التخلي عن الورقة الفلسطينية الرابحة في أيدينا عدا عن أنه يعد جهلًا بالتكتيك السياسي الذي يدركه العوام فضلًا عن الساسة المحنكون، فإنه خطر يعرضنا للخضوع يومًا بعد يوم للضغوط الاستعمارية الرامية إلى استغلال منطقتنا وتثبيت الوجود اليهودي لدوام السيطرة على مقدرات وثروات المنطقة.
هذا من جانب أما الجانب الآخر الأعظم خطرًا فيتمثل في أمرين:
أولهما: أن هذه المعطيات السياسية لطبيعة الصراع بيننا وبين اليهود وحاجاتنا الملحة للوجود الفلسطيني أمر تدركه شعوبنا العربية وهو غير خافٍ عليها، وبالتالي فإن معايشة الشعوب العربية للأحداث الأليمة التي تمارس ضد الوجود الفلسطيني ستوحي لها بوجود خيانة متعمدة مدروسة مع الأعداء ضد إخوانهم الفلسطينيين مما قد يخلق نوعًا من الانفصال الشعبي عن القاعدة الحاكمة يجر المنطقة إلى فتن داخلية واضطرابات أهلية تضعف وجودنا العربي وتسهم في إمداد أعدائنا بالقوة المعنوية؛ لأنه من المسلم به أن الشعوب مهما ضللت فإنها لا بد أن تعي يومًا ما وحين ذلك سنواجه الخطر على حقيقته. ولنا في أحداث إيران خير مثال.
ثانيهما: أن إنهاء الوجود الفلسطيني المسلح أو تحجيم الفلسطينيين وعزلهم عن الثورة ومتطلباتها أمر في حكم الاستحالة لأن البندقية غدت منذ أن دنست أقدام اليهود فلسطين جزء من الوجود الفلسطيني، فأي محاولة منا لإسقاط البندقية من يد الفلسطيني في العلن إنما تجره لالتقاطها، وحملها مرة أخرى في السر. وحينذاك سيصعب علينا توجيه الثورة الوجهة السليمة التي تخدم أغراض صراعنا مع الأعداء كما أن المجال سيكون أكبر لمثيري الفتن ليحرفوا البندقية من وجه العدو إلى صدر الشقيق، وحينذاك وفي ظروف الصراع غير الواضح سيصعب على الشعوب تمييز الحق من الباطل وسنواجه خطر محاربة الأصابع الخفية التي لا ترى.
• الوجه الثاني: عسكري محض، فلقد أثبتت حروب العصابات بجدارة عن قدرتها على مواجهة الجيوش النظامية، بل وتحطيمها، ونرجو ألا ننسى مطلقًا أن السقوط المريع الذي سقطته الولايات المتحدة في فيتنام لم يكن إلا لأنها لم تستطع مواجهة حرب العصابات التي شنها ضدها الفيتناميون الشماليون، فإذا أغفلنا إذن لأي سبب من الأسباب هذه القوة العسكرية التي في أيدينا متمثلة بالثورة الفلسطينية فسنواجه وبلا شك خطر مواجهة دولة عصرية تفوقنا عدة مرات في الاستعداد والتجهيز العسكري المدعم بشتى وأحدث أنواع الأسلحة.
هذا إذا تجاهلنا ذلك السؤال المحير الذي سيتردد على لسان حال شعوبنا العربية وهو:
كيف نفرط بمحض إرادتنا بهذه القوة التي في أيدينا؟
وسيظل الجواب كامنًا في الصدور وبظهوره سنواجه فعلًا خطر ما لا تحمد عقباه.
• الوجه الثالث: ديني محض، فالإسلام دين غالبية سكان المنطقة العربية يحتم علينا نصرة إخوتنا في الدين والعقيدة ويحرم علينا ظلمهم فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول «انصر أخاك ظالمًا أومظلومًا» وطاعة الرسول من طاعة الله، فالتخلي عن إخواننا الفلسطينيين في قضيتهم العادلة ومطالبهم المشروعة حرام علينا وفعله خطر يعرضنا لمقت المولى جل وعلا وحربه، ومن ذا الذي يستطيع محاربة الله؟
كما أن الإسلام يحتم على أتباعه رفض أي منهج سواه ويعد اتباع فكر ومنهج آخر غير فكره ومناهجه إشراك يوجب الخذلان وإحباط العمل في الدنيا والآخرة، وسعي القيادات الفلسطينية لتبني الأفكار والمناهج الغربية أو الشرقية وصد الفلسطينيين عن الإسلام أساس انبثاق الثورة الفلسطينية -كما أثبتنا في عدد سابق- خطر يعرض الثورة الفلسطينية لمزيد من التدهور والانهيار.
وختامًا فإننا نوجه نداءنا إلى كل من يعنيه الأمر في هذه القضية الحساسة وكل قضايا أمتنا ونقول محذرين:
اللعب بقضايا الأمة خطر ننصحكم بالابتعاد عنه.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلإلى أبناء الأمة.. وإلى أعضاء مجلس الأمة – لا تلقوا سلاح المقاطعة يا أبناء الأمة
نشر في العدد 1057
103
الثلاثاء 13-يوليو-1993
الفلسطينيـــون يشيــدون بدعـــم «أردوغـــان» و«العدالــــة والتنميــــة» التركــــي لقضيتهــــم
نشر في العدد 2179
31
الاثنين 01-مايو-2023