; اللعنة هل حقًا أصابت الكنيسة الكاثوليكية؟! | مجلة المجتمع

العنوان اللعنة هل حقًا أصابت الكنيسة الكاثوليكية؟!

الكاتب عبدالباقي خليفه

تاريخ النشر السبت 27-مارس-2010

مشاهدات 18

نشر في العدد 1895

نشر في الصفحة 14

السبت 27-مارس-2010

يتردد في الكثير من الأوساط الغربية أن الكنيسة أصابتها اللعنة؛ فلا تكاد تخرج من ورطة حتى تسقط في مأزق؛ حيث تطاردها الفضائح في كل الأماكن وكل الأوقات... ليس ذلك فحسب، بل إن بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر نفسه الشخص الذي كان يمثل الشجرة التي تغطي غابة الشذوذ الكنسي جرفه التيار وهو يصارع أمواج اليم بعد أن لطخته هو الآخر بالوحل فهو متهم -بصفته وشخصه- بالتستر على تلك الجرائم عندما كان كاهنا؛ فكاردينالاً بألمانيا، ولم تنفعه الأصوات المبحوحة التي حاولت - عبثًا - الدفاع عنه!!

ولم تستطع الكنيسة الكاثوليكية الدفاع عن نفسها في وجه الاتهامات التي لم تستطع إخفاءها فضلا عن إنكارها، فقد كانت جميع الحجج ضدها، وضحاياها بعشرات الآلاف ولا يزال الكثيرون يكشفون بشكل يومي تقريبًا عن جرائم القساوسة والكرادلة ضد الأطفال، حتى كتب أحدهم: «إن الله يحارب الكنيسة بأفعال قساوستها ورؤوسها»، وكتب آخر: «إن اللعنة تصيب الكنيسة»!

ولا تزال جرائم الشذوذ الجنسي تزلزل كيان الفاتيكان وتهزه هزًّا عنيفًا، حتى عندما يحاول الدفاع عن حبره الأعظم؛ فشرف الكنيسة الذي ذهب مع الفضائح تقزم واختزل في شخص رجل واحد هو «بنديكت السادس عشر».. ولم يستطع الفاتيكان الدفاع عن نفسه وعن الكنيسة فراح يدين -وبشدة- محاولة ربط بابا الفاتيكان بجرائم الشذوذ الجنسي في ألمانيا، والتي قيل: «إنه تستر عليها»!

وحش كاسر

وكانت عدة صحف ووسائل إعلام ألمانية وبريطانية وإيطالية قد اتهمت بنديكت السادس عشر، بالتستر على بعض الجرائم ومنها جريمة اعتداء أحد القساوسة على أطفال قصر عام 1980م، منهم طفل في الحادية عشرة من عمره.. ولم يزد بندیکت السادس عشر - «جوزيف راتسينجر» آنذاك، الذي كان يشغل منصب رئيس أساقفة مدينة ميونيخ الألمانية - على نقله إلى مكان آخر، وظل القس الفاسد يقوم بالوعظ في الكنائس، ويتواصل مع آخرين!!

وبعد ست سنوات من جريمته الأولى حكم عليه بالسجن لمدة ستة أعوام سجنًا مع وقف التنفيذ بعد إدانته بالاعتداء جنسيًّا على أطفال آخرين.. ولا يزال هذا الوحش الكاسر يمارس الدجل الكنسي بولاية «بافاريا» الألمانية في ثيابه البيضاء وصليبه المتدلي على صدره والذي أصبح رمزًا للدعارة، حسب الكثير من الإيطاليين وقد حاول الفاتيكان - على لسان «فيديريك لومباردي»- إبعاد أية علاقة لبابا الفاتيكان بالأسقف المتوحش دون جدوى وقال: إنه يدعو لكشف الحقيقة كاملة، ودفع التعويضات اللازمة للضحايا!

وكان بابا الفاتيكان قد التقى برؤوس الكنيسة الألمانية الذين قدموا له قائمة بأسماء ضحايا القساوسة المتهمين بارتكاب جرائم الشذوذ الجنسي ضد الأطفال داخل الكنائس والمدارس الكنسية.. ونقل عن بابا الفاتيكان قوله: إن الكنيسة ليس لها هدف من إخفاء حقيقة الجرائم وأسماء الضحايا والجناة من القساوسة والكهنة والكرادلة وغيرهم أو التغطية على تلك الجرائم، مشيرًا إلى أنه طالب بمحاكمتهم، وتسليط القصاص العادل بحقهم!

ومن غير المتوقع محاكمة القساوسة المعتدين على براءة الأطفال داخل الكنائس والتخفي وراء الصلبان، بسبب أن بعض القضايا مرّ عليها وقت طويل، ولكن ذلك لن يُسقط حق الضحايا في التعويضات المالية... ولم يصدر حتى الآن أي قرار من الفاتيكان بتسريح القساوسة المجرمين، خوفًا من أن تبقى الكنائس خاوية على عروشها أكثر مما هي عليه الآن.. وكان بابا الفاتيكان قد قدّم اعتذارا لآلاف الضحايا في كل من الولايات المتحدة وأستراليا.

اتهامات مباشرة!

صحيفة «تايمز» اللندنية ردّت على نفي الفاتيكان ضلوع بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر (جوزيف راتسينجر) في التستر على جرائم الشذوذ الجنسي، وذكرت -في عددها الصادر يوم 14 مارس 2010م- أن البابا بنديكت السادس عشر متورط بشكل مباشر في فضيحة الجرائم الجنسية للقساوسة في الكنيسة الكاثوليكية؛ لأنها ارتكبت عندما كان بابا الفاتيكان الحالي كاردينالاً في ألمانيا وكان القساوسة المتورطون يتبعون إدارته مباشرة، وهم 170 قسيسًا ألمانيًّا بينهم شقيق بابا الفاتيكان «جورج راتسينجر».

بينما قالت صحيفة دير شبيجل الألمانية: إن نحو مائة قسيس متورطون في جرائم الشذوذ الجنسي، ولم يجر الفصل قضائيًّا إلا في 30 حالة، مشيرة إلى أن عشر حالات أخرى حدثت في أربع مدارس كنسية خاضعة للتحقيق.

وكانت فضائح عديدة قد تفجرت في كل من أستراليا والولايات المتحدة، وأيرلندا وكرواتيا وسلوفينيا وإيطاليا وغيرها.. ووصف بابا الفاتيكان تلك الجرائم بأنها «جريمة بشعة وخطيئة كبيرة».

لقد أصبحت الجرائم البشعة والخطايا الكبرى الشغل الشاغل لبابا الفاتيكان - الذي تجاوز الثمانين عامًا- عن أمور أخرى.. ففي منتصف فبراير 2010م، التقى أساقفة أيرلندا ليبحث معهم تستر الكنائس على فضائح الجرائم الجنسية بحق الأطفال... وقال الأسقف جوزيف دافي: «إن الكنيسة أصابها ضرر بالغ بسبب تلك الفضائح.. وها أنا أقولها لكم بأعلى صوتي وبكل صراحة إن الكنيسة جريحة بسبب تلك المأسي»!

وأكد تقرير لجنة التحقيق التي شكلتها أبرشية دبلن - والذي جاء في 720 صفحة- أن «اعتداء الكهنة على الأطفال جنسيا تم التستر عليه بين يناير 1975 ومايو 2004م»، وهي الفترة التي تناولها التقرير.

وكان «راتسينجر» قد أعلن عزمه محاربة الإسلام، والتدخل في شؤون الدول الإسلامية من خلال إثارة ما يسمى بقضية نصارى الشرق، وهو ما أعلنه صراحة في نهاية شهر يناير الماضي في كاتدرائية «القديس بولس»!

فضائح متتالية!

ولم يكد الفاتيكان يلتقط أنفاسه من ضربة كنيسة «راتسينجر» في ألمانيا، حتى تفجرت فضيحة جديدة داخل ديوان البابا وتحديدًا مجموعة بروتوكوله المعروفة باسم «نبلاء قداسته» ومن بينهم «أنجيلو بالدوتشي»، الذي سهر على خدمة نزوات عناصر من أوركسترا الفاتيكان فرقة الإنشاد المقدس، ومن بينهم أيضا «توماس شينيدو إيهابم» (29 عاما)، وفق صحيفة «ذا جارديان» البريطانية، حيث لم يكن الوحيد كما ذكرت بعض المصادر.

وتمثلت الفضيحة الجديدة في تورط موظف كبير وعضو أوركسترا الفاتيكان ليس في جريمة شذوذ جنسي خاصة، وإنما في إدارة شبكة دعارة بل شبكة «شذوذ مقززة»، وقد كشفت الشرطة هذه الشبكة عندما كانت تتنصت على قضايا تتعلق بالفساد طالت المتهمين داخل حظيرة الفاتيكان، ومن بينهم «بالدوتشي» الذي اعتقل في شهر فبراير الماضي على خلفية اتهامات بالفساد، وقيل حينها: إن عار جديد طال الفاتيكان.

وكانت فضائح مماثلة قد هزت الفاتيكان ويبدو أنه يستعد للتعايش معها مستقبلا، ومن تلك الفضائح ما أفضى إلى استقالة رئيس تحرير مجلة كاثوليكية تسمى «المستقبل»، ويا للمفارقة!!

واعتبر الفاتيكان ما تتناقله وسائل الإعلام الإيطالية والأوروبية حول جرائم الشذوذ حملة هجومية ضد بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر، ومن بينها الحديث عن مؤامرة ومكيدة في الفاتيكان.

حقيقة مدوية!

وبقي التأكيد ووضع أسطر تحت هذه الحقيقة المدوية: «بالدوتشي» مستشار رفيع في «مجمع تبشیر (تنصير) الشعوب»، وهي الإدارة العليا في كنيسة الروم الكاثوليك الخاصة بالنشاط التنصيري.. ومنذ عام 1995 يعمل عضوا في مجمع الأخوة العالمية!!

لم تنته متاعب الفاتيكان ومعاناته وانكساراته وفضائحه عند هذا الحد، بل إن هناك مطالب جديدة -غير التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة حول فضائح الكنيسة- تتعلق بزواج القساوسة والكهنة الذين تحولوا إلى لعنة في «صليب» الكنيسة..

ففي 25 يناير الماضي، ذكرت وكالة أنباء «آكي» الإيطالية أن استطلاع أجري في بلجيكا أظهر أن 73٪ من الكاثوليك في البلاد يؤيدون زواج الكهنة حتى لا يُضطروا إلى ممارسة العادة السرية، أو اغتصاب الأطفال داخل الكنيسة!!

وأظهر الاستطلاع أن نسبة المؤيدين الزواج الكهنة ارتفعت بشكل ملحوظ؛ حيث لم تكن تتجاوز 66%.. وشمل الاستطلاع 1205 أشخاص، أكد معظمهم أن فضائح القساوسة ساهمت في خفض عدد الكاثوليك.

الرابط المختصر :