; المجتمع الأسري - عدد 1120 | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الأسري - عدد 1120

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 11-أكتوبر-1994

مشاهدات 45

نشر في العدد 1120

نشر في الصفحة 58

الثلاثاء 11-أكتوبر-1994

للداعيات فقط

إياكِ والأثرة

الأثرة في اللغة استئثار صاحب الشيء به عليه وحوزه لنفسه، فهي عكس الإيثار أي أنها بالمعنى الحديث الذي تعارف الناس عليه في أيامنا هذه. الأنانية، التي لا شك في أنها صفة بغيضة حري بمن سار في دروب الدعوة الابتعاد عنها، وبالطبع فإن قلب المؤمن يهفو لما فيه مرضاة الرب جل وعلا، والله تعالى يحثنا على التحلي بصفة الإيثار ويبين لنا فضلها من خلال آيات القرآن الكريم، قال جلا وعلا: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الحشر: 9)

 لاشك أن النفس قد جبلت على حب الذات فهي تفكر في مصلحتها أولًا ثم في مصلحة الآخرين بعد ذلك، لكن الداعية الحق تجاهد هذه الصفة التي جبلت عليها، فتقدم مصلحة الآخرين على مصلحتها الشخصية؛ أي أنها تؤثرهن بالشيء الذي هي في أمسِّ الحاجة إليه، وهي مرتبة سامية لا يستطيع كل إنسان الوصول إليها.

أجل؛ إن تفكري بما ينفع الناس قبل ما ينفعك ليس بالأمر السهل وربما يحتاج إلى تدريب متواصل لهذه النفس كي تتعود على البذل والعطاء والتفاني لأجل الآخرين، وهي مرتبة عظيمة قلة هم أولئك الذين استطاعوا الوصول إليها.

 فكوني منهم عزيزتي، كوني من أهل الإيثار ولا تكوني من أهل الأثرة عوِّدي نفسك على الإيثار في كل صغيرة وكبيرة من أمور حياتك واعلمي أنها مرتبة عظيمة لا يصل إليها إلا من ملأ الإيمان قلبه ووضع مرضاة الرب نصب عينيه .

 سعاد الولايتي. 

 

من تجارب أم

صديقة ابنتي

إعداد: حياة الجاسم

سنقوم اليوم بطرح قضية للنقاش من خلال تجربتين تعرضت لهما اثنتان من الأمهات. القضية التي نحن بصددها هي قضية الصداقة في حياة الأبناء ودور الأم فيها.. تطرح القضية عدة تساؤلات منها على سبيل المثال:

1-هل تختار الأم أصدقاء لأبنائها أم تترك لهم حرية ذلك؟

2- ما هي حدود هذه الصداقة بين الأبناء؟

3- هل على الأم أن ترفض صديق ابنها الذي لا يعجبها؟

 تساؤلات كثيرة قبل أن نجيب عليها نستعرض تجربة الأم الأولى:

* لي ابنة تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا وهي كبرى إخوتها، حين صارت ابنتي في المرحلة الثانوية لاحظت أنها أصبحت كثيرة العناد وكثيرة النقد لأسلوب حياتنا، تطالبني بأشياء مخالفة لنهج الحياة التي التزمتُ به كامرأة متدينة، هي أيضًا تحب الخروج من البيت بصورة كبيرة، وقد كنت أستجيب لمطالبها المتعددة، فهي مرة تريد الذهاب للسوق وأخرى للمكتبة، وثالثة لزيارة صديقتها، ورابعة في نزهة، وهكذا حتى صرت في دوامة وشعرت بأنني ألهث لأجل تحقيق مطالبها. كذلك لاحظت أنها بدأت في التخفيف من التزاماتها الدينية فحجابها ما عاد شرعيًّا بالصورة المطلوبة والتزامها بأمور أخرى قد غدا ضعيفًا، وأنا متحيرة للحالة التي أصبحت عليها لا أدري كيف السبيل لعلاجها، حتى كان يوم طلبت فيه منِّي أن آخذها لزيارة صديقتها. لكنني يومها كنت مشغولة ببعض الأعباء المنزلية وطلبت منها أن تدعو صديقتها لزيارتها في منزلنا، فرحبت باقتراحي وقامت بدعوة اثنتين من صاحباتها، وانصرفت أنا للمطبخ

للقيام ببعض الأعمال.

حضر الضيوف وأنا مشغولة بأعمالي وبعد قليل فوجئت بصوت موسيقى وأغانٍ ماجنة تعمُّ المنزل فخرجت من فوري لأستطلع الأمر وهالني ما رأيت.

رأيت صديقات ابنتي اللواتي لم يسبق لي التعرف عليهن من قبل قد أحضرن معهن الأشرطة وجهاز تسجيل لسماع الأغاني الماجنة إلى جانب أن ثيابهن كانت بعيدة تمامًا عن الحشمة، ووجوههن ملطخة بمكياج لا يصلح لفتيات صغيرات في مثل هذا العمر طبعا تدخلت لإيقاف هذه المهزلة وانصرفت الصديقتان، بينما أوت ابنتي إلى غرفتها غاضبة ساخطة، وأنا بدوري كنت في قمة الغيظ حيث لم أتوقع أن تختار ابنتي مثل هذه الصحبة. 

انتهى حديث الأم الأولى، وتعالي نسمع تجربة الأم الثانية حول نفس الموضوع.

* تقول لي خمسة بنات كبراهن في السابعة عشرة من العمر وأصغرهن في الثامنة ولأن الصداقة أمر ضروري في حياة الإنسان، فقد كان من الطبيعي أن تكون لبناتي صديقات، ولكنني كنت أدرك جيدا أن دوري كأم يحتم عليَّ أن أعرف صديقات بناتي جيدا، الكبار منهن والصغار، فكما يقول المثل الشعبي «الصاحب ساحب»، ورغم أنني قد بذلت جهدي في تربية بناتي، والكل يشيد بأخلاقهن ورغم ما كنت أراه فيهن من صلاح والتزام إلا أنني لم أكن أركن إلى هذا الأمر كثيرا؛ فالقلوب تتغير وفتن الدنيا كثيرة، وحين كانت تطلب منِّي ابنتي أن آخذها إلى زيارة إحدى صديقاتها كنت أحرص مسبقا على معرفة هذه الصديقة وعائلتها ونوعية حياتهم، ثم التعرف بالأم بعد ذلك، فصلاح الأبناء من صلاح الأم، وحتى بعد تعرفي بالأم وثقتي بها إلا أنني ما كنت أحب أن تعتاد ابنتي كثرة هذه الزيارات.

وكنت أطلب من ابنتي أن تزورها في البيت حتى تكون تحت ملاحظتي طوال الوقت بل - إنني حتى بعد حضور الصديقة التي أعرفها جيدًا كنت أتعمد دخول الغرفة عليهما بين فترة وأخرى بحجج مختلفة فالحرص واجب على كل أم والفراغ قد يفسد الأخلاق إن بعض الأمهات تمنع أطفالها من إنشاء أي صداقة أو القيام بأي زيارات خوفًا عليهم من فساد الأخلاق، ولكني أعتقد أن خير الأمور الوسط ونحن في زمن يختلف عن زمان أمهاتنا وآبائنا، والابن يحتاج إلى الصداقة مثله مثل الكبير تمامًا، ولكن مع توجيه الأم وملاحظتها الصحية التي اختارها على الدوام. انتهى حديث الأم الثانية، وبقي لنا أن نستعرض ما لاح في التجربتين من سلبيات وإيجابيات لا شك أن الأم الأولى قد أخطات تمامًا حين جهلت نوعية الصحبة التي اختارتها ابنتها، ولم تبادر بالسؤال والاستفسار، بل إنها كان يمكن أن تظل في جهلها أكثر لولا الظروف التي أتاحت لها ذلك، بينما الأخرى أم واعية حريصة على معرفة نوعية هذه الصحبة ودفع بناتها لاختيار الصحبة الصالحة والنفور من غيرها، ثم هي تولت بعد ذلك عملية المتابعة والملاحظة على الدوام خوفا من أي جديد قد يطرأ عليها، ويفسد عليها بالتالي جهد السنين الذي بذلته في تربية بناتها .. 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 121

33

الثلاثاء 10-أكتوبر-1972

نشر في العدد 872

60

الثلاثاء 28-يونيو-1988