; المجتمع الأسري (عدد 1490) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الأسري (عدد 1490)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 23-فبراير-2002

مشاهدات 9

نشر في العدد 1490

نشر في الصفحة 60

السبت 23-فبراير-2002

أوصيك يا بنيتي الحبية

لن تسعدي دون إسعاد زوجك.. ومن للبيت إن لم تملئيه حبًا وسكينة

اهتمي بالأمور العظيمة وأقبلي من الطعام، واللباس، والمسكن، ما تهيأ لك منها،فقليلها يكفي.

بنيتي الغالية وفقك الله ورعاك، وغمرني وإياك بفضله وإحسانهأوصي نفسي وإياك بما أوصيت به أخاك مصعب-وفقه الله-من قبل، وأزيدك كليمات متواضعة، آملا ألا تغفلي عنها إن شاء الله:

  • أوصيك في حق الله تعالى بتقواه وخشيته خشية العالمين به. 

  • حبه حب المخلصين له.

  • الاستعانة به وحده عند اشتداد الكروب والهموم.

  •  مراقبته مراقبة المحسنين الذين يعبدونه كأنهم يرونه سبحانه وتعالى.

  • اجعلي من هذه المعاني يا ابنتي خلقاً لك وسيرة حية ماثلة في حياتك.

وأوصيك في حق كتاب الله تعالى:

  • بأن تحافظي عليه، ولا تضيعيه، ولا تغفلي عنه.

  • أن يكون لك خلقاً، وأنساً، ومرجعاً، وحجة.

  • أن يكون لك أملاً تأوين إليه كلما شعرت بقسوة وجفاء من نكد الحياة وشتاتها.

  • لتكن حياتك مع القرآن الكريم حياة المتأمل المتدبر الخاشع الباكي ما أمكن ذلك، فالكلام صفة المتكلمين، والمتكلم بالقرآن رب العالمين

وأوصيك في حق رسول الله الله صلى الله عليه وسلم:

  • بأن تتعرفي أخلاقه وشمائله وسيرته.

  • أن تتخذي من جميع ذلك أسوة وقدوة حسنة لك، فإنه الله خير خلق الله وأكرمهم وأعلمهم وأحبهم إلى الله.

  •  أن ترتقي بهمتك ونفسيتك إلى مقام التأسي بأخلاق هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. 

  • فاحرصي بنيتي على أن يكون رسول الله صلى الله عبيه وسلم هو المثل الأعلى في قلبك وعقلك وخيالك ومشاعرك وعواطفك وسائر حياتك.

وأوصيك في حق بيتك:

  • بالحرص على إشاعة الحب، والسكينة، والرحمة في جوانبه، فالمرأة المسلمة الصالحة الواعية هي أم الفضائل والمكارم، وهي نبع الحب، والسعادة في البيت أولاً، والمجتمع ثانياً.

  • احرصي - بنيتي - كل الحرص على تهيئة أسباب الرضا والسعادة لزوجك الذي لن تسعدي دون إسعاده.

  • كوني له سكناً، وحناناً، ووفاء، ليكن لك كذلك.

  •  لير منك أفضل ما يتمناه الرجل من أهله من الصدق والإخلاص، والأمانة، والنصح، والحب، والبشر. 

  • اشکريه على كل جميل ترينه منه.. فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.

  • اعلمي أن المرأة في البيت هي هدوء وراحة وسعادة، أو هي باعث هم، وقلق، وشقاء، ونكد فكوني الأولى وحذار من أن تكوني الأخرى.

- احرصي- وفقك الله- على أن تسير أمور البيت بينك وبين زوجك بالرضا، والتشاور، والتعاون، والحب. 

- لا تنسي أن الكلمة الأخيرة يجب أن تكون للزوج بالمعروف هكذا أراد الله وهكذا حكم، ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النساء: 34] و﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: 228]

- اعلمي بنيتي أن مكان المرأة الأساسي هو بيتها ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب: 33]، وخروجها يكون لعمل جاد نافع، ومفيد طيب، ومبارك إن شاء الله، أما أن تكون المرأة مخراجة ولاجة، دونما هدف ولا غاية نبيلة، فهذا من إهدار دورها في الحياة.

- احرصي- بنيتي وفقك الله- على حسن تربية أولادك، فإنك يوم تصبحين أما فأنت مدرسة وصانعة أجيال، وليس في الدنيا كلها أشرف ولا أنبل من صناعة الرجال وصناعة الإنسان الذي يبني الحياة والحضارة والأمجاد.

قال الشاعر:

الأم مدرسة إذا أعدتها *** أعددت شـعبا طيب الأعراق

  • اعلمي أن مما يشيع الطمأنينة والسكينة في البيت إكرام أهل الزوج وأصدقائه وضيوفه بنفس طيبة ورغبة صادقة، فليكن بيتك بيت الكرم والترحيب وحسن الضيافة والاستقبال مهما كلفك ذلك من جهد ومال.

  • من تمام أخلاق البيت المسلم المحافظة على أسراره وخواصه، فلكل بيت حرمته وكثير مما يكون داخل البيت يجب أن يكون مصاناً لا يعرفه الآخرون. 

  • لن يكون البيت سعيداً ما لم تحسني إلى جيرانك وتبذلي لهم المعروف وتتحملي إيذاءهم، وتحمل الأذى أهم من الإحسان للجار، فليكن جوارك مرأة لحسن تعاملك مع سائر الخلق.

  • لا تنسي يا بنيتي أن تتخذي لك من بيتك مصلى تخلدين فيه للعبادة والذكر وقراءة القرآن الكريم والدعاء، فمثل هذا المصلى إشارة إلى صلاح البيت وأهله. 

وأوصيك في ميدان الحياة العامة والمجتمع:

- أن تكوني على درجة عالية من صفات النبل والأدب الجم ومحبة الخير وأهله والأخلاق الإسلامية السمحة الوقورة.-احرصي على الوقت، واحذري أن يضيع شيء منه في غير فائدة في دينك أو دنياك.

- ليكن تعلمك العلم من أجل العمل به والدعوة إلى الحق والخير، واحرصي على التعمق في العلوم الشرعية قبل غيرها، فهي أساس الحياة الفاضلة.

- لتكن حياتك العملية قائمة على التسامح والتعاون والحب والاحترام للكبير والعطف على الصغير والتقدير للأقران ومراعاة مشاعرهم. 

لتكوني- يا بنية- قدوة حسنة لجميع إخوانك وأخواتك في البيت وإلى جميع أخواتك في الله في المجتمع الكبير.

  • أول من يجب أن تتقربي لله بحسن صحبته أمك وأبوك فهما بداية الهداية، ورضاهما عنوان كل توفيق ورشد وسعادة.

  • إياك من حياة الإهمال والغرور والتعالي على الأقران أو الاستهتار بأي واجب مهما كان صغيراً.

-  كوني على درجة عالية من الكرم والشجاعة وحسن الكلام إذا تكلمت وحسن الاستماع إذا استمعت وحسن الصمت إذا صمت.

- ليشعر كل من حولك إنك تحبينه في الله، وأنه يرجو ويأمل منك كل خير وبر ومعروف.

 - لتكوني - با بنية - معلماً من معالم الخير في هذه الحياة اقصى أمانيك رضوان الله والجنة في الدار الآخرة. 

- في هذه الحياة الدنيا: اهتمي بالأمور الكبيرة والعظيمة، ولا تلتفتي للأمور التافهة والسفسافة فالطعام واللباس والمسكن. كل هذا وغيره أمره هين ويسد أي شيء منه ويغني عن غيره.

- اعلمي- يا حبيبتي- أن جمال الفتاة المؤمنة بأدبها لا بثوبها، وبأخلاقها لا بموضاتها، فأحبي من الطعام ما وجد، ومن اللباس ما تيسر وستر، ومن البيوت ما هيأ الله لك، ولكن سابقي الناس جميعاً في الفضائل، والآداب، والأخلاق ففي ذلك ﴿فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: 26] 

- لتكن همتك عالية بحيث تعدين نفسك مسؤولة عن هذه الأمة كلها، وأن عليك إنقاذها من جهلها وضياعها والارتقاء بها إلى المكانة الريادية والخيرة التي ارادها الله لها عندما قال سبحانه ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 110]

- حذار من رفيقات السوء اللاتي همهن الشكل، والمظهر، وحالهن لا يرضي الله تعالى. 

- احرصي على أن تؤثري فيمن حولك في الفضل والخير، ولا تتأثري بهن في سيئ العادات والأخلاق والتقاليد. 

أي بنية: إن هذه الحياة قد آسنت بالأفكار الغريبة والعادات الجاهلية، والموضات المتقلبة، وصار كثير من الخلق أسرى لما يواجهونه من أحوال الناس وصفاتهم، ولما يلقى عليهم من وسائل الإعلام المختلفة فيدور الناس مع التيار والهوى كيفما دارا بفضل دعاة السوء وتفاهة العامة، واستحكام شهواتهم بهم.

  • فكوني يا بنية عصماء في فكرك وأخلاقك وعاداتك، فالحق لا يغيره إعراض الناس عنه. والباطل لا يحسنه تبني الناس له، فلا تكوني إمعة تسيرين مع المجتمع حيثما توجه وسار ولكن أحسني إن أحسن الناس، وإن أساؤوا فتجنبي إساءتهم، فديننا كله قيم وفضائل، وكله جمال ويسر وبر وإيثار، ونحن نسير على جادة سواء ورحمة وحجة واضحة وصراط مستقيم. 

  • تذكري أن المرأة التي تحيا في ظلال الجاهلية بعيدة عن الإسلام، أسيرة للموضات والتقليعات الحديثة، وأنها قد فقدت كل شيء في حياتها، وأنها تحيا في قلق مزمن واضطراب وحيرة وذهول، لأنها ضاعت وابتعدت عن نبع الهداية الربانية، ولو تعلم نساء الأرض الغافلات ما تتمتع به المسلمة الصالحة من سكينة وطمأنينة وسعادة نفسية لقاتلتها على ذلك. 

  • فأنت يا بنية- وكل مسلمة صالحة- تملكين سر سعادة الحياة، وتملكين دواء كل مرض مستعص على علماء النفس والتربية بما معك من قيم الإسلام وهديه. 

اطلبي العون من الله في كل شؤون حياتك وأخلصي له في سرك وجهرك، وهذه وصيتي لك ولسائر إخوانك وأخواتك والمسلمين والمسلمات . 

والدك: موسى إبراهيم الإبراهيم

من ملامح شخصية أم المسلمين هاجر (1 من2)

يقين يفوق الإيمان وشجاعة تقهر المخاوف

عبد القادر أحمد عبد القادر

شرع الحج في شريعة أبينا إبراهيم - عليه السلام - وشرعت بعض مناسكه على خطى أمنا هاجر - رضي الله عنها . وكلما دار الزمان وهلت أهلة أشهر الحج، تداعت معها ذكريات المكان الذي لم يكن شيئاً مذكوراً، ثم عُمر بذرية هاجر رضي الله عنها.

من آل بيت إبراهيم - عليه السلام - أمنا هاجر وسر عظمتها أنها أم النبي إسماعيل  - عليه السلام - ومن نسله خرجت خير أمة أخرجت للناس، أمة الإسلام، الأمة الخاتمة. 

ويمكن إجمال عناصر تحليل شخصية أمنا هاجر في المكونات التالية: 

  1.  يقين قوي بالله.

  2.  شجاعة تقهر جميع المخاوف.

  3.  وعي بالواقع وإدارة ناجحة للمشروع الحياتي. 

  4.  همة عالية ترعى الأمانة وتربي الولاد.

  5. يقين قوي بالله:

 ترك الخليل زوجه هاجر وولدها إسماعيل في واد غير ذي زرع في مكان لا حياة فيه، ولا شجر مثمر، ولا نبات يغذي... واستأنف رحلة العودة، فسارت هاجر معه خطوات، ولنتخيل ذلك المسير الحائر، إن هاجر قد جاءت من مصر بلد الماء والنماء – آنذاك- ثم سكنت الشام بلد السمن والعسل، وها هي الآن.. في واد غير ذي زرع... وغير ذي سكان.. إنها تخطو خطوات أن تتعرف المستقبل القريب والبعيد... تريد أن تستلهم ظروف معيشتها ... فتسأل زوجها الله أمرك بهذا؟ فيرد عليها نعم. فتقول: إذن لا يضيعنا. ويودعها زوجها وتعود إلى ولدها تحت الشجرة الوحيدة في ذلك الوادي!.

إنه اليقين الذي يفوق الإيمان:

يقين امرأة تعيش بين جبال فاران التي تحيط بها صحراء الجزيرة العربية، ما هذا اليقين النادر الذي يتخطى هموم الطعام والشراب المطلوبين على عجل، ويتخطى هموم المعيشة في الزمن الأجل المعيشة بجميع مكوناتها من منزل، وأثاث، وعمل حياتي يجلب الرزق اليومي، ومدخرات الزمن، وأجهزة وأدوات لا تهنا الحياة بغيرها؟! 

لنتذكر أن هاجر قادمة من الشام من بيت عامر، وقبل الشام كانت في مصر في بيوت متمدنة، فما هذه المعيشة الجديدة النائية عن التجمعات البشرية، حيث لا مدينة ولا قرية؟ 

إنه اليقين بالله ربيت عليه هاجر في بيت النبوة، فأثمرت تلك التربية ذلك اليقين الذي عبرت عنه أمنا بكلمات موجزة: "إذن لا يضيعنا".

 إن المؤمنين بالله كثيرون، ولكن هل حينما يتجرد المؤمن من جميع الأسباب يرتقي بإيمانه بالله إلى درجة اليقين؟ إننا نعول على الأسباب والماديات كثيراً، حتى نطمئن، ونأنس في مشوار حياتنا الدنيا .... أما عن أمنا هاجر فإنها من الحالات النادرة، لكنها حالات موجودة... لقد عاش نفر من أهل الدعوة من الرعيل الأول في زماننا، تلك الحالات من اليقين في السجون حتى إن بعضهم عاش عشرين سنة مغيباً عن الأهل والمجتمع، لكنه كان يعيش باليقين، إنهم أبناء بررة اقتدوا بأمهم العظيمة هاجر.

  1.  شجاعة قاهرة:

 ويقصد بالشجاعة القاهرة قهر الخوف والتغلب على أسبابه وما أكثر أسباب الخوف التي كانت تحيط بأمنا: الخوف من المعلوم والمجهول، فالخوف من المعلوم، كالخوف من السباع والحشرات والجوع والعطش... أما الخوف من المجهول فهو أخطر من المعلوم، لأن الهواجس تكبر الأشياء الصغيرة والمجهول يرهب النفس دائماً مهما كان ضئيلاً فكم نخاف من أصوات مجهولة؟ وكم نخاف من تحركات أشياء من حولنا؟ وما أكثر الخرافات والأساطير التي تشيع الخوف في وجداننا، ونحن بين أهلنا وفي مجتمعات الناس؟ وكما لعصرنا مخاوفه المجهولة، فإنه كان لعصر أمنا مخاوفه... لكنها قهرت تلك المخاوف جميعها بفضل يقينها القوي وتكونت شجاعتها القاهرة التي تألفت وتجانست مع عناصر الطبيعة العناصر الموحشة وليست المؤنسة.

الرابط المختصر :