; المجتمع الأسرى (العدد 1509) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الأسرى (العدد 1509)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 13-يوليو-2002

مشاهدات 21

نشر في العدد 1509

نشر في الصفحة 60

السبت 13-يوليو-2002

ظاهرة منتشرة بين الأطفال

حركة .. وتركيز قليل

مصطفى الصوفي

  • المشاحنات الزوجية من أسبابها.. وعدم القدرة على التعلم والتواصل من مظاهرها 

  • العلاج يبدأ بالحوار الهادئ مع الطفل وتشجيعه على الإقلاع عن التصرفات المزعجة ومكافأته في النهاية

يتصف بعض الأطفال بالحركة الكثيرة فهم لا يستطيعون أن يبقوا فترة طويلة ساكني الحركة، خاصة على المقعد الدراسي أو في البيت بل ترى طفلك يتحرك بشكل دائم، يعبث بكل شيء وتصدر منه تصرفات لا معنى لها، كانه لا يتمكن من السيطرة على نفسه أو التحكم بتصرفاته برغم ما توجهه له من تحذيرات وتنبيهات وتهديدات لكنها تفشل جميعها في منعه من العبث المستمر، والحركة الطائشة.

هذه الظاهرة تسبب كثيرًا من الإزعاج لزملاء الطفل في الصف المدرسي وتربك المعلم في أثناء الدرس، وتسبب التوتر والقلق للوالدين في البيت خاصة عند فترات القيلولة والاستراحة أو النوم.

يرجع علماء النفس أسباب حدوث ظاهرة الأطفال فائقي الحركة- كما يسمونها- إلى عوامل عدة منها:

عوامل عضوية مرضية: تصيب الطفل منذ الولادة نتيجة حدوث تلف عصبي في تكوينه فيعجز عن التحكم في سلوكه وتصرفاته واستطاع بعض العلماء عزل «جين وراثي يسبب هذه الظاهرة. وأظهرت الصور الشعاعية للدماغ فروقًا بين الأطفال الأصحاء والأطفال المصابين خاصة في منطقة من الدماغ يعتقد أنها مسؤولة عن وظيفة التحكم والتركيز والسيطرة على الأفعال السلوكية.

عوامل اجتماعية وبيئية: تتعلق بوجود مشكلات معينة في الأسرة كالخلافات الزوجية والمشاحنات وتدني الظروف المعيشية في المسكن والطعام والدخل والنزاعات المستمرة بين أفراد الأسرة والاكتئاب الدائم للأم، تسبب جميعها حالة من عدم التركيز والسيطرة لدى الطفل.

بعض الباحثين يؤكد كذلك وجود عوامل بيئية ناتجة عن تلوث الأطعمة بالمواد الكيماوية والمواد الحافظة للأطعمة المعلبة وارتفاع معدل الرصاص في الهواء والتربة والخضار مما يؤدي إلى حدوث تلف الجين المسؤول عن وظيفة التحكم في الدماغ.

ظاهرة طبيعية

لكن غالبية علماء النفس يعتبرون أن الظاهرة طبيعية وليست مرضًا، فهي موجودة عند غالبية الأطفال لكنها عند بعض الأطفال أكثر تهورًا وطيشًا، وذلك نتيجة اضطرابات نفسية غير واضحة المنشأ والأسباب، ويحملون المعلمين والأبوين مسؤولية تطور الظاهرة واستفحالها إما بإهمال الطفل وعدم الاهتمام بسلوكه ومعالجته بشكل سليم منذ البداية، أو نتيجة لمعالجة السلوك بالقمع والقسوة والصراحة الزائدة مشددين على أن الأساليب التربوية الصارمة في المدرسة والفصل الدراسي وازدحام الصفوف تساعد على انتشار الظاهرة بين الأطفال.

يرى الدكتور مارتن ستين «أن الأطفال فائقي الحركة لا يعانون من مرض عضوي، لكن الظاهرة تعتبر مشكلة حقيقية بالنسبة للأهل والمعلمين».

والملاحظ أن أعراض هذه الظاهرة تظهر لدى الأطفال في سن ما قبل المدرسة وتتميز بأعراض سلوكية اضطرابية مختلفة غير واضحة بشكل قاطع وغالبًا، تتستر هذه العوارض خلف أعراض أخرى مصاحبة لها، كعدم القدرة على التعلم والتواصل مع المحيط، وظهور أعراض الاكتئاب والقلق والخوف في حياة الطفل.

ويعترف الباحث النفسي الدكتور "باركلي" أن جميع الأطفال متهورون وطائشون في وقت ما، وهذه ظاهرة طبيعية لأطفال ما قبل المدرسة غير أن الأطفال المصابين بظاهرة «فائقي الحركة وقليلي التركيز» متهورون أكثر من اللزوم وأشد تطرفًا وانحرافًا وأضعف تركيزًا وسيطرة على الذات بشكل دائم وليس لفترة مؤقتة.

مطلوب برنامج علاجي

لذلك تعتبر مسألة الوقت ذات أهمية كبرى في توصيف أعراض هذه الظاهرة عند الطفل المصاب، وهي ملكة متطورة وأساسية في القدرة على التنظيم والتخطيط والضبط والتحكم على المدى الطويل عند الأطفال. 

والطفل المصاب بفرط الحركة والكلام برغم أنه قليل التركيز في أمر معين إلا أنه يثبت حضوره أمام والديه والآخرين ويثير إعجابهم بما يبدر منه من طاقة حركية فائقة ونشاط سلوكي زائد، لكن هذا سيؤثر حتمًا سلبًا على استيعاب الدراسي وقدراته على اكتساب التعلم الفعال كما ينعكس على علاقاته مع الأطفال الآخرين في الصف ومعلميه أيضًا.

ويبين علم النفس الطفولي أن معالجة هذه الظاهرة يجب أن تتم- بداية- بإجراء عملية تقويم وتوصيف شاملة للطفل ضمن محيطه الطبيعي وأجواء حياته العادية وليس في عيادات خاصة حتى يتصرف الطفل على سجيته وعفويته. ثم يتم وضع خطة للعلاج وفق برنامج ينفذ على مراحل يبدأ بالحوار الهادئ مع الطفل وإفهامه بأن تصرفاته وسلوكياته سيئة ومزعجة تؤثر عليه وعلى الآخرين، ثم حثه وتشجيعه على الإقلاع عن الحركات الزائدة ثم الثناء عليه لالتزامه بالنصح والتوجيهات، ويمكن مكافأته بقطعة حلوى أو لعبة إذا التزام بعدم الحركة طوال اليوم لدفعه للإقلاع نهائيًّا عن تصرفاته الطائشة وحركاته المزعجة.

ويجب الانتباه إلى أن المعالجة يجب أن تتناول جوانب وأعراض الظاهرة واحدة بعد أخرى ومثلًا: عدم الثبات في مواقف محددة.

والأساس في البرنامج العلاجي أنه يحتاج إلى وعي نفسي وعلمي ودراية وخبرة جيدة ومقدرة على المتابعة والصبر والتحمل مع بعض الصرامة المناسبة في التقويم السلوكي ليحقق العلاج أهدافه المنشودة بنجاح.

جدول للفرح والألم

خولة العتيقي

إحداهن أعيتني الحيلة معها فهي خائفة من كل شيء، وترى نفسها فاشلة في كل شيء، ولا يفيد معها أي شيء، لا يعجبها عملها، ولا يعجبها رئيسها، تتذمر من ولديها فهما كثيرا الطلبات، تتذمر من زوجها فهو لا يعجبه أي شيء تعمله، ويزداد هذا التذمر عندها يومًا بعد يوم ويزيد من سخطها على الحياة كلها. 

سألتها فجأة من غير أن أعد لهذا السؤال محاولة اكتشاف شخصيتها، ولم أكن ممن وهبهم البصيرة لمعرفة الشخصيات .. سألتها: هل تحبين أكل الكيك؟ قالت: نعم أحبه كثيرًا. سألتها: ما الجزء الذي تحبينه أكثر الكيكة كلها أم ما يزينها من كريمة وفواكه وشوكولا؟

قالت: بالطبع أفضل الكريمة التي تزينها!

تابعت أسئلتي: كيف تأكلين قطعة من الكيك المقدم لك؟ قالت: أكل الكريمة أولًا، ثم جوانبها البارزة ثم أكل الكيكة، تابعت أسئلتي إلى بقية وجباتها الغذائية، وجدتها تبدأ دائمًا بالأسهل ثم تنتقل إلى الأصعب.

سألتها ثانية عندما تذهبين إلى عملك ويوكل لك عمل، كيف تبدئين في تنفيذ ما يطلب منك؟ أولاً أبدأ بالأسهل مما يطلب مني، فأنفذه، ثم أنتقل إلى الأصعب، قلت لها: كم يأخذ منك الأسهل؟ قالت: يأخذ ساعة أو أقل على ما أعتقد قلت وكم يأخذ منك الأصعب؟ قالت بقية اليوم. 

اقترحت عليها إذا كانت تريد الراحة في يومها فلتقسر نفسها على عمل الأصعب في شغلها في أول ساعة، وسيتبقى لها بقية اليوم تقضيه في عمل الأمور السهلة، وبذلك توفر وقتًا وتسعد بقية يومها، وترتاح ولا تتعب قلت لها : يبدو لي أن ساعة من التعب تتلوها أربع أو خمس ساعات من الراحة أفضل من ساعة راحة تتلوها ست ساعات تعب ألا توافقينني على ذلك؟ قالت: بلى أوافقك من كل قلبي. 

من الأسئلة السابقة عرفت نوع شخصيتها ولماذا هي ساخطة على كل شيء، فهي تفضل دائمًا الهين السهل في حياتها فيتأخر رضاها عن الأشياء وعن الحياة.

وتأخير الرضا أو تأجيله عملية برمجة وجدولة للألم وللفرح في الحياة، بحيث يقدم الإنسان بالأشياء السهلة والمفرحة على الأشياء الصعبة في الحياة، فيجب أن يسعد أولًا ثم يألم، وهكذا يردد الناس هذه المقولة التاريخية المشهورة: «اليوم خمر وغدًا أمر، ودخلنا نستأنس الحين وبعدين يصير خير». 

وحياة المسلم غير ذلك، بل بالعكس فهو كيس فطن، يزن الأمور بموازينها، يتعب في حياته الدنيا ليحصل على النعيم في الآخرة، ولذلك «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات». 

هذه البرمجة والجدولة للفرح والألم سنجد أن معظم الأطفال يمارسونها كذلك وفي مراحل مبكرة من حياتهم، مثلًا لاحظ طفلين صغيرين يلعبان معًا غالبًا ما ستجد أحدهما يقترح على الآخر أن يبدأ اللعب أولًا.. حتى وهو في هذه السن يريد أن تكون المتعة له في الآخر، لا يريد أن يتحمل عناء البداية فربما تكون صعبة، لاحظ بعض الأطفال الذين يأكلون وجبتهم السريعة فهم يأكلون الهامبورجر أولًا، ثم يتفرغون لأصابع البطاطا في الآخر، لأنهم يحبونها أكثر ويستمتعون بها أكثر، عند أداء الواجبات المدرسية الطفل دائمًا يطلب أن يلعب أولًا ثم يحل واجباته إذن هو نموذج حياة الإنسان المعاصر يريد دائمًا السعادة قبل الشقاء، والنعيم قبل الجحيم، والراحة قبل التعب. 

  • لماذا؟ لا توجد لدي إجابة إلا أنها طبيعة إنسانية.

  • هل هناك حل؟ نعم.. التربية من قبل الوالدين.

غذي صغارك بالعقيدة

كلما مر بخاطري الصفحات المضيئة بجهاد المرأة المسلمة في عصر الحبيب المصطفى .. ازددت فخرًا بتلك النوعية المميزة من النسوة.. حتى إنني أتمنى أن تكون كل نساء أمتي مثل تلك النوعية عطاءً وإيثارًا وعفة ونقاء، وموقفًا ثابتًا مبنيًّا على العقيدة والإيمان.

تقع أحيانًا بعض الأحداث الطارئة فإذا بي أجد امرأة من نساء الإسلام تقف موقفًا رائعًا شجاعًا عن موقف أو إيمانًا بقضية أو محاربة في ميدان فترتفع الجذوة الإيمانية في نفسي، وأحس بأن المسلمة موجودة في كل عصر، وأن أصل العقيدة الإيمانية التي تأصلت في نفوس الصحابيات لها امتداد في بنات جنسها المؤمنات.. وحينها أشعر بالزهو والفخر.

وجاءت أحداث الأقصى وانتفض المؤمنون تقذف حجارتهم الصلبة أسلحة اليهود المدمرة، وإذا بهم وقد بانت خستهم يختبئون خلف الحصون خوفًا من تلك الحجارة، مع أنهم يحملون في أيديهم الأسلحة الفتاكة، وإذا بالجذوة الإيمانية في نفوس طفل الحجارة تجلجل نفوسهم، وتخلخل أركانهم، وتنشر الذعر والخوف بين صفوفهم.

وتستمر المحطات الفضائية في نقل الأحداث اليومية لتلك الصحوة الإسلامية، ويشدني المنظر أتسمر في مكاني وقد حدقت عيوني في الشاشة إنها الجذوة الإيمانية تتجدد في المرأة المسلمة جلست تلك العجوز المؤمنة على الأرض وأخذت تكسر الحجارة، ثم تناولها لأبناء فلسطين تبعث في نفوسهم النخوة وترسم لهم قوة الصمود وصلابة العقيدة.. إنها يد طاهرة، وقلب زكي وروح عالية، أبت إلا أن تشارك، فأشعلت بعملها البسيط ذلك روح الشهامة في الشارع العربي فاندفعت الشعوب الإسلامية تعلن غضبتها ... بقيت تلك الصورة لتلك المؤمنة لا تفارق خيالي... وتيقنت أن التربية الإسلامية إذا ما سارت على أصولها الثابتة، فإن المرأة تصنع لنا رجالًا لا يهابون الموت... رجالًا زادهم العقيدة، ومطلبهم الشهادة.

تلك هي المرأة المسلمة ذات العقيدة الصلبة ... التي دائمًا ما تشعل الجذوة الإيمانية:

أختاه دينك منبع يروي به *** قلب التقى وتشرق الأنوار

ودعاؤك الميمون في جنح الدجي *** سهم تذوب أمامه الأخطار

أختاه يصمد للحوادث مخلص *** فيما يقول ويسقط السمسار

في كفك النشء الذين بمثلهم *** تصفو الحياة وتحفظ الآثار

هزي لهم جذع البطولة ربما *** أدمى وجوه الظالمين صغار

غذي صغارك بالعقيدة إنها *** زاد به يتزود الأبرار

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

أطفالنا من هم وإلى أين؟

نشر في العدد 2

122

الثلاثاء 24-مارس-1970

كيف أعود ولدي الصلاة؟!

نشر في العدد 2

53

الثلاثاء 24-مارس-1970