; المجتمع التربوي عدد(1216) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع التربوي عدد(1216)

الكاتب محمد الجاهوش

تاريخ النشر الثلاثاء 10-سبتمبر-1996

مشاهدات 11

نشر في العدد 1216

نشر في الصفحة 59

الثلاثاء 10-سبتمبر-1996

عاقبة الإعراض عن منهج الله

ليس بين الله تعالى وبين أحد من خلقه قرابة أو صلة تدنيه من خالقه وتعلي منزلته أو ترفع من شأنه، إلاالالتزام بالمنهج الإلهي، واتباع ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم.

والأمم كالأفراد: يتوقف نموهاوازدهارها، ومجدها وعزتها على مدى التزامها بهذا المنهج واعتزازهابالانتماء إليه، والسير تحت لوائه.

وما من أمة اتخذت منهج الله وراءها ظهريًا إلا دالت دولتها، وذهبت ريحها، وأتاهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وشواهد التاريخ ماثلةللعيان.

فكم من حضارات سادت ثم بادت، وكم من أمم طوى الحدثان أمجادها، وأتى تقلب الجديدين على بنيانها من بعد ما طاولت الجوزاء رفعة وسناء، وعانقت الشهب سموا وارتقاء، ويحدثنا القرآن الكريم - ومن أصدق من الله حديثًا - عن أقوام بوأهم الله من الأرض مقامًا كريمًا، فاتخذوا من سهولها قصورًا، ومن الجبال مصانع وبيوتًا وعاشوا في جنباتها بين جنات وعيونوزروع ونخل طلعها هضيم مزدهين بثرواتهم، مفتخرين بأبنائهم وذرياتهم، مستمتعين بترفهم ورخائهم، يحسبون أن عيشهم دائم، ونعيمهم لن يزول.

انطلقوا مع غرائزهم، واتبعوا أهواءهم، فبطروا النعمة، وجحدوا الواهب -سبحانه- وقاوموا رسله، وأقصوا منهجه.

وما زال الشيطان أخذًا بنواصيهم، يزين لهم أعمالهم، ويقتل منهم في الذروة والغارب «يخادعهم»، ويصدهم عن السبيل، حتى غلبت عليهم شقوتهم، وتمت فتنتهم، واستعصى -على الأساة داؤهم ففقدوا- بذلك- مقومات البقاء، وأسباب الاستمرار، فضلًا عن أهلية حمل الرسالات، أو النهوض بأعبائها، وليس للدنيا من حاجة في مثل هذا الطراز من البشر.

فلا عجب أن يسلط الله عليهم أسباب الفناء، ولا يبالي في أي واد هلكوا: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (العنكبوت: ٤٠).

أَتى عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ... حَتّى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كانُوا لقد غدت ديارهم خرابًا، وأرضهم يبابًا، والقوم صرعى «كأنهم أعجاز نخل خاوية» هلكوا جميعًا «فهل ترىلهم من باقية»؟.

عبرة وذكرى:

لم يبقَ إلا مساكنهم خالية، وآثارهم بادية، تحكي ماضي سيرتهم، وسالف أحوالهم، وعقبى عتوهم وإعراضهم.

﴿ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ﴾ (الحجر: ٧٦). عبرة للمعتبرين، ﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ (الحجر: ٧٥)، ﴿ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ (الذاريات: ٣٧).

فما بال الذين ورثوا الأرض من بعد البغاة الظالمين يسكنون مساكنهم. ويترسمون خطاهم، ويحطبون في حبالهم، ولا يعتبرون بمصارعهم؟ ﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ﴾ (طه: ١٢٨)

أفيحسبون أنهم بمنجى من العذاب؟ أو أنهم بمنأى أن يصيبهم مثل ما أصاب المعرضين -في كل زمان ومكان- من قوارع أهلكتهم أو حلت قريبًا من دارهم.

ألا إن عين الله لا تنام، وسنته لا تتخلف ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: ٢٢٧).

﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (ق: ٣٧) 

(*) كاتب سوري

كلمة إلى الدعاة

التخفف من الدنيا

عبد الرحمن اللعبون (*)

النظرة الخاطئة للدنيا من المسببات الكبيرة لما يحدث من مشاكل وتجاوزات، والانتصار للنفس صورة من صور التكالب على الدنيا لعظم موقعها في القلوب، واستعجالًا لكسب مادي يتبعه خسران أدبي يبعد المسلم عن زمرة الصالحين وينكت في القلب نكت الفتنة حتى يتشربها فتطغى عليه، وما الدنيا إلا هذا العمر الذي نحياه والذي هو رأس مال الإنسان الذي يمضي شيئًا فشيئًا ويبقى بعده ما اكتسب فيه من خير أو شر تبقى تبعاته ليحاسب عليها، فهل نضيع جواهر الأنفاس بأعمال فاسدة أو نهب للآخرين حسناتنا أو ننشغل بما لا يعنينا فيكون ذلك حسرة علينا يوم توزع الدرجات وينال السابقون أجر سبقهم، قال r: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها لينظر كيف تعملون»، «سلسلة الأحاديث الصحيحة، عن أبي سعيد الخدري، رقم الحديث ۹۱۱» فهي دار التكليف التي يصيب النجاة من تخفف منها وتركها لما هو خير منها ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ (الأعلى: ١٧). وقد قيل: من نافسك في الآخرة فنافسه فيها ومن نافسك في الدنيا فألقها في نحره.

فسعادة تلك الدار هي الفوز الحق، وقد فهم الأولون هذا فجعلوا الدنيا جسرًا يعبرون عليه فتخففوا من أعبائها ليسهل المرور من فوق الصراط، ولقصرها لم يدعوا فيها مجالًا لحمل الهموم أو الانشغال بمتعلقاتها في علاقاتهم مع من حولهم، فهي عرض مبذول لمن أراده بعد أن تميزت حقيقتها فلم يعد لهم فيها مطلبًا، يقول أحمد بن عمار الأسدي أنه خرج مع معلمه في جنازته ومعه جماعة من أصحابه، فرأى في الطريق كلابًا مجتمعات بعضها يلعب مع بعض، ويتمرغ عليه ويلحسه، فالتفت إلى أصحابه فقال: أنظروا إلى هذه الكلاب ما أحسن أخلاق بعضها مع بعض، قال أحمد بن عمار: ثم عدنا من الجنازة وقد طرحت جيفة، وتلك الكلاب مجتمعة عليها يتهارش بعضها مع بعض، ويخطف هذا من هذا ويعوي عليه، وهي تتقاتل على تلك الجيفة، فالتفت المعلم فقال: قد رأيتم يا أصحابنا متى لم تكن الدنيا بينكم فأنتم إخوان، ومتى وقعت الدنيا بينكم تهارشتم عليها تهارش الكلاب على الجيفة.

قال بعض البلغاء: الدنيا لا تصفو لشارب ولا تبقى لصاحب، ولا تخلو من فتنة ولا تخلى من محنة، فأعرض عنها قبل أن تعرض عنك، واستبدل بها قبل أن تستبدل بك، فإن نعيمها ينتقل وأحوالها تتبدل، ولذاتها تفنى وتبعاتها تبقى.

أَرى الدُنيا لِمَن هِيَ في يَدَيهِ *** عَذاباً كُلَّما كَثُرَت لَدَيهِ

 تُهينُ المُكرِمينَ لَها بِصُغرٍ *** وَتُكرِمُ كُلَّ مَن هانَت عَلَيهِ

 (*) كاتب سعودي.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

عاقبة سفرك في الدنيا

نشر في العدد 1350

20

الثلاثاء 18-مايو-1999

من أعذب الشعر

نشر في العدد 1700

13

السبت 06-مايو-2006