; المجتمع الثقافي (العدد 1089) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الثقافي (العدد 1089)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 22-فبراير-1994

مشاهدات 12

نشر في العدد 1089

نشر في الصفحة 56

الثلاثاء 22-فبراير-1994

ومضة

إعداد: مبارك عبدالله

بين قوة الكلمة، وكلمة القوة تباين أزلي، وقف أمامه الفلاسفة أحقابًا طويلة في محاولة لحل إشكاليته، وانحاز كل فريق من الشعراء إلى أحد المعسكرين لتمجيده والإشادة به، وانتظر آخرون لمعرفة من تدور عليه الدائرة، فلما حسم الموقف، انضموا إلى صف الغالب، وساروا في ركابه، مطبلين ومزمرين.

«قوة الكلمة» تمثل الحق بكل ما فيه من قيم، وما ينطوي عليه من استقامة وصلاح، وما يعنيه من ثبات قامت عليه السموات والأرض، وأصالة يرجع إليها الإنسان عندما تتعدد أمامه السبل، وتمزقه الحيرة، ويحتاجإلى الطمانينة والاستقرار.

بينما تعني كلمة «القوة» سيطرة الباطل وانتفاشه وغروره، بكل ما في ذلك من تعسف وظلم، واختلال للموازين، وتدنيس للأخلاق، وزراية بالمبادئ، وضياع للحقوق، يقف الإنسان موزع الاهتمام بين رغيفه وإيمانه، وبين حياته ومعتقده، أو بين رفاهيته وأخلاقه، فإن اختار الأول منهما خسر الثاني، وإذا استعصم بالثاني فلا بد له من التضحية بالأول، وإلا فهو يعيش تناقضًا داخليًا واضطرابًا نفسيًا يعصف بهدوء أعصابه، ويحرمه الراحة وطمانينة البال.

هل من فرصة لحل هذه المعادلة الصعبة؟؟

- نعم عندما تتصالح الكلمة والقوة، بحيث تكون الكلمة هي الغاية المنشودة، وتصبح القوة هي الوسيلة التي تعمل لإقرارها وتأمين استمرارها.

- كيف يتم التصالح والقوة لا تتنازل طائعة عن كبريائها، ولا تفرط بمكتسباتها عن طريق الحوار والتفاهم، ولا يوقف غرورها حجة ولا برهان مهما كانا واضحين؟؟

- هنا يجب أن تتحرر الكلمة من طيات الكتب، وتخرج من إسار السطور، باحثة عن إمكانية التحقق، متسلحة بعوامل الظهور، ممتلكة زمام القدرة التي تمكنها من إحقاق الحق بجدارة وفاعلية، وإزهاق الباطل بأسلوب يمسح آثاره، ويقتلع جذوره، وعندها تكون كلمة الله هي العليا، ويبوء الطاغوت بالإثم والخذلان.

الأدب الإسلامي والنموذج التراثي

بقلم: د. سمير الكفراوي

النموذج التراثي- بدلالته التاريخية والعقائدية- يمثل رجوعًا إلى الماضي على اعتباره مجموعة من التجارب المتتالية، يقوم الشاعر أو الأديب بصياغتها ليوجه بها نحو آفاق المستقبل التي تحددها عقيدته وفق التصور الذي تمليه عليه.. أي أنها محاولات توظيف الماضي، للوقوف على البداية الصحيحة نحو المستقبل.

ولعل ثراء التراث الإسلامي بكثير من هذه الموروثات أو النماذج التراثية، قد أغرى الكثير من أدباء الأمة بإعادة توظيفها، فأفلح البعض في توصيل الفكرة بالقدر الذي يرجى لها.. وأخفق البعض في محاولاته.. ذلك أن تمام الفائدة من النموذج التراثي لا تعني فقط مجرد الإتيان به داخل بنية العمل الأدبي، وإنما لا بد من أمرين هامين:

أولهما: التأكد من مصدر النموذج؛ لأن كل ما يبنى على باطل فهو باطل، ولعل أوثق مصادر النموذج التراثي القرآن الكريم والسنة والسيرة النبوية، وهذا ما يمكن تسميته أصالة الموروث.

ثانيهما: حسن توظيف ذلك الموروث، إذ أن الإتيان بنموذج موثوق المصدر لا يؤتي الفائدة المرجوة منه إلا إذا أحسن توظيفه داخل بنية العمل الأدبي.

والموروث لا يحقق غايته الفنية ما لم تكن الحاجة إليه نابعة من داخل بنية العمل الأدبي ذاتها، وإذا اقتصر دوره على محض استعراض ثقافة الشاعر، أو كان مجرد استعارة يستعاض فيها ببعض الشخصيات والأحداث الوهمية عن شخصيات وأحداث حقيقية، فإن استخدامه لا يعدو أن يكون نمطًا من المهارة العقلية التي ليس فيها كبير عناء من الناحية الفنية.. وقد تباينت أساليب تناول النموذج التراثي باختلاف طبيعة الأديب وبيئته وثقافته.. فنرى البعض وقد اكتفى بذكر النموذج لمجرد استكمال عناصر اللوحة الأدبية، ونرى آخرين لا يكتفون بمجرد ذكر النموذج، وإنما يحيلونه كائنا يسأل ويجيب، وآخرين يختارون للنموذج شكل الأقصوصة، وأحيانًا يتطلب العمل الأدبي شيئًا من التبديل والتغيير على النموذج.

ولعل من أول الفنون التي تعنى بالنموذج التراثي «فن الشعر»، فنرى بعض الشعراء يتناولون النموذج التراثي بمجرد ذكره ضمن اللوحة الشعرية، مثال ذلك ما نقرأ للشاعر «يوسف العظم» في مقطوعته «اليرموك»:

وعلى اليرموك تراتيل *** من آي الذكر وتنزيل

وأحيانًا لا يكتفي الشاعر بمجرد الإتيان بالنموذج، وإنما يحيله كائنًا يسأل وينادي كما فعل «إقبال» في إحدى روائعه:

يا ظل حدائق أندلس *** أنسيت مغاني عشرتنا؟

وعلى أغصانك أوكار *** عمرت بطلائع نشأتنا

وقد اختار بعضها شكل الأقصوصة لتقديم ذلك الموروث.. من ذلك ما أنتجته قريحة الدكتور عبده بدوي عن موقف سعيد بن جبير مع الحجاج بن يوسف:

كنت تروي عن رسول الله ما يشفي الغليلا

وتشد الناس حتى يشهدوا الفجر الجميلا

وبيوم أصبح المجلس يندى بالبراءة

كان كالجنة من خلف العباءة ...

غير أن «ابن نبيه» راح يبكي بين كفيه فجاءة

فلقد أبصر رأس الشيخ محمولًا إزاءه.

وأحيانًا يأتي الموروث بعد بعض التحريف أو التغيير.. وهو ما يمكن تسميته «بتأويل الموروث»، ومثال ذلك من قصيدة الشاعر والعالم للشاعر د. عبده بدوي:

فلتذكر يا ذا الوجه المعشوق الباهر

أن الدنيا صارت غير الدنيا

وقميصك في دمه لن يبكي غير الذئب

ونخلص إلى القول بأن حسن توظيف «النموذج التراثي» هو ضرورة تقتضيها ظروف المرحلة التي تعيشها الأمة.. ولاشك أن الأمر لا يحتاج إلى كثير عناء، وإنما يحتاج فقط إلى حسن اختيار النموذج، وحسن توظيفه داخل بنية العمل الشعري، وعلى الأديب أن يضيف اليه من أحاسيسه ومشاعره الذاتية، ما يجعل من التجرية أكثر ثراءً وغنًى..

ظواهر مؤسفة في معرض القاهرة الدولي السادس والعشرين للكتاب!

ترويج كتب الانحلال والفسق رغم اعتراض الأزهر!

القاهرة: بدر محمد بدر

أقيم في القاهرة في الفترة من ٢٨ يناير وحتى التاسع من فبراير الحالي، معرض القاهرة الدولي السادس والعشرين للكتاب، وهو سوق عالمي للفكر والثقافة والإبداع الأدبي، يقام منذ أكثر من ربع قرن، وينتظره المصريون والمواطنون العرب والمسلمون كل عام للتزود بأهم وأحدث الكتب والأبحاث والدراسات، خصوصًا في المجال الإسلامي، وقد تميز معرض الكتاب هذا العام بعدة ظواهر يمكن رصدها فيما يلي:

أولًا: أستمرار السيطرة الواضحة للتوجه العلماني واليساري الماركسي على إصدارات وندوات ومتابعات وزارة الثقافة المصرية والهيئة المصرية العامة للكتاب التي تشرف على المعرض، وقد اتخذت هذه السيطرة في الفترة الأخيرة، وفي هذا العام بالذات طابعًا حادًا مضادًا للفكرة الإسلامية، وعلى سبيل المثال كانت معظم ندوات المعرض يشارك فيها کتاب علمانيون ماركسيون معروفون بعدائهم الشديد للتوجه الإسلامي، سواء من حيث عرض الكتب أو مناقشتها، وكذلك العروض الفنية والمسرحية التي خلت من أي مضمون إسلامي، أيضًا خلت الندوات من أصحاب التوجه الإسلامي.

المعروف أن فضيلة الشيخ محمد الغزالي والمستشار مأمون الهضيبي والدكتور محمد عمارة شاركوا في الندوات في العام الماضي.

ثانيًا: شهدت ندوات المعرض ترويجًا شديدًا لفكرة السوق «الشرق أوسطية» من خلال تبني المفكرين العلمانيين واليساريين للموضوع، وإعادة عرضه في كل ندوة بمناسبة أو بدون مناسبة، حتى صار موضوعًا مستفزًا لجمهور المعرض الذي انصرف عن المشاركة والحضور بشكل ملحوظ، وقد تزامنت ندوات المعرض حول موضوع السوق «الشرق أوسطية» مع الحديث عنها والترويج لها من الدكتور يوسف والي الأمين العام للحزب الوطني تحت قبة البرلمان، وهو ما أدى إلى إثارة نواب المعارضة والمستقلين احتجاجًا على الدفاع عن إسرائيل والسوق الشرق أوسطية.

كان الدكتور والي المعروف بدفاعه الشديد عن التعاون مع إسرائيل قد أكد في مجلس الشعب أنه «لولا إسرائيل» ما وجدنا الموز والتفاح الذي يملأ الأسواق المصرية الآن، وقال: إن لدينا مزارع إسرائيلية للموز بامتداد ٤٠ كيلو مترًا بين طنطا وكفر الشيخ، كما أن لدينا مزارع إسرائيلية أخرى للتفاح بين كفر الزيات وطنطا.. وزعم يوسف والي أن دولًا عربية كثيرة تحاول الوصول إلى ما وصلت إليه مصر في الاستفادة بالخبرة الإسرائيلية!

وزعم أن... «المغرب استطاعت هذا العام بعد جهد جهيد أن توقع مع إسرائيل اتفاقًا مماثلًا لاتفاق مصر معها الذي تم توقيعه عام ۱۹۷۸.. ولكن النائب الناصري ضياء الدين داود هاجم هذا التوجه، وأكد عدم فائدة أي تعاون مع «إسرائيل» لأن هذا التعاون نقل إلينا كثيرًا من الأمراض والأوبئة، كما أصاب زراعاتنا بالتلف، بل إن إسرائيل قامت بسرقة أنقى سلالات القطن المصري، وقامت بزراعتها عندها، وتحاول الاستيلاء على أسواق القطن المصري في دول العالم.... وفي نفس الإطار تحركت وتفاعلت ندوات معرض الكتاب لتعرض وجهة نظر الحكومة والعلمانيين! 

كتب الإباحية والتحلل

ثالثًا: من أبرز الظواهر المؤسفة التي حفل بها معرض القاهرة الدولي للكتاب عودة وانتشار الكتب التي تدعو إلى الانحلال والإباحية والفسق بصورة مثيرة، وإفساح الطريق أمامها في ندوات المثقفين لمزيد من الإشهار والإعلان، وخصوصًا بعد الإعلان المستفز عن إلغاء رقابة الأزهر على الكتب والمنصفات الفنية، والسماح بتوزيع ونشر كتب رفضها الأزهر مثل كتاب «مقدمة في فقه القضية العربية» للدكتور لويس عوض، الذي تم مصادرته بقرار من النيابة، وتأيد بحكم محكمة في 20/6/1983 «لما يحمله من تهجم على الإسلام والمسلمين، وعلى اللغة العربية والقرآن الكريم».... والكتاب تم عرضه في كل أجنحة اللغة العربية بالمعرض..

أما عن كتب الإباحية والانحراف والجنس فقد زادت عن العشرات، جميعها صدر خلال الفترة الأخيرة لكتاب مجهولين أو هواة!

رابعًا: الإقبال على المعرض هذا العام كان أقل من الأعوام السابقة، لكن الكتاب الإسلامي ظل في مقدمة المبيعات- كالعادة- وزادت المبيعات من الكتاب المتخصص أكثر من الكتاب العام، ولاحظ المتابعون للمعرض قلة الإقبال بالرغم من إقامة المعرض في أثناء إجازة المدارس والجامعات، وربما يرجع ذلك إلى استمرار ارتفاع أسعار الكتب، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر، بالإضافة إلى القيود الأمنية المشددة التي أحاطت بالمعرض خوفًا من أي قلاقل.

خامسًا: زادت قوافل طلاب العلم وهواة شراء الكتب من جميع الدول العربية، وأقبلت على المعرض الذي شارك فيه ٧٢ دولة و ٢١٧٦ ناشرًا عرضوا أكثر من ٥٥ مليون كتاب، تم عرضها في ٢٥ صالة عرض، وأقيم المعرض لمدة أسبوعين في أرض المعارض بمدينة نصر.

الرابط المختصر :