; المجتمع الثقافي: (العدد: 1282) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الثقافي: (العدد: 1282)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 30-ديسمبر-1997

مشاهدات 14

نشر في العدد 1282

نشر في الصفحة 52

الثلاثاء 30-ديسمبر-1997

المنقذ المرتقب

بقلم: المفكر التركي نجيب فاضل[*]

لا أدري أين هو الآن؟ في صلب أي رجل؟ في رحم أي امرأة؟ على كرسي أي دائرة؟ في صف أي مدرسة ابتدائية أو متوسطة أو عالية؟ على رأس أي فوج؟ أي سرية؟ أي فصيل؟ في أي زاوية هادئة من زوايا أي مسجد؟ في أي ركن هادئ من أي مكتبة؟ أين هو؟ أين؟ لا أدري.. أيأتي عن طريق الانتخاب؟ أيظهر وهو يقود الجماهير؟ أم يصل بواسطة منظمة جديدة؟ أيقفز من الباراشوت أم ينزل من صحن طائر؟ كيف يأتي؟ كيف؟ لا أدري..

 أيكون سلاحه القلم أم السيف؟ إبرة التطعيم أم قنينة الدواء؟ ما سلاحه؟ لا أدري.. ولكن الذي أومن به كبديهية رياضية هو أن هذه الأمة ذات التاريخ العريق منذ آلاف السنين التي وجدت أغلى شرفها وعزتها في الإسلام تنتظر وتبحث عن البطل الذي يجدد لها إيمانها وأشواقها، وإنها ستجد ما تبحث عنه بلا شكّ ودون ريب..

 أجل.. إن الشيء الذي أعلمه هو أن هذا الوطن بجماده ونباته وحيوانه وإنسانه.. هذا الوطن بأجمعه ينتظر منقذه مثلما تنتظر السنبلة الملوحة بالشمس قطرات الماء.. مثلما ينتظر المريض الدواء.. مثلما ينتظر البريء العدالة.. مثلما ينتظر العاشق الموله معشوقته.. هكذا تنتظر الأمة التركية منقذها. 

إن هذا انتظار من نوع آخر، حتى ولو لم يكن هناك من يأتي، ولو لم يكن هناك من يتوقع مجيئه فإن هذا الانتظار من القوة بحيث يعطي له وجودًا.. يولده وينشئه ويربيه ويصقله. 

أجل نحن ننتظر هذا البطل.. هذا البطل الذي ستشكله في رحم أمه شدة رغبتنا ولهفة انتظارنا له.

 وبخلاف تيار السطحية والتعصب وجفاف القلب والروح، وجفاف الشوق والوجد الذي بدأ بعد عهد السلطان سليمان القانوني- بل في عهده- من قبل بعض ذوي العقول الجامدة.. سيدافع هذا البطل عن معاني وروح المقاييس المقدسة بجميع جبهاتها ومفاهيمها الظاهرة منها والباطنة.

 سيرفع هذا المنقذ ذراعيه صارخًا: «لا» في وجه الجمود والتأخر، وفي وجه التقليد الغربي الذي بدأ منذ عهد التنظيمات، ووصل إلى ذروته في عهد الجمهورية، سيقول:

 «لا» في وجه إنكار واحتقار مقوماتنا وشخصيتنا، وتسليم هذه الشخصية إلى الغرب بتقليد سطحي يتناول مظاهر الأشياء.

 سيعرف هذا المنقذ العالم الغربي بكل جوانبه وبكل أزماته أفضل من أي مفكر غربي، ويُعرِّف العالم الشرقي بكل نقاط ضعفه وكل قواه الخفية، ويعرف السر الموزون والمحسوب بين هذين العالمين ويرفعه في يده كشعلة وهاجة. 

سيقدم هذا المنقذ إلى الأمة التركية المقياس الذي تستطيع بواسطته تمييز الأبطال الزائفين الذين ظهروا في عهود الجمود والتأخر والانحطاط عن الأبطال الحقيقيين، وأن تكشف بذلك خداع ونفاق الذين قدموا الزائف في صورة الحقيقي.

 سيبحث هذا المنقذ وسيدافع عن حقوق الإيمان والأخلاق والتاريخ، وعن حقوق مؤسسات الأمة، وسيرسي قواعد البيت والعائلة، وعلاقات وحقوق الرجل والمرأة والطفل.. والمدرسة والمزرعة والمصنع.... والدولة وكرسي العدالة والجيش على قواعدها الأصلية الحقيقية. 

سيظهر هذا المنقذ في أجلى صورة ما فقده الذين انعكست المفاهيم عندهم في «التقدمية». وما خفي عنهم في «الرجعية»، سيرتفع هذا المنقذ بالروح، وسيجمل ويزين المادة تحت إمرة الروح، أما من يقف أمام هذا النظام أو يحاول إفساده سيسوي به الأرض ويجعله أثرًا بعد عين. 

سيعيد هذا المنقذ كل الأمتعة التي باعها لنا الغرب- والتي كانت دواء له وداء لنا- إلى أصحابها، سيرسل الديمقراطية، إلى المكان الذي أتت منه، سيعيد هذا البطل الرأسمالية قرحة والشيوعية سرطانًا، سيبصق في وجه جميع المذاهب الاجتماعية والاقتصادية الغربية وسيعلن بكل قوة أن ما يبحث عنه ليس في الأنظمة الغربية، بل هو في الإسلام، ولن يأخذ عن الغرب غير العلوم والمعارف المجردة وغير حق العقل في فحص المادة وتدقيقها وبذلك يقدم أحسن أنموذج من النظام الذي يشتاق إليه القرن العشرون، وبكلمة واحدة فإن هذا المنقذ سيكون الممثل الحقيقي للإسلام بكل ما فيه من أصالة وصفاء وسيكون المطبق القدير للإسلام اليوم وغدًا.

 وبنسبة مأساة انحطاطنا ستكون نسبة ارتفاعنا وصعودنا على يد هذا المنقذ البطل. حسب السنن الإلهية وقوانينها.. لا بد أن يأتي هذا البطل.. بما أن هذه الأمة ستبقى.. إذن فهو آتٍ لا محالة. 

مفتي لبنان يدعو لعقد قمة روحية

«الفلتان الأخلاقي» على الشاشات اللبنانية يتطاول على القيم والشرائع

 بيروت: جمال الدين شبيب

الفلتان الأخلاقي المنتشر على الشاشات التلفزيونية المرخصة والتعرض لثوابت الدين الإسلامي وأحكامه بطريقة مقززة لدى بعض المحطات تجاوز كل قدرة على الاحتمال لدى اللبنانيين والهيئات الدينية والوطنية.

 وبات الأمر يستدعي تحركًا فاعلًا يضع الأمور في نصابها، ويوقف المستهترين والمتطاولين على الأديان، هذا الواقع دفع مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني للدعوة إلى عقد قمة روحية في دار الفتوى لمعالجة الملف الأخلاقي في وسائل الإعلام الذي تفاقم خطره.

 فالإعلانات المليئة بالمشاهد الخلاعية والقبلات! والمسلسلات المدبلجة المحشوة بمثل هذه المواقف مما يندى له الجبين والمنشورات والمجلات الخليعة عادت للظهور ومناقشة الأحكام الدينية على بعض الشاشات من قبل غير المختصين، مما يشوه الأحكام ويسيء للشرع الحنيف.

 وقد أجرى الشيخ قباني اتصالات للجم هذا الفلتان الأخلاقي ووقف المتطاولين على الشرع شملت البطريرك الماروني ورئيس المجلس الشيعي وغيرهما من رؤساء الطوائف.

 وتم التوافق في هذه الاتصالات على تنظيم لقاء القمة الروحية في دار الفتوى وقد أدلى سماحة المفتي قباني بتصريح لـ«المجتمع» قال فيه: «لقد أجرينا سلسلة اتصالات مع المرجعيات الدينية بهدف التشاور حول الخطوات الواجب اتخاذها للحد من موجة التسيب الإعلامي التي تجتاح العديد من أجهزة الإعلام والكتب والمنشورات».

 وأضاف: «إن استمرار التغاضي عن هذا الفلتان الأخلاقي البشع من شأنه أن يهدد البنية العائلية للمجتمع اللبناني من خلال تسميم أفكار الناشئة بصور وادعاءات لا تمت إلى معتقداتنا الدينية بصلة، وهي تتعارض مع تقاليدنا الحريصة على المبادئ الأخلاقية والقيم الدينية».

 وأشاد بموقف جريدة «اللواء» البيروتية اليومية التي أطلقت حملة للتصدي للفلتان الأخلاقي، ودعا قباني الأجهزة الرسمية المعنية إلى القيام بمسؤولياتها كاملة في محاربة جميع مظاهر الإفساد والإباحية.

 والجدير ذكره أن بعض المحطات التلفزيونية المرخصة لا تتوقف درجات إسفافها عند إظهار وعرض المشاهد الخليعة، بل تتعدى إلى المضمون المتمثل في محاولة زرع القيم والأفكار السيئة في عقول المشاهدين، ومنها ما يتوجه للأطفال عبر ترويج العلاقات والانحلال حتى في الرسوم الكرتونية المتحركة. 

وكان أسوأ ما أثار المؤمنين وفجر القنبلة الأخلاقية هو استخدام إحدى المحطات لموسيقى فیلم «الرسالة»، مع ما تحمله من معان مرتبطة بسيرة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لترافق رقصات انتخاب ما يسمى بـ«ملكات الجمال».

واحة الشعر

أصوليون ! ..

شعر: أحمد محمد الصديق

أصوليون.. والقرآن أصل *** نسير على هداه.. فلا نضل

أصوليون.... نعلنها جهارًا ***ونحن بعزة الإسلام نعلو

لغير الله لا نحني رؤوسًا *** ولا تعنو الجباه.. ولا تذل

لنا المحراب... يشهدنا هجودًا ***نطيل به السجود... ولا نمل

ونخرج للحياة دعاة خير *** كما تعطي رحيق الشهد نحل

تطير بنا عزائمنا مضاء *** كما طارت إلى الميدان خيل

وعهد الله أن نبقى جنودًا *** ولسنا نستقيل ... ولا نخل

نجاهد فيه ما عشنا كرامًا *** وكل مشقة في الله تحلو

نرى الدنيا وفتنتها هباء ***وفوق وجودها هدف أجلُّ

ألسنا للعبادة قد خلقنا؟ *** فكيف نزيغ عنها أو نزل؟

ومن عرق الجبين نروم رزقًا *** وخطة عيشنا كدح وبذل

نقيم على التقى صرح المعالي *** ويغذى من لبان الطهر نسل

وما انجرفت مع الأهواء نفس *** ولا انزلقت إلى الفحشاء رجل

وما فينا المقامر والمرابي ***وما فينا لأهل الكفر ذيل

ولا ذمم تساوم أو تحابي *** ولا في الكسب إلا ما يحل

رسالتنا هي الإصلاح... حتى *** يعم الأرض إيمان... وعدل

وماذا ينكر السفهاء منا؟ ***وملء صدورهم سخم وغل

ألسنا درع أمتنا.. حماة *** وكل يد تسيء لها تشل

نجاهد بالقوادم والخوافي *** ويقتحم الوغى طفل... وكهل

رجال... حيثما نادى المنادي *** رأيت صريخ نجدتنا يُطلّ

ونهج المصطفى...أعظم بنهج *** يُضيء طريقنا أبدًا... ويجلو

ويأبى المبطلون... ولست أدري *** أيرخض شرعة الإسلام عقل

أيفلح من تخبط في ظلام ***يقود خطاه كفران وجهل؟

وينعق كالغراب بغير وعي *** وفي بدع الهوى المذموم يغلو

وعقبي الظالمين غدًا بوار *** ويندم يوم حسرته المضل

أصوليون... والإيمان عهد *** إذا عقد اللواء فلا يحل

وما منا المريب ولا المعادي *** ولكن نحن للإحسان ظل

وملء ضلوعنا أنهار حب *** يُعل بمائها وَعْرُ وسَهْل

يحالفنا من الرحمن عون *** وسيف الله صلتُ لا يُفَلُّ

يكيد لنا عدو الله ظلمًا *** وحرمتنا تُباحُ.. وتُستحلُّ

ونوصم نحن بالإرهاب زورًا ***تسام كرامة... ويُعاب نبل

وكم في القيد من شيخ كبير *** وليس له على التعذيب حول

ويولد من لقاح العنف عنف *** ويجرفنا من الأرزاء سيل

إلام؟ إلام؟ يا عصف المنايا *** صراعات... وتشريد... وقتل

متى يا أمة القرآن نصحو؟ *** فقد عظم البلاء.. وطال ليل

ويشمخ في الوجود لنا كيان *** على قمم الخلود به نطل

ورايتنا هي الإسلام... دينًا *** به شمس الحضارة تستهل

ونمضي نحو غايتنا صعودًا *** ونحن لنصرة الأوطان أهل
 

[*] ترجمة أورخان محمد علي.

الرابط المختصر :