; المجتمع الثقافي (العدد 1384) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الثقافي (العدد 1384)

الكاتب مبارك عبد الله

تاريخ النشر الثلاثاء 18-يناير-2000

مشاهدات 16

نشر في العدد 1384

نشر في الصفحة 50

الثلاثاء 18-يناير-2000

عولمة الحرب على اللغة العربية

بقلم: د. فتحي يكن1                                

دُعيت للمشاركة ذات مرة في مؤتمر جامعي أقيم في بلد إسلامي تحت عنوان «دور الجامعة ومكانتها في المجتمع الإسلامي».

وحضر ممثلون عن عدد من الجامعات الإسلامية –كالأزهر- وقدم ما يزيد على العشرين بحثًا، وكان عنوان بحثي «دور الجامعة في مواجهة العولمة».

كانت اللغة المعتمدة في المؤتمر هي لغة ذلك البلد... أما الترجمة الفورية فكانت إلى اللغة الإنجليزية فحسب!!.

هذا يعني أن الذي لا يعرف لغة البلد ولا يُجيد الإنجليزية سيكون أصم أطرش لا يعرف ما يجري حوله.

- عجيب أن يكون عنوان المؤتمر الجامعي إسلاميًا، وتغيب عنه لغة الإسلام.

- وعجيب أن تُقدم بحوث قرآنية من غير ترجمة إلى اللغة العربية لغة القرآن.

- وعجيب أن يُعقد هذا المؤتمر في بلد إسلامي وبلسان أعجمي، وليس بلسان عربي مبين!

عرضت الأمر على منظمي المؤتمر، فأسفوا لعدم تمكنهم من تأمين مستلزمات الترجمة إلى اللغة العربية، ووعدوا بأن يستدركوا ذلك في المستقبل، ثم أسفوا مرة أخرى وعزوا الأمر إلى قلة الناطقين بالضاد في المؤتمر.

قلت إن القضية مبدئية، ولا بد من تلازم الإسلام مع اللغة العربية.. ولو لم يكن بين الحضور إلا واحد لا يعرف غير العربية لوجب مراعاته فكيف لو أن العدد أكبر؟؟

استوقفتني هذه الظاهرة، وأدركت أنها ليست فريدة، إنما تتكرر هنا وهناك.. وإنها بحاجة إلى معالجة.

عندما جاء دوري في الكلام، عرجت ابتداء على القضية، وقدمتها مثلًا حيًا، وأثرًا حسيًا من آثار العولمة.

قلت أخشى أن يكون اجتياح العولمة قد بلغ مؤتمرنا الإسلامي هذا.. حيث اعتمدت لغة «الشيطان الأكبر» ولم تعتمد لغة قرآننا الكريم، ودستورنا العظيم الذي أنزله الله بلسان عربي مبين.

- أوَ لم نقرأ في كتاب الله الآيات التالية:

﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف: ٢)

﴿لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (النحل: ١٠٣)

﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (الزمر: ٢٨).

﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (فصلت: ٣).

﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ (فصلت: ٤٤).

أوَ لم يشر رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتزاز إلى اللغة العربية ويقول: «أنا أعربكم، لساني عربي ولسان أهل الجنة في الجنة عربي»؟

أوَ لم يشترط علماؤنا الممارسة الاجتهاد إتقان اللغة العربية؟ حين أجاب الأصوليون عن الدرجة التي ينبغي للمجتهد أن يصل إليها في معرفة اللغة العربية بجوابين:

الأول: أن يعلم من اللغة والنحو القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعاداتهم في الاستعمال.

الثاني: أن يكون مجتهدًا في اللغة فيبلغ فيها مبلغ الأئمة كالخليل وسيبويه والأخفش والمازني ومن سواهم.

ذهب إلى القول الأول جميع الأصوليين كالغزالي والآمدي والسبكي وعبد العزيز البخاري وغيرهم من الأصوليين.

وذهب إلى القول الثاني: الشاطبي.

قال الغزالي في مستصفاه: «فعلم اللغة والنحو، أعني القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعاداتهم في الاستعمال إلى حد يميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله وحقيقته ومجازه وعامه وخاصه، ومحكمه ومتشابهه ومطلقه ومقيده، ونصه وفحواه ولحنه ومفهومه».

وكذلك قال الآمدي: «إنه يشترط للمجتهد أن يكون عالمًا باللغة والنحو، ولا يشترط أن يكون في اللغة كالأصمعي، وفي النحو كسيبويه والخليل، بل أن يكون قد حصل من ذلك على ما يعرف به أوضاع العرب، والجاري من عاداتهم في المخاطبات، بحيث يميز بين دلالات الألفاظ من المطابقة والتضمين، والالتزام، والمفرد، والمركب، والكلي منها والجزئي، والحقيقة والمجاز والتواطؤ والاشتراك والترادف والتباين والنص، والظاهر، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والمنطوق والمفهوم، والاقتضاء والإشارة، والتنبيه والإيماء، ونحو ذلك مما يتوقف عليه استنباط الحكم من دليله».

- إن مما تعلمناه وعلمناه لمن حولنا من وصية الإمام الشهيد حسن البنا التي يقول فيها: «تكلم العربية الفصحى فإنها من شعائر الإسلام».

أوَ لم يعتمد أعداء الإسلام لضرب الإسلام وقطع الأمة عن القرآن تشجيع اللغات المحلية، وتهميش العربية؟

جاء في كتاب «أجنحة المكر الثلاثة» لمؤلفه عبد الرحمن حبنكة الميداني، ما يلي: «إن اللغة هي الجزء المشترك من كيان الأمة، وهي الوطن المعنوي الواحد لحركة اللسان المعبرة عن حركة الفكر والنفس والوجدان، وهي في هذا تشبه حدود الأرض التي تحوي داخل محيطها الوطن المادي لحركة جسم كل فرد من أفراد الأمة، إذ يعبر بذلك عن مطالبه الفكرية والنفسية والوجدانية، وعن آماله وتطلعاته لنفسه وأهله وذرياته وأمته.

لقد أدرك أعداء الإسلام أن الشعوب الإسلامية ما دامت على صلة وثيقة باللغة العربية، فإنها ستظل مرتبطة بالإسلام وبالقرآن، وستظل متمسكة بفكرة الوحدة الإسلامية الكبرى.

ومن أجل ذلك أخذ أعداء الإسلام يوجهون مختلف القوى، ويتابعون ألوان الجهود ويتخذون شتى الوسائل الممكنة لهم، لصد الشعوب الإسلامية عن اللغة العربية، وصرف الشعوب العربية عن اللغة العربية الفصحى، وتغذية اللهجات الإقليمية بالمحلية، وتشجيع أبناء الشعوب الإسلامية على أن تكون لغتها المحلية ولهجاتها الإقليمية العامية، البعيدة كل البعد عن اللغة العربية الفصحى، هي اللغات المستعملة في كتاباتها المتنوعة في العلوم والفنون والآداب والمعاملات وسائر ما يحتاج فيه إلى الكتابة والتسجيل، وتشجيعها أيضًا على هجر رسم الكتابة العربية، ووضع الحروف اللاتينية موضعها، أو إحداث رسم جديد بعيد عن الرسم العربي، الذي يضم نفائس الثروات العربية الإسلامية في شكله المختصر الجميل.

ويتفق مع الدوائر الاستعمارية في محاربة العربية الفصحى جناحا التنصير والاستشراق وتؤازر الأجنحة الثلاثة الدوائر الصهيونية والدوائر الماركسية، وأعوان جميع هؤلاء الأعداء وأجراؤهم وأنصارهم، والسائرون في أفلاكهم.

ومهمة المسلمين في مضادة خطط هؤلاء تتجلى بالحرص على وحدتها الدينية واللغوية التي تمثلها اللغة العربية الفصحى، لغة القرآن، ولغة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ولغة الأمجاد الإسلامية العظمي».

يجب أن يكون معلومًا أن أي نهضة إسلامية حقيقية لا بد أن تكون من أولويات اهتماماتها وخطواتها العناية باللغة العربية قراءة وكتابة، وفق قواعدها المعروفة، وبخاصة لمن يعتبرون من قادة هذه النهضة وروادها.

مجلة شؤون الشرق الأوسط

صدر العدد الجديد من المجلد الخامس لمجلة «شؤون الشرق الأوسط» التي تصدرها المؤسسة المتحدة للدراسات والبحوث بواشنطن، ويرأس تحريرها الدكتور أحمد يوسف، وهي مجلة فصلية تعنى بشؤون الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي وتكتب لها طائفة من الخبراء في الشؤون العربية والإسلامية من أساتذة الجامعات والعاملين في ميدان السياسة والفكر.

وأطروحة هذا العدد هي الإسلام في الولايات المتحدة والحركات الإسلامية بصورة عامة، والمسلمون في الولايات المتحدة موضوع تزداد أهميته نظرًا لتزايد عدد المسلمين وتعاظم الدور السياسي الذي يلعبونه وأهمية ذلك لمستقبل السياسة الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي، ويتدارس عدد من الخبراء والمتخصصين موضوع الإسلام في الولايات المتحدة في باب المقالات حيث يشترك أربعة من الخبراء كل في مجال اختصاصه لمناقشة موضوع الإسلام في الساحة الأمريكية، تتناول الدكتورة إيفون حداد التجمعات الإسلامية في الغرب، ويتناول ألطاف حسين إشكاليات الشباب المسلم في البحث عن هويته الإسلامية، ويحلل الدكتور رتشارد ترنر أثر الإسلام السني في تجارب الأمريكيين من أصل إفريقي، وأخيرًا يتولى محمد سالم عميش دراسة أوضاع الطلبة المسلمين وتجاربهم الدراسية في الجامعات الأمريكية.

واستكمالًا للموضوع نفسه تجري المجلة أربع مقابلات، فتحاور الدكتور سليمان نيانق حول اندماج الإسلام في الحياة الأمريكية، والدكتور زاهد بوخاري حول المسلمين في الحياة السياسية الأمريكية، وتحاور عضو الكونجرس السابق بول فندلي عن النشاط السياسي للمسلمين في الولايات المتحدة ثم تناقش موضوع التحالفات المسيحية الإسلامية مع يوسف صويران.

في باب «آفاق دولية» تنشر المجلة أربع موضوعات مهمة لعدد من الخبراء حول الترتيبات الخفية لتقسيم السودان، ونحو سياسة عراقية مسؤولة، والبابا يوحنا الثاني والإسلام، ومقابلة مع اللورد نظير أحمد عضو مجلس اللوردات البريطاني.

وفي باب «الحركات الإسلامية» يبدي عدد من الخبراء والمتخصصين آراءهم حول الحركات الإسلامية في كل من الأردن وماليزيا، كما تناقش فكرة «التهديد الإسلامي الأصولي» كما يطرحه الإعلام الغربي وطرح آخر يدعو إلى تفهم الحركة الإسلامية.

وفي باب «الأرض المقدسة» تتم مناقشة طبيعة الدولة الفلسطينية كما تناقش فكرة الدولة الواحدة في فلسطين وأوسلو وسقوط «حل الدولتين».

وفي باب مقابلات تطرح المجلة موضوع مستقبل المقاومة الإسلامية في فلسطين مع الشيخ أحمد ياسين، والطريق إلى السلام مع موسى أبو مرزوق، والسياسة الواقعية لأوسلو مع مصطفى أبو صوى، ويشمل هذا الباب تغطية لمحاضرة د. خليل الشقاقي في مؤسسة الدراسات الفلسطينية والتي تناول فيها مظاهر الفساد داخل مؤسسات السلطة الفلسطينية وسبل الإصلاح المطلوبة للخروج من هذه الأزمة، وهناك محاضرة أخرى حول العملية السلمية، ودور وكالة المخابرات الأمريكية في إدارة الملفات الأمنية داخل مناطق السلطة الفلسطينية.

وفي باب مراجعة الكتب، هناك استعراض تحليلي لثلاثة كتب حول الإسلام في الولايات المتحدة وكتاب واحد عند مشاطرة الأرض الموعودة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

العنوان البريدي للمجلة:

UASR INC.

P.O.BOX 1210 ANNANDAK, UA 22003 U.S.A

ساحة الشعر

أحل سفك دمي

شعر: أسامة أنور عيسى

باراك كالبرق بين القدس والحرم

  أحل سفك دمي في الأشهر الحرم

ما كان جبارًا في حرق أوردة

  أو ريِّه الأرض بالأحزان والسقم

أو أن يلغم بالآهات فرحتنا

  أو أن يلطخ وجه الشمس بالظُّلَمِ

أو أن يمزق زيتونًا بحربته

  أو أن يبث صنوف السم بالدسم

أو أن يزج بمن قالوا هنا وطن

  ولن يهود بالتنكيل والتهم

أو أن يدنس أرض العرب في ثقة

  والخيل هائجة في غابة اللجم

أو أن يزوج أشجاري بكارثة

  حتى تموت، بلا ظل ولا نعم

أو أن يشوه أفكاري بزوبعة

  من التصهين في التفكير والحكم

باراك أنت زعيم خضت معركة

  مع التشتت والتزييف والعدم

باراك لست بخطاء فصرت لنا

  رمزًا لوأد خيوط الفجر والحلم

باراك أنت زعيم الشر دمت لنا

  في أن تسمم ما نهوى من اللُّقم

فالعيب ليس بصهيون وإخوته

  في أمتي العيب نيران على علم

سائلْ عن الخزي أطعمناه عزتنا

  سائل عن المجد ملفوظ من الرحم

باراك لست بعملاق وداهية

  نحن الذين صنعنا عزة العجم

باراك إن تقرأ الأمجاد تالدة

  تلقَ الحقيقة شلالًا من الشمم

نصر هناك ودحر فاق ما وضعت

  بلاغة الشعر والتهويل في الكلم

سَلِ المغولَ وسَلْ حطينَ هل تركت

  حقد الصليب بأرض القدس والحرم

سل الفرنجة هل دامت مقاصلهم

  في أن تعربد بين الهام والقدم

باراك عفوًا إذا غابت بلادتنا

  في أن تعانق سهم الحاذق الفهم

باراك أبشر فقد لاحت بيارقنا

  لنجدة المسجد المحفوف بالظلم

إني أراه على بعد أراه دنا

  سيف التوحد يحيي ميتة الهمم

إني أراه أرى سعدًا وحارثة

  هيا أخي بحبل الله فاعتصم

في حوار موضوعي مع د. عبد القدوس أبو صالح- نائب رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية: الأدب الإسلامي يمنح الأدب العربي أصالة وتميزًا

 إقبال وحافظ وبهاء الأميري وأحمد محرم أبرز الشعراء الإسلاميين

حوار: محمد القوصي

الدكتور عبد القدوس أبو صالح- نائب رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيس مكتب البلاد العربية- من أبرز المنافحين عن قضية الأدب الإسلامي في الوقت الحاضر، فقد ساهم في إصدار مجلة «الأدب الإسلامي» ورأس تحريرها، كما شارك في كثير من الندوات والمؤتمرات التي عقدتها الرابطة في العالم العربي وخارجه.

التقيناه لاستشفاف رأيه في بعض الإشكاليات التي تعترض مسيرة الأدب الإسلامي، وبعض التساؤلات المطروحة على الساحة الثقافية في الوطن العربي.

معركة المصطلح...

 لا يزال كثير من الناس يبدون اعتراضهم على مصطلح «الأدب الإسلامي» فمنهم من يرفضه بالكلية ومنهم من يحاول تعديله.. فما رأيكم؟

o نعم.. أعلم أن المعارضين الذين رفضوا هذا المصطلح، إما غيرة منهم على الأدب العربي والحماسة له، فلا يريدون مصطلحًا يظنون أنه لا مسوغ له.. كما أن هذا الفريق يرى أن الأدب العربي بجملته أدب إسلامي.

وأما الفريق الثاني الذي يعارض المصطلح بالكلية فهو منطق الذين يخشون «الإسلامية» ويرفضون الالتزام بالإسلام، وهم يقولون لماذا تدخلون الإسلام في كل شيء؟! وكثير من هذه الشرذمة لا يؤمنون بالإسلام أصلًا، وإن كان بعضهم مسلمًا بالهوية والاسم، كما أن هذه الفئة تعتبر الإسلام نفسه جمودًا وتأخرًا، وهم يرون في الأدب الإسلامي خطرًا يتهدد ما يؤمنون به من مذاهب الأدب الدخيل، سواء كان أدب الماركسية أو الحداثة أو الوجودية، أو العبثية أو غير ذلك مما تجد له أتباعًا متحمسين يريدون أن يلبسوا أمتهم ما لا يتوافق مع ذوقها وأصالتها ودينها وتراثها الأدبي.

ولكن أقول: ما دام مصطلح «الأدب الإسلامي» قد سارت به الركبان- كما يقولون- بعد أن تبنته رابطة الأدب الإسلامي العالمية، التي تنتشر مكاتبها في أنحاء العالم الإسلامي، وبعد أن أخذ به معظم الأدباء الإسلاميين في كل مكان.. فقد آن أن يقبلوا هذا المصطلح، الذي غلب على المصطلحات الأخرى كلها.

 هناك من يقول إن الأدب الإسلامي هو الأدب المكتوب باللغة العربية فقط وعلى الأدباء المسلمين من غير العرب أن يتعلموا العربية ويبدعوا أدبهم بها؟

o نحن نقدر لهذا الفريق تلك الغيرة والحماسة لأدب العربية ولغة القرآن، ولكن ما ذهبوا إليه غير مقبول إنسانيًا ولا إسلاميًا ولا واقعيًا.. لأن فيه ظلمًا للأدباء الإسلاميين من غير العرب، وهذا الموقف ربما قد يدخل في العصبية التي نهى عنها الإسلام، وهو نوع من الاستعلاء على الشعوب الإسلامية.

وأما أن نقصر الأدب الإسلامي على اللغة العربية وحدها فهذا أمر مستغرب، وكثير من المذاهب الأدبية العالمية، كالواقعية الاشتراكية أو الوجودية، يكتب أتباعها بلغات مختلفة، لأن الجامع في المذاهب الأدبية العالمية من أسس عقدية أو نظرية أدبية أو منهج نقدي، كل هذه الأمور لا علاقة لها بلغة معينة.

والأدب الإسلامي وإن كانت لغته الأولى هي لغة القرآن، إلا أنه لا يجوز أن تحصر نظريته أو مذهبه في لغة واحدة، مهما كانت دوافع الغيرة والحماسة للغة القرآن الكريم.

 يذهب النقاد إلى أن مصطلح «الأدب الإسلامي» يقسم الأدباء أو الشعراء إلى أدباء إسلاميين وأدباء غير إسلاميين، وهذا بدوره يثير حساسية البعض ورد فعل ضد المصطلح.

o أعتقد أن الناس منذ عقود من السنين يطلقون على المفكر الذي يكتب عن الإسلام لقب «المفكر الإسلامي» أو «الكاتب الإسلامي» وهذا لا يعني اتهام غيرهم في عقيدتهم أو دينهم، وإنما هو نوع من التخصيص الذي يدل على انقطاع المفكر أو الكاتب أو الأديب إلى هذا النوع من النتاج، أو غلبة هذا النتاج على كتابته مثلًا.

وقد صنف المولى عز وجل الشعراء إلى شاعر مؤمن ملتزم بالإسلام، وإلى شاعر غير ملتزم بالإسلام، في قوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (الشعراء: ٢٢٤: ٢٢٧).

إذن فالشعراء في كل زمان ومكان صنفان: صنف غير ملتزم بالإسلام وصفاتهم كما أوضحتها الآية الكريمة والصنف الثاني هم الشعراء المؤمنون الملتزمون البعيدون عن الغواية والإغواء أو كما وصفتهم الآية السابقة.

الأمة لن تضحي بعقيدتها

 يزعم بعضهم أن الأدب الإسلامي يعارض الأدب العربي، بل ربما يزيد في تجزئة الساحة الأدبية التي تتوزعها مذاهب وتيارات متعددة.. فما قولكم؟

o ليس هناك تعارض بين الأدب الإسلامي والأدب العربي، فالأدب العربي نسبة إلى اللغة التي يكتب فيها هذا الأدب كما نقول: الأدب الإنجليزي والأدب الفرنسي.. أما الأدب الإسلامي فهو أدب منسوب إلى المضمون الذي ينطلق من منطلق عقدي هو التصور الإسلامي الصحيح.

وكما أن الأدب الإنجليزي أو الفرنسي أو غيرهما منسوب إلى لغات شعوب تتضمن مذاهب أدبية عقدية متباينة تكتب بلغة واحدة، فإن الأدب العربي يتضمن مذاهب أدبية عقدية متباينة أيضًا، ولكن أتباعها أو مريديها يكتبونها بلغة واحدة هي اللغة العربية، ولم يزعم زاعم أن هذه المذاهب أو بعضها يعارض الأدب العربي أو يزاحمه، بل إن أنصارها يزعمون أن هذه المذاهب الدخيلة أثرت الأدب العربي وارتفعت به إلى مستويات عالمية.

أما أن الأدب الإسلامي سوف يعمل على تجزئة الأدب العربي فهذه التجزئة حاصلة قبل الدعوة إلى الأدب الإسلامي في العصر الحديث.

ولا بد أن نعلم أن الأمة الإسلامية وفي مقدمتها الأمة العربية لن تضحي بعقيدتها بحجة أن أدبها الإسلامي يزيد في تجزئة الساحة الأدبية، وإذا كان هناك خيار مفروض بين العقيدة والأدب فليس هناك مؤمن بالله واليوم الآخر يؤثر الأدب على العقيدة.

الوحدة الإسلامية غايتنا

 د. عبد القدوس.. نود أن تلقي لنا بعض الضوء حول دور الأدب الإسلامي المعاصر في الوحدة الإسلامية.

o لا يمكن لأحد أن ينكر تأثير الأدب في الحياة العامة للأمة، ولا دوره في قضاياها المصيرية.. واستطاع الشعراء الإسلاميون أن يواكبوا بأشعارهم معارك الأمة الفاصلة في مختلف العصور فها هي ذي باكستان تقوم في شعر محمد إقبال دعوة لتوحيد المسلمين ولاستقلالهم أمة متميزة.

والأدب اليوم- كما يقول محمد قطب- سلاح يستعمله أعداء الإسلام في إفساد الأجيال وإشاعة الانحلال، وما من مذهب فكري أو سیاسي إلا استعمل الأدب لنشر آرائه وحشد الأتباع حوله ولذا يقول شيخنا أبو الحسن الندوي- رحمه الله- إن العالم اليوم يحكمه القلم وتحكمه الكلمة.

ونقول: إن تقصير الدعاة إلى الإسلام في استغلال الأدب وفنونه كوسيلة للدعاة إلى الله جعل الساحة مفتوحة لأعداء الإسلام ولتجار الكلمة الرخيصة يملأونها بالأدب المزور المنحل الذي يستهدف عقيدة الأمة وأخلاقها ووحدتها، ومن هنا سوف ينطلق أدباء الإسلام من منهج إسلامي واحد في سائر الفنون الأدبية ليعملوا على تصحيح مسيرة الأدب في الشعوب الإسلامية جمعاء، وليحققوا الوحدة الأدبية قبل الوحدة السياسية.

والحق يُقال إن الأدب الإسلامي في شعره ونثره واكب أحداث الأمة آمالًا وآلامًا، فقد دعا إلى الجامعة الإسلامية دعمًا لراية الخلافة، ثم بكى هذه الخلافة عندما وئدت، ومضى يفضح مخططات الاستعمار وتآمره لتمزيق العالم الإسلامي واقتسامه، ويصف فظائع هذا الاستعمار وويلاته، ويصف المعارك ويرثي الشهداء، ويدعو الأمة إلى حشد طاقاتها وتوحيد صفوفها ليقف أبناؤها أمام تلك الهجمات الاستعمارية الشرسة صفًا واحدًا.

فلا يمكن أن ننسى أو نتناسى قصائد «شكيب أرسلان» في قيام الجامعة الإسلامية، وما قاله في الحروب البلقانية، مؤكدًا وحدة العرب والأتراك تحت راية الإسلام، وكذلك شاعر الإسلام «أحمد محرم» الذي كان- بحق- أصدق الشعراء لهجة في هذا المجال.. ثم معروف الرصافي، ومحمد عاكف، ومحمد إقبال، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، ومحمود حسن إسماعيل، وخير الدين الزركلي، وعلي محمود طه، وعدنان النحوي، ومحمد مفلح، وعلي الجارم وعمر بهاء الأميري، وغيرهم الكثير من الشعراء الإسلاميين الذين نذروا حياتهم لخدمة قضايا الإسلام، وأوقفوا أقلامهم للذود عن هذا الدين المتين وشعوبه الكريمة.

معوقات في مسيرة الرابطة

 في النهاية.. دعني أسال عن المعوقات التي تقف عائقًا في مسيرة عمل رابطة الأدب الإسلامي العالمية؟

o هناك نوعان من العوائق التي تعترض مسيرة الرابطة أو تؤخر تقدمها:

أولها: العائق المعنوي الذي يتمثل في عدم مبادرة كثيرين من الأدباء والشعراء والنقاد لملء الساحة الأدبية بنتاجهم الفني والنقدي الذي لا بد له أن يكون على مستوى رفيع جدًا حتى يثبت قدميه ويزاحم نتاج الأدب المضاد للتصور الإسلامي، أو الذي يقلد نماذج الأدب الغربي بعيدًا عن هوية الأمة وتراثها وذوقها.

ثانيها: العوائق التي تؤخر كثيرًا من أنشطة الرابطة أو تعمل على تأجيلها.. ولولا الأريحية والشعور بالمسؤولية لدى بعض أعضاء الرابطة لما أمكن للرابطة أن تصدر مجلة الأدب الإسلامي، ولما استطاعت أن تعقد الندوات والمؤتمرات المتعددة، وأن تقيم المسابقات الأدبية، التي تشجع بها عطاء الأدب الإسلامي وتكشف مواهب المبدعين من الأدباء والقصاصين والشعراء، ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج: ٤٠).

الحديث موصول عن: ممارسة الفن الإسلامي

نشرت مجلة المجتمع في عددها ۱۳۸۱ مقالًا بعنوان: «الفن الإسلامي بين الفقه والممارسة» وسرني من الأخ- كاتب المقال- تبنيه «فقه الاعتدال وسعة الصدر وبُعد النظرة»، ودل هذا على تشجيعه الكريم لشركات الإنتاج الإسلامي، ووضع يده على أيديهم مؤازرة ونصرة، كما نشرت في العدد رقم ۱۳۸۳ تعقيب مؤسسة «سنا» للإنتاج الإعلامي.

غير أن اللافت للنظر في مجال الممارسة أن كثيرًا من إخواننا الدعاة يلتقون على كلمة سواء في مجال الفقه النظري، حتى إذا ما كانت الممارسة المتفق عليها نظريًا، رأيتهم يفترقون ويتشعبون، لأن لكل منهم تصوره الخاص لتحقيق المناط فيما اتفقوا عليه من أحكام، وإلا كيف لي أن أفهم وجهة نظر أخينا الكريم في أن اتهامات بحجم «مخالفات شرعية واضحة» و«مبتوتة الصلة بدعوتنا» و«تلك الأخطاء والهنات» «خروج عن سيرة الاعتدال إلى تربة التخليط» كل هذا يوصف به أول الإصدارات على الساحة الإسلامية في مجال أناشيد الطفولة المرئية، لماذا؟ لأن أولى الأناشيد وهي تتحدث عن طفل يتأمل في البحر ويناجيه، وباسم هذه الأنشودة ذات الكلمات المعبرة والإيقاع المميز تسمى الإصدار «الطفل والبحر»، وقد حقق الإصدار إقبالًا منقطع النظير، وبثته أكثر من قناة عربية.

إن هذا الإصدار بكل ما حققه من بديل جاد ومعانٍ أصيلة كان فيه صورة لطفل صغير جالس على صخرات يرتطم بها موج البحر، ويصيبه شيء من رذاذ الماء فيرتجف بردًا، لكن الأخ الناقد يهول الأمر فيرى في الطفل غلامًا أمرد مكشوف ما فوق الركبة بقليل... إلى آخر الفقرة التي لم أتوقع أن أسمع ناقدًا يتناولها مستنكرًا، وعلى كل فالميزان في هذا هو شرع الله الحكيم، فما الدليل الذي استند إليه أخونا الفاضل في تحريم ظهور طفل صغير بين السابعة والثامنة من عمره؟ وحتى وإن ظهر منه الساق والفخذ كما ورد، وأي اعتدال في مجال الممارسة يدعو إليه الأخ الكريم؟ وأي تمحيص من الناحية الشرعية رجع إليه حتى يرشق إخوانه بأنهم يطلبون المكاسب المادية حتى ولو تجاوزوا الشرع، هذا مع أنه يحسن بهم النية!!

ثم على السياق نفسه يتناول الفتيات اللاتي شاركن في النشيد وراعه منهن «أسلوب تحريك الجسد والرأس ونثر الشعر وحركات الأعين..» حتى ليخيل للقارئ أن الفيلم يتناول بعض الراقصات الماجنات وهن يمارسن دورهن في الإغراء، بل وصرح بكلمة الإغراء برغم أنه أشار إلى صغر الفتيات.

وأتساءل حقًا: هل كان لهؤلاء الفتيات الصغار ذلك التثني المائع، وذلك اللباس الفاضح، وتلك الغمزات في حركات العيون؟

وكلمة أخيرة: لماذا يريد الأخ الفاضل أن يكون الفن الإسلامي وفق تصوره الأحادي؟ إن خلود شريعتنا وكمالها، وعالميتها لا يتحقق إذا تجاهلنا ألوان الطيف الدعوي المنبثق عن مشكاة النبوة، وإن شعار «الإسلام منهج حياة» يحتاج إلى ممارسة أوسع مع الالتزام الكامل بضوابط الشرع.

  أحمد سعود

  مكة المكرمة- رابطة العالم الإسلامي

1   كاتب لبناني.

الرابط المختصر :