; المجتمع الثقافي (1549) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الثقافي (1549)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 03-مايو-2003

مشاهدات 14

نشر في العدد 1549

نشر في الصفحة 48

السبت 03-مايو-2003

ظلت تقضي رمضان بجوار الكعبة 30 عامًا متواصلة

الشاعرة الإسلامية علية الجعار 

شعرها كان تجسيدًا صادقًا لهموم وتحديات الأمة الإسلامية

القاهرة: مجاهد الصوابي

megahed_99@hotmail.com

رحلت عن عالمنا قبل أيام الشاعرة الكبيرة علية الجعار التي لم تغب عن ذاكرتها هموم وطنها الإسلامي الكبير كما لم تتوان في المشاركة في الأعمال العامة من مؤتمرات وندوات ومهرجانات شعرية وأدبية وإسلامية للمنافحة عن أمتها، وكان آخر ما شاركت فيه رغم مرضها الشديد المظاهرة المليونية التي نظمها الإخوان المسلمون بإستاد القاهرة التي شارك فيها أكثر من نصف مليون ولم يمنعها المرض من إلقاء كلمة تعبر من خلالها عن هول الكارثة التي تنتظر حاضرة الخلافة الإسلامية.

كانت الراحلة قد حكت لي في آخر حوار أجريته معها عن عادتها التي لم تنقطع طوال ثلاثين عامًا بقضاء شهر رمضان بجوار الكعبة أمام بئر زمزم منقطعة للعبادة، كما تعودت على استقبال رمضان من كل عام بالعديد من القصائد الدينية التي تتناول واقع وهموم الأمة الإسلامية، ومن بينها:

 الصرب ساقوا المسلمين إلى الردى            من بعد غزو ظالم وحصار

والهاربون إلى الجبال تلحفوا                    بالبرد يلسعهم وبالأمطار .

يبكي الصغار فيطعمون صغارهم             عشبًا وأوراقًا من الأشجار .

يا أمة الإسلام اين زكاتكم                         مدوا لهم نهراً من الإيثار

الدين وحدنا برغم بعادنا                       فتراحموا رغم ابتعاد الدار

رمضان شهر للسماحة والندى              فاستثمروا الخير الوفير الجاري 

وقصيدة أخرى ترفض فيها ابتذال الإعلام وضياع ليالي العبادة

رحلة الصوم في طريق ظليلة                     حفها الله بالعطايا الجزيلة

رحلة الصوم ليس فيها مجون                    أو ملاه ومحدثات دخيلة

قد برأنا إليك يا رب ممن                    جانبوا النهج وضلوا سبيلا –

 كما حكت عن نشأتها في مدينة طنطا التي حفرت في ذاكرتها حب آل البيت، مما انعكس على أشعارها منذ الصغر .. فقد كانت قريحتها الشعرية متوهجة منذ الصغر، وكان لها إنتاج شعري متواضع منذ المرحلة الابتدائية تلقيه في الحفلات المدرسية، وكانت قصائدها تتناول أحيانًا نقدًا لبعض الأوضاع في المدرسة، أو قصائد فكاهية صغيرة لإضحاك الزملاء والمدرسين، إلا أن البداية الصحيحة جاءت في المرحلة الجامعية حين فازت بالمستوى الأول على مستوى جامعات مصر في مسابقة نشيد الأسبوع الأول لشباب الجامعات وقد قالت فيه:

في ثنايا الكتاب                            في حنايا معملي 

واهباً كل شبابي                           بانياً مستقبلي 

رافعاً فوق السحاب                    موطني وموتلي

في رحاب الحرم                    نحمل العلم ونسعى للمزيد

نحن أبناء الهرم                      نبذل الأرواح للوادي المجيد 

واصلت دراستها حتى حصلت على ليسانس الحقوق واشتغلت فترة بالمحاماة ثم عينت مديرة للشؤون القانونية بالتليفزيون المصري.

عرفها جمهور الأدب الإسلامي في مصر والعالم من خلال شعرها الإسلامي 

القوي، وكانت تطلق على نفسها ابنة الإسلام ولم تترك مناسبة إسلامية أو مؤتمرًا أو ندوة !! إلا سعت للمشاركة فيها .. كما أهدت المرأة المسلم عددًا من الأبيات من قصيدتها المسلمون والعار.. الشجب والاستنكار، لتحيي فيه صمود المرأة المسلمة عامة، والأمهات الفلسطينيات خاصة جاء فيها:

أما فلسطين الذبيحة فاصرخوا                      وابكوا بدمع هاطل مدرار

القدس في أيدي اليهود سليبة                      تشكو الهوان وذل الاستعمار

والقبلة الأولى تنادي ربها                             قد دنستها عصبة الأشرار

قد أحرقوا الحرم الشريف وخربوا                  مسرى النبي المصطفى المختار

والعابدون الساجدون بساحه                     صرعي بمقذوف السلاح الناري 

والصبية الأبرار كالطير الذي                   يرمي اليهود بوابل الأحجار 

لا شيء يفزعهم ويقلق أمنهم                   غير «الحماس»، وصبية أبرار

يا أمة الإسلام هذا حالنا                          في سائر الأمصار والأقطار

كل الذي يجري ولا نبدي سوى              شجب خفيض الصوت واستنكار

كانت لها محطات في حياتها أثرت فيها كثيرًا، منها رحلتها في أوائل التسعينيات إلى البوسنة وقت العدوان الصربي الهمجي على المسلمين هناك، حيث رأت وسمعت ما اعتصر فؤادها وشاب منه رأسها من ذبح وتعذيب للمسلمين واغتصاب للمسلمات، وقد ساهم ما رأته في تغيير مسار حياتها، مما جعلها أكثر إيمانًا وأعمق فهماً لدينها، وأقوى إيمانًا برسالتها

وعلى المستوى الأدبي كان لها موقف رافض - بشدة - للمساس بالشعر العمودي

فرفضت الشعر الحر وشعر التفعيلة، مؤكدة أن الشعر ديوان العرب، وأن الذين يروجون لهذا النوع من الشعر إنما يضمرون الشر للفصحى.. وقد هاجمتهم في قصيدة مطلعها:

شوقي وبعدك روض الشعر حاق به                   مكر وكيد وتدمير وعدوان 

قالوا نحرره من قيد قافية                           والبحر يلحقه طول ونقصان

واستوردوا صبغة للشعر غامضة                  لا يستقيم بها للشعر بنيان

من قال إن عمود الشعر يثقله؟                   دعواهمو كلها زور وبهتان

فالشاعر الحق لا تثنيه قافية                          وليس يعجزه بحر وأوزان 

إن القصيدة إحساس يجسده                      شكل تقر به للشعر أركان 

وقد نعاها أعضاء رابطة الأدب الإسلامي التي كانت من المؤسسات لفرع الأديبات الإسلاميات فيها، حيث أشرفت على تنظيم المؤتمر الأول للأديبات الإسلاميات بالقاهرة عام ٢٠٠٠.

ويقول الشاعر الإسلامي محمد التهامي: إن رحيل علية الجعار ترك فراغًا كبيرًا في ساحة الأدب النسائي المتنامي، حيث إنها كانت شاعرة موهوبة نظمت الشعر منذ نعومة أظفارها، ونشأت في بيت علم وتدين ساعد في توجيهها الوجهة الإسلامية القوية. 

ويؤكد الدكتور عبده زايد - عضو مجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي العالمية

والأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر - أن الراحلة كانت مثال الشاعرة المسلمة الملتزمة بدينها وسلوكها وحياتها، لم يحل إسلامها وأن مشاركتها في الحياة والأدب والإبداع راكد أن الذين يزعمون أن المرأة همشها الإسلام أو حجبها إنما يتحدثون عن امرأة أخرى غير التي صنعها الإسلام.

 وقال إن آخر دواوينها «مهاجرون بلا أنصار» - الذي حصلت من خلاله على جائزة أفضل قصيدة «إسلام وأمومة» من الإيسيسكو، وجائزة سعود البابطين - كان ترجمة لواقع المسلمين، كما رسم صورة حية لما يتعرضون له من اضطهاد في فلسطين الشيشان والعراق وأفغانستان والصومال

وقد ولدت الشاعرة الراحلة علية محمد حمد الجعار عام ١٩٣٥م في مدينة طنطا في دلتا نيل مصر، وتلقت مبادئ اللغة العربية علي يد والدها، وحفظت كثيرًا من دواوين الشعر وقرأت أمهات كتب الأدب، ثم التحقت بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وتخرجت فيها عام ١٩٦٠م، وكانت عضوًا بمجلس إدارة اتحاد لكتاب والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية اللجنة الثقافية بدار الأوبرا، ونادي القصيد

وكتبت سهرات تليفزيونية في المناسبات الدينية تمثيليات مستمدة من التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية وسير الصحابة. ومن دواوينها: إني أحب ١٩٦٩ - اتحدى بهواك الدنيا ۱۹۷۷ ، غريب أنت يا قلبي ۱۹۸۳ ، ابنة الإسلام ۱۹۸۷ ،على أعتاب الرضا مهاجرون بلا أنصار ١٩٩٦ . 

رسالة إلي العيون الجريحة

شعر: عبد الله خلف

أيتها العيون يا أيتها العيون

في ناظريك الشوق والحنين

والجرح والدماء

ورغبة البقاء

وضجة الانين

أيتها العيون

خطان أسودان في الخدين

كنخلتين جفتا

مجدبتين

ملح الدموع يقتل النضارة

ويجلب انكسارة

ما زلت تندبين يا أيتها العيون

وتصرخين للشهيد والفقيد والوليد

يحصده الجنود

وتحلمين بالبعيد والطريد

واللاجئين ....

وتحرثين كبد السماء بالدعاء

ليذهب البلاء

لتمطر السماء

فينزل الماء الذي يثبت الأقدام والإباء

ويغسل القلوب والعقول والعيون

أيتها العيون

في ناظريك الرعد والسكون

والشك واليقين

تنتظرين الخيل عاديات

والنقع في آثارها يسد عين الكون

تنتظرين الخيل

بيضاء أو سوداء أو من أي لون

صهيلها أمامها يقتحم الصحاري

ويرعب الضواري

تنتظرين الخيل

في الصبح أو في الليل

وحامل اللواء

والقائد المقدام في أوائل الصفوف

يشير باليمين لليمين

وباليسار لليسار

فيصعد الغبار

وتلمع السيوف في القتام 

فيولد السلام 

لكنها أحلام ........

أيتها العيون 

تستغرقين في الخيال 

لكن تفيقين على صوت الحجر 

يصارع الصاروخ والقنابل ...

يعشش الدخان والغبار في الهواء 

كالنقع في الصحاري 

وتقذف النساء بالعويل

كالخيل بالصهيل 

وقائد أصابه السعار 

يشير باليمين واليسار

يخلف الخراب والدمار 

ويقتل الكبار 

ويأكل الصغار

 ويشرب الدماء والأنهار

تحترقين 

أيتها العيون 

والمسرح الملعون

 ما زال فيه من يشاهدون صامتين

 وشاجبون منكرون 

والكل قاعدون 

ولا يقدمون أو يؤخرون

بل يؤخرون

أيتها العيون 

المسرح الملعون ملعون وإن صلى وصام 

المسرح الملعون ملعون إلى يوم القيام 

أيتها العيون 

لا تغلقي الجفون 

وغلبي اليقين 

ما زال في الحياة مؤمنون 

وسوف يظهرون بعد حين 

عما قريب

سوف يظهرون 

انتفاضة الأقصى في الشعر الأمازيغي

أدان الوحشية الصهيونية وأستغرب صمت أبناء العروبة والإسلام تجاه ما يجري

بالرغم من المساعي التي لا تكل ولا تمل من أجل إحداث فصام بين العرب والأمازيغ في منطقة المغرب العربي، وهو العمل الذي لعب عليه المستعمر الفرنسي كثيرًا، أيام احتلاله للمنطقة، إلا أن الأخوة التي أقامها الإسلام بين العرب والأمازيغ، ومتن على مر السنين عراها تبدو راسخة البنيان حتى وإن بدا الأمر غير ذلك في أوساط قلة قليلة من النخب المتأثرة بالروح الاستعمارية، فالقضايا العربية والإسلامية تسجل حضوراً راسخاً في أعماق الأمازيغ، يعيشونها بحرارة، مثلهم مثل إخوانهم من العرب فيفرحون لفرح إخوانهم العرب، ويحزنون لحزنهم، وتتوق نفوس هم لغداء المقدسات المحتلة في فلسطين بالغالي والنفيس

وقد توصل باحث مغربي إلى أن الانتفاضة الفلسطينية الحالية سجلت حضورًا بارزًا في الشعر الأمازيغي في المغرب، الذي بكى شعراؤه الأمازيغ دمًا ودمعًا على هوان العرب والمسلمين - في فلسطين، واستمرار احتلال المقدسات الإسلامية فيها، وذلك بالنظر إلى الارتباط الوجداني القوي للمغاربة عربًا وأمازيغ، بالقضية الفلسطينية، وبالمسجد الأقصى المبارك.

فقد قال الباحث المغربي محمد أعماري في بحث تحت عنوان «انتفاضة الأقصى في الشعر : الأمازيغي: إدانة للوحشية الصهيونية، ودعوة الإنقاذ مهد الديانات: إن من خصائص الشعر و الأمازيغي، أنه شعر تنعكس فيه شخصية بـ الإنسان الأمازيغي المؤمن الذي يهتم بشؤون إخوانه العرب والمسلمين ويعانق قضاياهم ويفرح لأفراحهم، ويحزن لأحزانهم، ويتقطع قلبه إذا ساءت أحوالهم وكثرت نكباتهم».

وقال أعماري إن «الشعر الأمازيغي شعر القضايا الإسلامية بامتياز، فقد تناغمت الحانه وأوزانه مع الأم التكالي، وعبرات الأيتام أيام بـ إبادة الصرب المتوحشين لمسلمي البوسنة والهرسك، وصبت قصائده، والآلات الموسيقية لمغنيه، جام غضبها على العدوان الأمريكي ضد العراق في حرب الخليج الثانية، وبكت ورثت الله قوافيه ومقاطعه شهداء الانتفاضة الأولى منذ كـ انطلاقتها في كانون أول «ديسمبر» سنة ١٩٨٧م. وذرفت أعين الشعراء الأمازيغ ومحبيهم الـ وجمهورهم، ولا تزال دموع الحزن والكمد على تـ مهزلة العجز العربي في صد العدوان الصهيوني».

وبالنسبة لانتفاضة الأقصى، يذهب الباحث أعماري إلى أن الشعر الأمازيغي تناول «أحداث الانتفاضة المباركة، ويبكى شهداءها، وتألم لآلام تكالاها وأيتامها، ونعى النخوة والشجاعة العربية والإسلامية»، وأدان بحدة تقاعس العرب والمسلمين عن نصرة إخوانهم الفلسطينيين الذين يواجهون الآلة العسكرية الإسرائيلية بالحجارة

وحشية الصهاينة على مرآة القصيدة الأمازيغية

ويذهب الباحث أعماري، الذي استعرض في بحثه جملة من القصائد الأمازيغية، وقام بترجمتها إلى اللغة العربية، إلى أن الشعراء الأمازيغ برعوا في تصوير وحشية جيش الاحتلال، وأبان العديد منهم، في قصائدهم المؤثرة عن متابعة دقيقة لتفاصيل القضية الفلسطينية ومستجداتها، وكشفوا عن تجاوب كبير مع أحداثها ومجرياتها.

فقد جاء في قصيدة لمجموعة «إنشادن» التابعة للشيخ البوغلي والشيخ كلمة أمازيغية تعني الشاعر المنشد ما يلي: 

مصيبة فلسطين لا عزاء لها إلا بنصر من الله

كيف يواجه ذو الحجارة الأسلحة المتطورة 

الم تروا اليهود قتلوا الرجال وقتلوا النساء من كان في صدره حرقة فلا شك أنه سيصاب بالاكتئاب

وفي مقطع آخر من القصيدة، يصور الشاعر تصويرًا بليغًا ومؤثرًا الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني قائلًا:

تابعنا على القنوات كلها المجازر في فلسطين 

قتلوا الشيوخ وكم من الصبيان رحلوا إلى القبور

وكم من الثكالي جنن من شدة البكاء 

رب أم مكلومة لم تلق ولو نظرة أخيرة على أبنها.

وفي قصيدة الشاعر آخر هو الشيخ الزهراوي، يورد الباحث أعماري، نقلًا بارعًا لمشاهد الرعب والخوف في فلسطين، ممزوجة بحنق بالغ على المسلمين وموقفهم المتفرج من قبل الشاعر الذي يقول:

ايها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود

انظروا إلى محنة إخوانكم وغمتهم

غزاهم الانذال وشردوهم

منهم من أوى إلى الجبال واختبأ في الكهوف

ومنهم من أحرقوا عليه منزله

ومنهم من مات وخلف الأيتام

صيروهم أشلاء ودفنوهم بملابسهم 

لم يعد الأطفال يرون آباءهم على قيد الحياة 

كم زوجة خطفوها تاركة أبناءها 

وزوجها لا يملك إلا النظرات والحسرات 

أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود 

من لا تهزه الغيرة عندما يقتل إخوانه 

فذاك قلبه أصم من الحديد

استشهاد محمد الدرة

وقد أثار استشهاد الطفل محمد الدرة قريحة الشعراء الأمازيغ فأنشد الشيخ البوغلي مجموعته أبياتًا تستعيد شريط الجريمة البشعة

لن انسى منظر قتل محمد جمال الدرة تلك الليلة

بدأ اقسم إن موته أشعل في قلبي نارًا لن تخمد أبدًا

وحرقة مصيبته لن ينساها من كان مسلمًا حقًا

لن انسى منظر قتل محمد جمال الدرة تلك الليلة

هذه الجريمة تبكي حتى الجبال فتذوب دموعًا

لن انسى منظر قتل محمد جمال الدرة تلك الليلة

كان يسير إلى جنب أبيه ولم يتوقع شيئًا

كانا يسيران معا، فإذا بالرصاص ينهمر عليهما

ولما هاجمهما اليهود صار يصرخ ويبكي

لم ينفع المسكين احتماؤه بابيه ونال منه الرصاص

اغتصبوا منه فلذة كبده بلا رحمة ولا شفقة

صبرا أم جمال فقد غادر نحو القبور

ويعلق أعماري على هذه القصيدة، قائلًا: لاحظ أيها القارئ الكريم أن تكرار المشهد

وصفه الدقيق، ينم عن صدق في التعبير، وتأثر حقيقي غير مصطنع ولا مزيف، وإنما هو ترجمة حزن شديد، وتفاعل إلى حد التماهي.. تفاعل وتعاطف يصوره مقطع من قصيدة أخرى لنفس المجموعة، بعبارات لا تقل شاعرية وبراعة في التجسيد، إذ يقول:

فما بي اليوم إذ أبكي

طفل جاء في الطريق فاعترضوه

كان يمشي مع ابيه جنباً إلى جنب

فصاح انقذني يا أبي هؤلاء لن يتركوني

واحتمى به لكنهم قتلوه غير مكترثين

هذا الطفل أحرق قلبي

كان ماراً في الطريق لا يدري شيئاً

عائداً إلى بيته كي يعانق إخوانه

ولم يكن يتوقع أن يعانق القبور

ويمضي الشاعر الأمازيغي معبرًا عن حسرته يقول:

أرجوكم لا تسألوا عن حالي فلست على ما يرام

قلبي يكاد ينفجر من الهم والغم

لم يعد يحلو لي أكل ولا لهو ولا ضحك 

عندما أشاهد التلفاز.. أموت من الكمد

هوان العرب والمسلمين

ثم يبسط الشيخ الزهراوي مذلة العرب والمسلمين وهوانهم، ويستغرب كيف انقلبت الآية وظهرت المفارقة، فصار يهود الدولة العبرية الذين عاش عدد منهم في ظل الحضارة العربية الإسلامية امنين خاضعين لسلطان دولة الإسلام لكنهم صاروا اليوم قساة القلوب يقتلون من أواهم بالأمس القريب فيقول:

سبحان الله كيف انقلبت الموازين 

اصبح الفار مستأسداً على القط 

وأصبح النسر يرتعد خوفاً من الديك 

والأسد طرده الحمار من غابته ومملكته 

من يتأمل هذا الوضع المريب 

فلا شك سينتهي به الأمر إلى الجنون 

أما الشيخ البوغلي، ومجموعته، فقد ارتأى في إحدى قصائده حول نفس الموضوع أن يترك جانباً لغة الإيحاء والتشبيه، ليهاجم العرب والمسلمين، ويغضب من ضعفهم وسكوتهم

الشعر الأمازيغي تغنى بانتفاضة الأقصى وبكى دمًا ودمعًا هوان - العرب والمسلمين

بأسلوب مباشر وصريح فيقول:

أود أن الوم كل العرب واحداً وحداً 

ما هذا السكوت هل أقبرتم شجاعتكم وجراتكم

من منكم يغير منكر اليهود يا مسلمين 

الا أطفئوا هذا اللهيب قبل أن ينتقل إليكم. 

وفي موضع آخر من نفس القصيدة يدعو الشاعر العرب والمسلمين إلى الوحدة والتكتل من أجل مواجهة العدو فيقول:

لو توحدتم أيها العرب لمحونا عنا هذا العار 

ولو اتفقتم أيها المسلمون لانتهى أمر الملاعين 

لو تعاونتم لكنتم انتم الأعلين 

اما وانتم تتفرجون فها هم الأعداء يرتعون 

وا إسلاماه

ويضيف أعماري أنه وبقدر ما وعى الشاعر الأمازيغي خطورة الوضع في فلسطين، وبقدر ما وعي وحشية الصهاينة واستئسادهم واستعلائهم، وبقدر ما وعى خور المسلمين وجبنهم، بقدر ما وعى أيضًا أن هذا الجبن والضعف مرده إلى البعد عن دين الإسلام والتفريط في جنب الله، والتفريط أيضًا. في إرث الأجداد والصحابة وجيل الجهاد وينقل الباحث في هذا الصدد عن الشيخ الزهراوي قوله: 

أما وقد ضعف إيمان العرب مثل المريض

اما وقد أقصي القرآن وأسقط الدين 

حتى أصبح إسلامنا قشوراً جوفاء 

فاستأسد أيها اليهودي علينا 

وانتقم ممن هم بجوارك

ولا تخف فليس هناك من يستطيع أن يواجهك أو يقاتلك

فقد انقرض رجال الجهاد في هذا الزمان

وبدورها تتحسر «مجموعة إنشادن» الشيخ البوغلي ومجموعته على أيام عز العرب والمسلمين، مستذكرة أمجاد الصحابة وقادة المسلمين الأوائل فتقول:

يا سيدي عليا لو تركت لحدك كي ترى

يا بن الخطاب أخرج من قبرك كي ترى

أهل الذمة أصبحوا أسياداً على ذريتكم

انقلبت الآي ونسال الله أن يرفع عنا هذا الظلم

فلسطين تستغيث

ويختم الباحث أعماري بحثه عن حضور انتفاضة الأقصى في الشعر الأمازيغي المغربي «بنداء يوجهه الشيخ الزهراوي» على لسان فلسطين إلى كل من له غيرة على الإسلام ومقدسات المسلمين من أجل مساندة شعب مسلم يشرد ويباد، ومن أجل إنقاذ مقدسات إسلامية تدنس، إن كان في العرب والمسلمين بقية نخوة وعز»، بحسب قول الباحث، فيقول الشاعر:

 فلسطين تبكي وتناديكم بالدماء

أين أنتم أيها العرب أم قد غلبتم

لماذا انفضضتم عني وتركتموني

ايروقكم أن يعيث المحتل فساداً على أرضي

يضربون بالرصاص وأضرب أنا بالتراب

اني للحجارة أن تواجه الطائرات

الموتى على أرضي كل يوم 

وشغلي الشاغل دفن الموتى وحفر القبور

لا سلاح ولا قوة أجاهد بها العدو

كأني شجرة تين وارفة مثمرة

واليهود يقطفون ثماري بسهولة

إلهي أنت أعلم بحالي.

أيها المسلمون إني الوذ بحماكم

أليس نبينا واحداً وأعراقنا واحدة 

من لم ينجدني في هذه المصيبة فليس من الإسلام في شيء..

الرابط المختصر :