العنوان فرسان يمتطون صهوة الحروف
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 03-يونيو-2006
مشاهدات 17
نشر في العدد 1704
نشر في الصفحة 46
السبت 03-يونيو-2006
ملتقى الأدباء الشباب في رابطة الأدب الإسلامي العالمية
تسعة نصوص ما بين القصيدة والقصة القصصية والمقالة كانت حصاد ملتقى الأدباء الشباب لشهر ربيع الأول ١٤٢٧هـ بالمكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الرباط الذي حضره جمهور من المثقفين والمهتمين بالصحافة الأدبية.
الرباط: المجتمع
حين تأسرنا نجد: بدأ الملتقى بقصيدة الشاعر السعودي الشاب حمد بن دخيل الله الذي يشكو صبابته إلى نجد، فجاء العنوان «ذكرى الأطلال» يكتحل بالهموم واللوعة أمام أطلال تجدد فينا الفة المكان وشموخه وأمجاده بلغة قريبة إلى دفء أرواحنا، وهي قصيدة تحلق في فضاء خصب من الشاعرية في قافيتها وإيقاعها، وحميمية العاطفة المتدفقة فيها، فلا نملك إلا أن تردد مع الشاعر نبض أشجانه:
يا نجد لي فيك أطلال أناجيها *** وأذرف الدمع من عيني فأسقيها
القلب من وجده يا نجد يذكرها *** دومًا ويبدي همومًا كان يخفيها
جارة الغربة
أما قصيدة «يا جارتي» للشاعر عماد الدين دحدوح فهي تستثمر عنصري القص والحوار، من خلال تشخيص الحيوان «القطة»، وإنطاقها، وهي تلتحف الرمزية الشفيفة في معظم مقاطعها، ولعلنا نوافق الناقد د. صابر عبد الدايم فيما ذهب إليه في هذا الشأن حين قال: لو أبقى الشاعر الرمز دون تصريح لا سيما في البيت الأخير لأكسب القصيدة نضارة، كذلك نرى أن القافية تفرض سطوتها على الشاعر أحيانًا كما ألمع الناقد د. حسين علي محمد، وقد وفق الشاعر في استهلال القصيدة، إذ جاء في المطلع:
جلست بقربي في حيًا ووقار *** شقراء ترقب حظها من جار
جلست و ترمقني بطرف ناعس *** في ليلة قمراء ذات نضار
يا جارتي إني ضعيف منهك *** من أين جئت اليوم في الأسحار!
يا جارتي في غربتي كم أنعشت *** عيناك روحي فالصفاء إزاري
يا قطتي لا تذهبي ودعي الدلا *** ل فإنني في حاجة الزوار
بين الحقول
ويوظف الشاعر بدر محمد الحسين السرد في قصيدته «بين الحقول» مما فتح له الأفاق الذهبية على حد تعبير الناقد د. حسين علي محمد، ولعلي أجد أن خصوصية القصيدة لا تنبع من نزعتها القصصية فقط، ولكنها تتألف من فضاء الطبيعة ومعانيها وقبساتها الحانية الساجدة في جمالها لخالقها:
كنت أمشي ذات يوم
في روابي قريتي
بين الحقول
أنشق العطر وربا الزهر
في الكرم الظليل
ويتجدد معجم الطبيعة لفظًا ومعنى في معظم مقاطع القصيدة مثل قوله: وتموجات سنابل القمح المليئة
في فضاءات السهول
وشجون أسراب الحمام
تفوح من شوق الهديل
الفارس والحرف الأخضر
وفي قصيدة: «الفارس والحرف الأخضر» للشاعر المبدع محمد عبدالله عبد الباري يرثي أحد دعائنا الكبار في العصر الحاضر، وهي تعبر عن مفارقات موجعة بين حالنا وحاله، بين هواننا وإبائه، وبين الصغار والشموخ، بل بين الظلام والنور، والحياة والموت، فنقف مع الشاعر نقطف زهر اليقين بكل ثقة وحب وإعجاب بالفارس الشهيد:
هنا على صفحات الزمان *** حروفك تهمي سنا وافتنان
وذكراك في عالم الأمنيات *** لها بالربيع الوريف اقتران
رحلت إلى الفجر في موكب *** يفيض شموخًا ويسخو حنان
وقدت ولليل ألف يد *** تشيد في كل شير كيان
وكل العيون أرتوت بالظلام *** وبالنور أصبحت أنت المدان
أغلى طفلة
ويمضي الشاعر شيخموس العلي إلى حدائق الطفولة وأناشيدها وأفراحها في قصيدته «هي ثروتي» ليشدو لطفلته إيقاعًا عذبًا بلغة سهلة ومعان قريبة إلى نفوسنا، فيحرك المشاعر، وتهفو القلوب إلى فلذات أكبادنا في مشهد أخاذ:
أهلًا بأغلى طفلة *** جلست على سجادتي
مسكت بأذني فجأة *** ويح لها من مسكة
عبثت هنا وهناك نا *** لت من هدوء الغرفة
قلبي تحرك نحوها *** فحملتها في لحظة
ويمعن شاعرنا العلي في اقتناص الأفعال الحركية، وأفعال المشاركة في قصيدته مما جعل السامع أكثر إنصاتًا لنبض وجدانه.
ويختم الشاعر بقصيدة «يا بدر» للشاعر نبيل الزبير، وبداية تراه يشكو همه وحزنه للبدر بلغة تموج بالكآبة والضجر إذ يقول:
مللت يا بدر إن القلب مكتئب *** وأصبح القلب عشبًا ما رأى مطرا
وزورق القلب بين الموج مرتعد *** يواجه الموت والأهوال والخطرا
ورغم هذا الحزن الذي تزخر به القصيدة، إلا أن شاعرنا يسلمنا لنفحات من التفاؤل والأمل في آخر أبياته، فتصغي له:
وجرّت الشمس ثوب العرس في فرح *** وعائق الأرض نهر للحياة جرى
ألا ترى ذاك طفل ملؤه أمل *** بين الزهور يناجي الطير والشجرا
ألا ترى ذاك طير راح يرسلها *** عبر النسيم لحونا فاقت الصورا
هموم الطفولة
وفي مجال السرد لم يخرج القاص محمد أحمد الصوان عن هموم الطفولة فيحكي في قصته «سارق الأبقار وسارق الفخار» هم الطفل «نبيه» إذ يرى في منامه أنه يدافع عن أبيه الذي كاد الشرطي أن يقبض عليه متهمه إياه بالسرقة، ولكنه ينجو بإيقاظ أخيه وليد، والقصة سهلة التراكيب ناصعة في مضمونها.
أما الكاتب محمد الشلبي ففي مقالته: «القراءة: الخطوة الأولى في أدب الأطفال» نعيش معه في وجبات للغذاء الروحي، فتبين لنا أهمية القراءة للأطفال في إكسابهم المهارات اللغوية، وفي إثراء حياتهم، وتطوير علاقاتهم الاجتماعية، والألفة مع أقرانهم كما تزودهم بالترفيه والمتعة، وفي المقالة نضج في العرض والمعالجة، نال إعجاب الحضور، وهو من المشاركين لأول مرة في ملتقى الإبداع للشباب.
وأخيرًا، تأتي مقالة «عودة الكتاتيب» للكاتب أيمن ذو الغنى لتعالج موضوعًا ذا أهمية عظيمة، وهو ضرورة جذب أطفالنا لحفظ القرآن الكريم من خلال أسلوب التشويق والتشجيع، بعيدًا عن التنفير والتعقيد، أما أسلوب المقالة فجاء جزلًا فصيحًا مازجًا بين الصور الأدبية الحديثة، والصور التراثية كما عودنا الكاتب في كثير من مقالاته.