; المحنَة السُودانية | مجلة المجتمع

العنوان المحنَة السُودانية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 19-أكتوبر-1976

مشاهدات 13

نشر في العدد 321

نشر في الصفحة 14

الثلاثاء 19-أكتوبر-1976

 تفيد الأنباء الواردة من السودان أن البلاد لا زالت تشهد جوًا من الإرهاب لم يسبق له مثيل، ولا زالت سلطات الجيش، وأجهزة الأمن القومي والأمن العام في حالة استنفار عام، تعمل على مدار الساعة بحجة مطاردة المعارضين، كما أن ثلاث محاكم لا زالت تعمل ويقدم إليها المئات من المواطنين بصفة مستمرة، ويتولى أعضاء الاتحاد الاشتراكي من عمال وجنود وفلاحين، محاكمة المتهمين بعد أن يمضوا وقتًا عصيبًا في المعتقلات، حيث يشرف على التحقيق معهم خبراء في التعذيب استجلبوا خصيصًا من مصر، وقد قضت المحاكم بإعدام ۱۳۲ شخصًا عدا الـ ۹۸ الذين تم اعلان الحكم عليهم- ولكن المئات ماتوا تحت التعذيب وأثناء التحقيق- كما أن أعدادًا كبيرة أعدمت بدون محاكمات في جبال المرخيات شمال أم درمان، وفي منطقة الحزام الأخضر جنوب الخرطوم.

 وتفيد الأنباء أن الدكتور عبد الله ميرغني لم يعدم بعد، وأنه لا يزال قيد المحاكمة مع مجموعة من زملائه، منهم الدكتور يس حاج عابدين، والأستاذ عبد الله بدري، والأستاذ إبراهيم محمد خير وغيرهم.

 وقد امتلأت السجون في جميع أنحاء السودان بالمعتقلين، بعد أن اضطرت سلطات النظام إلى ترحيل الأعداد التي لم تستوعبها سجون العاصمة إلى الأقاليم- ومن بين الذين رحلوا إلى الأقاليم الإخوة المعتقلون من أساتذة الجامعة، الدكتور الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية، والدكتور إبراهيم أحمد عمر المحاضر بقسم الفلسفة، والدكتور صديق الترس بقسم الكمبيوتر، أما الدكتور حسن الترابي فلا يزال مع عدد آخر من الزعماء السودانيين المسلمين في سجن كوبر بالعاصمة، بينما حرمه السيدة وصال المهدي معتقلة في سجن أم درمان القديم منذ نهاية الأحداث في مطلع يوليو الماضي، وقد منعت الزيارة عن جميع المعتقلين.

 كما أن النية تتجه إلى قبول الاستشارة المصرية بوجوب إضفاء مظهر ديمقراطي على شكل النظام «على الطريقة المصرية».

 من ناحية أخرى، أبدى بعض رجال النظام تخوفهم من امكان استمرارية النظام بهذا الأسلوب الدموي، وبالعداء المستمر مع معارضة قوية الجذور لا يمكن اقتلاعها، وبدأ همس خفي حول ضرورة المصالحة الوطنية، إلا أن العناصر المتورطة طول الوقت في مذابح النظام ترى استحالة ذلك، وتعرف أنها قطعت شوطًا لا يجدي معه التراجع.

 فعززت اتجاهاتها بمزيد من المحاكمات الانتقامية، كما قامت أخيرًا بفصل ۹۰ مدرسًا من الإسلاميين، وإجراء تطهير شامل في القوات المسلحة.

 أما متاعب النظام الأخرى، وخاصة الأزمة الاقتصادية فهي في أسوأ تطوراتها، ولم يجد معها الدعم السخي من بعض الدول العربية الغنية، الذي قصد به إنقاذ البلاد من الإفلاس، إذ إن جميع المعونات التي تأتي من أميركا والدول النفطية لا توظف فعليًا في المشروعات الإنمائية المزعومة، إنما يبتلعها الفساد الإداري ومصروفات الأمن الذي تعددت أجهزته، ومهرجانات النظام والاتحاد الاشتراكي ومنظماته المختلفة، وقد ارتفعت الديون الخارجية بشكل مذهل، بينما فشل الموسم الزراعي هذا العام فشلًا ذريعًا، بحيث لا تتوقع منه عائدات تذكر. 

 

الرابط المختصر :