; المرأة المسلمة الداعية (الحلقة السابعة) | مجلة المجتمع

العنوان المرأة المسلمة الداعية (الحلقة السابعة)

الكاتب محمد حسن بريغش

تاريخ النشر الثلاثاء 02-نوفمبر-1976

مشاهدات 11

نشر في العدد 323

نشر في الصفحة 32

الثلاثاء 02-نوفمبر-1976

هذه هي الأطر الكبيرة التي يمكن أن نتوجه من خلالها للاهتمام بالمرأة المسلمة، عرضناها في الحلقات السابقة، وهي ما زالت رأيًا يحتاج إلى المناقشة- ويعوزه التطبيق الواقعي الذي يكشف عن صلاحه أو عدمه، ولا بد من تسجيل بعض الملاحظات عن أي منهج أو سبيل يهدف إلى إعداد الفتاة المسلمة وتربيتها تربية إيمانية تؤهلها لتحمل مسئوليتها في الحياة.

1- من أول الشروط الضرورية لهذه المناهج أن تكون واقعية لا تبتعد عن الأمور اللصيقة بالحياة اليومية للمرأة، أو توقعات المستقبل وما يحمل من تطورات، أو ضرورات علاقاتها بالمجتمع الذي تعيش فيه.

وهذه الميزة ضرورية لتكوين الفتاة حية تتحرك بحرية، وتنسجم مع الحياة وتتفاعل معها بإيجابية، وتملك القدرة على التصرف والعمل طبقًا لمفهوم الإسلام عن الحياة، وضمن آدابه وتصوراته وأخلاقه.

وينبغي البعد عن الأمور النظرية، ولا سيما في السنوات المبكرة حتى لا تمل الفتاة ببعدها عن الواقع، وبالتالي ينضب اهتمامها بالمنهج الذي لا يتعامل مع واقعها ولا يجيب على تساؤلاتها، ولا يضيء لها طريقها في الحياة، إن استشارة اهتمامات المرأة بتكوين حياتها على بصيرة أمر مهم، والمنهج الجيد كفيل بخلق هذه الاهتمامات.

وكذلك ينبغي البعد عن المثاليات الخيالية التي تترك في نفس الفتاة نوعًا من الحرمان والخيبة وفقدان الثقة، حين ترى الثقة بعيدة بينها وبين ما ترنو إليه.

2- ومن المهم أن تكون هذه المناهج واضحة المفاهيم والأفكار، بسيطة مفهومة حتى لا تتحول التعقيدات بين فهمها وبين الفتاة. 

وكل غامض معقد يدعو للخوف والحذر، وقد يثبط الهمم، وديننا واضح ملائم للفطرة فلا حاجة إلى أي تعقيد.

3- وينبغي أن يتضمن المنهج تنمية الإيمان الصحيح الواعي، الذي يتحول مفهومه التطبيقي عند المرأة إلى إيمان متحرك، وتقوى، وورع، وخوف من الله ومراقبة دائمة لله عز وجل، ويبقى الإيمان حارسًا وموجهًا لعملها ودافعًا لسلوكها، ومقومًا لأخطائها.

إن وجه الإيمان الصحيح هو العمل به، وظهور آثاره في كل تصرف وسلوك ومظهر، وأن التقوى الحقيقية هي التي تشمل الظاهر والباطن وتعبر عن روح الإيمان الصحيح، وإن لم يوضع الإيمان موضعه، يتعهد بالتنمية الصحيحة، يتضخم الجانب الظاهري حتى يصبح ظاهرة سلبية أو مرضية.

4- وينبغي أن يكون المنهج موائمًا لطبيعة المرأة وفطرتها، مسايرًا لاهتماماتها وعواطفها، فكثير من الأمور التي تهم الرجل وتؤثر فيه، وتساعد على تكوين شخصيته لا تهم المرأة.

وقد تساعدنا الدراسة الإحصائية للقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف على استخلاص الأشياء المهمة بتكوين المرأة.

وعندها يصاغ المنهج على هذه الأسس الضرورية المناسبة للمرأة.

5- وإذا تحقق للمنهج هذه الملاحظات لا بد من عرضه بطريقة ملائمة وحيوية، وإيثار الأسلوب القرآني على أي أسلوب آخر، لأنه يتلاءم مع طبيعة الإنسان أكثر من أي أسلوب آخر.

لذلك عند انتقاء الآيات والأحاديث والأبحاث الفقهية أو الحوادث التاريخية، لا بد من الإشارة إلى صلتها بالواقع، وربطها مع أحداث الحياة اليومية لتكون مؤثرة.

6- ولا نغفل الواقع الذي نعيش فيه- لأنه مملوء بكل ما يفيدنا- سلبًا أو إيجابًا.

فهناك وقائع وأحداث برزت فيها المرأة بمواقفها الإيجابية الرائعة وبدت صلابتها الواعية، وهذه المواقف تدعو للاحتذاء والقدوة لقرب عهدها، ولا بأس من انتقاء مثل هذه المواقف الواقعية، القريبة التي تملأ نفس المرأة بالثقة والأمل.

إلى جانب ذلك فهناك الوجه الآخر المليء بالمتناقضات والمخازي في عالم المدنية الحديثة، ويمكن انتقاء كثير من الموضوعات والشواهد التي تصور مخازي المدنية الحديثة وتبين تناقضاتها وكذبها، وفداحة الخطر الذي يحدث بالمجتمع منها.

إن عرض الواقع في جانبيه- السلبي والإيجابي- وتحليل كثير من أحداثه ووقائعه وصوره بدهاء وفطنة يمد المرأة بالثقة، ويفتح وعيها وبصيرتها على الحياة، ويزيد من اطمئنانها إلى ما تسعى إليه في طريقها الطويل.

7- ولا بد من إيجاد المناخ الملائم- قدر الإمكان- للمرأة المسلمة، ولا سيما في بداية طريقها في دعوة الله، حتى تنمو نموًا صحيحًا، ولا تفسد تصوراتها أباطيل المارقين.

وهذا الجو يمكن أن يكون في البيت والمدرسة، وفي صور من المجتمع الصغير من خلال التعاون المخلص بين المسلمات اللواتي يلتزمن بالحق والإيمان.

والربط بينهن يضمن لهن جميعًا ذلك المناخ الدافئ، ويؤمن لهن صلات اجتماعية طاهرة صحيحة، وذلك من خلال الصداقات والصلات الدائمة بينهن، وجو الإخاء الإسلامي الذي يربط بين قلوبهن، ويساعدهن على تحمل العناء والصبر على صعاب الطريق.

8- وليس من المعقول بعد كل هذا أن نترك هذه الفتاة المسلمة التي قطعت شوطًا من العناء والجهد والمصابرة، وتحملت الصعاب وقبلت مواجهة المجتمع، ليس من المعقول أن تترك وتهمل إنها امرأة ترنو إلى قرين يؤمن لها الطمأنينة ويضمن المستقبل بعونها- ويعينها على مرضاة الله واتباع سنته.

ومن المهم أن يضمن مستقبلها فتكون جديرة باهتمام الشباب المسلمين حينما يبحثون عن القرينة المسلمة، ويفضلونها على أي امرأة في الدنيا مهما كانت الفروق والمغريات.

وأكثر من هذا لا بد من أن تكون الفتاة المسلمة في طليعة النساء اللواتي يقع عليهن اختيار الشباب المسلم، مهما كانت صفاتها وميزاتها ما دامت قد آثرت رضوان الله وطريق الإسلام على أي شيء آخر.

إن هذه الضمانة تكفل للمرأة الطمأنينة والثقة والأمل والاستقامة وتؤمن لها مناخ الأسرة الإسلامية، وتكفل للرجل الاستقامة والمناخ الجيد لأولاده.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

لم كل هذه الحرب؟

نشر في العدد 2

38

الثلاثاء 24-مارس-1970

شكر وتقدير

نشر في العدد 3

29

الثلاثاء 31-مارس-1970