; المسلمون في بلغاريا يعيشون أوضاعا سيئة | مجلة المجتمع

العنوان المسلمون في بلغاريا يعيشون أوضاعا سيئة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 05-فبراير-1974

مشاهدات 11

نشر في العدد 186

نشر في الصفحة 15

الثلاثاء 05-فبراير-1974

لماذا يقوم الأتراك وحدهم بمساعدة مسلمي بلغاريا؟

لا شك أن مسلمي بلغاريا كانوا يعيشون في عزة ومنعة وينعمون بسلام وأمن حينما كان للإسلام دولة تبسط سلطاتها على بلغاريا وبلاد البلقان وتجمع شملهم إلى الأمة الإسلامية الأم لكنهم الآن بعد أن لم تعد للإسلام دولة تحميه يتعرضون لهوان بالغ ويضطهدون بضراوة ويجبرون على ترك دينهم والذوبان في الأمة البلغارية بما في ذلك التخلي عن أسمائهم الإسلامية واستبدال الأسماء البلغارية بها.

في بلغاريا ما يقارب المليون ونصف المليون مسلم يشكلون نسبة تزيد على ١٥% من مجموع السكان البالغ ثمانية ملايين نسمة. وقد قضى بعضهم نحبهم بسبب صمودهم على عقيدتهم، واعتقل ٥٠٠ مسلم حينما رفضوا مذكرة يعربون فيها عن تذمرهم من محاولات الاستيعاب التي تقوم بها السلطة الشيوعية.

 

الحساسية البلغارية

وأظهر البلغاريون بوادر حساسية للانتقاد الذي يوجه سياستهم تجاه المسلمين وحاولوا إضفاء صورة مشرقة على التساهل الديني الرسمي نحو الأقلية، وبديهي أن يشعر المفتي البلغاري حسن أدیموف بضرورة إصدار بيان يدعى أن هنالك ألفا ومائة جامع في البلاد تمتاز بالنظافة والأثاث الفخم يمارس فيها الائمة الشعائر والصلوات ونقلت كذلك الأنباء التي نشرت في الصحافة الشيوعية في بيروت في كانون الثاني «يناير» عام ۱۹۷۲ عن المفتي قوله إن الدستور يكفل الحرية الدينية.

ويبدو أن البيان الذي أصدره أديموف إنما صدر خصيصا لمجابهة تعليق الصحافة التركية ولا سيما أن المسلمين البلغاريين هم بمعظمهم أتراك تعتبر حسن معاملتهم عاملا رئيسيا في العلاقات بين الدولتين المتجاورتين - وهي علاقات ترغب صوفيا في تحسينها.

ولكن مائة وخمسين ألفا من مسلمي بلغاريا ليسوا من أصل تركي، وهم «البوماك» الذين تعتبرهم السلطات البلغارية كمسلمين فقط لأن أجدادهم اعتنقوا قسرا الديانة الإسلامية تحت السيطرة التركية، وذلك على الرغم من أن هذه السلطات لا تصفهم كذلك.

والبوماك هم الهدف الرئيسي لمحاولات النظام لقمع الإسلام وهم موجودون بصورة رئيسية في جبال «رودوب» في جنوب غرب بلغاريا حيث صمدوا في وجه الاهتمام الصارم الذي بذلته دائرة النشاط والدعاية في الحزب الشيوعي في المنطقة. وذكرت صحيفة الحزب الشيوعي المحلية «رودوبسكي أوستريم» في آب «أغسطس» عام 1970 أن الدائرة تهاجم «شرور» الإسلام من أمثال «مخالفات الانضباط العمالي» «أي التغيب» خلال الأعياد الإسلامية، ونقلت عن رئيس الدائرة، فاسيل زنغوف، قوله إن الإسلام «هو عقبة في وجه التربية الشيوعية للشعوب العاملة».

وطرأ تغيير على معاملة المسلمين الأتراك ولا سيما أنه تم إبعاد مائة وخمسين ألفا منهم إلى تركيا في عام 1950- ١٩٥١، ونصت اتفاقية عقدت في شهر آذار «مارس» عام ١٩٦٨ على إمكانية هجرة ما مجموعه من ثلاثين ألفا إلى خمسة وثلاثين ألفا إلى تركيا ولكن هؤلاء أيضا قاسوا من التفرقة بسبب إيمانهم، تدل على ذلك التعليقات التي أدلى بها وزير الخارجية التركية، هالوك بايولكين، إثر زيارته لبلغاريا ما بین 16 و۲۱ تموز «يوليو» عام 1973. ففي مؤتمر صحفي عقد في 25 تموز «يوليو» وإذاعة راديو أنقرة، تطرق السيد بايولكين إلى الشكاوى حول معاملة «الأتراك» المسلمين في بلغاريا، وأضاف يقول:

«إنه من المستحيل تطوير علاقات ثنائية ودية دون تسوية هذه الشكاوى وإني لا أرى سببا يحول دون تطوير هذه العلاقات الثنائية وتقويتها بعد أن تزول هذه الشكاوى».

 

الظفر بامتياز

وإذا ما أرادت الحكومة البلغارية أن تظفر برضا الأتراك، فعليها أن تغير سياستها السابقة التي تهدف إلى تهديم الأساس الإسلامي الرئيسي للتراث الثقافي للجالية التركية. «وأعلن نيكولاي ميزوف في صحيفة الإسلام في بلغاريا» وهي نشرة صدرت عام ١٩٦٦ تهدف إلى تحويل المسلمين عن دينهم أن الإسلام يشمل من مظاهر الحياة الفردية والعائلية لأتباعه أكثر بكثير ما تشمله المسيحية، فيما جاء في دراسة نشرها في صحيفة «نارودنا كولتورا» التي صدرت في صوفيا كانون الثاني «يناير» عام ١٩٦٦ أن ذلك هو أيضا الأساس لدراسة الإسلام وكذلك للنضال من أجل إزالته».

وفيما يترتب على البلغاريين أن يقوموا بالخطوات الإيجابية التي تؤول إلى تحسين أوضاع الأقلية الإسلامية، فقد فاز الأتراك بامتياز واضح بمعنى أن صوفيا قد اعترفت بالحق التركي بالاهتمام العملي برفاهية أقلية ملموسة من المواطنين البلغاريين. ويبدو أن أقوال راديو أنقرة والسيد بايولكين عن «بني جنسنا» قد استثنت البوماك ولكنهم قد يكونون مشمولين في «التراث الثقافي». والواقع أن تركيا طالما اهتمت برفاهية البوماك وكذلك بالمسلمين «الأتراك». وتنشر الصحافة التركية أنباء عن مأساتهم، من أمثال محاولات البوماك اللجوء إلى المباني الدبلوماسية التركية، وأنه لأمر مهم أن يشمل وفد بايولكين أربعة صحفيين. ففي أوائل الخمسينيات، عندما كان من المناسب لبلغاريا أن تتخلص من المواطنين المتمردين شملت عمليات الإبعاد إلى تركيا عدة آلاف من البوماك، علما بأن تركيا وحدها تهتم اهتماما مستمرا بمصير أولئك الذين ما زالوا في بلغاريا.

ومما لا شك فيه أن صرخات الإسلام الوطنية هي التي تهم النظام البلغاري بصورة رئيسية، ولا بد من أن تقلق صوفيا من القوة التي مازال يحتفظ بها الدين، وهي مشكلة تتقاسمها مع الاتحاد السوفياتي الذي يشمل أيضا جالية تركية تنظر السلطات إلى الدين الذي يعتنقه أفرادها بمثابة وباء أو مرض.

وقد أوجز المستر غابوروف - السكرتير الأول للحزب في تركمنستان السوفياتية - مخاوف كل من موسكو وصوفيا عندما اشتكى من سوء نوع العمل الدعائي.

«إن عدد الناس الذين يمارسون الشعائر الدينية لا يتدنى في جمهوريتنا، ولذا فلا بد من كفاح حثيث وعنيد ضد حاملي بقايا جراثيم الماضي. فالديانة الإسلامية لا يمكن إلا أن تكون مصدر قلق لنا، وذلك نتيجة لميزاتها الخاصة وكما هي الحال من الديانات الأخرى فإن الإسلام يكتسب عادة دور «المحافظ» على العادات الوطنية الرجعية والتقاليد ويثير مشاعر وطنية اقتصادية معتمدا الوطنية كغطاء». (تورکمنسکایا ایسکرا، 3 نیسان «أبريل عام 1973»).

الرابط المختصر :