; المطحنة.. وعذاب النفس | مجلة المجتمع

العنوان المطحنة.. وعذاب النفس

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 26-يناير-1971

مشاهدات 17

نشر في العدد 45

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 26-يناير-1971

يوميات المجتمع

المطحنة.. وعذاب النفس

مطحنة رهيبة وقاسية ومريرة مطحنة تدور بكل ثقلها على أجسامنا وأفكارنا وأنفسنا وآلام موجعة مفزعة تخترق نفوس كل أبناء هذه الأمة فبعد أن كانت رصاصة الفدائي تنطلق من أعماق خمسمائة مليون مسلم مندفعة بأمانيهم وآمالهم وتخترم صدر عدوهم وتصدعه، صارت الرصاصة تندفع في صدورنا تمزق قلوبنا تدمّر مشاعرنا وعواطفنا رصاصة تنطلق من يد أخ إلى قلب أخيه رصاصة لا تنتصر لي ولا لأمتي ولا لديني ولكن تنتصر للهوى، رصاصة تنتصر لليهودي، تنتصر لكل أعدائنا.

هذا الكلام احتشد في صدري وأنا أتابع أحداث تجدد القتال في الأردن واحتشدت معه آلام لا حدود لها وحِرت ماذا أفعل وماذا أقول وحاولت أن أنقل حيرتي وقلقي للآخرين فوجدتنا أصداء لصرخة واحدة، أصداء لتأوهات أمة كاملة.

وأخيرًا لم أجد أمامي إلا أن أُرسل القلم ليجري مع الزحام في محاولة لإسعاف جراح هذه المعارك ‏ في محاولة لبناء سور ولو من ورق وبحر، ولو من حبر للحيولة دون وقوع صدام جديد، أيًا كان قدر هذا الصدام وأيًا كانت نتائجه حتى ولو خدش فيه إصبع وسالت منه نقطة دم. 

ولم يستطع القلم إلا أن يُسجّل عبارة واحدة عبارة وجدتها على كل لسان، واستعمرت كل قلب، وتحكمت في مشاعر الجميع «لو كان الإسلام في أرضنا لما وقعت هذه المآسي»

لو كان الإسلام في أرض العرب، لما تمكّن يهودي من بناء حجر واحد في فلسطين.

ولو كان الإسلام في أرض العرب ما تسلم اليهود ناصية الاقتصاد العربي أكثر من نصف قرن.

ولو كان الإسلام بأرضنا ما استوطنت أوروبا أرضنا أكثر من قرن وخربت كل شيء فيها

ولو كان الإسلام بأرضنا ما استطاعت فرنسا وإنجلترا أن تتقاسمانا منذ أربعين سنة وما استطاعت أن تزج بنا في حربين عالميتين، وما استطاعت أمريكا وروسيا أن تتقاسمانا فيما بينهما.. ووو.

ولو كان فينا إسلام ما حكمنا مجلس الأمن ولا هيئة الأمم وفرضوا علينا الصهيونية دولة

ولو كان فينا إسلام ما سمعنا بكلمة عربي، أو تركي أو هندي أو باكستاني أو إندونيسي في المعركة.

ولسمعنا لحنًا موحدًا فيه بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وعمر العربي شهدناهم من جديد في موكب زاحف يوحد الإسلام بين أجناسهم وألوانهم وبلادهم

ولو كان فينا إسلام لحشدنا كل سواعد الأمة الإسلامية سواعد سبعمائة مليون إنسان يملكون أرضًا تفوق مساحة أفريقيا وأوروبا والأمريكيتين ويملكون ثلث الذهب الأسود، ويختزنون ثلاثة أرباع من أنهاره في جوف أرضهم، ويطوقون البحر ونصف البحر الأبيض ويشرفون على الأطلسي والهندي لو كان فينا إسلام لتم هذا الحشد الكبير بكل إمكانياته في وجه عدونا. 

وأخيرًا أقول لو كان فينا إسلام ما سمعنا من يقول عبارة السلام مع إسرائيل فإسرائيل ينكر الإسلام وجودها في أرضنا وينكر السلام معها حتى إذا وجدت في غير أرضنا.

وبعد؛ ‏سيقول قارئ وماذا بعد هذا الصراخ وماذا نفعل هل نصرخ مثلك نصرخ في البيوت في الشوارع ونقول لو...

أقول يوم أن نتعلم الصراخ في أنفسنا، في أنفسنا أولًا.

سوف نثير الدنيا كلها لتصرخ معنا لتصرخ بكلمة الحق لتصرخ في وجه الباطل، ولكن ما هو صراخنا في أنفسنا ما معناه، ما شكله. أقول إن صراخنا هو اندفاع كل واحد منا بكل طاقاته إلى العمل كل واحد منا «فلسطين» فلسطين بأرضها بمقدساتها بتاريخها يكون فلسطين يشعر أن كل يهودي في أرضها يمثل مسمارًا محميًا يلسعه في جسده يكويه وعليه أن يخلع هذا المسمار، يشعر بأن كل غريب على أرضه هو سرطان ينخر في عظامه فليدفع هذا الداء عنه. ‏

‏ وحتى نعيش في واقعية أكبر نقول إن على كل مسلم أن ‏يتحرك بقضية فلسطين في كل مكان وزمان في بيته هي نجوى أسرته وهي الشريكة في الملبس والطعام والشراب.

هي حاجته الحق في أن يقتطع من خبزه ولباسه نصيبًا لها وفي عمله جهد وعرق وفي أصدقائه وجيرانه تذاكر وتدارس وإعداد واستعداد.

لتكن فلسطين مطرقة الصانع وقلم الكاتب، وبضاعة التاجر ولتكن في صدورنا جميعًا النشيد المشجي، والهتاف الدائم، والصوت الذي لا يخبو أبدًا يوم أن تكون هكذا سوف ننتصر.‏

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل