العنوان المغرب: «ميثاق الأغلبية».. هل يحمي الحكومة من التفكك؟
الكاتب عبدالغني بلوط
تاريخ النشر الخميس 01-مارس-2018
مشاهدات 15
نشر في العدد 2117
نشر في الصفحة 40
الخميس 01-مارس-2018
بعد حوالي عام على تشكيل الحكومة المغربية، تمكنت الأحزاب الستة المكونة لها من توقيع «ميثاق الأغلبية الحكومية»، واعتبر بمثابة «صلح الرباط» الذي يحمي هذه الحكومة في ظروف صعبة من التفكك ومن خطر السقوط.
تواجه الحكومة انتقادين أساسيين؛ أولهما: التقليل من أهمية وجود سعد الدين العثماني عن حزب العدالة والتنمية على رأسها، حيث يومئ المعارضون أنها تسير برأسين، وأن رئيس حزب آخر مكون لها، ويعنون بذلك عزيز أخنوش، قائد حزب التجمع الوطني للأحرار، هو من يسيطر على دواليبها ويسيّرها كما يريد، وهو ما جعل العثماني نفسه يرد بلغة واضحة: «هناك رئيس حكومة واحد، هو الذي عيَّنه جلاله الملك».
أما الانتقاد الثاني، ويرتبط بالأول؛ وهو التأخر في توقيع هذا الميثاق؛ ما دفع إلى الاعتقاد بعدم انسجام الحكومة، جسدته تصريحات متعددة لوسائل الإعلام وللمعارضة.
وفي هذا الصدد، قال عادل بن حمزة، البرلماني عن حزب الاستقلال المعارض: إن توقيع الميثاق، حسب أعراف وتقاليد الديمقراطيات العتيقة، يجب أن يكون في بداية تشكيل الحكومة، وليس بعد مرور سنة، بما يعني أنه طيلة هذه المدة لم يكن هناك إطار يربط أحزاب الحكومة وينظم عملها المشترك، ولم تكن هناك قواعد للعمل المشترك، لكنه عاد للقول: إن ثقافة ميثاق الأغلبية حديثة في المغرب، حداثة الرهان على تحالفات حزبية حقيقية لقيادة السلطة التنفيذية، وهو ما أصبح ممكناً مع دستور عام 2011م الذي عزز موقع رئيس الحكومة مقارنة مع الدساتير السابقة.
وحاول رؤساء أحزاب الأغلبية المكونة من أحزاب العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، والتقدم والاشتراكية، أن يظهروا تماسك مكونات الحكومة بعد التوقيع على الميثاق، وأن الأمور تسير بشكل عادي.
وبالرغم من ذلك، فإن الميثاق جاء لتدبير الأزمة بين الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية، حسب مراقبين، وقد ظهر هذا الأمر في مضامين الميثاق نفسه، الذي حرصت هذه الأحزاب أن يتضمن عبارة «عدم الإساءة»، إذ جاء فيها: «تعزيز التضامن بينها، وإرساء التشاور والتعاون والتنسيق الدائم من خلال تنظيم وتسيير وتقييم عملها المشترك، واحترام التزامات الأغلبية والانضباط لقراراتها والحرص على تماسكها وعدم الإساءة للأحزاب المكونة لها، دون أن يمنع ذلك من الحق في النقد البنّاء، وفي جميع الحالات تعمل الأحزاب المكونة للأغلبية على حل خلافاتها من داخل آليات الميثاق».
لكن المسارعة إلى توقيع هذا الميثاق كانت بسبب تصريحات عبدالإله بن كيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة السابق، الذي كان يفترض أن يقود الحكومة الحالية ووضعت في طريقه عراقيل انتهت به خارج رئاسة الحكومة، حيث هاجم في مهرجان خطابي عدداً من رؤساء الأحزاب الأخرى بقوة، وخاصة عزيز أخنوش، الذي يعتبر من أثرياء البلد، ويروج لنفسه أنه سيصبح لا محالة رئيس الحكومة المقبل، حيث قال ابن كيران في إشارة واضحة إليه: «إن زواج المال والسلطة خطر على الدولة».
كما هاجم ابن كيران رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، وهو الحزب الذي «خطف» رئاسة البرلمان، بالرغم من أنه حصل على نتائج كارثية في الانتخابات التشريعية، وبالكاد استطاع تكوين فريق برلماني، وكان من تداعيات هذه التصريحات ما عبرت عنه بعض أحزاب الأغلبية عن عدم تماسك الحكومة وإمكانية تفكك عقدها في أي لحظة.
وفي هذا الصدد، قال إدريس لكريني، أستاذ العلوم السياسية: إن الميثاق جاء في وقت ظهرت فيه هشاشة البناء الحكومي في أعقاب تلك التصريحات التي أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية، رغم حرص العثماني على تدبير الخلافات الحكومية بقدر من التروي والدبلوماسية.
فيما قال المحلل السياسي ميلود بلقاضي: إن توقيع ميثاق الأغلبية الذي وقع بعد سنة من التأجيلات، جاء للرد على كلمة ابن كيران، التي هاجم فيها أخنوش وحزبه، ولشكر وحزبه، بكيفية قاسية أمام شبيبة العدالة والتنمية، حيث كانت هذه الكلمة حاسمة في إخراج هذا الميثاق.
وسار الميثاق في اتجاه الخروج من لغة الأزمة، حيث شدد على صبغته التعاقدية ومرجعيته السياسية والأخلاقية لتأطير العمل المشترك على أساس برنامج حكومي واضح، وأولويات محددة للقضايا الداخلية والخارجية، بما يستجيب بطريقة فعالة وناجعة لانتظارات المواطنين، ما يقتضي من مكونات أحزاب الأغلبية في الحكومة وفي مجلسي البرلمان العمل على حسن تنفيذ هذا الميثاق واحترام مقتضياته، كل من موقعه.
وأبرز لكريني أن الميثاق يتضمن مجموعة من المبادئ التي يفترض أن تحكم أداء الأغلبية الحكومية على مستوى نهج التشاركية والنجاعة والشفافية والتضامن والتواصل مع مختلف الشركاء، غير أن الأمر لا يشكل حائلاً قوياً وكافياً لمنع أي تصدع أو ارتباك في الأداء.
وحول إذا ما كان الميثاق هدفاً أو وسيلة، أجمع عدد من المراقبين أن المواطن المغربي لا يهمه كثيراً هذا الميثاق بقدر ما ينتظر أن تحقق الحكومة إنجازات في صالحه، أبرز البرلماني عادل بن حمزة أن هذا الميثاق الذي اعتبرته الحكومة إنجازاً يجب ألا ينسيها التزاماتها في الإجابة عن انتظارات المواطنين في الاقتصاد والسلم الاجتماعي ونزع فتيل التوترات الاجتماعية.
وفي السياق ذاته، أكد لكريني أن الميثاق ليس هدفاً في حد ذاته، وإنما وسيلة لبلورة سياسة حزبية مسؤولة تقف على المسؤوليات التي يقتضيها الانتماء إلى التحالف الحكومي بعيداً عن أي حسابات أخرى.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلمحللون سياسيون مغاربة لـ«المجتمع»: إعفاء الملك وزراء من الحكومة لا يمكن فصله عن حراك الريف
نشر في العدد 2114
15
الجمعة 01-ديسمبر-2017
المشهد السياسي المغربي.. بين الوعي الديمقراطي و«كاريزما» ابن كيران
نشر في العدد 2107
782
الاثنين 01-مايو-2017