; المغرب يطرد 20 أجنبيًّا حاولوا «تنصير» أطفال يتامى! | مجلة المجتمع

العنوان المغرب يطرد 20 أجنبيًّا حاولوا «تنصير» أطفال يتامى!

الكاتب حسن الأشرف

تاريخ النشر السبت 27-مارس-2010

مشاهدات 13

نشر في العدد 1895

نشر في الصفحة 24

السبت 27-مارس-2010

طرد المغرب مؤخرًا عشرين منصرًا أجنبيًّا -بينهم هولنديون، وبريطانيون- ثبت تورطهم في محاولة تنصير عشرات الأطفال المغاربة بإحدى المناطق الجبلية الفقيرة بالبلاد، من خلال ضبطهم في حال تلبس، وبحوزتهم كتب وأقراص مدمجة تبشر بالدين المسيحي.. وانهالت ردود فعل متشنجة على الحكومة المغربية من قِبل بعض المنظمات الدولية غير الحكومية ذات التوجه الإنجيلي والبروتستانتي، وكذلك من بعض البلدان المعنية مباشرة بطرد مواطنيها مثل هولندا التي استدعت السفير المغربي لديها من أجل التشاور!

لكن رد فعل الحكومة المغربية كان واضحًا وصارمًا حيث أبرز الناطق الرسمي باسمها أن المغرب لم يطبق سوى القانون بطرده لهؤلاء المنصرين وأنه لا يسمح لأية جهة كانت بالتلاعب بقيم المغاربة الدينية والروحية أو محاولة زعزعة عقيدتهم الإسلامية.

بيان رسمي

وجاء طرد المنصرين العشرين في الأسبوع الثاني من شهر مارس بعد ثبوت تهمة التبشير بالمسيحية في حقهم من خلال استغلال فقر بعض الأسر في منطقة عين اللوح وسط البلاد، وبالتحديد استهداف أطفال يتامى لهذه الأسر المعوزة لا تتجاوز أعمارهم عشر سنوات بدعوى القيام بأعمال خيرية في مجال كفالة الأطفال اليتامى من طرف أزواج هولنديين وبريطانيين.

وشدد بيان رسمي لوزارة الداخلية المغربية حينها على أن إجراء طرد المنصرين يندرج في إطار مكافحة محاولات نشر عقيدة المبشرين الرامية إلى زعزعة عقيدة المسلمين، مؤكدًا أن المغرب تحرك طبقًا للقوانين المشروعة السارية لصيانة القيم الدينية والعقائدية في المملكة.

 وأوضح وزير الاتصال خالد الناصري - الناطق الرسمي باسم الحكومة - أنه تم ضبط المئات من المنشورات والكتيبات والأقراص المدمجة لدى هؤلاء المنصرين قائلا: إن هؤلاء المنصرين تم طردهم بسبب أعمالهم المخالفة للقانون وتصرفاتهم المشينة ضد مشاعر المواطنين والمضرة بالاستقرار الروحي للمملكة، انطلاقًا من التحريات التي قامت بها السلطات وانطلاقًا من شكاوى تلقتها من مواطنين مغاربة.

رد حازم

وأعربت منظمات دولية غير حكومية ذات توجه إنجيلي وبروتستانتي عن تبرمها من قرار المغرب بطرد هؤلاء المنصرين الأجانب؛ حيث نددت منظمة « أوبن دور» غير الحكومية الدولية بما قام به المغرب، معتبرة أن قرار الطرد يطرح علامات استفهام كبيرة حول سياسة المغرب المعروفة بالانفتاح واحترام حقوق الإنسان، على حد تعبير بيان هذه المنظمة.

وجاء رد الحكومة المغربية سريعًا حين أكد وزير الاتصال المغربي أن ما حدث لم یکن ممكنًا السكوت عنه وأن ردود فعل بعض المنظمات والدول التي عاتبت المغرب على قراره كانت تصرفات متشنجة من دول كان ينتظر منها أن تساير المغرب في كونه بلد الانفتاح والديمقراطية ويتعامل بتسامح مع كل الديانات، مشيرًا إلى كون حالات الطرد القليلة ليست مرتبطة بممارسة الشعائر المسيحية بل بنشاطات تنصيرية، وفق تعبير الوزير المغربي.

وقد وجّه المنصرون المُرحّلون أخيرًا رسالة استعطاف إلى الملك محمد السادس -من خلال موقع جمعية مسيحية على شبكة الإنترنت- يلتمسون فيها تدخل العاهل المغربي لإلغاء قرار الطرد ولمتابعة ما أسموه أنشطة اجتماعية وتضامنية مع الأطفال المغاربة المتخلَّى عنهم.

ونفى مدير ملجأ الأيتام في تصريحات له تهمة التنصير وقال إنه وزوجته وجميع العاملين بالملجأ كانوا يقومون بأنشطة اجتماعية تكافلية وإنهم يجهلون اللغة العربية وحتى الفرنسية حتى يقوموا بتنصير الأطفال، على حد زعمه.

رسائل خفية

وأكدت مصادر مطلعة على ملف التنصير بالمغرب أن قرار السلطات المغربية ترحيل هؤلاء المنصرين يحمل في طياته دلائل ورسائل عديدة من بينها: رسالة إلى من انتقد بشدة الاعتقالات الكبيرة في صفوف الآلاف من معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية، باعتبار أن الطرد يعني أن الدولة مهتمة بالأمن الروحي للمواطنين، وأنها بقدر ما تحرص على عدم الزج بعقول الناس في غياهب التطرف والتشدد، بقدر ما هي حريصة أيضًا على معتقداتهم الإسلامية، حيث أبرزت أن لها القدرة على الضرب بيد من حديد على هؤلاء المنصرين الأجانب رغم أن بعض الجهات نادت الدولة بتطبيق القانون كاملا ومحاكمة تلك العناصر التي أرادت تنصير الأطفال والشباب في بعض مناطق المغرب

والرسالة الثانية موجهة إلى من رأى في تعاطي الدولة مع الملف الشيعي في فترة سابقة تعاملا قاسيًا ومبالغًا فيه، حيث إن قرار ترحيل المنصرين الأجانب يرمي إلى طمأنة النفوس وإسكات المنتقدين بكون الدولة حريصة تمام الحرص على الشأن الديني بالبلاد، وأنها ممسكة بزمام الأمور، والأهم من هذا أنها لا تضع فوارق أو تمييزًا في التعامل مع شتى الملفات المستجدة فيما يخص التدبير السياسي للحقل الديني بالمملكة المغربية.

مناطق حدودية

ويعتبر خبراء ومختصون في ملف التنصير بالمغرب أن المنصرين يركزون على مناطق جغرافية بعينها في البلاد، ومنه -مثلاً- المناطق الأمازيغية، في كل من الأطلس في المغرب والقبائل في الجزائر، ويشهد لذلك الكم الهائل من المطبوعات الموجهة للمناطق الناطقة، سواء باللهجة الأمازيغية، أو السوسية، أو الريفية.

ويتحدث د. محمد الساروتي -المختص في ملف التنصير- عن الموقع الجغرافي لبعض المناطق خصوصًا الحدودية منها: (الناظور والحسيمة في شمال المملكة المغربية) بحكم وجود مدينة الناظور مثلاً قرب مدينة مليلية المحتلة التي تعدّ مركزًا تنصيريًّا مهمًّا لمختلف الطوائف البروتستانتية وغيرها خصوصًا منظمة «شهود يهوه» الأمريكية، وبها يتم إعداد بعض البرامج التنصيرية الإذاعية قبل إعادة بثها لشمال المغرب ويتم إعداد بعض الترجمات التنصيرية.. ومدينة «وجدة»  في شرق المملكة المغربية، بحكم محاذاتها للجزائر التي شهدت حركة تنصيرية سجلت نسبًا خطيرة غير مسبوقة، خصوصًا في المناطق القبائلية. 

ويقول د. الساروتي: إن أغلب المؤسسات التنصيرية في الجزائر مهتمة بالمنطقة الشرقية من المغرب، ويمكن الإشارة إلى جمعية «الكتاب المقدس» التي يترأسها «كاميف بيار»، وهو من مواليد «وجدة» ومقرها في قلب العاصمة الجزائرية.. ومن تجليات العمل التنصيري تأسيس مكتبة الحدود التي أشرف على تسييرها المنصر البروتستاني «ماكنتون»، الذي عمل خصوصًا على استقطاب طلبة جامعة «محمد الأول» بمدينة و«جدة».

جدير بالذكر أن السلطات المغربية تقوم بين الفينة والأخرى بدور فعال في مراقبة المنصرين، وتقوم بإجراءات ترحيلهم عن البلاد حين ضبطهم في حالات تلبس صريحة مثل ما حدث من قبل مع منصر أمريكي خلال شهر فبراير 2010م، ومع خمسة منصرين أجانب في شهر ديسمبر 2009م اثنان من جنوب أفريقيا، واثنان من سويسرا، والخامس من دولة جواتيمالا.

وقد عبر العديد من الجهات - خاصة التيارات الإسلامية بالمغرب- عن ارتياحها لهذا الحرص من جانب السلطات المغربية على حماية المعتقدات الدينية للمواطنين مطالبة بمزيد من الوعي، واتخاذ الحيطة والحذر تجاه أساليب متنوعة وجديدة في التنصير داخل البلاد.

الرابط المختصر :