العنوان رئيس مكتب المقاطعة العربية لإسرائيل في قطر الشيخ فهد آل ثاني: المقاطعة العربية لـلكيان الصهيوني تزن قوة الدبابة والصاروخ
الكاتب حسن علي دبا
تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1993
مشاهدات 15
نشر في العدد 1063
نشر في الصفحة 16
الثلاثاء 24-أغسطس-1993
حتى الآن ما زال القرار رقم (28.0) لمجلس الجامعة العربية بتحديد اختصاصات أجهزة المقاطعة العربية لإسرائيل ساري المفعول، ولأن هذه المقاطعة أليمة حقًّا على الدولة الصهيونية، فإن المطلب الأول لإسرائيل في أي اتصالات مع الجانب العربي هو إنهاء المقاطعة، ولم يكن فرض غرامة بلغت حوالي ثلاثة ملايين دولار أمريكي على إحدى الشركات الأمريكية التي استجابت لأجهزة المقاطعة العربية بحكم قانون مناهضة المقاطعة الأمريكي- إلا دليلًا آخر على الجدوى والفعالية.
في قطر يمثل مكتب المقاطعة العربية لإسرائيل، والمقاطعة الإسلامية -نظرًا لانضمام دول إسلامية لمقاطعة إسرائيل- نموذج لعمل يقوم به المكتب لمنع تسلل أي منتج إسرائيلي إلى البلاد.
يترأس المكتب الشيخ فهد بن مبارك آل ثاني الذي كان معه هذا الحوار.
المقاطعة: البدء والنشأة
المجتمع: متى بدأت مكاتب المقاطعة العربية لإسرائيل عملها؟ وكيف نشأت الفكرة؟ وما الغرض الذي ترمي إليه؟
الشيخ فهد: بدأت مكاتب المقاطعة العربية لإسرائيل في عام ١٩٥٥م وقد انبثقت عن اجتماع وزراء خارجية الدول العربية، وهي مكاتب تابعة لجامعة الدول العربية، وقد نشأت الفكرة بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية بتفكير الدول العربية في استخدام الأسلوب الاقتصادي إلى جانب الأسلوب العسكري في مقاومة الاحتلال، وبما أن فلسطين تقع في قلب العالم العربي، وكل ما يدخل أو يخرج منها وإليها لا بد أن يمر على إحدى الدول برًّا وبحرًّا وجوًّا، فقد جاء التفكير في استخدام الأسلوب الاقتصادي لإحكام الطوق حول العنق الإسرائيلي، بحيث أن الدول العربية يمكنها أن تضيق على هذا العشق إلى أقصى درجة في المجال الاقتصادي، فهي الآن لا تستطيع التعامل مع أي دولة في المحيط العربي لا تصدير ولا استيراد -على وجه العموم- ولا أتكلم عن الاستثناء، كما أنها لا تستطيع التعامل أيضًا عن الطريق غير المباشر، عن طريق طرف ثالث أو رابع.
المجتمع: ماذا تعني المقاطعة؟ وما المقصود بالمقاطعة الإيجابية والمقاطعة السلبية؟
الشيخ فهد: المقاطعة تعني الحيلولة دون تدعيم اقتصاد إسرائيل ومجهودها الحربي، والمقاطعة الإيجابية تعني منع تدفق رؤوس الأموال أو الخبرة الفنية إلى إسرائيل، ومراقبة تطور الاقتصاد الإسرائيلي، ومتابعة نشاطه وملاحقة الدعايات الإسرائيلية، أما المقاطعة السلبية فهي منع التعامل أو التهرب المباشر أو غير المباشر مع إسرائيل.
هل المقاطعة مجدية؟
المجتمع: ما هي جدوى المقاطعة، وما الذي حققته حتى الآن؟
الشيخ فهد: لقد أثبت أسلوب المقاطعة الاقتصادية أنه ذو جدوى فعالة، فلقد خسرت إسرائيل ملايين، بل بلايين الدولارات من عدم تعاملها مع الدول العربية، كما خسرت من جراء عدم تعاملها مع شركات دولية كبرى رفضت التعامل مع الكيان الصهيوني وفضلت التعامل مع الدول العربية، ذلك أن المقاطعة تعني عدم التعامل المباشر مع إسرائيل، فلا تبيع لها قطعة عسكرية أو ما يساعد في المجهود الحربي، أو في المجال الاقتصادي الثقيل مثل المصارف المالية أو استثمار الشركات. كما شاركت المقاطعة في رفض الشركات لدخول إسرائيليين أعضاء فيها، فنحن نشترط على الشركات التي لا تطبق عليها المقاطعة ألا تزيد مشاركة الإسرائيليين في رأس المال عن «51%» حتى لا يتحكموا في الشركة ويسيطر المال اليهودي وبالتالي النفوذ اليهودي على الشركة.
والمقاطعة في نظري توازي الدبابة والصاروخ، وإذا قلَّت قيمة المقاطعة فبسبب عدم جدية بعض الدول العربية والإسلامية في تطبيقها فقط.
إنهاء المقاطعة مطلب اليهود الأول
المجتمع: في مفاوضات السلام بين إسرائيل والعرب وفي أي مناسبة يكون طلب الكيان الصهيوني الأول هو إنهاء المقاطعة، ترى هل يدل ذلك على قوة المقاطعة رغم عدم التزام بعض الدول بها؟
الشيخ فهد: هذا واقع عملي، وفي نظري أن هذه المفاوضات تدور حول نقطة واحدة فقط هي مبادلة الأرض مقابل السلام، وحقيقة الأمر أن إسرائيل تطلب مطلبًا واحدًا فقط حتى تبدأ في مسيرة إعطاء الأرض أو شيء من الأرض مقابل رفع المقاطعة فقط، وأمريكا الآن عن طريق سفاراتها في الخليج، ومجموعة الدول الأوروبية الاثني عشرة -السوق المشتركة أيضًا- الكل يطلب من الدول العربية رفع المقاطعة مقابل إعطاء اليهود لشيء من الأرض للفلسطينيين أو حكم ذاتي... إلى آخره، يطالبون بذلك رسميًّا والدول العربية بين رافض وقابل!
أساليب إسرائيل الملتوية
المجتمع: ما هي الأساليب التي تلجأ إليها إسرائيل للتغلب ومقاومة المقاطعة العربية لها؟
الشيخ فهد: هي أساليب كثيرة نذكر منها أحدث الأساليب وآخرها وهو أن إسرائيل تحاول استفزاز -وأصر على كلمة استفزاز- المشاعر العربية والإسلامية بأي طريقة عن طريق المقاطعة أيضًا، فهناك بضائع كثيرة تأتي للدول العربية فتشجع كتابة لفظ الجلالة على هذه البضائع «وفيها الاستهزاء كله». أيضًا بتشجيع المرتد سلمان رشدي أو ما قامت به مؤخرًا حينما وصلت إلى الدوحة قمصان بها نجمات سداسية «رمزًا للصهيونية» وهي قادمة من شركات هندية. إن إسرائيل لا تتحايل فقط على المقاطعة، بل تطعن في جدواها بدليل أن هذه الأشياء نفدت إلى السوق.
هناك أيضًا أساليب أخرى، هي إقامة شركات وهمية ليست موجودة على الإطلاق، وهي شركات تعمل لصالح إسرائيل وتصدر إسرائيل بضائع للدول العربية عن طريق هذه الشركات وهي غير موجودة أصلًا، شركات أجنبية تحت اسم دولة أخرى، كما أنها تلجأ إلى أسلوب آخر هو تصدير كثير من البضائع الإسرائيلية عن طريق شركة مسموح بها، وضمن بضائع أصلًا وبينها دس البضائع الممنوعة. كما حدث في قطر عندما اكتشف مكتب المقاطعة هنا عدة أكياس من الأسمنت إسرائيلية ومكتوب عليها باللغة العبرية جاءت ضمن بضائع -أسمنت- مسموحة وشركة مسموحة، وهذه عملية «جس نبض» إذا مشيت يزيدون الكميات.
المجتمع: وكيف تصرفتم في هذه الطريقة الإسرائيلية، هل صادرتم الأكياس؟
الشيخ فهد: بالطبع صودرت وتم تحرير مخالفة وطولبت الشركة المستوردة بتقديم أوراق الشركة التي استوردت منها، وشهادة المنشأ وغير ذلك من الإجراءات، فإذا ثبت أن الشركة وضعها سليم، ولم تكن عندها النية السيئة لإدخال هذه البضائع.
بؤرة التزوير قبرص
المجتمع: ما دور قبرص واليونان في مساعدة إسرائيل للتغلب على المقاطعة؟
الشيخ فهد: قرب قبرص من إسرائيل جعل إسرائيل تستغلها في التصدير إليها، وفي قبرص يحدث تزوير لشهادة المنشأ، تزوير على مستوى الدولة، فوزارة المالية والاقتصاد في قبرص تقوم بتزوير شهادة المنشأ وتكتب أن الشركة والبضائع من قبرص، وهي إسرائيلية بحتة.
المجتمع: هل تسنى لكم اكتشاف مثل هذه الشركات؟ وكيف يتم ذلك؟
الشيخ فهد: بالطبع لم تمر شركة واحدة من هذه الشركات علينا في مكتب المقاطعة العربية لإسرائيل في الدوحة، ويكون ذلك عن طريق المفتشين التابعين لنا في الأسواق، لديهم تصريح من وزارة الاقتصاد بالتفتيش.
المنتجات الفلسطينية: إلى أين؟
المجتمع: ماذا عن المنتجات الزراعية التي تزرع في فلسطين المحتلة؟ وكيف تتعامل معها أجهزة المقاطعة العربية؟
الشيخ فهد: تأتي الفواكه الفلسطينية من يافا وحيفا، ولا تدخل إطلاقًا السوق العربية، لأن جميع إنتاج الحقول في فلسطين تحت السيطرة الصهيونية، ليس هناك شيء يسمى إنتاج فلسطيني، وإنتاج إسرائيلي، فكل ما هو في فلسطين المحتلة الآن إسرائيلي.
المجتمع: لكن هناك اتفاقات خاصة حول تشجيع تسويق المنتجات الفلسطينية في بعض دول أوروبا وربما غيرها من البلدان دعمًا للفلسطينيين أصلًا؟
الشيخ فهم: هناك بالفعل تنسيق بين الجامعة العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية وبين أفراد في داخل فلسطين، ويكون التصدير عن طريق هؤلاء الأفراد ليصل الإنتاج عن طريق الأردن، وذلك مثل زيت الزيتون والبرتقال وبعض المحاصيل الزراعية، وذلك متاح شريطة التأكد من أن المصدر فلسطيني، وذلك عن طريق شهادة المنشأ.