العنوان غزوة بدر ونقطة التحول
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 21-يوليو-1981
مشاهدات 26
نشر في العدد 537
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 21-يوليو-1981
لئن كان شهر رمضان عمومًا شهر العظات
والدروس والانتصارات فإن غزوة بدر الكبرى تظل فيه المعلم الإسلامي الكبير على مدار
تاريخ المسلمين وتظل نقطة فاصلة تفرض دروسها وعظاتها على المسلمين في كل زمان
ومكان.
وغزوة بدر فيها دروس وعظات كثيرة:
- في الصبر
والاحتمال والتضحية.
- في الثبات
والجهاد.
- في حُسن
القيادة والتدبير العسكري.
- في المشاورة
وتقوى الرسول القائد.
- في المجاهدة
والإخلاص ونصرة الحق.
ولكن الدرس الكبير والعظة العظيمة هي
كونها نقطة حاسمة في التاريخ البشري عمومًا وتاريخ المسلمين خصوصًا.
● فالمعركة
خلافًا لجميع الحروب والغزوات التي عرفها البشر لم تقم بسبب الاقتصاد أو الطمع
والجمع أو الشجار بين قبيلة وأخرى لتِرَة أو شرف، إنما قامت على أساس الافتراق في
العقيدة، ولذا كان الوالد حريصًا على قتل ابنه الكافر والأخ حريصًا على قتل أخيه.
● والمعركة
كانت فاصلة بين الحق والباطل سماها الله يوم الفرقان، بعدها عز المسلمون وارتفعت
رايتهم وأخذت القبائل تحسب لهم ألف حساب.. لقد كانت معركة فاصلة وخطيرة؛
لأنها أول معركة صريحة بين الإيمان والكفر بين الإسلام والجاهلية، ولذا ألح
الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الدعاء وهو يقول: «اللهم إن تهلك هذه العصابة
فلن تعبد في الأرض أبدًا».
● والمعركة من
بدايتها حتى نهايتها كانت من تدبير الله.. من خروج المؤمنين من بيوتهم كارهين
القتال.. إلى ورود أعلى ماء بدر.. إلى إنزال الملائكة وتغشيتهم بالنعاس وإنزال
المطر.. إلى النصر الحاسم.. كل ذلك كان من تدبير الله، ليعلم الجماعة المسلمة
درسًا تضعه في الحسبان دائمًا كلما عقدت راية الجهاد، وهو أن النصر من عند الله،
وأن ما هو مطلوب منهم هو كمال التقوى والطاعة والتسليم..
● والمعركة
كذلك كانت إيذانًا بميلاد الدولة الإسلامية ومباشرة رسالتها في هداية الناس وريادة
البشرية ونشر الخير والهدي.
على أن أهم هذه الدروس والعظات في
الوقت الحاضر الذي دب فيه الوهن في قلوب المسلمين عامة وفي قلوب حكامهم خاصة
فاستسلموا لضغوط العصر وملابسات وظروف السياسة الدولية فارتموا في أحضان الأمريكان
أو في أحضان الروس أو في أحضان الأوروبيين أو في الحقيقة في أحضان
الشيطان.. يلتمسون عنده النصر وتحرير الأراضي والمقدسات الدرس.. المهم هنا هو
كيف كان الرسول القائد- صلى الله عليه وسلم- في ظروف هيمنة قوتين دوليتين هما
الروم والفرس.. وفي منطقة ليس لها وزن وثقل سياسي.. كيف كان يخطط
لهذه العقيدة أن تحطم عروش كسرى وقيصر.. لقد وضع ذلك في الحساب منذ
البداية منذ أن وعد سراقة بن مالك بسواري كسرى.. والرسول- صلى الله عليه وسلم- لم
يعد بذلك إلا بناء على تخطيط وعزيمة ومضاء، فالعقيدة تفعل فعلها في
النفوس.. تحررها من كل القيود والجواذب وتطلقها فاعلة رائدة لا تخشى الروم
ولا الفرس.. لا تخشى الأمريكان
وطائرات إف- ١٥ ولا قوات التدخل السريع، ولا تخشى الروس ودبابات ت ٥٤ ولا
صواريخ بيرشنغ، وكما علمتنا غزوة بدر فإن ذلك لم يتأت للمسلمين إلا بعد أن أخلصوا
الدين لله وأحسنوا الطاعة لرسول الله.
واليوم إذا ما أريد جمع المسلمين
وتكوين دولة إسلامية تقلب الموازين الدولية لابد أولًا من الإيمان العميق..
ولابد ثانيًا من الأخذ بعالم الأسباب.
ولابد ثالثًا من الاعتقاد الجازم أن
النصر من الله.
﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا
مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.