العنوان الموصل.. بين إرهاب «داعش» وتهديدات «الحشد الشعبي»
الكاتب محمد واني
تاريخ النشر الثلاثاء 01-نوفمبر-2016
مشاهدات 753
نشر في العدد 2101
نشر في الصفحة 45

الثلاثاء 01-نوفمبر-2016
الموصل.. بين إرهاب «داعش» وتهديدات «الحشد الشعبي»
محمد واني
يشهد العالم كله أضخم وأكبر عملية عسكرية على تخوم مدينة الموصل الإستراتيجية التي تبعد 300 كم شمال بغداد، التي احتلتها قوات تنظيم «داعش» في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي في يونيو 2014م، عندما أمر قطعاته العسكرية الكبيرة المرابطة فيها بالانسحاب أمام زحف قوات التنظيم الإرهابي وعدم مواجهتها.
بدأ الإعداد للمعركة - التي أطلق عليها رئيس الوزراء «قادمون يا نينوى» - قبل أشهر، حيث أصبحت المدينة محاصرة بقوات يصل قوامها إلى أكثر من 50 ألف مقاتل، بينهم 40 ألفاً من الجيش الحكومي والشرطة والمتطوعين، وأسندت إليهم مهمة اقتحام المدينة من جهتها الجنوبية الشرقية، بينما أسندت إلى قوات البيشمركة الكردية التي يبلغ عددها 10 آلاف مقاتل الجهة الشمالية الشرقية للمدينة، في حين وقف عشرات الآلاف من أفراد المليشيات الشيعية المنضوية في «الحشد الشعبي» خارج المدينة لحماية القوات الحكومية من الخلف، وتحرير القرى والقصبات التابعة للمدينة في المرحلة الأولى من انطلاقة الحملة العسكرية الجارية، وبدأت المرحلة الثانية بانضمام قوات «الحشد» فعلياً إلى عملية استعادة الموصل والتحرك نحو مدينة تلعفر (30 كلم عن مدينة الموصل) الإستراتيجية التي تربط الموصل بسورية.
وقد كلف «الحشد الشعبي» أقوى وأشرس فصيلة من فصائله الطائفية وهي «عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي بتحرير المحور الغربي لمدينة الموصل (قضاء تلعفر والمناطق المحاذية له) من سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي.
بالتزامن مع العمليات العسكرية العراقية الجارية لاستعادة مدينة الموصل من قبضة «داعش»، تحركت إيران والقوى والمليشيات الشيعية التابعة لها بعقد لقاءات ومؤتمرات واسعة لشحذ الهمم وتجميع القوى والتحضير لما بعد تحرير الموصل، ففي 22 أكتوبر الماضي عقد في بغداد مؤتمر موسع استمر ليومين حضره كبار المسؤولين في الدولة العراقية، على رأسهم رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، وبحضور عدد من الممثلين عن دول عربية وإسلامية، من بينهم الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامي مستشار الولي الفقيه الإيراني علي أكبر ولايتي.
وفي كلمة ألقاها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي في المؤتمر شكر فيها الجمهورية الإسلامية والمرشد علي خامنئي، قائلاً: عرفناه دائماً سباقاً لمثل هذه المبادرات التي تعطي اهتماماً للإسلام ولقضايا المسلمين! ثم أطلق صيحته «الطائفية» التي دوت قاعة المؤتمر وقال: إن عمليات «قادمون يا نينوى» تعني في وجهها الآخر «قادمون يا رقة»، «قادمون يا حلب»، «قادمون يا يمن»، قادمون في كل المناطق التي يقاتل فيها المسلمون الذين يريدون الارتداد عن الفكر الإسلامي.
أبعاد دولية للمعركة
على الرغم من محاولة الحكومة العراقية الحثيثة إضفاء الطابع «المحلي» العراقي لمعركة تحرير الموصل، وإبعاد القوى الخارجية عن المشاركة في المعركة الجارية، وخاصة تركيا التي تصر على المشاركة فيها بأي ثمن، من خلال قاعدتها العسكرية في منطقة بعشيقة (12 كم عن الموصل)، ويكون لها دور في تحديد مصير المدينة المجاورة لحدودها والتي لها التأثير المباشر على أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية، وخاصة بعد تفشي الصراع الطائفي السُّني الشيعي في المنطقة، وبروز دور إيران كقوة كبيرة عقب تدخلها في سورية ووقوفها مع نظام «بشار الأسد» الطائفي ضد الشعب السوري المسلم، وهيمنتها المباشرة على السلطة في أربع دول عربية مهمة عن طريق الأحزاب والمليشيات الشيعية الموالية لها، وكذلك في تحالفها الإستراتيجي مع روسيا.
هذه العوامل كلها دفعت تركيا إلى تجاهل اعتراضات العراق وتهديدات قياداته المتكررة التي وصلت إلى حد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التعامل معها كعدو لا يختلف عن «داعش» في حال تحركت دون تنسيق مع القيادة العراقية، هذه التهديدات المباشرة لم تثنِ تركيا عن موقفها الثابت في خوض معركة الموصل، والتصدي للمحاولات الإيرانية والمليشيات التابعة لها بالتمدد نحو حدودها وتهديد أمنها القومي، وخاصة في مدينة تلعفر ذات الغالبية التركمانية الشيعية التي تتمتع بميزة جيوسياسية مهمة لإيران التي لن يكتمل مشروعها التوسعي في المنطقة ما لم تبسط سيطرتها على هذه المدينة الإستراتيجية التي تعتبرها تركيا بالمقابل منطقة نفوذ لها لا يمكن التفريط بها بأي ثمن، لأنها منطقة تركمانية تنتمي إليها تاريخياً وعرقياً، ولكن ما تتجاهله تركيا أن الولاء الطائفي لدى أهل تلعفر أكبر وأقوى من الولاء العرقي أو القومي، وفي حال تم ضم هذا القضاء الذي يعتبر أكبر قضاء في العراق، فإن إيران تسيطر تماماً على سورية والعراق، وتمهد الطريق لتحقيق حلمها في الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، لذلك تحاول مليشيا «الحشد الشعبي» بدفع من إيران الوصول إلى هذه المدينة بأي ثمن.
هل تتكرر تجربة الفلوجة والرمادي في الموصل؟
مازالت النداءات المتكررة التي يطلقها زعماء الشيعة ومراجعهم بضرورة مشاركة مليشيا «الحشد الشعبي» في معركة الموصل واقتحام المدينة، تؤرق القوى العراقية السُّنية والكردية وأهل الموصل والمنظمات الدولية والإنسانية؛ نتيجة تجربتها المريرة السابقة وأعمالها الإجرامية بحق العراقيين السُّنة في مدن الفلوجة وطوزخورماتو والرمادي والصقلاوية وغيرها من المناطق السُّنية، وقد نددت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بتلك الجرائم مراراً وتكراراً، واحتفظت بوثائق وقرائن قوية تؤكد ارتكاب هذه المليشيات الطائفية جرائم ضد السكان المدنيين، ومن بينها اعترافات من بعض قادة «الحشد» بقتل عشرات المدنيين بشكل مباشر.
من جانبه، اتهم ائتلاف العربية السُّني، في بيان أصدره، عناصر مليشياوية بممارسة جرائم قتل وتعذيب واستهداف للمدنيين بسلوكيات طائفية مقيتة.
وإزاء هذه الخروقات الفاضحة لحقوق الإنسان، فإن الأطراف العراقية والدولية الفاعلة ترفض رفضاً قاطعاً إشراك أي فصيل من فصائلها في المعركة، بينما يصر قادة «الحشد» ورؤساء الأحزاب الشيعية قاطبة على مشاركة فصائل «الحشد» في المعركة دون الالتفات إلى المعترضين، بل وصل الأمر ببعضهم كأمين عام «عصائب أهل الحق» أن أطلق تهديدات مباشرة للمعترضين بسحقهم بالأقدام ولا يلومون إلا أنفسهم! ولم يكتفِ بذلك، بل أطلق تهديداته الطائفية ضد أهالي الموصل ووصفهم بـ «قتلة الحسين» قائلاً: «ستكون معركة التحرير انتقاماً وثأراً من قتلة الحسين؛ لأن هؤلاء الأحفاد من أولئك الأجداد»، ويكمن الإصرار المستميت للحكومة العراقية وأقطاب الشيعة في تحقيق عدة أهداف، منها:
أولاً: أن يكون لهم موطئ قدم راسخ ودائم في المدينة السُّنية التي طالما قاومت الهيمنة الشيعية ورفضت سياستها التوسعية، وكذلك لمنع ظهور تنظيمات سُنية معادية كتنظيم «داعش» في المستقبل.
ثانياً: إقامة ممر آمن لإيصال المساعدات اللوجستية والعسكرية إلى قوات النظام السوري الطائفي الحليف، وفتح جبهة جديدة من الخلف لضرب المقاومة الشعبية.
ثالثاً: منع تحويل فكرة إقامة إقليم الموصل التي يتبناها قادة المدينة السُّنية، وعلى رأسهم رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، إلى حقيقة واقعة.
رابعاً: الحيلولة دون إقامة علاقة إستراتيجية سُنية بين أربيل (عاصمة إقليم كردستان) والموصل بعد الانتهاء من «داعش»، وعودة المدينة المحتلة إلى حالتها الطبيعية.>
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

كبير علماء المجمع الفقهي العراقي لـ«المجتمع»: هدفنا توحيد المرجعية الشرعية لأهل السُّنة بالبلاد
نشر في العدد 2109
20
السبت 01-يوليو-2017
