العنوان الناطق الرسمي باسم حركة الجهاد الإسلامي الإريتري للمجتمع: مستقبل إريتريا يكتنفه الغموض في ظل حكومة أفورقي
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 25-مايو-1993
مشاهدات 17
نشر في العدد 1051
نشر في الصفحة 24
الثلاثاء 25-مايو-1993
- إريتريا والمستقبل الغامض.
منذ حصول إريتريا على الاستقلال وترقب إعلانه رسميًا في ٢٤ من مايو الجاري، والصراع يدور داخلها وخارجها على قضايا مصيرية تتعلق بمستقبل البلاد ونظام الحكم وولائه في ظل وجود 75% من السكان المسلمين تحكمهم حكومة نصرانية تدين بالولاء للنظام الأثيوبي وتقيم علاقات حميمة مع إسرائيل. لاستيضاح الصورة بشكل أفضل التقت «المجتمع» مع السيد آدم اسماعيل أمين مكتب الإعلام والناطق الرسمي باسم حركة الجهاد الإسلامي الإريتري ودار هذا الحوار:
المجتمع : في البدء هلا أعطيتم القارئ فكرة عن الوضع الراهن في إريتريا؟
آدم إسماعيل : نالت إريتريا استقلالها أخيرًا بعد جهاد طويل خاضه الشعب الإريتري لأكثر من ثلاثين عامًا، وأكد على استقلاله عبر الاستفتاء الذي أجرى خلال الأسابيع الماضية، حيث كانت النتيجة99.8% لصالح الاستقلال ،وتحكم إريتريا حاليًا من طرف واحد هو الجبهة الشعبية يرأسه أسياس أفورقي، وهو تنظيم نصراني رفض التفاوض والتصالح مع التنظيمات الإريترية الأخرى ذات التوجه الغربي والإسلامي والجبهة الشعبية . تنفرد الآن بتقرير مصير البلاد، مع عدم إعطاء جدول زمني للمرحلة الانتقالية، مما يؤكد أن إريتريا مقبلة على نوع آخر من الصراع...
المجتمع : ماذا كان دور حركة الجهاد في الاستفتاء والاستقلال؟
آدم اسماعيل : يخطئ من يظن أن الجبهة الشعبية هي صانعة التحرير والاستقلال، فقد تحقق الانتصار وتم الاستقلال بفضل الله أولًا، ثم بجهاد الشعب الإريتري، ونضالاته الطويلة بكل فئاته وقواه السياسية. أما عن الاستفتاء فقد وجهنا نداء إلى الشعب الإريتري عبر بيانات أصدرتها الحركة ندعو فيه الجماهير للتسجيل والمشاركة في الاستفتاء من أجل الاستقلال، واضعين بذلك القضية المصيرية فوق كل الخلافات والاعتبارات، ورغم اعتراضنا على إجراءات التسجيل التي حاولت الجبهة الشعبية من خلالها أن تضفى الشرعية على نفسها، وتجاوبت الجماهير في الداخل والخارج مع ندائنا، وأقبلت على مراكز التسجيل بأعداد كبيرة لم يسبق لها مثيل، وبفضل الله أنقذنا الموقف وتم إحراز الاستقلال.
المجتمع : بعد إعلان الاستقلال كيف ترون مستقبل إريتريا السياسي؟
آدم اسماعيل : رغم إعلان الاستقلال فهناك منغصات تتخلل هذا الاستقلال، منها تصريحات أفورقي بمشروع الاتحاد الكونفدرالي مع أثيوبيا، والأمر لم يكن مجرد تصريح بل هو في حيز الواقع الممارس خلال العامين المنصرمين وحتى الآن، حيث الإدارة المشتركة بين النظامين في الموانئ الإريترية وبعض القطاعات العسكرية والأمنية والعملة الموحدة.. إلخ.. ومن المنغصات أيضًا وجود الخلافات الداخلية وتعمد حكومة أفورقي في تجاهلها .
فمستقبل إريتريا السياسي يكتنفه نوع من الغموض في ظل حكومة أفورقي، لأن ممارساتها عكس سياساتها المعلنة، لذلك لا نتوقع الاستقرار والسلام في ظل تلك التوجهات، وللخروج من هذا المأزق نرى الحل في أن تتاح للشعب الإريتري الحرية الكاملة في اختيار الحكومة التي تمثله، ونظم الحكم الذي يرتضيه، بعيدًا عن هيمنة الصليب، وإلا فلا يمكن أن يرضى الشعب الإريتري باستعمار جديد، ولا يمكن لحركة الجهاد أن تضع السلاح في ظل انتهاكات الجبهة الشعبية.
المجتمع : هل نفهم من ذلك أن إريتريا مقبلة على صراع السلطة؟
آدم اسماعيل : نقولها وهي مرة أن إريتريا مقبلة على نوع آخر من الصراع ليس صراعًا من أجل السلطة ولكنه صراع من أجل الهوية؛ لأن حكومة الجبهة الشعبية تريد أن تصبغ المجتمع الإريتري بدين ولغة وثقافة الأقلية النصرانية، كما أنها بادرت المجاهدين بسلسلة من الهجوم العسكري منذ التحرير وبعد إعلان الاستقلال، وآخرها كانت معركة وقعت بين المجاهدين وجنود الشعبية في الأسبوع الماضي بجنوب البلاد؛ مما يضطرنا أن نقول أن إريتريا مقبلة لا محالة على صراع الهوية.
المجتمع : وماذا عن تصريحات أفورقي حول الاتحاد الكونفدرالي مع أثيوبيا؟
آدم إسماعيل : هذه أحلام ظلت تراود أفورقي وقرينه ملس زيناوي من قديم، وهي إقامة دولة اتحادية بين إريتريا وأثيوبيا تدين بالنصرانية وتنطق باللغة التجرينية، أي دولة «تجراي تجرينيا» التي خطط لها حزب الخضر الألمان في مايو ۱۹۹۰ التي كشفنا عن وثائقها في حينها، ولاشك أن هذه من محاولات الالتفاف على مكتسبات الشعب الإريتري واستقلال بلاده ولا يمكن أن تنطلي هذه الحقائق على هذا الشعب المجاهد.
المجتمع : تحدثت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة عن وجود قواعد عسكرية وتجسسية في جزر دهلك الإريترية ما حقيقة ذلك؟ وبماذا تفسرون العلاقات الإريترية الإسرائيلية؟
آدم اسماعيل : إن منطقة القرن الأفريقي ودول حوض البحر الأحمر والخليج العربي مهددة من التواجد الإسرائيلي في إريتريا، والعلاقة بين الشعبية وإسرائيل سبقت سقوط نظام منقستو بأشهر، كما أن أسمرا ظلت تشهد توافد الخبراء الإسرائيليين منذ التحرير، وإسرائيل ما كانت لتفرط في نظام منقستو إلا لحصولها على ضمانات أكثر من نظام أفورقي، فقد استعادت إسرائيل قواعدها العسكرية في جزر دهلك وفق اتفاقيات أمنية بينها وبين حكومة أفورقي، كما تعمل الآن على تطوير أجهزتها التجسسية في تلك القاعدة، وشرعت في إنشاء قاعدة جوية في الهضبة الشمالية في إريتريا وبالتحديد في منطقة «بقلة» هذا بالإضافة إلى الامتيازات الاستثمارية التي حصلت عليها كل هذا مقابل الاعتراف بحكومة أفورقي وتقديم الدعم المادي والعسكري لها .
إذن ما نشرته الصحف جزء من حقائق استوثقناها عبر مصادرنا الخاصة، وهي تشكل خطرًا عظيمًا على المسلمين والعرب.
المجتمع : تصريحات أفورقي عن مواقفه من الدول العربية والهجوم الإعلامي الذي شنه على بعضها من خلال الإذاعة، بماذا تفسرون ذلك؟
آدم إسماعيل : نفسر هذا السلوك بأنه ضريبة يدفعها أفورقي مقابل علاقاته مع إسرائيل، وكانت إسرائيل تتوجس من أن يصبح البحر الأحمر بحيرة عربية بعد استقلال إريتريا، إلا أن أفورقي طمأنها على أن إريتريا أبعد ما تكون عن العرب في ظل سلطته، لذلك وجد منها الدعم والاهتمام وربما وجد من يهمس في أذنه بأن الدعم العربي لايأتيه إلا من خلال الهجوم عليها والالتصاق بالكيان الصهيني، وعلى كل نحن لانرى أن تقابله الدول العربية بالمثل، بل ندعوها للاعتراف بإريتريا والمساهمة في البناء والتعمير، وتقديم الدعم لا لحكومة أفورقي ولكن لذلك الشعب الذي نكبته الحروب، ويواجه مخططًا يستهدف هويته وثقافته العربية، ويجب على الدول العربية والمنظمات الإسلامية أن تميز بين إريتريا كقضية وشعب، وبين حكومة أفورقي الطارئة، فهي لا محالة في طريقها إلىالزوال.
المجتمع : وأخيرًا ماذا عن الوضع العسكري لحركة الجهاد في إريتريا؟
آدم إسماعيل : حركة الجهاد لها تواجد عسكري فعال في كل من إقليم القاش وسيتبت وبركة وسنحيت وإقليم الساحل الشمالي، كما أنها تمكنت بفضل الله بصد هجوم الجبهة الشعبية في جميع المواقع، وأعلنت الحركة أنها لا تبادر الشعبية بالهجوم في الوقت الراهن لكنها لا تتوانى في ردع أي اعتداء أو هجوم تقوم به الجبهة الشعبية.
المجتمع : هل من كلمة أخيرة؟
آدم إسماعيل : يسرنا أن نعبر عن خالص شكرنا للقائمين على مجلتنا الغراء «المجتمع» على إتاحتهم لنا هذه الفرصة، ولاشك في أن مجلة «المجتمع» تتصدر المنابر الإعلامية الإسلامية، وهي بحق مجلة كل المسلمين والأكثر انتشارًا نسبة لاهتمامها بجميع قضايا المسلمين في العالم ومنها القضية الإريترية التي لا يكاد يخلو عدد منها.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل