العنوان الناقة.. وديالكتيك أحمر عاد في لبنان ..
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 19-سبتمبر-1978
مشاهدات 11
نشر في العدد 412
نشر في الصفحة 50
الثلاثاء 19-سبتمبر-1978
إن الناقة التي تذبح في لبنان، لتذكر المرء بالرجل المشؤوم الذي عقر ناقة النبي صالح- عليه السلام- قدار بن سالف-؛ فهلك قومه بفعلته، ثم عرف بـ - أحمر عاد- وصار علمًا للشؤم، فقد كانت العرب تضرب المثل إذا مر بها طالع شؤم قالت- أشأم من أحمر عاد-، على أن عاقري الناقة في لبنان هذه الأيام هم أشأم من أحمر عاد هذا، وإذا كانت الوجوه التي تحمل على جباهها طالع الشؤم قد تعددت وكثرت، ولا سيما بعد الذي رأيناه في لبنان، فإن أشأمها في الطالع على الأمة العربية هو أحمر- حداد- شدياق-، وحداد وشدياق، هما فرسا الرهان الغربي على قطع هذه الأمة مرة واحدة، ولقد أشرنا في عدد سابق إلى مهمة الشؤم المنوطة بهذين الرجلين، وهي المهمة المتمثلة بإنشاء كيان صليبي مستقل في الجنوب اللبناني؛ ليكون نواة الدولة النصرانية الكبرى في المستقبل، والجديد الذي يزيد في شؤمنا من- سعد حداد وسامي شدياق- المارونيين، ما شاهدناه من عجز عربي للحد من طموحات الطائفية الصليبية في تأسيس كيان مستقل على غرار الكيان اليهودي في فلسطين، وإذا آمنا بالمقولة التي تعتبر- قوات الردع ممثلة للأقطار العربية عبر الجامعة العربية نفسها، فإننا نوجه السؤال إلى أركان الأمة جمعاء: هل يعتبر السكوت على ما يحصل في لبنان اعترافًا بالأمر الواقع؟.
لقد أعلن سعد حداد بصراحة لجريدة القبس الكويتية أن قواته تشكل- نواة دولة لبنان الحر- على أن هذا التصريح ليس من شأنه أن يثير تشاؤمنا بالقدر الذي يثيره فينا ذلك الصمت العربي المطلق، الذي لا يفعل إلا ما يفعله المتفرجون في صالة المسرح، ترى، ما هو المبرر لهذه الوقفة الصامتة؟ ولماذا ترك الحبل على غاربه في لعبة لبنان؟ هل نعتبر مرد هذا الموقف هو خشية إسرائيل من نصرة الصليبية؟ أم أن الأمة يا ترى وافقت على الديالكتيكية المسرحية التي رتبها الغرب ومثلها بعض العرب؟
إذا أعلن الصليبيون عن قيام دولتهم عالميًا، فهل سنستسلم للأمر الواقع؟ وهل سنبرر ذلك الواقع بأن الدولة النصرانية سوف تلقى دعمًا إسرائيليًا أمريكيًا أوروبيًا؟ إن الصليبيين الذين أسسوا نواة الدولة الطائفية في لبنان كما ذكر سعد حداد، سيتوسعون وما بعد يوم كما توسعت إسرائيل وأسست دولتها ذات الحدود المعروفة، ولا أدري إن كنا سنعترف بالأمر الواقع؛ فلعبة لبنان- على ما يبدو- مرتبطة بحركة السلام مع إسرائيل- التي أصبحت الآن واقعًا لم تكتف بعض الأطراف بالاستسلام له، بل صارت ساعية إليه كما هو ملاحظ ومعروف.
وأخشى ما يسوقه الشؤم إلى مخيلة كل مخلص غيور، أن تستسلم الأمة لواقع الدولة النصرانية كما استسلمت ذات يوم لواقع الدولة الصهيونية، وإذا حصل ما نخشاه فإن المأساة ستتمخض عن ولادة مسخ طائفي عات مجاور للمسخ اليهودي الذي ما زالت أمتنا عاجزة عن التخلص منه على الرغم من مرور ثلاثين سنة على ولادته، إن وجود دولة نصرانية صليبية بين ظهرانينا سيكون أشد ضراوة في نهش ما تبقى من جسد هذه الأمة؛ لأن الصليبية الحاقدة ستتابع تنفيذ ما عجزت إسرائيل عن تنفيذه حتى الآن، ولذلك نقول: إن الناقة التي عجز الغرب الصليبي عن ذبحها في قلب هذه الأمة، سيحاول ذبحها هذه المرة بسكاكين دولة- حداد- شدياق- التي ستكون جسر العبور إلى أعماق أعماق الأرض العربية، بما تحويه من طاقات وثروات وإمكانات، والنذر تشير كل يوم إلى ديالكتيك الطائفية النصرانية في شخصية- حداد- شدياق ستكون أشأم علي الأمة من أحمر عاد.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل