العنوان النظام السوري وعلاقته مع الدول العربية
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 26-أغسطس-1980
مشاهدات 20
نشر في العدد 494
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 26-أغسطس-1980
- كيف تبدو مواقف نظام دمشق من الأنظمة العربية؟
- لماذا صار نظام دمشق معزولًا على الصعيد العربي؟
- أدوار مشبوهة قام بها النظام على الساحة العربية؟
حوادث وأحداث وإشكالات كثيرة غير حادث السفارة السورية في بغداد تجعل وضع النظام السوري في دمشق وضعًا غير اعتباري بين مجموعة الأنظمة العربية.
وإذا تركنا العلاقة بين النظامين المتجاورين في بغداد ودمشق... وتغاضينا هنيهة عن حالة التوتر الذي تزداد سخونتها بين النظامين الجاريين إلى مكان آخر من هذا الموضوع، فإننا لا بُد عند تقييم علاقة النظام السوري بالنظم العربية الأخرى أن ننظر إلى أمور أساسية منها:
۱- موقف النظام السوري من مشكلات العالم العربي.
۲- موقفه من المحاور الدولية في المنطقة.
۳- موقفه من إسرائيل.
٤-دوره في سوريا.
أما ما يتعلق بالنسبة لموقف الحكم السوري من مشكلات العالم العربي، فإن وضع النظام على هذا المحور يجب أن ينطلق من لبنان - الفلسطينيون» فهذا هو المفتاح الذي يحدد لنا موقف النظام المذكور من مشكلات عالمنا العربي المسلم.
أما لبنان... فلعل رجال النظام في دمشق هم أعلم من غيرهم بما فعلت سياسة النظام في لبنان، وإذا كان هذا العمل بحسب تصريحات الساسة السوريين «يبغي إيجاد نوع من الموازنة بين الطوائف المتناحرة على الخارطة اللبنانية» فإن مثل هذا التصريح يشير إلى نظام دمشق بإصبع الاتهام. فمن هي الطوائف المتناحرة أن الإجابة واضحة، فالحرب بدأت بين المسلمين والنصارى بين الوطنيين وإتباع الاستعمار المارونيين، لكن متى دخلت سرايا النظام السوري إلى لبنان؟
الإجابة تكون من خلال التصريح السابق تحجيم قوات المسلمين لحساب الكتائب والأحرار الذين كان الجانب الإسلامي الوطني على وشك إنهائهم وإنهاء دور شمعون وآل جميل في المنطقة كلها عام ١٩٧٦، وبتدخل من سوريا انقلب الواقع ليسحق النصارى المسلمين في حرب ضروس طاحنة يقف فيها الردع بقيادة سوريا متفرجًا على دماء الأبرياء.
وأما الشعب الفلسطيني فموقف سوريا النظام موقف لن ينساه الفلسطينيون الشرفاء أبدًا، وما تل الزعتر إلا آية من آيات الرغبة لدى النظام بتحقيق أمريكي إسرائيلي بتصفية الشعب الفلسطيني «ولا سيما الجانب المسلم منه» لكي تخلص المنطقة من مشكلة اسمها الشعب الفلسطيني وتل الزعتر شاهد على ما نقول.
وإذا انتقلنا إلى المحاور الدولية، فنظام دمشق أعلن مرارًا أنه يدور في فلك الروس الشيوعيين وأعضاء حلف وارسو الذي يهيمن عليه الاتحاد السوفياتي.
ولعل نهاية هذا الشهر سوف يشهد محاولة نظام الأسد بتوقيع معاهدة صداقة أشبه بالحلف مع الروس، ويذكر المراقبون بهذا الصدد أن بنود المعاهدة المرتقبة لن تقل خطرًا عن بنود المعاهدة التي وقعها حكام أفغانستان الشيوعيون مع رجال الكرملين قبل دخول الجيش الروسي إلى أفغانستان الإسلامية.
وإذا كانت بعض الأجهزة العربية أشارت مرارًا إلى أن النظام السوري قد غير ولاءاته مرارًا في الفترة الأخيرة، فإنه ما لا شك فيه أن نظام دمشق كان يطمع بدخول حماية العم سام في واشنطن، على غرار السادات لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن!!
ولعل هذا التغيير في الولاء ناتج عن بحث النظام عن حماية حقيقية له مما يعانيه في الأشهر الأخيرة على الصعيد الداخلي، وحول هذه النقطة أشار أحد الزعماء المسلمين في أفغانستان إلى حقيقة أساسية فذكر أن نظام دمشق أعطى ولاءه الكامل للروس على غرار نور محمد تراقي وحفيظ الله أمين، والنظام الآن يؤيد نظام كارمل بحثًا عن تأييد سوفياتي فيما إذا ألم ما ألم بحكام أفغانستان الشيوعيين الحمر».
وإذا انتقلنا إلى موقف نظام سوريا من إسرائيل وإقامتها على الأرض العربية، فإننا لا بُد من أن نسخر من كل المزاعم الكاذبة التي يتبجح بها هذا النظام من صمود وتصدين وتمتين الصداقة مع الروس من أجل تحرر أراضٍ محتلة...
-فقد شهد بعض ضباط الجيش السوري الشرفاء أن أوامر الانسحاب من القنيطرة عام ١٩٦٧ وصلتهم مباشرة من وزارة الدفاع، ويعلل هؤلاء الشرفاء أوامر النظام بأنها من باب إفساح المجال لجنود اليهود كي يدخلوا بلدة القنيطرة في الجولان دون حرب. وهنا لا بُد من الإشارة إلى أن وزير الدفاع في تلك الفترة هو رأس النظام الحالي... ولكن إذا أردنا تبين موقف الحكومة السورية اليوم من الوجود الإسرائيلي فذلك يتلخص في النقاط التالية:
١- الرغبة بإقامة سلام وصلح مع حكومة إسرائيل.
٢- الاعتراف بمشروعية وجود حكومة يهودية شرعية على الأرض العربية.
۳- الاعتراف بحق الشعب اليهودي في امتلاك فلسطين وأراض أخرى محتلة.
وإذا سئل النظام السوري عن إمدادات دول الدعم العربي وأمواله؟ فإن الإجابة ستكون محرجة دون شك، فنظام الصمود والتصدي نقل المعركة إلى صفوف الشعب السوري المسكين، وقواته وآلياته وسرايا الدفاع عنه تقتل يوميًا العشرات في معظم أنحاء القطر السوري الشقيقة، وهذا يعني بالتالي عدم رغبة هذا النظام بحرب إسرائيل... وإنما هو قائم حاليًا بضرب الشعب الذي هو العدو الحقيقي لإسرائيل.
لننتقل الآن إلى دور هذا النظام داخل الحدود السورية... ماذا يفعل النظام هناك؟ وما هو موقفه من قضية الشعب الذي يتحكم فيه منذ عشر سنوات؟ وماذا أخذ وماذا قدم؟ كل هذه أسئلة لا نرى حاجة
للإسهاب لدى الإجابة عليها:
فالصحافة العربية والدولية كشفت النقاب في كثير من المواقف عن الدور الذي تؤديه حاليًا قوات النظام في دمشق.
- والشعب السوري شاهد ناطق بما أخذ منه النظام وما قدم له... إن الشعب هناك يثور اليوم لأنه شعر أخيرًا أن النظام أخذ منه كل شيء ولم يقدم له أي شيء. هنا نأتي إلى علاقة النظام السوري بالأنظمة العربية في المنطقة؟
إن أجهزة الإعلام السورية دأبت منذ عام ونيف على مهاجمة فئة من الأنظمة العربية تحت اسم الأنظمة الرجعية. ولعل المقصود بهذه الأنظمة تلك التي يسميها العرب دول الدعم العربي. وهنا يذكر المثل القائل «يأخذ بيد ويطعن بالأخرى».
وهذا موقف معلن في أجهزة الإعلام السورية أما الموقف المعلن داخل أروقة الحكومة والحزب الحاكم فذلك أشد وأذكى وأمر.
-فالرئيس العراقي أشار في خطابه يوم ۱۹۸۰/۸/۱۹إلى ما يدور وراء كواليس مؤتمرات الحزب الحاكم في دمشق... واستشهد بما يقوله حرفيًا رئيس النظام في سوريا ذلك الذي يحاول تخوين غيره واتهامهم بالعمالة مع تبرئة نفسه من الشبه التي تحوم حوله.
- والناطقون باسم الحكومة السورية «خدام - وأحمد إسكندر» ما زالوا يكررون اتهامهم الباطل لبعض الأنظمة العربية المجاورة كالأردن. على أنه يحرك الثورة الإسلامية المباركة في المدن والقرى السورية.
-ومصطفى طلاس يكشف عن خبيئة نفس النظام عندما يؤكد لإحدى الفرق العسكرية في خطابه أمام أعضاء الفرقة بأن جيش النظام قادر على تحطيم العروش على رأس صدام والحسين وخالد.
وعسكر النظام يتعهدون بضرب وتخريب منشآت لبلدان عربية مجاورة بدافع الحقد فقط، وما يكرره رفعت أسد دائمًا هو مفتاح للشخصية العدوانية التي يحملها النظام لبعض الأقطار العربية في المنطقة... والتي ذكر منها رفعت أسد هذا دول الخليج أكثر من مرة.
يبقى لدينا شاهد شاخص على عدوانية النظام، ألا وهو حادث السفارة السورية في بغداد، وشحن السفارة بالمتفجرات والأسلحة والسموم.
لماذا يسير نظام دمشق في مثل هذا السلوك؟
- هل يريد أن يصفي المعارضة كما قرر؟
- أم يريد أن يدفع برجاله للقيام بأعمال تخريبية في البلدان العربية التي كان يردد اسمها بعض رجال النظام؟
-بعد هذا كيف نقيم نظام دمشق؟
-لا بُد للمراقب ولو عن بُعد -أن يلاحظ العزلة التي بات يعيشها النظام بين الأنظمة العربية الأخرى فالسلوك الذي يسلكه رجال نظام دمشق سلوك لا يقربه أي من الأنظمة العربية الأخرى سواء على الصعيد الداخلي أم على صعيد العلاقات بين نظام دمشق والأنظمة العربية المجاورة.
بقي الآن سؤال يفرضه الواقع... ويطرحه جمهور العرب في كل مكان كيف ستتصرف الأنظمة العربية مع نظام دمشق وماذا عساها تفعل به؟