; الاستغلال الأمريكي للأقليات ( الأخيرة )- الوزن المالي للمسيحيين المصريين | مجلة المجتمع

العنوان الاستغلال الأمريكي للأقليات ( الأخيرة )- الوزن المالي للمسيحيين المصريين

الكاتب د. محمد عمارة

تاريخ النشر السبت 07-مايو-2011

مشاهدات 28

نشر في العدد 1951

نشر في الصفحة 43

السبت 07-مايو-2011

إحصائية صادرة منذ 15 عاما: نسبتهم 5% من سكان مصر ويمتلكون من 35%- 40% من ثرواتها

الأنبا موسى: وزن الأقباط في الحياة المالية والاقتصادية يزيد على نسبتهم العددية

يمتلكون الآن ما يقرب من ٦٠% من ثروة القطاع الخاص المصري

رجال الأعمال الأقباط حققوا قفزات في دوائر المال والأعمال بمصر وتصدر عدد منهم قوائم كبار الأثرياء في العالم

ورغم الواقع الملموس والملحوظ، الذي شهد به الأنبا موسى - عضو المجمع المقدس بالكنيسة الأرثوذكسية وأسقف الشباب - على أن وزن الأقباط في الحياة المالية والاقتصادية يزيد على نسبتهم العددية.. وعلى أنهم جزء مهم من نسيج الحياة المصرية.. فهم أطباء وصيادلة ومهندسون، وغيرها من المهن الممتازة.. ورغم أن أسواق المال والأعمال والعقارات والتجارات ومستويات الثراء - المحلي والعالمي - تشهد على أن حيازة الأقباط في هذه الميادين هي من الضخامة بحيث لا يمكن للعين أن تخطئها.

رغم كل ذلك، فإن تقرير الخارجية الأمريكية يذهب في الافتراء إلى الحد الذي يتهم فيه الحكومة المصرية بالتمييز ضد المسيحيين في التعيين بالقطاع العام

حقائق دامغة

وأمام هذا المستوى الغريب والعجيب من الافتراء، لابد من وضع النقاط على الحروف في قضية الوضع المالي والاقتصادي للأقباط في مصر.. ومن تقديم الحقائق التي تقطع الشك باليقين:

۱- عندما صدر قانون الإصلاح الزراعي بمصر في سبتمبر سنة ١٩٥٢م. أظهرت الأرقام أن نسبة الأقباط هيا الأعلى بين الإقطاعيين وكبار الملاك في مصر!

-٢- وعندما تم تمصير الشركات الأجنبية في مصر، عقب العدوان الثلاثي الإنجليزي والفرنسي والصهيوني) على مصر سنة ١٩٥٦م، أظهرت الأرقام أن هذه الشركات الأجنبية، التي قامت وعملت في ظل الاحتلال الإنجليزي، كانت تعطي نصيب الأسد في وظائفها للموظفين الأقباط!

3- وعندما صدرت القوانين الاشتراكية بمصر سنة ١٩٦١م، أظهرت الأرقام أن نسبة الملاك للأراضي والأثرياء في الدوائر المالية وكبار الموظفين والمديرين في الشركات المؤممة من الأقباط لا تزال هي الأعلى!

4- وبعد تطبيق سياسة الخصخصة وبيع شركات القطاع العام، وانتعاش دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، عاد الملاك ورجال الأعمال الأقباط إلى مكان الصدارة في الملكية والإدارة للاقتصاد المصري.. ويكفي أن نلقي نظرة على مفردات هذه الإحصائية التي يرجع تاريخها إلى ما قبل نحو خمسة عشر عاما، والتي زادت أرقامها خلال هذه السنوات والتي تقول: إن الأقباط الذين يمثلون 5 % من سكان مصر ..إنما يمتلكون

٢٢,٥٪ من الشركات التي تأسست بين سنة ١٩٧٤م

- عند بدء سياسة الانفتاح وسنة ١٩٩٥م.

- ۲۰ ٪ من شركات المقاولات في مصر.

- ٥٠٪ من المكاتب الاستشارية المصرية.

- ٦٠٪ من الصيدليات.

- ٤٥ من العيادات الطبية الخاصة.

– ٣٥٪ من عضوية غرفة التجارة الأمريكية.. وغرفة التجارة الألمانية.

- ٦٠٪ من عضوية غرفة التجارة الفرنسية منتدى رجال الأعمال المصريين والفرنسيين).

 - ٢٠٪ من رجال الأعمال المصريين.

- ٢٠ من وظائف المديرين بقطاع النشاط الاقتصادي بمصر.

- أكثر من ٢٠٪ من المستثمرين في مدينتي السادات والعاشر من رمضان الصناعيتين.

- ١٥,٩٪ من وظائف وزارة المالية المصرية.

- ٢٥٪ من المهن الممتازة والمتميزة (الأطباء البشريين والبيطريين والصيادلة والمهندسين والمحامين).

أي أن 5% من سكان مصر يمتلكون ما يتراوح بين ٣٥ و ٤٠٪ من ثروة مصر وامتيازاتها.

وزن الأقباط الاقتصادي

وإذا كانت هذه الأرقام إنما تشير إلى وزن الأقباط في الاقتصاد المصري قبل نحو خمسة عشر عاما.. فإن حقائق الواقع تقطع بزيادتها وتجاوزها لنصف ثروة القطاع الخاص المصري، بل واقترابها من نسبة ٦٠٪ من ثروة هذا القطاع.

ففي هذه السنوات الأخيرة، وجهت الحكومة الأمريكية أغلب المعونات التي تقدمها للقطاع الخاص المصري إلى رجال أعمال أقباط ويكفي أن نشير إلى اعتماد الكونجرس الأمريكي سنة ٢٠٠٧م للقانون رقم ٢٧٦٤ الذي يخصص ٥٠٪ من المعونات الأمريكية غير العسكرية المخصصة لمصر لتمويل ٤٠ منظمة قبطية مصرية، وتنمية القرى المصرية التي تسكنها نسبة عالية من الأقباط بدعوى تطوير جالية الأقباط المسيحيين. وتوجيه أغلب المعونات التي تقدم للقطاع الخاص المصري لتكوين جيل من شباب الأعمال الأقباط !!.

قفزات كبيرة

يكفي أن نشير إلى هذا الفعل الأمريكي الرسمي لتبرهن على القفزات التي حققها رجال الأعمال الأقباط في دوائر المال والأعمال بمصر والذين تعدى ثراؤهم الدوائر المحلية، فتصدر عدد منهم قوائم كبار الأثرياء على النطاق العالمي، وتحقق فيهم قول الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله (١٣٣٥ - ١٤١٦هـ / ١٩١٧ – ١٩٩٦م): «إن أقباط مصر هم أسعد أقلية في العالم.

 ومع كل هذا، ورغم كل هذا، يأتي تقرير الخارجية الأمريكية ليتهم الحكومة المصرية بأنها تضيق عليهم الخناق في التعيينات بوظائف القطاع العام.. ومتى؟! في سنة ۲۰۱۰م بعد أن لم يعد بمصر قطاع عام!!.. الأمر الذي يضحك الثكلى، ويدعو للشفقة على كتابة هذا التقرير!

وجدير بالذكر والانتباه أن الأمريكان لا يساعدون ويميزون رجال الأعمال الأقباط حباً في، سواد عيونهم، فهم حتى لا يؤمنون بمسيحيتهم وإنما يصنعون ذلك، كما صنعه الفرنسيون من قبل بلبنان لتكون هناك أقلية ثرية، وأغلبية محرومة، فيتأجج الصراع الطبقي والاجتماعي الذي يصيب المجتمع بالقلق والتوتر وعدم الاستقرار!

فهل تنتبه جميعا - مسلمون ومسيحيون لهذا الذي يريده ويصنعه الآخرون؟! 

الخنازير في مصر هل لها دين؟

 أما حديث التقرير الأمريكي عن أن ذبح الخنازير في مصر، إبان اشتداد حملة المكافحة لوباء أنفلونزا الخنازير، والعمل على الوقاية منه، واعتبار هذا الإجراء الصحي لوناً من ألوان التعصب الديني والتمييز السلبي ضد الأقباط في مصر، فإنه لون من الهزل الذي يسيء إلى سمعة وزارة الخارجية الأمريكية، ويزدري بالمصادر التي قدمت لها مثل هذه المعلومات ذلك أن الخنازير - بصرف النظر عن ملاكها - ليس لها دين ولا مذهب حتى يكون ذبحها لأسباب صحية بحتة لونا من الاضطهاد، أو التعصب، أو التمييز السلبي ضد الأقباط المصريين!

السعي الأمريكي لتفكيك النسيج الوطني

وكذلك فإن اعتراف تقرير الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في العالم. بتدخل الإدارة الأمريكية.. وأعضاء الكونجرس الأمريكي.. والسفارة بالقاهرة، في الشأن الداخلي المصري - بالتمويل.. والاتصالات ... والعلاقات مع بعض المسيحيين المصريين..

ومع البهائيين.. والشيعة.. وشهود يهوه.. ومن يسمون بالقرآنيين الذين احتضنت أمريكا قياداتهم - وكذلك الأحباش.. وحتى النوبيين إن هذا الاعتراف الأمريكي إنما يقوم شاهداً على ممارسة أمريكا سياسة تفكيك النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي والحضاري للمجتمع المصري، وذلك تحقيقا للهدف الأمريكي المعلن الفوضى الخلاقة الرامية إلى تحويل المجتمع المصري إلى طوائف ليسهل اختراقه، ولتضعف مقاومته ومناعته، ولتصبح الطائفية ثغرات تمكن النفوذ الخارجي من تفجير ألغامها، كما صنع الغزو الأمريكي بالعراق.

إنهم يريدون بهذا الاختراق لأمننا الاجتماعي والتفكيك لنسيجنا الوطني حرمان الأمة من صلابة العمود الفقري المصري، الذي مثل - تاريخياً - أحد مؤهلات الانتصار على الصليبيين.. والتتار.. والغزوة الاستعمارية الغربية الحديثة.. والذي يمثل الضمانة لقيادة الأمة في نهضتها الحضارية المنشودة.

فتفكيك المجتمع المصري هو الذي سيفقد مصر - لا قدر الله - دور الرائد والقائد في تحرير الأمة وانعتاقها من المأزق الحضاري الذي دخلت فيه! ذلك لأن هذا التفكيك للنسيج الوطني والاجتماعي والحضاري سيجعل بأسنا بيننا شديداً .. ومن ثم يجعلنا رحماء على الأعداء الذين يتربصون بنا، ويريدون أن يحولوا بيننا وبين التقدم والنهوض!

ولقد سبق للصهيوني برنارد لويس» - أحد كبار المشيرين على صانع القرار الأمريكي - أن أعلن عن:

ضرورة العمل على تحويل المجتمعات العربية والإسلامية إلى فسيفساء ورقية.. ومجتمعات موزاييك ... ليتحقق الأمن والتفوق لـ إسرائيل، على جميع هذه المجتمعات.

اغتصاب الشرعية الدولية

وفي الختام.. فإننا نتساءل:

• لماذا لا تكون متابعة شؤون حقوق الإنسان وحرياته الدينية.. والمدنية عالميا وإصدار التقارير السنوية عنها، شأناً من الشؤون الشرعية الدولية والنظام الدولي، الممثل في المجلس الأممي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؟!

. ولماذا تغتصب الإدارة الأمريكية اختصاصات الشرعية الدولية في هذا الميدان؟!

• وهل يجوز للدولة التي قامت على إبادة شعوب الهنود الحمر وحضارتهم.. والتي أقامت رفاهيتها على دماء الزنوج وعظامهم.. والتي اعتمدت سياسة العنصرية إزاء السود والأقليات.. والتي انفردت - دون العالمين - باقتراف جريمة استخدام الأسلحة الذرية في هيروشيما ونجازاكي - باليابان - أغسطس سنة ١٩٤٥م، والتي أبادت ثلاثة ملايين فيتنامي، وسممت الأرض وأهلكت الحرث والنسل والأخضر واليابس هناك والتي دعمت مأساة القرن العشرين اغتصاب فلسطين، وتشريد نحو سبعة ملايين لاجئ فلسطيني.. وهدم قراهم ومساجدهم وكنائسهم ومقابرهم واغتصاب مقدساتهم وتدنيسها.. والتي صنعت مأساة القرن الحادي والعشرين في العراق باحتلال أرضه.. وتدمير دولته.. واغتيال علمائه وخبرائه.. وتفجير الفتن الطائفية بين أبنائه... وتحويل ثلث هذا الشعب الأبي - عشرة ملايين - إلى شهداء ويتامى وأرامل ولاجئين، والتي تصنع نفس المأساة على أرض أفغانستان والصومال.

الدولة التي تصوّر الناس عرايا في مطاراتها - بمن فيهم النساء.. وحتى الراهبات والتي طفح الإعلام العالمي بالحديث عن سجونها السرية غير القانونية.. ومعتقلاتها اللاإنسانية.. وتعذيبها الوحشي لضحايا غزوها واحتلالها.. واستخدامها الأسلحة المحرمة دوليا - من الفسفور الأبيض إلى اليورانيوم المنضب - تلك التي تشوه الأجنة والمواليد - في هيروشيما اليابان والفالوجة العراقية

هل يجوز لمثل هذه الدولة تحديداً - أن تتحدث عن حقوق الإنسان.. فضلاً عن أن تغتصب الشأن الدولي واختصاصات الشرعية الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان؟!

إنه من الغريب والشاذ أن يتحول المتهم إلى قاض وأن يحتل الجاني موقع الحكم.. وأن يلبس شاهد الزور ثياب العدالة، ويسعى لإصدار الأحكام على الأمم والشعوب.

إن استباحة أمريكا للشرعية الدولية... وتنصيبها نفسها - وهذه هي بعض جنايتها على حقوق الأمم والشعوب - قاضياً يحتكر توقيع العقوبات - الأدبية والمادية - على الأمم والثقافات والحضارات.. لهو الإفك والزور والبهتان الذي يجب أن تتصدى له الشعوب على اختلاف الديانات والثقافات والأجناس والألوان والحضارات والحمد لله رب العالمين.

الهامشان

(1) تقرير مجلة روز اليوسف»، و اتحاد المهن الطبية و اتحاد المقاولين، ومجلة المختار الإسلامي» عدد ١٥ ربيع الأول سنة ١٤١٩هـ، وجمال بدوي: الفتنة الطائفية ص ١١٦، طبعة القاهرة سنة ۱۹۹۲م، وهو ينقل عن: د. سميرة بحر الأقباط في الحياة السياسية المصرية.

(۲) «الأهرام» في ١، ٨، ١٥، ٢٩/٨/٢٠٠٧م، مقالات صلاح حافظ عن «المعونة والمعانين والمتعاونين».

(*) مفكر إسلامي

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل