; اليمن- صراع على استغلال الغاز في اليمن بين الشركات الأمريكية | مجلة المجتمع

العنوان اليمن- صراع على استغلال الغاز في اليمن بين الشركات الأمريكية

الكاتب ناصر يحيي

تاريخ النشر الثلاثاء 22-فبراير-1994

مشاهدات 8

نشر في العدد 1089

نشر في الصفحة 40

الثلاثاء 22-فبراير-1994

بدأت ملامح معركة اقتصادية- بين شركتين أمريكيتين- تلوح في اليمن حول استغلال الغاز الطبيعي المكتشف بكميات هائلة في منطقتي «مأرب» و «الجوف»، فيما ذكرت صحف محلية أن المعركة ربما تنتقل إلى المحاكم الأمريكية، إذا لم تنجح المحاولات الراهنة للوصول الى حل يرضي الطرفين!!

ويبلغ احتياطي الغاز الطبيعي اليمني حوالي ۲۰ تريليون قدم مكعب، معظمه في منطقة «مأرب» التي تعد أول منطقة يمنية يستخرج منها النفط، وكانت الحكومة اليمنية قد كلفت في العام الماضي شركة «تالكوشا» للخدمات الاستشارية بفحص العروض المقدمة من الشركات العالمية الراغبة في استثمار الغاز الطبيعي، حيث تنافست شركتان أمريكيتان هما «هنت» و «إنرون» للحصول على موافقة الحكومة اليمنية!!

ورغم أن العرض المقدم من شركة «إنرون» كان هو الأفضل، إلا أن المجلس الاقتصادي الأعلى كاد يوافق على منح امتیاز استغلال الغاز بشركة «هنت» التي قدمت عرضًا سيئًا مقارنة بالعرض الآخر!!

وتداولت الصحافة اليمنية أخبار الخلافات التي حدثت بين أعضاء المجلس الاقتصادي الأعلى المسؤول عن الشؤون الاقتصادية والمالية في اليمن حول الموضوع، حيث رفض عضوان في المجلس الموافقة على مشروع «هنت» المجحف، واعتبرا تمريره خيانة للبلد!! وتضييعًا لموارده الأساسية بطريقة مريبة، بل لقد دعا د. عبد الرحمن بافضل وزير التموين اليمني وعضو المجلس الأعلى- وهو ممثل التيار الإسلامي- إلى تأجيل المشروع برمته إذا كانت «هنت» سوف تتحجج بأسانيد قانونية باعتبارها الشركة الأولى المكتشفة للنفط، رغم أن امتياز التنقيب عن النفط الممنوح لها لا ينص على أحقيتها في استغلال الغاز أيضًا!!

وتتمتع شركة «هنت» الأمريكية بنفوذ في اليمن، لكونها أول شركة عالمية تستخرج النفط اليمني، كما أدارت مصفاة صغيرة «۱۰» آلاف برميل يوميًا في المنطقة منذ عام ١٩٨٦م، الأمر الذي عزز مواقعها في البلد، لكن العرض الذي تقدمت به «هنت» بشأن الغاز الطبيعي اقتصر على منح الجانب اليمني «۱۷مليار دولار»، على أن يتسلم اليمنيون قسطًا سنويًا ابتداء من عام ١٩٩٤م، باعتباره قرضًا بنكيًا يتحملون فوائده الربوية حتى يبدأ العمل في المشروع بعد خمس سنوات!!

بالإضافة إلى ذلك فإن مشروع «هنت» يتضمن إنشاء شبكة داخلية للغاز على حساب اليمن، كما اقتصر على استغلال الغاز من نوعية (LNG)، وفي المقابل تضمن عرض شركة «إنرون» منح اليمن مبلغ ۳۳ بليون دولار على شكل أقساط سنوية متساوية بدون فوائد!! مع استعداد الشركة لاستغلال الغاز الطبيعي بنوعيه (LPG) و (LNG)، وإنشاء شبكة داخلية للاستفادة من الغاز «مجانًا» وضمن تكلفة المشروع!!

وقد أدى هذا التفاوت الكبير في المشروعين إلى انتصار المؤيدين لمشروع «إنرون» رغم أن كبار المسؤولين اليمنيين كانوا يفضلون شركة «هنت»، لكن الوضع السياسي في البلد لم يكن يتحمل هزة مثل هذه، فتم الاتفاق بين الحكومة اليمنية وشركة «إنرون» في الأخير!!

«هنت» تتحرك!!

ومع ذلك، فإن «هنت» لم تصمت عما تزعمه حقوقها في استغلال الغاز، وتطلب الأمر الاستعانة بآراء القانونيين المختصين لإثبات أن الحكومة اليمنية تملك حق منح الامتياز لمن تشاء، ويبدو أن «هنت» لن ترضى بهذه الهزيمة التي لم تكن تتوقعها، فقد سعی سیاسي یمني مرموق «!» لإقناع الشركة المنافسة الفائزة بالمشروع إلى التخلي عنه لصالح «هنت»، فيما بدأت «هنت» حملة إعلامية في بعض الصحف اليمنية للدعاية لأعمالها في اليمن، بل وصل الأمر إلى إعلان تفاصيل مشروع أفضل من شركة «إنرون» يتضمن كل المميزات الموجودة في مشروعها، إضافة إلى رفع حصة اليمن إلى ٤٠ بليون دولار، وفي السياق قام المسؤول التنفيذي لشركة «إنرون» بزيارة اليمن في بداية فبراير الجاري، وقابل كبار المسؤولين اليمنيين، وصاحب ذلك إعلانات صحفية عن الشركة ومديرها، وبعدها بأيام قام وفد من شركة «هنت» بزيارة لليمن لتعزيز موقفه، ومن الواضح أن زيارة الوافدين تأتي في إطار جهود كل من الشركتين لحسم المسألة لصالحها.

أما بالنسبة لشركة «هنت» فيبدو أنها تمتلك عددًا من أوراق الضغط، حيث يتوقع أن تحيل الخلاف بينها وبين «إنرون» إلى المحاكم الأمريكية، وهو أمر يعنى إيقاف المشروع كله بضع سنوات«!» بينما تقول مصادر نفطية إن «هنت» سوف تعرض- أيضًا- فكرة اشتراكها مع «إنرون» في استخراج الغاز واستثماره قبل رفع الأمر إلى المحاكم!! كذلك تستطيع «هنت» ممارسة ضغوط على الجانب اليمني بأساليب شتى، فقد فوجئ سكان العاصمة وما جاورها ببدء أزمة بترولية في الأسبوع الأول من رمضان بسبب توقف الإمدادات البترولية من مصفاة «مأرب»، بل اشتكى مواطنون من مأرب نفسها باختفاء البترول تمامًا بحجة إيقاف المصفاة للصيانة«!»، وهو أمر يفترض ألا يتجاوز الأسبوع، بينما تم إيقاف المصفاة منذ عدة أسابيع!!

الجدير بالذكر أن مشروع الغاز الطبيعي يتكون من معمل طاقته ٥ ملايين طن من الغاز الطبيعي، ومليون طن من الغاز البترولي، بالإضافة إلى خط أنابيب طوله 250 ميلًا، سعته ۱۲۰۰ مليون متر مكعب قدم!!

الرابط المختصر :