العنوان الإخوان المسلمون دعوة أساسها الرحمن وسبيلها التربية الإسلامية الصحيحة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 03-يوليو-1979
مشاهدات 18
نشر في العدد 452
نشر في الصفحة 16
الثلاثاء 03-يوليو-1979
الإخوان المسلمون دعوة أساسها الرحمن وسبيلها التربية الإسلامية الصحيحة
في هذا الخضم الزاحر من الدعاوي الباطلة والصيحات المسعورة التي يطلقها أعداء الإسلام هنا وهناك في محاولة فاشلة لإثارة الغبار الكثيف ونشر الغيوم الداكنة حول الجماعة الإسلامية المؤمنة بربها المخلصة لعقيدتها، لتصعب رؤية الحقائق الناصعة وتطمس الخطوط العريضة الواضحة لصورة الدعوة الإسلامية في ثوبها الجديد وطريقتها العصرية المناسبة التي تدل على حيوية الإسلام وملائمته لكل زمان ومكان ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإسلام﴾ (آل عمران: 19) هكذا صيحة واضحة جليلة أطلقها القرآن الكريم من غير حدود زمانية أو مكانية أميرية سرمدية الإسلام لا غيره في كل شيء -لو كان موسى حيًا لما وسعه إلا اتباعي- ولقد ظن هؤلاء الضعفاء المساكين أن ذر الرماد في العيون وجر الضعاف الموتورين إلى ما يريدون سيحجب الشمس المشرقة في عليائها ويعيقها عن نشر ضوئها وبث حرارتها ودفنها في الكون لتبعث فيه النشاط والحيوية.
وليس هذا على مثل هؤلاء بغريب فهذه هي وظيفتهم وهذا هو منوالهم الذي عليه ينسجون بعد أن استحوذ عليهم الشيطان وساقهم فيما رضى لهم من الطرق المعوجة والسبل الملتوية.
أما إذا أردت أخي المسلم معرفة الحقيقة التي لا مراء فيها، والصواب الذي لا شائبة عليه عن هذه الجماعة المؤمنة والعصبة المسلمة فإليك السبيل الصحيح لذلك خذ هذا الحق من أفواه الرواد لهذه الجماعة وخاصة على لسان مؤسسها ومرشدها الإمام حسن البنا -رحمه الله- تعالى.
ثم اعمد إلى آثار وكتابات الدعاة الذين رسموا الطريق وأوضحوا المبادئ والأهداف التي عليها اعتمدت وفي سبيلها سعت فإذا انتهيت من ذلك فأنظر في الخط المنهجي الذي انتهجته والتطبيق العملي الذي ألزمت نفسها به فلعلك مشاهد فيه مصداق ما قال الرواد وخط الدعاة، ثم عليك بعد هذا وذاك بأقوال المنصفين والموضوعيين ممن عرف هذه الجماعة وخبر بعض رجالها ولا تكن ممن يحكم بغير علم ويكتفي بأقوال الوشاة والتمامين.
الإخوان المسلمون دعوة أساسها الحب والرحمة:
إننا لا نقول هذا من عند أنفسنا ولا نخترعه من نبات أفكارنا فها هو حسن البنا يعرف الإخوة التي يدعو لها في رسالة التعاليم فيقول:
«الإخوة أن ترتبط القلوب والأرواح برباط العقيدة أوثق الروابط وأغلاها، والإخوة أخو الإيمان والتفرق أخو الكفر وأول القوة قوة الوحدة ولا وحدة بغير حب، وأقل الحب سلامة المصدر، وأعلاه مرتبة الإيثار.
هذه صفة من صفات هذه الدعوة كما جاء على لسان مؤسسها إخوة تربط القلوب وتوثق الصلات ومحية تنفي البغض والشحناء وتحمل في طياتها الود والصفاء وتحمل أصحابها على التآلف والاتحاد لما فيه من القوة والعزة والمتعة وكذلك من وصاياه -رحمه الله- تعالى تحت عنوان «واجبات الأخ المسلم» يقول: «أن تكون رحيم القلب سمحًا، تعفو وتصفح وترفق حتى بالحيوان، جميل المعاملة حسن السلوك مع الناس جميعًا محافظًا على الآداب الإسلامية التي طبع الإسلام بها المجتمع».
- فأين هذا الحق الواضح المبين الذي جاء على لسان الرائد الأول لهذه الحركة من تلك الترهات والأباطيل التي يروج لها أعداء هذا الدين والحاقدون على هذه الدعوة الخالدة المنصورة بإذن الله بالرغم من كل ما ملؤوا به الأجواء من الأكاذيب والأقاويل. والله غالب على أمره ولو كره الكافرون.
ولنتسمع له يقول في موضع آخر «دعوتنا في طور جديد»:
«إننا نتحرى بدعوتنا نهج الدعوة الأولى، ونحاول أن تكون هذه الدعوة الأولى، ونحاول أن تكون هذه الدعوة الحديثة صدى حقيقيًا لتلك الدعوة السابقة التي هتف بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بطحاء مكة قبل ألف ومئات من السنين لنقف بين يدي سيد المربين وفخر المرسلين الهادي -صلى الله عليه وسلم- لنتلقى عنه دروس الإصلاح من جديد وندرس خطوات الدعوة من جديد.
إنها أرادة التطبيق العملي للمبدأ الثاني من مبادئ هذه الدعوة السامية «الرسول قدوتنا» في كل شيء في العبادة والعمل قدوتنا في النصح والإرشاد وقدوتنا في الدعوة وسائل وغايات لا نحيد عنه ولا نرضى سواه ﴿قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ (يوسف: 108).
وفي تعريف الداعية يقول: والداعية يقعد من المدعو مقعد الأستاذ من تلميذه يحنو عليه ويرشده ويقومه ويسدده ويقوده إلى الخير ويهديه سواء السبيل.
إذن هذا هو الداعية المسلم في دعوة الإخوان المسلمين امتلأ قلبه بالحنان وهو ينظر لمن حوله نظرة الأستاذ المخلص لأبنائه التلاميذ فلا يزال مرشدًا ومقومًا ومسددًا وهاديًا سواء السبيل مستوحيًا في خلال ذلك قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (آل عمران: 110).
إن الذي اتخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قدوة وسيرته الشريفة نبراسًا لتكون ترجمة عملية للمنهج الرباني للدعوة إلى الله تبارك وتعالى سيبقى مرتبطًا بهذه العهود والمواثيق التي أخذها عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم -المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه- وسيظل حيًا في نفسه قوله -صلى الله علي وسلم- مثل: «المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
والداعية المسلم هو أقرب الناس امتثالًا لتحذير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يرحم من لا يرحم الناس» وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي» فكيف له أن يسير خطوة في طريق الشقاء وقد تحمل أعباء العمل وأعباء الدعوة في سبيل الوصول إلى دار السلام، وهو أحرص ما يكون الحرص على أن ينال رحمة من في السماء عندما يسمع حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» هذا هو المسلم الداعي في حقيقته لا كما ينعته به أعداؤه وها هي الضوابط النبوية التي تضبط أفعاله وتصرفاته لا كما يريد الطغاة أن يصوروه.
وما الإخوان المسلمون إلا دعاة وأخلاق الداعي إلا الإسلام هي إخلاق الإسلام التي نعرفها وتعرفها البشرية جمعاء «اذهبوا فأنتم الطلقاء»
«إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يوحده».
وقلب الداعي ينبع بالخير والشفقة وارداة الخير بالناس هي التي تحملهم على دعوتهم إلى سبيل الرشاد وتجعلهم القائمين دومًا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرصًا منهم على المدعوين من سوء الآخرة.
والداعي لا يكف عن دعوته إلى الخير بدافع من هذا الحب وهذه الرحمة قال تعالى على لسان نوح عليه السلام: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (الأعراف: 59).
واستنادًا لما تقدم من صفات الداعي يقول الدكتور عبد الكريم زيدان صاحب كتاب أصول الدعوة: «بغيض من هذه الرحمة تجتمع حولهم القلوب وتلتف حولهم الجموع قال تعالى في خطاب نبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران: 159)
وسبيلها التربية الإسلامية الصحيحة:
كيف يسير الدعاة إلى غايتهم؟ وماذا يفعلون مع من تقبل دعوتهم وارتضى طريقتهم؟ وكيف يتم تغيير الواقع الجاهلي البعيد عن الإسلام إلى المجتمع الإسلامي السليم؟ ذلك ما يحدثنا عنه إمام الجماعة ومؤسسها -رحمه الله- تعالى فلنستمع إليه يقول:
مراتب العمل المطلوبة من الأخ الصادق:
1- إصلاح نفسه: حتى يكون قوي الجسم متين الخلق مثقف الفكر.
2- تكوين بيت مسلم: بأن يحمل أهله على احترام فكرته والمحافظة على آداب الإسلام.
3- إرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير فيه ومحاربة الرذائل والمنكرات وتشجيع الفضائل والأمر بالمعروف.
4- تحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبي.
5- إصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق.
6- إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية.
7- أستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام في ربوعه حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
- فهذا هو الطريق وهذا هو سبيل الإصلاح والتغير تربية للفرد وتكوين للبيت المسلم وإرشاد للمجتمع الحائر وتحرير للوطن من السلطان الأجنبي عن أرضه وعن فكره وعن عقيدته وعن أخلاقه ومثله ثم إصلاح للحكم وإعادة للكيان الدولي الإسلامي وأستاذية للعالم بأسره أستاذية المسلم المعتز بدينه العارف بما لديه من الخير العظيم الذي تعجز الإنسانية المسكينة أن تأتي بمثله أو أن تجد الراحة والهناءة والسعادة إلا في ظله وتحت رايته راية القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ليس فيه شح مطاع كالمادية الغربية ولا هوى متبعًا ولا إعجاب كل ذي رأي برأيه كما هو الحال في الكتلة الضالة الشرقية.
إن الإيمان بعظمة هذه الرسالة، والاعتزاز باعتناقها والأمل في تأييد الله إياها، هو الشعور الذي يجب أن تفيض به النفوس وهذه اليقظة الإسلامية التي تدعو الناس إليها لا بد أن يكون لها أثرها العملي في حياتهم.
وقد كان بذلك يرسم -رحمه الله- تعالى الطريق ليقظة هذه الأمة واستعادتها لمجدها ومكانتها في الأرض فقال:
أ- ستعمل هذه اليقظة عملها في الفرد فإذا به نموذج قائم لما يريده الإسلام في الأفراد.
ب- وسيكون لهذا الإصلاح الفردي أثره في الأسرة فإنما الأسرة مجموعة أفراد فإذا صلح الرجل وصلحت المرأة، وهما عماد الأسرة استطاعا أن يكونا بيتًا نموذجيًا على القواعد التي وضعها الإسلام.
ج- وإذا صلحت الأسرة فقد صلحت الأمة وإنما الأمة مجموعة الأسر وإنما الأسرة أمة مصغرة.
والأمة أسرة مكبرة وقد وضع الإسلام للأمة قواعد الحياة الاجتماعية السعيدة وبين للمعاملات بين الناس أحكامها وكذلك جدد صلات الأمم بعضها ببعض ولم يدع صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
وهكذا إذا قوي الشعور الذي أشرنا إليه أنفًا وأدى إلى النتيجة التي وضعناها الآن فمطبق نظام الإسلام على الفرد والبيت والأمة ووصلت الرسالة إلى القلب والآذان فقد نجحت فكرتنا واستجيبت دعوتنا ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾ (التوبة: 32).
هذا ومما تقدم نستطيع أن نقول إن السبل واضحة جلية ليس فيها عوج ولا آفة وليست هي ملتوية نكراء كالطرق التي يسلكون ولا الأساليب التي يرمون بها دعاة الإسلام ورجالاته كلما أحسوا بأن شوكتهم قد قويت وأن فكرتهم قد لاقت التربة الخصبة والقلوب الحية الطيبة، فلا يجدون وسيلة للنيل منها والكيد لها أسهل من قذفها بما تعارفوا عليه من الجرائم والآثام.
وهنا يحق لنا أن نتساءل من أين جاء البنا -رحمه الله- تعالى بهذه الوسيلة وهل هي مستقاة من سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وتشهد لها آيات الله البينات وتؤيدها سيرة السلف الصالح كذلك إن شئت أن تعرف هذا كله فقف معي قليلًا عند الدكتور عبد الكريم زيدان يحدثنا عن ذلك فيقول: تحت عنوان التربية والتعليم:
1- لا بد من تعهد المدعو بعد استجابته للدعوة بالتعليم والتربية لرفع الشبهات ونزع الزيغ والسير على هدى وبصيرة.
2- وهذا من سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فقد أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة ليعلم الناس فيها ويدعوهم إلى الإسلام.
وهو القائل: «أقرئوا عميرًا القرآن» وهو الذي أمر أصحابه أن يعلموا عميرًا بعد دخوله في الإسلام فقال: «فقهو أخاكم في دينه».
3- ومن قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ (آل عمران: 187) قال صاحب كتاب أصول الدعوة بعد أن جاء بهذه الآية وساق خبر أبي رفاعة تميم بن أسيد -رضي الله عنه-: «فلولا أن تعليم الناس أمور الإسلام أمر ضروري لا يحتمل التأخير لما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطبته ونزل لتعليم السائل ولا شك أن هذا الواجب على الدعاة أوجب لأن الشأن في الدعاة أنهم يدعون إلى الله على بصيرة وعلم فعليهم تبصير غيرهم وتعليمهم فإن كتم العلم لا يجوز».
4- ويقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
إنه منهج يحمل أصحابه على العمل به وصياغة سلوكهم بموجبه ومقتضاه وهذا ما نريده بالتربية.
- وقد جعلوا من أصول هذه التربية شد المسلم إلى غاية عليا ينقضي عمره ولا ينتهي من التحليق إليها وهذه الغاية هي الله جل جلاله ونوال رضاه والتلذذ بذكره والتنعم بعبادته والتطلع إلى ما عنده، ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام: 162).
- وجعلوا لذلك وسائل أولها الاتصال بكتاب الله العظيم لتنساب أنواره إلى قلب المسلم فتزيل أدواءه وظلمته وتبعث فيه الحياة الحقيقية.
- ثم الاتصال بالسيرة النبوية الشريفة وسيرة أصحابه الكرام حتى يصبح المسلم وكأنه يعيش هناك مع الرسول وصحبه الكرام.
﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ (الأنعام: 90).
إن الاستمساك بهذا النهج الرباني ضروري لكل داع لازم له وواجب عليه لأن الإسلام يقضي به والواجب على المسلم أن يتمسك بما يقضي به الدين، كما أن التزام هذا النهج الصحيح يقرب من الغاية ويوصل إلى المراد ولو بعد حين بخلاف غيره من المناهج فإنه خطأ ويبعث عن الغاية ولا يوصل إلى المطلوب وهذا المطلوب من الداعي إنما يكون بالالتزام بالنهج الصحيح الذي جاءت به المصادر الذي جاءت به: ا ه ص400
وهكذا وبعون الله بدأ واضحًا سبيل الإخوان المسلمين وطريقتهم في الإصلاح والتغيير كما جاءت على لسان الإمام الشهيد حسن البنا وغيره من أبناء الدعوة والعاملين لها فلسنا ممن يريد القفز إلى السلطة في مجتمع جاهلي ولسنا من هواة الانقلابات العسكرية وعشاق الوصول إلى كرسي الحكم بين يوم وليلة ومن أقصر طريق، بل نحن أصحاب دعوة لها مبادؤها المستقاة من الكتاب والسنة ولها أهدافها النبيلة التي أرادها الله من أجلها ولها بعد ذلك سبلها ووسائلها التي لا تنفك عن هذه المبادئ والأهداف في مشروعيتها وربانيتها.
وخير ما نختم به هذا المقال تعريف الوسيلة العامة لجماعة الإخوان المسلمين كما جاءت على لسان المرشد العام: أما الوسيلة إلى تحقيق ذلك فليست المال إن الدعوات لا تقوم أول أمرها بالمال فرجال الدعوات وأنصارها دائمًا المقلون من هذا المال وليست الوسيلة القوة كذلك، فالدعوة الحقة إنما تخاطب الأرواح أولًا ولكن الوسيلة في تركيز كل دعوة وثباتها معروفة معلومة مقروءة لكل من له إلمام بتاريخ الجماعات وخلاصة ذلك جملتان: إيمان وعمل، ومحبة وإخاء وهكذا فعل -صلى الله عليه وسلم-: دعا إلى الإيمان والعمل ثم جمع القلوب على الحب والإخاء فإلى الإيمان والعمل، وإلى الحب والإخاء أيها الإخوان والله معكم تلك هي وسيلكتم والله غالب على أمره.
بهذه العبرات الطيبة البليغة عرفت الوسيلة وتبينت الطريقة التي رضيها الإخوان المسلمون سبيلًا للتصحيح والتغير ونشر العدل في ديار الإسلام فأين أين هذا مما تتنقاله صحف هذه الأيام وتخطه تلك الأقلام التي ما أشبه حروفها اليوم بحروفها بالأمس يوم حادثة المنشية المفتراة أو حريق القاهرة المدبر إنها لصيحات نفسها والشائعات عينها غير أن المسرح بمهرجيه وضحته وصخبه انتقل لأمر ما من وادي النيل إلى ضفاف بردى والفرات. ولكن أن ولن نياس فالله غالب على أمره وهو حسبنا ونعم الوكيل.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل