العنوان الإسلاميون أصبحوا متهمين دائما بالإرهاب
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 18-مايو-1993
مشاهدات 3
نشر في العدد 1050
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 18-مايو-1993
بدأت الحملة على الإسلاميين في بعض الدول العربية تأخذ أبعادا جديدة، حيث لم تعد قاصرة على اتهام أفراد محدودين بأنهم إرهابيون« أو متطرفون« وإنما تخطت ذلك إلى هجوم مباشر على الإسلام كدين أعز الله به الأمة، وأخرجها به من الظلمات إلى النور، وأصبح كل من يعلن التزامه بدين الله وتمسكه بشريعته يعتبر إرهابيا ومتطرفا، ويستحق في نظر أولئك أن يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض، ولم يقف خطاب أولئك عند حد الإطار الداخلي الذي تتعامل به هذه الأنظمة المتطرفة مع خيرة رجالات شعوبها من العلماء والمفكرين والمبدعين وأصحاب الرأي الإسلامي، والعقيدة السمحاء، وإنما تخطاه إلى محاولات استعداء الدول الإسلامية ذات الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية المستقرة على الإسلاميين، وذلك في محاولة الزعزعة الاستقرار والإرهاب، وإطلاق التهم جزافا من خلال التصريحات السياسية والشتائم الصحفية على كل مسلم يعلن التزامه بمبادئ دينه وسيره على نهج الإسلام. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تخطاه إلى بعد خطير آخر، تمثل في الدعوة إلى موالاة اليهود أعداء الله وأعداء الأمة، الذين قال الله فيهم لَتَجْدَنْ أَشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا «إن الهجوم على الصحوة الإسلامية، ووصفها بأنها الإرهاب والخطر الزاحف على الأمة الإسلامية كلها، وأن الذي لا يعاني منه اليوم سوف يواجهه غدا هو ادعاء يصب في مصلحة أعداء الإسلام.
إن المحاولات التي يقوم بها هؤلاء سوف تؤدي إلى سريان الهرج والمرج فى
المنطقة كلها ويعطي الفرصة لليهود حتى يسرحوا ويمرحوا بحرية فى كافة الدول
الإسلامية، وسوف يصرف الأمة عن مهامها الرئيسية ومسؤولياتها الإسلامية التي من
أبسطها نصرة مسلمي البوسنة والهرسك أو إنقاذ مسلمي الصومال الجوعى، أو مساعدة
مسلمى إريتريا وإنقاذ مسلمي بورما، أو نجدة مسلمي طاجيكستان.
كما أن الحملة الضارية التي تشن على العرب الذين جاهدوا فى أفغانستان
والذين وصفوا بالأمس بالمجاهدين واليوم بالمتطرفين هي حملة لن يستفيد من ورائها
إلا بعض الأنظمة التي تدرك أن بقاءها واستمراريتها مرهون بقدر عداوتها ومحاربتها
للإسلام والمسلمين وإعلانها لراية العلمانية والعلمانيين ووضعها المسلمين دائمًا
فى موضع الشبهة والاتهام، وطالما هي سائرة على هذا الدرب فإنه يخيل لها أنها باقية
في عافية واستمرار حتى ولو كان الثمن الذي تقدمه هو العبث بالأوطان وتدمير بنيتها
الاقتصادية، وصرفها عن قضاياها المصيرية، وتجويع الشعوب وتحويل الدولة إلى سجن
كبير.
أما المستفيد الأكبر من وراء كل ذلك فهي إسرائيل وأعوانها الذين استفادوا
استفادة كبيرة من وراء تضخيم حجم قضية الإرهاب فى العالم الإسلامي حتى تصرف
الأنظار عما تمارسه إسرائيل من إرهاب حقيقي وقتل مستمر لأبناء الشعب الفلسطيني
المسلم، من اختراق لدول العالم الإسلامي بالوسائل المختلفة، ومن صرف للعرب
والمسلمين عن التفكير في قضية المواجهة معها، والتخلص في نفس الوقت عن طريق حكومات
بعض الدول الإسلامية من أهم وأكبر قوة تهدد التواجد الصهيوني في المنطقة وهم
الإسلاميون.
إن الشعوب الإسلامية نفسها هى التي تقبل على الإسلام وتتمسك بمبادئه بعد ما
ذاقت الذل والهوان طوال العقود الماضية على يد القوميين والبعثيين والناصريين
والليبراليين والعبثيين، وإن أبسط دليل على ذلك هو نتائج أي انتخابات حرة نزيهة فى
أى بقعة من بقاع العالم الإسلامي تتم على أى مستوى سواء كانت انتخابات نيابية أو
نقابية أو طلابية فالشعوب الإسلامية تقول دائمًا للإسلاميين نعم.
فإذا كان أولئك المتسلطون يرفضون رغبة شعوبهم فليقوموا بتبديل شعوبهم بشعوب
أخرى تقبل منهم ما يدبجه العلمانيون والنفعيون والصهاينة عبر وسائل إعلامهم
الهابطة، وإننا نتعجب من محاولات أولئك لزج دول الخليج ضمن الدوامة التي أغرقوا
فيها شعوبهم ولا نجد تفسيرًا لذلك سوى أنه محاولة لإغراق العالم الإسلامي كله فى
دوامة يخطط لها اليهود وأعوانهم تنتهي بدفع حكومات الدول العربية والإسلامية
لتحارب الإسلام والمسلمين تحت دعوى محاربة الإرهاب والتطرف.
إننا نؤكد في الختام أن السعي لتنفير الناس من الإسلام وتيئيسهم من المسلمين هي دعوة مرفوضة وإن من يحملها أو يتبناها فإنما يخدم أعداء الأمة وإن التحرك الحالي بهذا الشكل القائم به لا نستطيع أن نصفه بأنه تحرك ضد الإرهاب ولكنه - دون شك - تحرك ضد الإسلام.