العنوان اهتمام دولي بالوضع السلطة الفلسطينية تنهار عرفات متحاملاً على الآخرين
الكاتب عاطف الجولاني
تاريخ النشر السبت 10-مارس-2001
مشاهدات 13
نشر في العدد 1441
نشر في الصفحة 22
السبت 10-مارس-2001
تزايد الاهتمام الدولي بصحة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في ظل تصاعد انتفاضة الأقصى واتجاهها نحو المزيد من العسكرة والفعل الجهادي المقاوم، وجاء الحديث هذه المرة من جانب الأمم المتحدة، بعد أن كانت المخاوف والتحذيرات فيما مضى تقتصر على المسؤولين الصهاينة الذين تحدثوا مراراً عن عدم وجود بدائل لعرفات حال اختفائه.
وكان تيري لارسن، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، قد حذر في تقرير عن الأوضاع في فلسطين المحتلة من أن السلطة توشك على الوصول إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي بسبب استمرار الانتفاضة وعمليات الإغلاق التي تلجأ إليها قوات الاحتلال كخطوة عقابية للفلسطينيين، وتوقع لارسن أن انهيار السلطة سيؤدي إلى فوضى عارمة في المناطق الفلسطينية وإلى رفع مستوى العنف بصورة خارجة عن السيطرة.
وحول حجم الخسائر التي ترتبت على سياسة الإغلاق المتكررة، قال التقرير إنها ألحقت بالاقتصاد الفلسطيني خسائر بلغت ملياراً ومائة وخمسين مليون دولار خلال أربعة أشهر فقط، كما أدت إلى انخفاض الناتج المحلي الفلسطيني بحوالي ٥٠٪ في حين وصلت نسبة البطالة في المناطق الفلسطينية إلى ٣٨٪ مقابل ١١٪ قبل الانتفاضة، وأضاف التقرير أن عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر ارتفع بنسبة ٥٠٪ ووصل إلى نحو ٦٥٠ ألف شخص يشكلون ٣٢٪ من سكان الضفة والقطاع.
واتفقت مصادر أمنية صهيونية مع تقديرات لارسن بخصوص تأثير إغلاق المناطق الفلسطينية على وضع السلطة، وقالت إن هذه السياسة تقرب من الانهيار الاقتصادي للسلطة.
وأشارت إلى أن الإغلاق لا يؤدي إلى تخفيض مستوى العنف من قبل الفلسطينيين، فكلما اشتدت الضائقة الاقتصادية ارتفع سقف العمليات، وعبر عن حالة التخبط التي يواجهها الاحتلال في التعامل مع الانتفاضة قائلاً: «نحن في حالة عجز، إذا أحكمنا الطوق ومنعنا خروج العمال فإن السلطة الفلسطينية ستنهار مما يؤدي إلى سقوط عرفات، وهذا ما لا نريده. ثمة وضع صعب على وشك المجاعة في غزة والضفة، وكلما استمر الوضع كلما ازداد التحريض».
يوسي ساريد، رئيس حركة ميريتس اليسارية، أبدى تشاؤماً بالمستقبل فيما يتعلق بوضع عرفات والسلطة التي يرى فيها ضمانة لاستمرار بعض الهدوء، وقال: إن السلطة على وشك الانهيار وربما لا تكون قابلة للإصلاح. ستكون كارثة إذا انهارت. سنواجه حينها مرحلة هي الأصعب في تاريخنا حيث ستقف أمامنا فصائل وميليشيات وعصابات تعمل في المنطقة كلما بدا لها، بدون سيطرة مركزية وبفوضى تامة.
وتشير التقارير الأمنية الصهيونية إلى أن عرفات بدأ يفقد السيطرة على من هم تحت إمرته وأنه يشعر بالارتباك، وتضيف أن المطلعين على حالة عرفات المزاجية قالوا إنه بدأ يندم مؤخراً على رفضه الاستجابة لاقتراحات باراك في كامب ديفيد.
وتحدثت تلك التقارير عن تدهور جديد في صحة عرفات وأنه أدخل إلى المستشفى في الأردن لإجراء فحوصات، حاول طبيبه الخاص أشرف الكردي التقليل من أهميتها قائلاً: إنها فحوصات عادية، كما كشفت عن متابعة وصفتها بالشديدة للوضع الصحي لعرفات من قبل جهات متعددة.
أحد التقديرات لدى أجهزة الأمن الصهيونية لمستقبل الأوضاع في حال غياب عرفات هو أنه سيتبلور بعد عرفات طغمة من رجال الأمن والتنظيم «فتح» التي ستتكون من امتزاج القادة المحليين مع واحد أو اثنين من قادة الأجهزة الأمنية في الضفة. يبرز اليوم ثمانية قادة محليون يسميهم الصهاينة الثمانية المدهشين، نصفهم من مؤيدي جبريل الرجوب رئيس الأمن الوقائي بالضفة الغربية والنصف الآخر من مؤيدي توفيق الطيراوي رجل المخابرات العامة في الضفة، وفي غزة سيسيطر محمد دحلان كقائد للتنظيم والأمن والوقاية معاً على سبعة من التسعة، أما الاثنين المتبقيان في القطاع الجنوبي وفي مخيم خانيونس فسيسيطر رجل التنظيم جمال أبو سمهدانة الذي لا يخضع للأوامر ولم يقرر دحلان ما إذا كان سينضم للرجوب أو للطيراوي.
المحلل السياسي اليهودي داني روبنشتاين لم يتفق تماماً مع هذا السيناريو الذي رسمته أجهزة الأمن، وقال إن الانتفاضة مست عملياً بمكانة كل أعضاء القيادة المحيطة بعرفات. لقد اتهموا بالفساد والإدارة الفاشلة لشؤون السلطة مما أدى إلى التدهور الحالي. فقط القليل من بينهم المحاطون بقوة عسكرية من أجهزة الأمن يستطيعون الحفاظ على قوتهم حين يتدهور الوضع أكثر من ذلك، ولكن روبنشتاين يتفق مع السيناريو في أن محمد دحلان في غزة ونظيره جبريل الرجوب في الضفة هما اللذان سيقرران، كما يبدو، أكثر من أي شخص آخر من سيخلف عرفات.
ضابط عسكري كبير في جيش الاحتلال اكتفى بالقول: سنشتاق لعرفات بعد غيابه.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل