العنوان باختصار (588)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 21-سبتمبر-1982
مشاهدات 12
نشر في العدد 588
نشر في الصفحة 3
الثلاثاء 21-سبتمبر-1982
المجزرة الرهيبة التي حصلت في بيروت بدأت أخبارها المروعة تنتشر عندما كانت دواليب المطبعة تدور لإبراز العدد الجديد من المجتمع، ووقفنا حائرين؛ هل يجوز أن يمر حدث بهذا الحجم دون أن يكون له على صفحات المجتمع ذكر؟ هذا غير مقبول، هل نفرد المحدث المروع صفحات نغطيها بصور المأساة الوحشية؟ هل نعيد سرد وقائع المجزرة كما تناقلتها وكالات الأنباء الأجنبية من بيروت؟ كل هذا كان واردًا، وورد معه كذلك ضرورة استنهاض الهمم، وحث العرب على أن يفعلوا شيئًا من أجل مئات أو آلآف الضحايا الأبرياء -من فلسطينيين ولبنانيين- دمر الغز الإسرائيلي منازلهم، وشرد رجالهم، وقتل نساءهم وأطفالهم؛ لأنهم مسلمون رفضوا أن يحنوا الرقاب للغزاة، ولأن يقولوا «لا» للقوة القاهرة المتجبرة التي داست كل قيمة، واستهانت بالرأي العام العالمي.
لو فعلنا كل هذا، نشرنا صور المأساة على صفحات مصقولة، وسردنا وقائعها المفجعة، واستنهضنا الهمم، فهل سيحدث شيء على صعيد الواقع؟ هل سيتحرك صاروخ عربي من مخبئه؟ هل ستنطلق طائرة عربية من وكرها؟ هل ستأخذ النخوة «معتصمًا» عربيًا واحدًا فيخرج عن نطاق الاستنكار الفظي والاحتجاج لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والرئيس ريغن؟ لن يحدث شيء أبعد من ذلك، فلماذا إذن الضرب في الحديد البارد والنفخ في الرماد الذي خبت تحته النار؟
لقد صرخت النساء الهائمات على وجوههن في شوار بيروت، وفي أزقة المخيمات المنكوبة: «واعرباه، وا إسلاماه»، وبلغ صوتها العالمين العربي، والإسلامي من خلال تقارير ومشاهدات المراسلين الأجانب، ولكن لا النخوة العربية تحركت، ولا المشاعر الإسلامية حفزت أحدًا ليفعل شيئًا من أجل آلآف الأنفس البريئة التي قضت في بيروت ضحية الحقد المزدوج، اليهودي والصليبي.
أما جماهير العرب والمسلمين وهم الذين تخاطبهم المجتمع- فلم يعرفوا بعد في طول العالم الإسلامي وعرضه كيف يعبرون عن مشاعرهم، ولا كيف يحولون هذه المشاعر إلى فعل، وكأنه ليس لهم من أمر أمتهم شيء.
إن الخطب كبير والمؤامرة مروعة، والضحايا كثر، ومستقبل هذه الأمة لا يبشر بخير، طالما هي على الحال السائد اليوم، وإلى الله المشتكى.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل