; بداية الزحف التبشيري على الكوَيت | Mugtama بداية الزحف التبشيري على الكوَيت | مجلة المجتمع Mugtama

العنوان بداية الزحف التبشيري على الكوَيت

الكاتب عبدالله القصار

تاريخ النشر الثلاثاء 17-مارس-1970

مشاهدات 626

نشر في العدد 1

نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 17-مارس-1970

تشهد الكويت منذ فترة هجمة تبشيرية خطيرة تتخذ أنماطا مختلفة من الأساليب الخبيثة، التي يصعب على الإنسان البسيط أن يدرك أبعادها ومراميها ويقدر خطورتها حق قدرها.

وقبل أن يستفحل الخطر، ويحقق المخططون أهدافهم البعيدة كما حدث في معظم بلدان العالم الإسلامي نقرع ناقوس الخطر محذرين، عسى أن تجد الصرخة صداها، في آذان المسؤولين قبل خراب البلاد والعباد، لا بعد فوات الأوان لا سمح الله.

وإنه لما يثلج الصدر أن يكون بين صفوف الأمة من يرفع الصوت مناديا بالتحقيق في بعض الحوادث التبشيرية التي حصلت داخل البلاد، كما حصل في إحدى جلسات مجلسه الأمة مؤخرا.

‎‏ «والمجتمع» التي آلت على نفسها أن تكون في خدمة المجتمع المحلى والهادفة لتحقيق المجتمع الإسلامي، رأت من واجبها أن تتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة «ظاهرة التبشير في الكويت» في أول عدد من أعدادها، وستتوالى الحملة على التبشير والمبشرين حتى يرتدع أعداء الإسلام ويعودوا إلى جحورهم، وأمامنا قصة الحملة فتبدأ كما يلي:

‏العالم يحترق!!

‏كانت الساعة تشير إلى الرابعة من بعد ظهر أحد أيام الشهر الماضي حينما قرع جرس المنزل شاب أجنبي ورفيقته يحمل كل منهما عدداً من الكتب المعروضة للبيع، وبلكنة إنجليزية سأل عما إذا كنا نرغب باقتناء بعضها ولم نشأ أن نرده خائبا، وحينما بحثنا عن كتاب أو أكثر للمطالعة فوجئنا بـ النوعية الفريدة التي يتميز بها مجموع الكتب، فقد كانت من الكتب المترجمة، بإشراف دور نشر تبشيرية معروفة في أحد الأقطار الشقيقة، التي تستغل الحرية فيها أبشع صروف الاستغلال.

وتناولت أحد الكتب أمعن النظر في صفحاته وكان بعنوان «العالم يحترق» للكاتب بيلي غراهام، ترجمة طانيوس زخاري وطبع في «مركز المطبوعات» بإشراف دار اليقظة العربية في لبنان.

ويتحدث الكتاب عن أزمة العالم المعاصر والحاجة لدين عصري يحقق «خلاص العالم» ويخلص بالنتيجة إلى القول إن المسيح لا مفر منه.

وفى فقرة من الكتاب نفسه يتحدث عن «التبشير» في جميع أنحاء العالم فيقول بالحرف الواحد:

‏«في عام ‎1500 كان قد تم طبع الكتاب المقدس في أربعة عشرة لغة، وفي عام 1800صار يطبع في أكثر من 1250 لهجة ولهجة، (وقد زاد العدد بعد ذلك)، أضف إلى هذا الوسائل الأخرى من إذاعة وتلفزة وبرامج مرسلية متزايدة تقوم بها الكنائس منذ الحرب العالمية الثانية، وهناك أماكن قليلة جدا في العالم اليوم حيث لا يمكن أن يسمع الإنجيل»، وللقارئ أن يتصور مدى خطورة التبشير من خلال الاعتراف العفوي الذي جاء ضمن سطور الكتاب.

‏ولكن الموضوع لم يقتصر على الكتب «الأدبية» وحدها، بل إن الزائر ورفيقته قدما قبل الوداع هدية أخرى مجانية وهي عبارة عن «إنجيل يوحنا» الذي ترجمته عن اللغة اليونانية «جمعيات الكتاب المقدس في الشرق الأدنى»، وحين تقلب الصفحات الأولى من الإنجيل تجده يرشدك إلى أن في الكويت فرعا تابعا لجمعيات الكتاب المقدس نفسها، كما يحوي بطاقة تتضمن عنوانا بريديا في لبنان يمكن للراغب في «الاستزادة» من هذه الكتب أن يتصل به ويطلب ما يشاء دون أي حرج، فالبطاقة نفسها تعلن أن أصحابها: «قاصدين من وراء ذلك خدمة الفكر ونشر الثقافة»

أما أي فكر هذا الذي يعنونه أية ثقافة فقد تركا تحديدها للأذكياء وحدهم.

مكتبات ومراكز تبشيرية

وبعد هذه الحادثة كانت لنا جلسات تحدث بعض الأصدقاء عن حوادث مماثلة، حتى إن أحدهم قال: إن جارته -وهي مسيحية- طردتهم حينما عرفت أنهم من المبشرين البروتستانت واستغربت كيف يقبل المسلم أن يأخذ منهم الكتب.

‏وتشاء الصدفة أن نطرق أبواب إحدى المكتبات في الشارع الرئيسي في السالمية، وهي «مكتبة العائلة» وإذا بها إحدى مراكز التبشير العلنية، مثلها كمثل «مكتبة الكتاب المقدس» في المباركية.

ومما زاد في خطورة الموضوع أن أحد الطلبة في إحدى مدارس المرحلة المتوسطة للبنين ضبط للمرة الثانية وهو يوزع كتبنا ونشرات تبشيرية وتم اتخاذ اللازم بحقه، وقد أبدى والده أسفه البالغ لأن ابنه مضلل من قبل جمعيات تبشيرية بروتستانتية جعلته يصبأ عن مذهب آبائه.

‏هذه الوقائع كلها، مع بعض الظواهر التي لمسها الناس في الكويت مؤخرا ابتداء بتزايد عدد المدارس التبشيرية ومرورا بإخراج تمثال السيدة العذراء إلى فناء الكنيسة رغم التعليمات الصريحة بإخفاء الرموز والعلامات المسيحية منذ الموافقة على بناء تلك الكنيسة، إضافة إلى توزيع الكتب والنشرات التبشيرية في المدارس وعلى البيوت في عدة أنحاء من الكويت، تحدونا إلى الدعوة للحذر من الهجمة التبشيرية الخطيرة، التي اتخذت أكثر من مظهر.

‏ناهيك عن الأساليب الأخرى التي تردنا من الخارج دون أن يحس بها أحد كالإعلانات التبشيرية التي يوقعها المدعو «كريم خاشو» وتتناقلها معظم الصحف والمجلات اللبنانية مذيلة بعبارة إعلان، تعلوها عبارات براقة جذابة مخادعة من أمثال: «ينابيع الخلاص» وغيرها..

‏والغريب أن مثل هذه الإعلانات التبشيرية الصريحة المنسوبة لشخص واحد لا ندري مدى قدرته المالية الحقيقية التي دفعته للأنفاق بسخاء مريب، هذه الإعلانات لم تلفت انتباه الرقابة الواعية عندنا التي لا تغفل عن صورة عارية أو كلمة نابية، فكيف فاتها أن تضبط هذه الإعلانات المشبوهة، ولو أنها فعلت ومنعت الصحف والمجلات التي تتناقلها لجعلت الكثيرين من أصحاب الصحف يفكرون كثيرا قبل الإقدام على نشر مثل تلك الإعلانات لئلا يتعرضوا لخسارة سوق.

 

المسيح والمسيحية

‏إلا أن الأكثر خطورة من الإعلانات والكتب والمنشورات، بعض ما تنفثه الصحف «العلمانية» من سموم بين سطورها، كذلك الخبر الذي نشرته «النهار» تحت عنوان «المسيح بعد غياب يملأ الأدب العربي»، وفيه تزف البشرى لقراء العربية إلى «أن كتاب يسوع في زمانه» لدانيال روبس الذي أخرجته المطبعة البوليسية في إخراج لائق يباع في المكتبة الشرقية ومكتبة أنطوان والمكتبة البوليسية»‎.

‏وتعلق «النهار» على الخبر بقولها: «إن المسيح الذي كان غائبا عن الفكر العربي المعاصر عكس بقية الفلسفات والآداب بدأ يصير حاضرا فيه، فبعد كتاب نصري سلهب «في خطى ‎المسيح»‏.

وكتاب «يسوع المسيح بالإنجيل والأيقونة» لغسان تؤيني ويوسف الخال، ها هو الأب حبيب باشا بولس ينقل كتاب دانيال روبس «الضخم».

بشرى لكم أيها المسلمون ويا قراء العربية‎.. المسيح لم يعد غائبا عن أدبكم وفكركم..

ولكن هل حقا نجد المسيح في تلك الكتب أم نجد كل شيء ما عدا المسيح الذي يدعونا الإسلام للإيمان برسالته؟

ولكي تتضح صورة التناقض لا نلجأ إلى منطقنا وتفكيرنا نحن، بل نستعير من ‎‏ «النهار» خبرا آخر نشر إلى جانب الخبر السابق تماما بعنوان:

الأب مالك: دولة تحترم العلمنة

جاء فيه: «أن الزواج المدني لا يتعارض والزواج الديني، بل يضمن كرامته».. إذا كان هذا هو كلام «الآباء» المبجلين فما بالكم بالرعية يرعاكم الله

 

هجمة خطيرة

کنا نود أن نستطرد في الوقائع التبشيرية التي حصلت وتحصل يوميا لنلفت الأنظار إليها عسى أن يعمد المسؤولون إلى حفظ عقيدة الأمة والحفاظ على الجيل الناشئ من أخطار الهجمة الفكرية الجديدة، إلا أن المجال يضيق، ولنا عودة في العدد القادم، وقبل أن نختتم هذا التحقيق نورد جوابين لمسؤولين في الكويت حول ظاهرة التبشير التي أخذت تنتشر، الأول للأستاذ يعقوب غنيم بوصفه وكيلا لوزارة التربية والثاني للأستاذ عبد الرحمن المحجم بوصفه وكيلا لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

قال الأستاذ غنيم:

التبشير والعملية التربوية

إن المدارس لها مناهجها المقررة وفق الدراسات التربوية المعدة في هذا المجال. ووفق ما تقتضيه مصلحة البلد، وما سنه دستورها، وما درجت عليه في حياتها الاجتماعية، ولا شك أنه لا يجوز أن يكون هناك أي تداخل مع ما هو مقرر سلفا في هذه المدارس إذ إن كل تداخل سيؤدي إلى الإخلال بالعملية التربوية التي نسعى بكل ما نستطيع أن نصل بها إلى الكمال. وما دام الأمر غير مطلوب بالنسبة لأي نشرة أو كتاب عام فما بالك فيما يخالف دستور البلاد ونظمها؟ إن أي نشرة تبشيرية من هذا النوع لا توافق الوزارة على دخولها إلى المدارس، بل إن الوزارة لا توافق على إرسال أية نشرة كانت إلا بعد مرورها على جهاز الوزارة الذي يفحصها من كافة النواحي قبل أن تصل إلى المدرسة، وفيما يخالف ذلك فإن هذه الوزارة ستتخذ الإجراءات القانونية المناسبة.

وقال الأستاذ عبد الرحمن المحجم: إذا عنيت بالتبشير محاولة نشر المسيحية فهذا منبث في العالم الإسلامي منذ العصور الوسطى، بعد فشل الحروب الصليبية، ولعلك طالعت كتاب «الغارة على العالم الإسلامي» للسيد محب الدين الخطيب وزميله، وكتاب «الاستعمار والتبشير» الذي كتبه الدكتور الخالدي والسيد عمر فروخ لتدرك أنها محاولات غطت العالم الإسلامي كله دون استثناء واتخذت مظاهر مختلفة.

والذي أحب أن أؤكده أننا نعلم تمام العلم أن لكل عصر سلاحه وأسلوبه الخاص في الدعوات مهما كان نوعها.

ولهذا فوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في وضعها الحالي قد هيأت للعمل الإسلامي أجهزة قوية ماديا وعلميا تبث الإسلام الصحيح وتشرح قواعده الأصيلة وتظهر للشعب قوته وقدرته وفعاليته في ملء الفراغ الذهني والروحي والاجتماعي، ويقوم بهذا علماء جمعوا بين علم الماضي وفقه الحاضر، ملمون تماما بتطورات العصر مهتمون برسالتهم السامية كي تصل إلى هدفها وتأتي ثمارها، والشعب الكويتي مهما قيل إنه تطور؛ فالتطور إلى الأفضل سليقة فطرية فيه، وهو مع تطوره لا ينسى أصالته الدينية ولا عقيدته السمحاء، وله من ماضيه الفعال ما يحميه في حاضره من الأفكار الوافدة.

والوزارة تعمل جاهدة على إصدار النشرات في كل المناسبات الدينية لمحاربة ما من شأنه المساس بعقيـدته السماوية، وأنا دائما على اتصال وثيق بكافة المؤسسات الإسلامية في العالم كله قديمه وحديثه نرقب عن كثب ما يجري فيه من الدعوات المعادية للإسلام، ونساهم مساهمة فعالة في صدها بكل ما نستطيع من جهود علمية ومادية.

موضوعات متعلقة

مشاهده الكل

إقــراض المحتَاج واجب

نشر في العدد 1

652

الثلاثاء 17-مارس-1970

أصول الاقتصاد من الكتاب والسنة

نشر في العدد 2

584

الثلاثاء 24-مارس-1970