العنوان بعد فوز كلينتون بولاية ثانية: ثوابت ومتغيرات السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط
الكاتب د. أحمد يوسف
تاريخ النشر الثلاثاء 19-نوفمبر-1996
مشاهدات 707
نشر في العدد 1226
نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 19-نوفمبر-1996
٧٩٪ من اليهود أعطوا أصواتهم لكلينتون، و ۹۰ مليون ناخب أمريكي من لهم حق الاقتراع لم يدلوا بأصواتهم.
حماية أمن ورفاهية إسرائيل هي إحدي دعائم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
أفرزت نتائج الانتخابات الأمريكية للعام ۱۹۹٦م فوز الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون بنسبة ٤٩٪ من أصوات الناخبين، فيما حصل منافسه السيناتور الجمهوري بوب دول على ٤١٪، وقد توزعت باقي الأصوات بنسب لم تتجاوز ١٪ لأكثر من عشرة مرشحين باستثناء روس بيرو الذي نال 8٪ من مجموع أصوات الناخبين، فيما أنفق حوالي ٣٦ مليون دولار خلال حملته الانتخابية.
وفيما شهدت الحملات الانتخابية فوزًا للديمقراطيين بالرئاسة، إلا أن الكونجرس الأمريكي ظل في قبضة الجمهوريين، حيث حافظوا على تفوقهم بالأغلبية في كل من مجلسي الشيوخ والنواب الأمر الذي اعتبره البعض فوزًا حقيقيًا لأجندة الحزب الجمهوري (GOP) .. ولكن يبقى التساؤل الذي أثاره الكثيرون حول سر نجاح الرئيس بيل كلينتون بالفوز بالانتخابات الرئاسية برغم عشرات الفضائح الأخلاقية والمالية والإدارية التي لاحقته خلال السنوات الأربع الماضية، تساؤلًا مشروعًا يحتاج إلى إجابة له.
لاشك أن السيناتور بوب دول لم يكن منافسًا يتمتع بالجاذبية الخطابية والحنكة السياسية الكافية لإقناع الناخب الأمريكي بأهليته للرئاسة.. فلقد تعرض بوب دول لحملات عنيفة من النقد والتجريح خلال سباقه للفوز بثقة الجمهوريين، حيث كان هناك مرشحون جمهوريون ظلوا يتبادلون الاتهامات لأكثر من ستة شهور، أنهكت السيناتور دول وكشفت الكثير من نقاط ضعفه، ولم يتسن له الفوز وحسم الصراع على رئاسة الحزب الجمهوري إلا في شهر أغسطس الماضي، حيث شرع في ترتيب خطط حملته الانتخابية لمواجهة الرئيس بيل كلينتون.
لقد كان من الطبيعي أن يستفيد منظمو حملة الرئيس بيل كلينتون من سلبيات الطعن والتشهير التي دارت في أروقة الجمهوريين خلال تزاحمهم على رئاسة الحزب، وتوظيفها في خطط وبرامج ودعايات الحزب الديمقراطي للفوز بالرئاسة..
وفيما ظل بوب دول يراهن على أخلاقيات كلمته ووعوده بتخفيض الضرائب بنسبة ١٥٪ إلا أن افتقاده لرؤية واقعية لكيفية تنفيذ ذلك، جعل القضية وكأنها لا تعدو ورقة انتخابية يراد من ورائها استحصال المزيد من الأصوات الانتخابية، وقد لعبت وسائل الإعلام «الليبرالية» دورًا بارزًا في التشكيك والطعن في مصداقية الوعود الانتخابية، وكانت قضية الضرائب –الورقة الرابحة في أيدي الجمهوريين– قد أصيبت بمقتلة جراء هذه الحملة الإعلامية، الأمر الذي أفقدها الكثير من الأهمية.. وإذا أضفنا إلى ذلك ما قامت به هذه الوسائل من تجاهللمسلسل الفضائح والسلوكيات الخاطئة داخل أروقة البيت الأبيض، وتواطؤها المكشوف في لعبة الاستفتاءات، حيث ظلت تُظهر تفوقًا كبيرًا للرئيس كلينتون على منافسه الجمهوري بشكل أثار الكثير من اللغط والتشكيك في دقتها ونزاهتها بين العديد من المحللين السياسيين، إلا أنه يمكن القول إن ولاء هذه الوسائل الإعلامية «الليبرالية» وانحيازها للحزب الديمقراطي من ناحية، إضافة إلى وقوع أكثرها في دائرة النفوذ اليهودي من ناحية ثانية، قد جعل تناولاتها للحملات الانتخابية تصب في خانة إبراز «امتيازات الديمقراطيين ونجاحاتهم» والتركيز على إنجازات الرئيس بيل كلينتون والمبالغة الممجوجة أحيانًا في الحديث عن التحسن الذي طرأ على مجالات الاقتصاد والتجارة الخارجية إضافة إلى انخفاض مستوى البطالة وتقلص حالات الجريمة التي يرجع كثير من الفضل فيها للرئيس بوش والكونجرس ذي الأغلبية الجمهورية للرئيس كلينتون.
وإذا أجملنا لما سبق اتجاهات الناخب اليهودي الذي أعطى صوته للرئيس كلينتون بنسبة ٧٩%، فيما توزعت الأصوات اليهودية بين مرشحي الكونجرس تبعًا لولاءاتهم وتعاطفهم السياسي مع اهتمامات اللوبي الصهيوني في واشنطن، وقد ساعدت الأموال التي قدمتها الجالية اليهودية والبالغة حوالي خمسة ملايين دولار في نجاح مؤيدي إسرائيل بالكونجرس وإيصال العديد من المرشحين الجدد الموالين لهم لمجلس الشيوخ والنواب.
وبالرغم من النشاط الملحوظ داخل لجان العمل السياسي للجمعيات والمؤسسات الدينية والجاليات الإثنية المختلفة، إلا أن تغيُّب أكثر من ٩٠ مليون ناخب ممن لهم حق الاقتراع والتصويت، قد جعل نسبة المشاركة في التصويت تهبط إلى ٤٩٪، وهذا هو أقل معدل لها منذ عام ١٩٢٤م، وفي الوقت نفسه بلغت مشاركة اليهود الذين يمثلون ٢٪ من مجموع السكان أعلى معدل لها بين الأقليات الأخرى حيث تجاوزت تلك النسبة ٨٠٪.
الرئيس والكونجرس وجدليات الزعامة والقوة.
بالرغم من فوز الرئيس بيل كلنتون بالرئاسة إلا أن غلبة الجمهوريين بالكونجرس ستجعله عاجزًا عن الوفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية، كما أن سيطرة الجمهوريين على مقاليد اللجان الرئيسية بالكونجرس ستدفع في اتجاه فتح ملفات الفضائح التي لاحقت الرئيس كلينتون خلال ولايته الأولى، وسيضاف عليها بالطبع ملفات جديدة كالرشاوي المالية التي تقاضاها خلالحملته الانتخابية من شركات أجنبية، وتجاوزات نسب الإنفاق على الدعاية والإعلانات إن الرئيس بيل كلنتون لن يكون بالوضع الذي يمكنه من تقديم «رؤية واعدة للقرن القادم»، والذي جعل منها شعارًا لحملته الانتخابية.
فالجمهوريون سيقفون له بالمرصاد وستظل يداه مكبلتين بسبب تحكم الكونجرس الجمهوري بالميزانية والسياسات وبرامج المساعدات الخارجية.. وقد يضطر الرئيس كلينتون إذا ما أراد أن يحافظ على تماسك قيادته أن يقدم الكثير من التنازلات للجمهوريين، ولن تكفي المجاملة على مستوى الخطاب، بل لابدَّ من إشراكهم في السلطة والتنسيق معهم في الخطط المقدمة لكافة القضايا الملحة كالضمان الاجتماعي وتخفيض الضرائب وسد العجز في الميزانية وبرامج الإعانات ونحو ذلك.
ولعل هذه التوقعات والمخاوف من قادم الأيام التي تنتظر الرئيس هي التي عجلت بتقديم العديد من مساعدي الرئيس ووزرائه لاستقالاتهم، وأهم هذه الاستقالات كانت استقالة وزير الخارجية والدفاع، وهنا يأتي السؤال بعد هذا الاستعراض السريع للتناقض القائم في جدلية العلاقة بين الرئيس كلينتون والكونجرس حول الحالة التي ستكون عليها علاقات أمريكا بالعالم الخارجي؟ وهل ستتجه أمريكا بسياساتها نحو العالمية أم تشدها همومها الداخلية للانعزال، وما هو موقع الشرق الأوسط في الخريط السياسية القادمة، وهل للعرب والمسلمين في الولايات المتحدة أي دور منتظر في تشكيل هذه الخريطة؟ وهل ستتأثر علاقة أمريكا بإسرائيل بسبب سياسات نتنياهو المتطرفة تجاه عملية سلام الشرق الأوسط؟ وأسئلة أخرى كثيرة، ولكن مشجب السياسة الأمريكية ليس من المتانة والقوة لكي يتسع للمزيد منها.
اللوبي اليهودي والانتخابات:
أظهرت استطلاعات الرأي التي أجراها الكونجرس اليهودي الأمريكي أن ٨٣٪ من اليهود قد أعطوا أصواتهم للرئيس بيل كلينتون، في حين أن منافسه بوب دول قد نال ١٣٪ منها فقط.. وقد أعرب زعماء الجالية اليهودية عن تأييدهم للرئيس كلينتون قبل بدء عمليات الإدلاء بالأصوات في الخامس من نوفمبر الحالي عبر العديد من الإعلانات في الصحف والمجلات.
لقد تحدثت بعض الدوائر السياسية عن توقع حدوث خلافات ومواجهة بين الرئيس بيل كلينتون خلال دورته الثانية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد تؤثر سلبيًا على جوهر العلاقة المتميزة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أن هذه التخوفات قد تبددها تطمينات وجود كونجرس موالٍ لإسرائيل وداعم لسياساتها، وبإمكانه العمل على تخفيض أي أضرار قد تنجم عن ذلك.
وفيما أبدى البعض ارتياحه لهذه التطمينات إلا إنَّ هاورد كوهر المدير التنفيذي للجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية «إيباك» حذر من الركون إليها، وأشار إلى أن ذلك ليس مضمونًا بالضرورة، وقال: إن أساسات العلاقة –لاشك– قوية، ولكن البناء فوقها يجب أن يكون كذلك متماسكًا، وإلا فإن العناصر الأساسية لهذه العلاقة سوف تكون معرضة للخطر[1]».
وتأتي تخوفات كوهر –أيضًا– من كون الأمريكيين لم يعودوا يظهرون اهتمامًا كبيرًا بشؤون السياسة الخارجية، أو ما يجري خارج حدود القارة الأمريكية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن ١٪ فقط من الأمريكيين يبدون اهتمامًا بقضايا السياسة الخارجية وعلاقات أمريكا بالعالم، وقال كوهر: «إننا ربما كُنَّا الوحيدين الذين حرصنا على وضع تلك القضايا في الأجندة الانتخابية»، وهذا معناه انصراف أمريكا إلى معالجة شؤونها الداخلية، وتعطيل دورها القيادي المؤازر لإسرائيل، وهي حالة مفزعة ومقلقة لإسرائيل ولرؤساء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، إذ إن وجود إسرائيل وأمنها رهينة بالحالة التي تكون عليها قوة أمريكا وزعامتها للعالم.
لقد حاول السيناتور بوب دول خلال حملته الانتخابية التقرب بشكل فاضح ومكشوف من الجالية اليهودية، وخطب ودّها علها تغفر له ما اعتبرته أخطاء بحقها، وذلك عندما اتهمته أنه يعمل على تخريب علاقات الصداقة الأمريكية الإسرائيلية من خلال انتقاداته المتكررة لإسرائيل في إبريل ۱۹۹۰م ونعته لها بالطفل المدلل، ووصفه لزعماء الجالية بالأنانية ومطالبته بقطع المساعدة عن إسرائيل بنسبة ١٠٪ في شهر يوليو ۱۹۹۱م مع اثني عشر عضو شيوخ آخرين.. لقد جاءت محاولات دول متأخرة في نظر زعماء الجالية اليهودية، كما أن مزايداته لإرضاء اليهود من خلال تبنيه لمشروع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل، واختياره لجاك كيمب الموالي لإسرائيل نائبًا له لم تكن كافية لترجيح كفته مقابل ورقة كلينتون - آل جور اللذين أظهرا تعصبًا ودعمًا لإسرائيل أكثر من الإسرائيليين أنفسهم!!..
لقد بذل بوب دول كل ما في وسعه لكسب الصوت اليهودي، أو على حسب تعبير ماثيو بروكز المدير التنفيذي للتحالف اليهودي الأمريكي الذي قال: إن بوب دول قد فعل كل شيء –الآن– بطريقة صحيحة، وأضاف أن ذلك كله –للأسف– لن يمنحه الأفضلية عندما تأتي المقارنة بالرئيس بيل كلينتون ونائبه آل جور.
ومن الطريف أن السيناتور بوب دول قد حاول التقرب بشكل مفزع من الجالية اليهودية الأمر، الذي دفع العرب والمسلمين للتصويت للرئيس بيل كلينتون بنسبة ٧٩٪ ، ولم ينل دول سوى ١١٪ من هذه الأصوات، كما جاء في استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة زغبي - رويتر في الخامس من نوفمبر ١٩٩٦م.
الرئيس كلينتون وأجندة الشرق الأوسط:
إن الرئيس بيل كلينتون سيجد نفسه –كما يتوقع الكثيرون في العاصمة واشنطن– مضطرًا للتعامل بطريقة أو أخرى مع تجاوزات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك للحفاظ على مسيرة سلام الشرق الأوسط ومصالح الإستراتيجية والحيوية بالمنطقة.
إن تطرف نتنياهو –بدون شك– سيخلق له ردود فعل قوية في الدول العربية والأوروبية، الأمر الذي سيشكل حرجًا كبيرًا لإدارة الرئيس بيل كلينتون.. فهل سيتمكن بيل كلينتون من الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإلزامه الوفاء بالاتفاقيات الموقعة بينه وبين الفلسطينيين.
إن الإجابة على هذا التساؤل لها سياقات مختلفة، وإن كان تغليب النظرة القائلة إن توترًا ما سيحدث في علاقات أمريكا وإسرائيل تحظى بالكثير من التأييد في الدوائر السياسية والأكاديمية الأمريكية.. لقد أشار جراهام فوللر الباحث بمؤسسة راند والمسؤول عن قضايا الشرق الأوسط في وكالة المخابرات المركزية سابقًا إلى أن واشنطن غير سعيدة بالطريقة التي يعمل بها نتنياهو من حيث مماطلاته وتعطيله لعملية السلام، وإن الأمر يتطلب فرض بعض الضغط عليه، ولكن ليس هناك من يعرف حجم الضغط المطلوب لتطويع عقلية نتنياهو، أما د. فواز جرجس أستاذ العلوم السياسية بجامعة سارا بنيويورك، فيعتقد بعدم قدرة الرئيس بيل كلينتون في الضغط على نتنياهو..
وإن الرئيس الأمريكي لن يتمكن من عمل شيء لعملية السلام، وأن هناك حقائق تفرض نفسها الآن على الأرض ستجعل هذه الإدارة مشلولة عن القيام بفعل شيء.. وأضاف أنه خلال التوتر الذي حدث بعد شق النفق في القدس تقدم ١٥٠ حاخاما يهوديًّا بالولايات المتحدة بتوقيع رسالة يطالبون فيها الرئيس بيل كلينتون بالضغط على نتنياهو خلال القمة المصغرة التي انعقدت في أكتوبر الماضي بحضور عرفات والملك حسين، إلا أن الإدارة الأمريكية للأسف قد عجزت عن توجيه أي نقد أو ملام له، بل طالب البعض الكونجرس بعدم تقديم أي تنازلات للطرف الفلسطيني!!..
الكيفية التي توزعت بها أصوات الناخبين.
الجنس | كلينتون | دول | روس بيرو |
ذكر أنثى | ٤٤٪ ٥٤٪ | ٤٤٪ ٣٧٪ | ١٠٪ ٧٪ |
الأصول العرقية |
|
|
|
البيض السود نوو الأصول الأسبانية الآسيويون | ٤٤٪ ٨٤٪ ٧٠٪ ٤١٪ | ٤٦٪ ١٢٪ ٢٢٪ ٤٩٪ | ٨٪ ٤٪ ٦٪ ٩٪ |
الانتماء الديني |
|
|
|
الكاثوليك البروتستانت اليهود | ٤٨٪ ٣٧٪ ٧٩٪ | ٤٢٪ ٥٢٪ ١٦٪ | ٩٪ ٩٪ ٩٪ |
ملاحظة: ليست هناك نسب محددة بعد حول اتجاهات الناخبين العرب والمسلمين، وإن كانت بعض الاستطلاعات قد ذكرت أن حوالي ٨٠٪ قد صوتوا للرئيس بيل كلينتون، فيما توزعت باقي النسبة بين باقي المرشحين الآخرين.
ويرى الدكتور إبراهيم أبو ربيع أستاذ علم الأديان بجامعة «سمينري كولج»: «أن السياسة الأمريكية ستشهد بعض التغيرات، وستدفع في اتجاه تقديم إسرائيل لبعض التنازلات للفلسطينيين والعرب، كما أن سياساتها سوف تتحول إلى المرونة، وأن مصالح أمريكا في العالمين العربي والإسلامي ستجعلها تميل إلى الاعتدال والتوازن تجاه قضايا المنطقة، وأن هذه التغيرات ستكون بدون شك لصالح العرب والمسلمين».
وإذا أخذنا التصريحات التي أطلقها مساعد وزير الخارجية الأمريكي روبرت بلليترو حول رغبة واشنطن في إعادة تقييم سياساتها تجاه إيران، وتطلعها لفتح حوار معها، فإن التنبؤ بإمكانية توجه الولايات المتحدة للتعامل بشكل أفضل مع تيارات الإسلام السياسية تظل احتمالية واردة.. إلا أن الباحث جرهام فوللر في حديثه لـ المجتمع لم يُظهر كثيرًا من التفاؤل في هذا المجال، ويرى أن العداوة لإيران قد أخذت الآن طابعًا مؤسساتيًّا وخاصة بالكونجرس، كما أن هناك دولًا بالمنطقة كإسرائيل ومصر والجزائر وتونس تحاول دفع واشنطن لتبني سياسات قوية تجاه الإسلاميين بذريعة الإرهاب والتطرف، وذلك بهدف إعطاء المشروعية والتأييد لسياساتها القمعية بحق تيارات الإسلام السياسي فيها، وبالتالي تعطيل أي توجهات إيجابية للتغير والتداول السلمي للسلطة عبر حرية الاختيار الديمقراطي فيها .
خلاصة وتعقيب:
إن من ثوابت السياسة الأمريكية بالمنطقة حماية أمن ورفاهية إسرائيل، وهذا يعني أن العربدة الإسرائيلية وتغول سياسات نتنياهو لن تجد رادعًا في واشنطن، فالرئيس كلينتون سيجد نفسه عاجزًا إذا ما حاول ممارسة البعض الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لإلزامه بالاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين، فالكونجرس الموالي جدًا لإسرائيل سيعمل على تعطيل أي إجراءات يمكن اتخاذها في هذا الشأن، وإن أقصى ما يمكن أن تفعله إدارة الرئيس بيل كلينتون هو تقديم بعض الدعم المادي والتسهيلات للفلسطينيين لتخفيف ضغوط المعاناة الاقتصادية عنهم، وستعمل واشنطن على تهدئة الأوضاع المتوترة بالمنطقة حتى نهايات حكم نتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل، أملًا في عودة حزب العمل للحكم مع نهايات هذا القرن، ومعاودة البحث معه عن صيغة نهائية للحل وإقامة سلام دائم بالمنطقة.
لاشك أن اتجاهات السياسة الأمريكية ستفصح عنها الأيام القادمة عندما يتم اختيار وزير جديد للخارجية، حيث سيحمل هذا الاختيار بعض الدلالات الحقيقية لمدى جدية الرئيس بيل كلينتون لتبني سياسات متوازنة تجاه قضايا المنطقة.
(1) «صحيفة فور وورد ٨/۱۱/١٩٩٦م».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

