; بعد مقتل 14 جندياً تونسياً... هل يفسد إرهاب الاستخبارات «النموذج» التونسي؟ | مجلة المجتمع

العنوان بعد مقتل 14 جندياً تونسياً... هل يفسد إرهاب الاستخبارات «النموذج» التونسي؟

الكاتب عبد الباقي خليفة

تاريخ النشر الجمعة 01-أغسطس-2014

مشاهدات 21

نشر في العدد 2074

نشر في الصفحة 24

الجمعة 01-أغسطس-2014

●  لم تفلح الإضرابات القياسية التي شهدتها تونس في عهد حكومتي «حمادي الجبالي» و«علي العريض» في تغيير موازين القوى على الساحة الانتخابية

خلافات حادة في حزب «السبسي» استقال على إثرها الرجل القوي في الحزب «الهادي البكوش» وعدد آخر من القيادات

ألقت العملية الإرهابية الغادرة الجزائرية والتونسية، والتي راح ضحيتها ١٤ جنديا بظلالها على المشهد السياسي العام في تونس، لاسيما وأن البلاد مقدمة على انتخابات رئاسية وبرلمانية في ٢٦ أكتوبر و ٢٣ نوفمبر القادمين.

ورغم أن البعض سارع لاتهام السلفية الجهادية بالعملية، فإن أسئلة كثيرة تطرحفي الساحة التونسية بعد كل عملية تستهدف الجيش والأمن من بينها : من أين للإرهابيين كل هذا التدريب، والتمويل، والمستوى اللوجستي العالي؟ وما إذا كانت هناك أطراف خارجية لها يد في الإرهاب ببلادنا، لتحقيق أهدافها ؛ ومن ذلك إرساء قواعد عسكرية بالمنطقة، وتأجيل الانتخابات التي ستخرج تونس من وضعية الحكم المؤقت إلى الدائم والمستقر ؟

الإرهاب والانتخابات

لم تفلح الإضرابات القياسية التي شهدتها تونس في عهد حكومتي «حمادي الجبالي» و«علي العريض»، في تغيير موازين القوى على الساحة الانتخابية، كما لم تفلح استطلاعات الرأي مدفوعة الأجر والتي تقوم بها مؤسسة سيجما كونس، ولا الحملات الإعلامية المتواصلة في تغيير وجهة نظر الناخب التونسي أو بالأحرى الأغلبية من الشعب التونسي، فرفع الخاسرون عقيرتهم بالصياح مطالبين بتأجيل الانتخابات والتمديد في مواعيد تسجيل الناخبين، لذلك هناك من يربط بين أعمال العنف التي شهدتها البلاد ومحاولات البعض تأجيل الانتخابات؛ لأن «النهضة» هي من ستفوز بها، على حد تعبير زعيم حزب نداء تونس الباجي قايد السبسي، والذي دعا في مؤتمر صحفي إلى التمديد في فترة تسجيل الناخبين، وحتى تأجيل عملية إجراء الانتخابات إلى منتصف ۲۰۱۵م، في حين دعا القيادي في الحزب محسن مرزوق إلى تأجيلها بدون سقف زمني، معتبرا أن الديمقراطية والانتخابات ليس وقتها، فالأولوية لمحاربة الإرهاب.

هذه المستجدات التي برزت الآن في الساحة التونسية تكشف عن أشياء خطيرة للغاية، منها أن المعارضة السابقة للترويكا وتحديدا الأحزاب المشكلة لـ«التحالف من أجل تونس لن تكون حظوظها وافرة في الانتخابات كما كانت تؤمل، وعزوف التونسيين عن التسجيل في الانتخابات يؤكد هذا المعطى الجديد ؛ حيث لم تسجل مراكز التسجيل ما يوحي بوجود إرهاصات تغيير جذري في خارطة القوة الانتخابية في تونس، وقد تلقفت فرنسا هذه المستجدات وغيرت من نظرتها للأوضاع في تونس بناء على كم الحقائق التي لمستها في الساحة التونسية، حيث إن تغيير السياسة الخارجية لبلد ما حيال وضع ما لا يمكن أن يكون سوى بعد تغيير جذري في واقع ما، لا سيما إذا كان ذلك الواقع يمس عصب المصالح الحيوية لتلك السياسة الخارجية.

عمليات جمع الآراء واستطلاعات الرأي كما يبدو جليا من مواقف السبسي وبعض الأحزاب غير صحيحة، ورتبت وفق الطلب ولخدمة أجندة دعائية سرعان ما انكشفت سوءاتها من خلال المطالبة بتأجيل الانتخابات تحت ذريعة التسجيل، وهو ما لن يقدم عليه أي طرف ترشحه استطلاعات الرأي لنيل المرتبة الأولى في الانتخابات الرئاسية والتشريعية معا، لاسيما إذا كان براجماتيا ولديه رغبة جامعة في الوصول إلى السلطة.

رافقت الدعوة إلى تأجيل مواعيد تسجيل الناخبين، وحتى موعد الانتخابات حملات تشكيك في أعضاء هيئة الانتخابات، وهو ما يؤشر عن تحركات في الأفق من شأنها تعكير صفو النظام العام في البلاد، لاسيما بعد أن أدرك السبسي بأن مبادرة حزب حركة النهضة للتوافق على شخصية يتم ترشيحها لمنصب الرئاسة لا تشمله أو بالأحرى لا تقتصر عليه. وأن هناك شخصيات أخرى يمكن أن تكون الأوفر حظا حسب تقييمات النهضة، لكنه لم يقطع الأمل في ذلك، فعندما طلب منه تقييم مبادرة النهضة في مؤتمر صحفي أجاب باللهجة التونسية مبادرة مش حلوة، وتابع: النهضة مكون أساسي في الساحة السياسية بالبلاد، وهي ستكون جزءاً من أي حكومة تتشكل في المستقبل بعد الانتخابات، وقد بدا في المؤتمر متعبا للغاية، لم يجلس بجانبه أي من قيادات النداء. كما أن مسؤولة الإعلام عايدة القليبي طلبت من حامل الميكرفون ألا يسلمه لأي من الصحفيين إلا بعد إشارتها. ولم يرفع شعار الحزب في المؤتمر، وخرج السبسي وحيدا ولم يرافقه أحد ما عدا حرسه الشخصي.

تلك الملاحظات كشفت عن وجود خلافات حادة استقال على إثرها الرجل القوي في الحزب الهادي البكوش وعدد آخر من القيادات لذلك هناك من يرى بأن الخلافات الداخلية وراء الدعوة لتأجيل الانتخابات، وليس هناك من حل سوى تحريك شيطان الإرهاب.

أحدهم وضع على الفيسبوك صورة قطين يتخاصمان وعلق على الفيديو: هذه حالة الصراعات القادمة على الانتخابات !

●  أفضل رد على الإرهاب

في المؤتمرات الصحفية التي عقدها قائد الأركان التونسي، الجنرال محمد صالح الحامدي، وقائد جيش البر العميد سهيل الشمنقي، كانت الرسالة واضحة سننتصر، وستقام الانتخابات في موعدها وكرر السياسيون الرئيس محمد منصف المرزوقي، ورئيس الوزراء مهدي جمعة، ووزير الدفاع غازي الجريبي، مقولة الشيخ راشد الغنوشي: إجراء الانتخابات في مواعيدها هو أفضل رد على الإرهاب، مهما كان مأتاه كما أن مبادرة الرئيس التوافقي التي أعلنت عنها حركة «النهضة»، أصبحت ملحة، وهي لا تزال قائمة، وقد قطعت أشواطاً متقدمة من أجل مواجهة التحديات بأكبر قدر ممكن من التماسك الداخلي، حيث قسمت التجاذبات البلاد وأرهقت الاقتصاد وأبعدت الحراك العام عن أهداف الثورة، و«النهضة»، كما ذكر الشيخ راشد الغنوشي في مؤتمر صحفي حضرته المجتم، لا تدعو المرشح بعينه، ولا تستهدف استبعاد شخص بذاته، ولكن المهم أن تتوافر في المرشح شروط من بينها الوفاء للثورة، وقدرته على خدمة تونس في الداخل والخارج، وأن الجهاد لم يشرع لحل الخلافات الداخلية التي يجب أن تحل بالطرق السلمية وإنما شرع لرد أي عدوان خارجي ..

====================

رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر قال لـ «المجتمع»: إن العملية الإرهابية التي استهدفت الجيش التونسي على الحدود الجزائرية هدفها إرباك المسار الانتقالي، والتأثير على مواعيد الانتخابات، وإن من شروط نجاح الانتخابات احترام الدستور واحترام الرزنامة المعدة، ومنها آجال الانتخابات، واحترام هيئة الانتخابات التي تعرضت لمحاولات التشكيك فيها وفي القائمين عليها . أما أفضل رد على العملية الإرهابية، فقد أشار إلى أن التعبئة من أجل التسجيل في الانتخابات ليس واجبا وحقا فحسب، بل وفاء لشهداء تونس وثورة تونس... وأضاف: ليس قانون الإرهاب الذي يطالب به البعض هو من سيجعل الإرهابيين مذعورين ويحزمون أمتعتهم ويغادرون بلادنا، وإنما وحدتنا وتضامننا اللذان يدفعانهم  لليأس.

الرابط المختصر :