; بين العمل الجماعي والدور الفردي «1من2» | مجلة المجتمع

العنوان بين العمل الجماعي والدور الفردي «1من2»

الكاتب د. فتحي يكن

تاريخ النشر السبت 20-ديسمبر-2003

مشاهدات 39

نشر في العدد 1581

نشر في الصفحة 66

السبت 20-ديسمبر-2003

الدعوة إلى الإسلام رسالة كل مسلم في الحياة وعلى كاهل كل مسلم صغيرًا كان أو كبيرًا - دور إسلامي رسالي، ينبغي أن ينهض به التزامًا بمبادئه، وحملًا لرسالته، ونشرًا لدعوته، وجهادًا في سبيله تعالى.

والمسلم يجب أن يعد نفسه لهذه المهمة الكريمة وهذا الدور العظيم، فتى يافعًا وشابًا نافعًا ورجلًا مقدرًا وكهلًا موقرًا.

على مثل ذلك درج آباؤنا الأولون وأسلافنا الصالحون -رضي الله عنهم- وأرضاهم أجمعين.

فكان منهم الصغار الذين حفظوا القرآن عن ظهر قلب والشبان الذين نبغوا في علوم القرآن والسنة والفقه والكثير من العلوم الإنسانية الأخرى.

وكان منهم الدعاة الذين فتحوا القلوب وأسروا العقول كسيدنا مصعب بن عمير الذي انتدبه رسول الله الله داعية إلى المدينة ولما يبلغ الثامنة عشرة من عمره.

وكان منهم الفتيان الذين قادوا الجيوش وخاضوا المعارك وهم بين يدي سن الحلم أو ما يعرف اليوم بسن المراهقة كسيدنا أسامة بن زيد -رضي الله عنهم جميعًا-.

مجالات الدعوة المناسبة

أما مجالات الدعوة المناسبة لمن هم في سن الشباب، فهي كل ما يقتضيه وجوب معرفتهم به من الدين بالضرورة، وهو بالتالي ما يحتاجه أقرانهم ورفاقهم كذلك، ووفق أولويات التكليف الشرعي.

فلابد ابتداء من التعريف بأركان الإيمان

وأركان الإسلام، معرفة وتدبرًا وتطبيقًا، فهي كالأساس الذي لابد منه لاستكمال جوانب الإسلام المختلفة التي لا تصح ما لم تكن العقيدة سليمة.

ثم لابد بعد ذلك من تناول أركان الإسلام من خلال التوقف عند كل ركن منها فقهًا والتزامًا. مع التركيز والتأسيس ابتداء على الصلاة فالصلاة كما يقرر المصطفى -r- عمود الدين وعماده، فمن هدمها هدم الدين، والصلاة كما يؤكد عليه الصلاة والسلام العهد بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر.

يلي ذلك من حيث الأهمية في هذه المرحلة من العمر

- التركيز على الأثر السلوكي والأخلاقي الذي يجب أن تتركه هذه العبادات في حياتنا، ففي الصلاة ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (العنكبوت: 45)

وفي الصيام من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، وهكذا في كل الأركان الأخرى.

ثم إن من أولويات ما يجب التركيز عليه في هذه السن، حسن العلاقة بالأهل والأقرباء وعموم الناس وبخاصة الأبوان، وذلك للأولوية التي اختصهما الشرع بها حيث قال تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (البقرة: 83)

وفي هذه المرحلة يمكن للشاب أن يمارس الدعوة في مدرسته وبين زملائه، وبين أشباهه من أشقائه وشقيقاته وأقربائه وجيرانه، وهكذا تتوسع الدائرة يومًا بعد يوم، بقدر ما تنمو إمكاناته وتجربته، ويتكاثر معارفه من غير استعجال الخطوة قبل أوانها، كي لا يعاقب بحرمانها، وصدق رسول الله -r- حيث يقول: رحم الله امرأ عرف حدَّه ووقف عنده

في هذا الزمن الذي كثرت فيه المغريات وتنوعت وتشعبت وتكاثر فيه الداعون على أبواب جهنم، والذي بات فيه أهل الإيمان غرباء عن واقعهم، والذي أصبح القابضون فيه على دينهم كالقابضين على الجمر، والذي غدت فيه الفتن كقطع الليل المظلم تجعل الحليم حيران، يطالعنا قول الله تعالي بالخطاب القرآني المضيء مجددًا الطريق، قائلًا: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ (الكهف: 28) إنها صحبة الأخيار ومعايشة الأبرار تأسيس تلقائي لمجتمع صغير محصن، وبيئة نظيفة طاهرة غير ملوثة، يتذاكر أهلها الخير ويعيشون معتصمين بحبل الله تعالی مسترشدین به سبقهم إلى هذه الواحة ممن هدى الله، ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُون (الأنعام: 90-91)

وجوب العمل للإسلام والدعوة إلى الله 

وجوبه مبدأ بدليل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ«المائدة27» وقوله ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (آل عمران: 104) وقوله: 

﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ  «آل عمران: 110» وقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (فصلت: 33)

وبدليل ما روي عنه: أنتم اليوم على بينة من ربكم، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في سبيل الله، ثم تظهر فيكم السكرتان سكرة الجهل، وسكرة حب العيش وستحولون عن ذلك، فلا تأمرون بمعروف، ولا تنهون عن منكر، ولا تجاهدون في سبيل الله القائمون يومئذ بالكتاب والسنة لهم أجر خمسين صديقًا، كنز العمال»

وقوله: بلغوا عني ولو آية، وقوله: «لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من الدنيا ومن فيها».

وجوبه حكمًا بدليل القاعدة الشرعية مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالتغيير واجب والحكم بما أنزل الله واجب وتحكيم شرع الله في شأن من شؤون الحياة واجب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب.

2-وجوبه ضرورة من أجل إصلاح البشرية مصداقًا لقوله تعالى ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (هود: 88) ولمواجهة أعداء الله وهي سنة إلهية ماضية إلى يوم القيامة ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (البقرة: 251) ثم لإقامة الحجة والشهود على الناس بالإسلام، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا(البقرة: ١٤٣)

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل