; تاريخ النفاق | مجلة المجتمع

العنوان تاريخ النفاق

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 29-أغسطس-1972

مشاهدات 9

نشر في العدد 115

نشر في الصفحة 29

الثلاثاء 29-أغسطس-1972

حين نبحث عن أسباب اضمحلالنا وسقوطنا.. وتردي تاريخنا من سيئ إلى أسوأ .. فسوف نجد أن أبرز الأسباب المؤدية إلى كل نكبتنا.. مرض النفاق.
ففي كل موقع من مواقع حياتنا نفاق… في العمل بين الرئيس والمرؤوس نفاق… وفي التجارة بين البائع والمشتري نفاق، وفي مجال التربية بين التلميذ والأستاذ، وبين الأستاذ ورؤسائه نفاق.. وفي السياسة - ولعلها أبرز المجالات - نفاق.. بل إن التعريف العلمي«!!» الحديث للسياسي الناجح هو الانسان المنافق الناجح!..
ولقد عقد ابن خلدون في مقدمته الشهيرة فصلاً مطولاً ذكر فيه أن المناصب السياسية الكبرى لا ينالها - في الأغلب - إلا أرباب النفاق ومن لا أخلاق لهم..
•••
وأمتنا في عهدها الحديث «العهد النكساوي التقدمي» هي -بلا ريب- أمة مريضة بالنفاق.. أمة زاخرة بالوصوليين والمنافقين والنفعيين والمتاجرين بالشعارات، وقد وصلت بسبب من هذه المؤهلات الى أعوامها الخالدة «48، 56، 1967» وباتت أمام الدنيا أمة مستسلمة ليس عندها أدنى استعداد لرفع سلاح.. اللهم إلا رفع الشعارات التقدمية البراقة...
•••
ما هي جذور هذا المرض الخبيث؟.. وما أبرز معالم طريق النفاق الحديث..؟ وهل من علاج لهذا الداء المستشري؟ وأين يوجد هذا العلاج؟
هذا هو موضوع الكتاب الذي نرشحه للتأليف في هذا الأسبوع.

الخطر من هنا
... هل عرفت البلد الإسلامي المكون من أكثر من ثلاثة آلاف جزيرة؟... إن هذا البلد كان الإسلام فيه - ولا يزال - يمثل نسبة من أعلى النسب في العالم.. كما أن تعداده العام أصبح يمثل أعلى وأكبر تجمع إسلامي بعد انفصال شطري باكستان.
•••
إننا نحس الآن - نحن العرب - وكأن هذا البلد غير موجود على ظهر الأرض.. وكأننا لا تربطنا به أية رابطة.
فمنذ خرجت «إندونيسيا» سنة 1965 من دائرة النفوذ الشيوعي، وأزيح «سوكارنو» عن الحكم، وتولى أمور البلاد «سوهارتو» الذي نجح في القضاء على أكبر معقل شيوعي في جنوب شرقي آسيا.
منذ هذا التاريخ الذي انقطعت فيه علاقة إندونيسيا بالاشتراكيين العرب.. ونحن لا نحس بها... وكأن علاقتنا بها مجرد علاقة سياسية.
•••
إن هذا البلد العزيز علينا.. وليس من السهل علينا نحن المسلمين أن نفقد مائة مليون مسلم.. ولقد أحسنت الكويت صنعًا باتصالاتها الأخيرة السياسية والتجارية بهذا البلد - لكن النظرة العامة توحي بانقطاع التيار الروحي والفكري والنفسي والمصيري الذي يربطنا بهذا البلد.
•••
إنه لا توجد ظروف سياسية يمكن أن تحول بيننا وبين الارتفاع الى مستوى العقيدة والوحدة المصيرية والحضارية.
كما أننا لا يجب أن نكون الجيل الذي ضيّع كل ما بذله أسلافه في نشر الإسلام في آسيا وأفريقيا…
•••
وفي ظل الصمت بل النسيان التام لهذا البلد ولما يدور في داخله، تتحرك على الجانب الصليبي قوى التبشير ومستشفياتها ومدارسها ومناهج تعليمها، ورشاواها وإغراءاتها المادية والمعنوية وكتبها الأنيقة الطبعة المجانية... ومساندة أمريكا وبريطانيا وفرنسا لها في ظل كل هذا تبدو النتائج خطيرة للغاية... وليس لدينا أرقام محددة لهؤلاء الذين تركوا إسلامهم بفعل هذه الطرق التبشيرية. لكن إذا كان قد وضح أن الفاتيكان قد وضع تخطيطًا لتنصير المائة مليون مسلم الإندونيسي في خمسين سنة فقط.. إذا كان هذا قد أصبح واضحًا، فمن المؤكد أن جهودًا نصرانية جبارة تُبذل، وأنها قد نجحت إلى المدى الذي سمح لها بوضع مثل هذا التخطيط الزمني الخطير..
ويبقى دورنا نحن المسلمين الذين لا نفيق إلا بعد أن نذبح أو يبتر عضو من أعضائنا.. يبقى دورنا نحن النائمين في بحر الصراع المذهبي والطبقي والأكاذيب الصهيونية.. بينما عدونا يزحف لالتهامنا ..!!

الرابط المختصر :